المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدم الإنبات ...مقال يستحق أن يرسخه طلبة العلم في أذهانهم



أهــل الحـديث
23-07-2012, 08:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


عدم الإنبات



قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُمْطَرَ النَّاسُ مَطَرًا عَامًّا، وَلَا تُنْبِتَ الْأَرْضُ شَيْئًا»[رواه أحمد عن أنس رضي الله عنه؛ وقال الهيثمي: رجاله ثقات].
الحال السوي، أن تُنبت الأرض إذا أمطرت السماء؛ فإذا لم تُنبت، فهذا يعني أن الخلل قد أصاب روابط الأسباب بالمسبَّبات. ولا يقع هذا، حتى تخالف الظواهر البواطن. فكما أن الناس يعاملون ربهم بأعمال لا نية فيها، فهو يمطرهم بماء لا بركة فيه. ينبههم سبحانه إلى حالهم، حتى يعودوا عليه بالإصلاح إن هم تفطنوا؛ وإلا فسيكون ما يلاقونه من تعسر أسباب الرخاء، حجة عليهم.
ومن حيث المعنى، فإن المطر العام هو ظهور العلم وعمومه جل الناس؛ ومع ذلك، لا يُنبت فيهم ثماره الخُلُقية. وذلك، لأنهم ما تعلموا العلم ليسوسوا به نفوسهم؛ وإنما تعلموه من أجل المفاخرة بينهم، ونيل المناصب الدنيوية. ولو قارَنْتَ الأزمنة الماضية بزمننا من حيث شيوع العلم، لوجدت زماننا لا يقاربه زمان؛ ومع ذلك، لم يصل أهله إلى ما وصله الأولون من تقوى وقرب.
مرة كنت أخاطب أحد أساتذة التربية الإسلامية الذين يعتمدون الفكر الإسلامي في التدين، واستدللت على عدم نفع العلم الظاهر للأمة من غير التحقق به باطنا ضمن عملية التزكية؛ وقد كان ينفر كثيرا مما ندعو إليه. فقلت له: متى كان عدد العلماء أكبر؟ في زماننا، أم في الأزمنة الماضية؟ فأجاب: في زماننا، بما لا يقارن. فقلت: ومتى كان حال الأمة أصلح؟ في زماننا، أم في الأزمنة الماضية؟ فقال: في الأزمنة الماضية. فقلت: إذن هناك خلل! فبُهت.
وليس الخلل، إلا الخروج بالعلم عما جُعل له. وليس الخلل إلا عدم قصد التقرب إلى الله بالعلم الذي يَهدي الناس الطريق.
وقيام الساعة المربوط بهذه العلامة، دليل على تحول الحكم من الدنيا إلى الآخرة، بعد تمام الفساد؛ فإن الدنيا كالثمرة، إذا فسدت انحلت؛ وإذا انحلت، حلت محلها الآخرة التي لا يلحقها الفساد.



الشيخ عبد الغني العمري