المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث لقيط "بالغ في الاستنشاق الا ان تكون صائما "حجة على من يقول ..!!!



أهــل الحـديث
20-07-2012, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


لاشك من أكل سواءً وقع الأكل كثيراً أو قليلاً ولو أخذ جزءً يسيراً من الطعام ، وجاوز به اللهاة وهي اللحمة المتدلية في أعلى الحلق ، وهذه اللهاة الفاصل بين أول الجوف وبين الفم ، فإذا تجاوز اللهاة فإنه يحكم بفطره .
أو شرب الشرب للمائعات والأكل للجامدات يستوي في ذلك القليل والكثير ولو قطرة ماء أحس أنها بلغت الحلق فإنه يفطر بإجماع العلماء-رحمة الله عليهم- ،
وعلى هذا من أكل أو شرب هذا فيه إطلاق شامل لكل ما يصدق عليه أنه أكل أو شرب سواء كان قليلاً أو كان كثيراً يغذي أو لا يغذي يحصل به الارتفاق للبدن أو لا يحصل ، وفي حكم الأكل والشرب أن يدخله تداوياً كما لو بخ على حلقه ذرات من الماء لربو ونحو ذلك كالبخاخ المعروف للربو ، فإن هذه القطرات وإن قيل إنها هواء لكنها ماء ، وتعتبر في حكم الماء ، ورطوبتها واصلة إلى الحلق مندية له موجبة للفطر ،
وهذا قول جمهور العلماء-رحمة الله عليهم- .
وعلى ذلك فكل ما جاوز اللهاة من ماء أو جامد أو دخان له جرم كالعود والشراب المحرم - كل ذلك يوجب الفطر .
ومن يفرق يقول هذا دواء أو هذا هواء يحتاج إلى دليل ؛ والسبب في ذلك أن الإجماع منعقد على أن من أخذ قطرة من دواء وقطرها في حلقه أنه يفطر ، فدل على أن كونه يغذي أو لا يغذي لا معنى له ، وأن العبرة بكونه يمسك ، فإذا جاوزت قطرة واحدة حلقه فقد أفطر .

دليلنا على ذلك السُّنة الصحيحة : في قوله-عليه الصلاة والسلام- في حديث لقيط ابن صبرة (( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ))

فأنت إذا لاحظت هذا الحديث وتأملته فإن الذي يبالغ في الاستنشاق يحصل منه الغلط اليسير ببلوغ الذرة اليسيرة لحلقة ومع ذلك قال له : (( إلا أن تكون صائماً )) ، ومن هنا أخذ جماهير العلماء على أن قليل المفطر وكثير على حد سواء ، وكأن الشرع قصد أن هذا حد لحرمة ، لا يجاوزها مطعوم ولا مشروب بل ولا دخان له جرم ، فإذا جاوزها فقد خرج عن كونه ممسكاً صائماً على الوجه المعتبر شرعاً ، وعلى هذا حكم جماهير العلماء بفطره .
وبناءً على ذلك من أكل أو شرب فالحكم هنا يشمل كل ما يحصل به الأكل أو الشرب ولو كان شيئاً يسيراً كما قلنا قطرات الماء اليسيرة أو قطرات البخات التي لها ذرة فإنها توجب الفطر وتوجب الحكم بفطره .
أو استعط السعوط يكون عن طريق الأنف ، فلو أنه استعط عن طريق أنفه سواءً بلغ إلى دماغه كما هو الحال في بعض الأمراض يتداوى بها كما هو موجود في القديم يضعون - مثلاً - السمن في أنف الإنسان علاجاً لخياشيمه في بعض الأحـوال يضعونها ، فهذا الجفاف الذي يعالج بهذه المادة لو أنه استنشقه إلى أن بلغ الدماغ قالوا : يعتبر منفذاً .
ودليلنا على ذلك : حديث لقيط بن صبرة ، وهذا مذهب جمهور العلماء-رحمة الله عليهم- من الأئمة الأربعة على أنه إذا استعط في حلقه ونزل إلى حلقه ووجد طعمه في الحق أنه يفطر ؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم قال : (( بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً )) وفي هذا الحديث نقطة تحتاج إلى تأمل ،
وذلك أن العلماء المتقدمين-رحمة الله عليهم- ينظرون إلى علة الحكم أي السبب الذي يحكم بكون الإنسان مفطراً به ، وما لا يعد فطراً ، يعني ما هو الشي الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بالفطر في بعض الأحوال ولا يحكم بالفطر في بعضها يقولون : حديث لقيط بن صبرة نحن بالخيار بين أمرين :
الأمر الأول : إما نقول الشرع يوجب فطر الإنسان إذا تناول الشيء عن طريق معين وهو الفم والمنفذ ، ولذلك هذا المذهب يقوم على اعتبار الجهة التي يدخل منها المفطر .
بعضهم يقول : لا ، العبرة عندي بما يدخل إلى البدن بغض النظر عن جهة دخوله سواءً دخل من أعلى البدن أو أسفل البدن ما دام أنه مادة مفطرة كالمغذيات والأدوية فإنه يعتبر مفطراً ، ومنهم من قال : أعتبر مجموع الأمرين ، وفقه هذه المسألة أنك إذا جئت تتأمل حديث لقيط ابن صبره الذي اعتمده جماهير السلف-رحمة الله عليهم- والخلف ، وتجد كتب الفقهاء-رحمة الله عليهم- والفتاوى مشحونة بالفتوى يفطر من أخلّ بصيامه بغير الفم والأنف قالوا ؛ لأن حديث لقيط بن صبرة حكم النبيصلى الله عليه وسلم فيه بالتأثير في الصوم بغير المدخل المعتاد ، فإن دخول الماء عن طريق الأنف مدخل غير معتاد ، فقالوا : لو جئنا نتأمل هذا الحديث إن جئت تقول : لابد وأن يكون الشيء الذي يأكله الإنسان ويشربه يقوي البدن ويرفقه نرد عليك بأن القطرات اليسيرة لا تقوي البدن ولا ترفق به ونرد عليك بأن الإجماع بأنه مجرد مجاوزة اللهاة لقطرة واحدة الإجماع حاصل على أنه يفطر ، إذاً كون المادة بذاتها مادة معينة غير وارد .
بقي مسألة أن تقول العبرة بالدخول بغض النظر عن كون الداخل دواءً أو طعاماً قليلاً أو كثيراً ، السبب في هذا تقول : إن النبيصلى الله عليه وسلم منع من دخول القطرة اليسيرة عن طريق الأنف ، فدل على أن الجوف ممنوع أن يصل إليه الشيء ، وعلى هذا تُفرع فتقول : يستوي عندي أن يصل للجوف من أعلى البدن أو من أسفله ، يعترض المعترض ويقول : لو حقنه بحقنه فإنها لا تصل إلى داخل الجوف إذا كانت في العضل . والمراد بها علاج موضعي لالتهاب أو نحو ذلك .
يرد عليك ويقول : القطرة إذا دخلت مع الأنف في الاستنشاق لا تصل إلى الجوف وإنما تمتص عن طريق الأمعاء قبل وصولها إلى الجوف ، فكأن الشرع قصد من الصوم الإمساك المطلق .
ومن هنا نجد الفرق بين مسلك المتقدمين والمتأخرين فنجد المتقدمين يشددون في وصول الشيء إلى البدن ؛ لأن حقيقة الصوم إمساك وهذا الإمساك استنبطوه من جهة المعنى ، فقد يخفى هذا المعنى على بعض العلماء فيقول : لا دليل على كون الكحل يفطر أو على كون القطرة تفطر ، نقول : الشرع نبه ولو كان كل أمر يحتاج إلى دليل لم تكن هناك حاجة للعلماء ؛ وإنما الفقه أن يفقه ويفهم (( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )) فاجتهد العلماء من نص ولم يجتهدوا من رأي مجرد

فالعلماء تأملوا حديث لقيط بن صبرة فظهر لهم أنه لا عبرة بالفم ؛
فالعلماء تأملوا حديث لقيط بن صبرة فظهر لهم أنه لا عبرة بالفم ؛
فالعلماء تأملوا حديث لقيط بن صبرة فظهر لهم أنه لا عبرة بالفم ؛

لأن الأنف ليس بمدخل لطعام ولا شراب ، ودائماً الشرع ينبه بالنظير على نظيره ، ولذلك الفطر بالفم مدخل معتاد والفطر بالأنف بالاستنشاق مدخل غير معتاد ، فكأنه لما استنشق ونزل إلى حلقه صار الوصول إلى البدن موجباً للفطر ، فقالوا : إذا قَطّر القطارة في عينه أفطر إن وجد طعمها في حلقه ، وإن وضع الكحل في عينه فوجد طعمه في حلقه أفطر لأنه قد وصل إلى جوفه ، فهذا هو فقه المسألة ، فليست المسألة كما يظن البعض أن هذا اجتهاد من العلماء ولا دليل عليه ولا نص ، طبعاً من لم يظهر له هذا المعنى لم تظهر له العلة عنده لا دليل حسب اجتهاده ورأيه ؛ لكن الأئمة والعلماء-رحمة الله عليهم- المتقدمين الذين قرروا ذلك وبسطوه وبينوه وشرحوه إنما ركبوه من هذا الحديث وهو حديث لقيط بن صبرة ،
ولذلك تجد من يقول إن الإبرة لا تفطر إذا كانت في العضل ، قيل لهم : لو كانت مغذية قالوا : تفطر ، فتناقضوا لأنهم إذا قالوا : إن الإبرة تدخل من غير المدخل المعتاد نقضهم قولهم : إن الإبرة المغذية تفطر ، فإن قالوا (كونها مغذية) رددنا بأن الوصول إلى البدن لا يلتفت فيه إلى كونه مغذياً أو كونه غير مغذ ، ولذلك هذه المسألة من جهة النظر والإمعان في حديث لقيط بن صبرة تدل دلالة واضحة على رجحان مذهب جماهير السلف-رحمة الله عليهم- والأئمة المتقدمين الذين كانوا يفرعون هذه المسألة على حديث لقيط بن صبرة ومن رجع إلى الشروحات والمطولات يجد ذلك جلياً ، ولذلك تتعارض أنظار العلماء في تحديد الوصول إلى الجوف وتجدهم يختلفون كما - سيأتي إن شاء الله في ضوابط مفسدات الصوم - .
ومن هنا أقول لا ينبغي الاستعجال في الحكم على كون الأئمة المتقدمين-رحمة الله عليهم- يقولون بالمسألة بدون دليل ، كان السلف-رحمة الله عليهم- أورع وأخشى لله وأتقى لله-سبحانه- من أن يقولوا في دين الله ما لا علم لهم وينبغي أن يعلم كل طالب أن الأئمة المتقدمين-رحمة الله عليهم- أصون لدين الله وأحفظ لدين الله من أن يجرؤوا على تحليل حرام أو تحريم حلال بمحض الرأي أبداً هذا لا يمكن أن يكون لأئمة السلف-رحمة الله عليهم- ، ومنهم الأئمة الأربعة-رحمهم الله- وقد قرر ذلك شيخ الإسلام-رحمة الله عليه- في رفع الملام وفي مجموع الفتاوى وتكـلم كلاماً نفيساً في هذا أن الأئمة-رحمة الله عليهم- اجتهدوا واجتهاداتهم كانت مبنية على النصوص ، ولذلك الشرع مبني على الفقه والفهم ، قال صلى الله عليه وسلم: (( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )) فهم فيهمون العلل ويقولون : كيف يقول النبي-r- : (( بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً )) ؟! ما كان هذا عبثاً . لابد وأن هناك معنىً من كون الشرع ينبه على أن الوصول إلى الجوف يستوي فيه أن يكون من المدخل المعتاد والمدخل غير المعتاد ، وإذا قلت : إن الأنف مدخل غير معتاد تقول الوصول إلى الجوف عندي مفطر ، وفي الحقيقة إذا تأملت هذا القول وجدت قوته خاصة في هذه الأزمنة ، فلو جئت تقول : العبرة عندي بالأكل والشرب والعبرة عندي بأن يأكل ويشرب من فمه وما سوى ذلك فليس بفطر ، فبكل سهولة يمكن لأي شخص أن يتناول الإبر المغذية ويحكم بكونه صائماً ولا تستطيع أن تجد طمأنينة في قلبك لإنسان يأخذ الإبرة المغذية وتقول : إنه ليس بمفطر بل تجد فيه من القوة ما تجده في الشخص الذي يفطر بل قد تكون أبلغ في الوصول للبدن من الطعام والشراب ، ولذلك البر طمأنينة ، وتجد الإنسان لا يطمئن أن يفتي لإنسان يتناول الإبر المغذية ويقول : إنه ليس بمفطر ، فإن قلت : إن هذه الإبر المغذية وصلت إلى البدن من غير طريق المعتاد يلزمك في كل وصول إلى الجوف بطريق المعتاد أو غير معتاد أن تحكم بكونه مفطراً ، فإن قلت هذه مغذية رُد عليك بأن الشرع لا يفرق بين المغذي وغير المغذي بل قالوا حتى لو أن الغبار دخل وقصد مثل ما يحصل لبعضهم يتداوى ببعض الطين ، فلو أخذ طيناً أدخله في فمه أو أكلته المرأة الحامل تداوياً به فإنه يحكم بفطرها ، فهل الطين من جنس ما يؤكل أو يشرب؟!
الطين ليس من جنس ما يؤكل ولا من جنس ما يشرب ؛ ولكن فعلته تداوياً ونحكم بكونها مفطرة ، كذلك - أيضاً - دخان العود أو الدخان المحرم إذا شربه فإنه يعتبر له جرم وتتحلل مادته في اللعاب وتدخل إلى مناسم الإنسان ويغتذي به الإنسان كما أنه يغتذي بالدواء دواءً يغتذي بهذا السم قاتلاً وداءً فكما أنه إذا اغتذى بالبخار تداوياً أفطر ، كذلك إذا اغتذى بالدخان المحرم داءً فإنه يفطر .
فإذاً المسألة من جهة النظر رجوعاً إلى حديث لقيط بن صبرة إذا تُؤُمل ودقق فيه ظهر أن الشرع يُلغي المدخل المعتاد بدليل الأنف فإنـه ليس مدخلاً معتاداً للشراب وإذا ألغى المدخل المعتاد تقول : العبرة عندي بوصول الجوف ، وعلى هذا نجد العلماء-رحمة الله عليهم- يتكلمون على الإدخال للجوف من طريق أسفل البدن - كما سيأتي إن شاء الله - ومن طريق الأنف ومن طريق العين وهكذا بالنسبة لقطرات الأذن - كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه وتفصيله - .
[ أو احتقن ] : وهي الحقنة كأن تكون حقنة في الدبر ، فهذه قالوا : إنها توجب الفطر لأنها تصل إلى الجوف ويغتذى بها الإنسان ويـرتفق بها دواءً وعلاجاً فكما أنه يرتفق بالدواء من أعلاه يرتفق به من أسفله ، ولذلك قالوا : إنه إذا احتقن بالحقنة من أسفل بدنه فإنه يعتبر مفطراً .
[ أو اكتحل بما يصل إلى حلقه ] : [ اكتحل ] : أي وضع الكحل في عينيه أو إحدى العينين ووصل إلى الحلق هذا الشرط لكن لو اكتحل قبل غروب الشمس بنصف ساعة ولم يجد طعم الكحل إلا بعد غروبها بنصف ساعة أو بساعة أو بلحظة فإننا لا نحكم بفطره لأنه لم يصل هذا المفطر إلى المكان إلا بعد انتهاء وقت الصوم ، فصومه صحيح ، ولو اكتحل بالليل ووجد الطعم بالنهار لم يفطر ؛ وذلك لأن الدخول كان بالليل ولا عبرة بالوصول ولا تأثير له لأن الإمساك الذي خوطب به المكلف قد تحقق فإن الإمساك في أثناء النهار لأن حقيقة الصوم الإمساك ، ولذلك نجد الجماهير يقولون : بالفطر في هذه الأحول لأنها ليست بإمساك ، فالإنسان إذا أدخل الكحل يعتبر مفطراً إذا وجد طعم الكحل في يومه ، أما إذا وجده بعد اليوم أو وضعه في الليل ووجده في النهار فإنه لا يفطر .