المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : {(هل فتح باب الفتن والملاحم؟؟)}



أهــل الحـديث
17-07-2012, 08:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الحمد لله الذى أكمل لنا الدين و أتم علينا النعمة، و رضى لنا الإسلام دينا، و الصلاة و السلام على رسول الله، الذى قد بلغنا الرسالة، و أدى ما عليه من أمانة، و على آله و أصحابه و من دعا بدعوته و استن بسنته إلى يوم الدين .. أما بعد ..


تعريف

الفتن والملاحم لغة: تَقُولُ: (فَتَنَ) الذَّهَبَ إِذَا أَدْخَلَهُ النَّارَ لِيَنْظُرَ مَا جَوْدَتُهُ، يقال: فتنه فتونا أي امتحنه واختبره؛ والْمَلَاحِم: ملاحم الْقِتَال معاركها وَهِي مَوَاضِع الْقِتَال.


كيف تعرف الفتنة أنها فتنة وليست جهادا مثلا؟؟؟

الجهاد فى سبيل الله وما شابهه من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وما إلى ذلك أمور واضحة المعالم، فالمجاهد معلوم ومعلوم منهجه أو عقيدته، وعدوه معلوم ومعلوم منهجه أو عقيدته، كأن يقاتل المسلمُ الكافرَ مثلا ليترتب على القتال انتصار المقاتل المسلم أو استشهاده، أو قتل المقاتل الكافر أو هزيمته، ثم يترتب على ذلك ما يترتب من الغنيمة والجزية وغير ذلك، أما إن حدث مثل هذا بين المسلمين أنفسهم فهذا هو عين الفتنة (هذا بخلاف قتال أهل البغي من المسلمين).


الهدف من المقالة

إن الهدف المنشود من مقالتى هذه هو التمسك الشديد بالكتاب والسنة خاصة أوقات الفتن، وترك آراء الفرق والجماعات التى تخالف أصول أهل السنة والجماعة وعدم مساعدتهم فى تأجيج الفتن، وعدم الإلتزام بالرايات العمية والعصبيات الجاهلية والتى تفرق جماعة المسلمين، وسترون نصائح رسول الله ونصائح سلف الأمة.
أمة الإسلام إننا فى زمن أوشكت فيه علامات الساعة الصغرى أن تنتهى، و العلامات الكبرى أن تبتدئ، فيجب على المسلم أن يتعلم سبل الوقاية من الفتن.


الفتنة بين المسلمين أكبر من أكبر الفتن

عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " لَأَنَا لَفِتْنَةُ بَعْضِكُمْ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَلَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِمَّا قَبْلَهَا إِلَّا نَجَا مِنْهَا، وَمَا صُنِعَتْ فِتْنَةٌ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيَا صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ، إِلَّا تَتَّضِعُ (تتواضع) لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ "


الأمر جد خطير .. عند العلماء

الشرع كامل وحكيم، وليس هناك من يعلم مصلحة الأمة إلا الشارع الحكيم {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} فعلى المسلم أن يتحاكم لشرع الله فقط.
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ»، زاد أبو ذر رضى الله عنه «لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ».
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ».


الأمر باعتزال الفتن

قَالَ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ بعدما روى حديثا عن الدجال: أَنَا لِغَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ، قَالَ: فَقُلْنَا: مَا هُوَ يَا أَبَا سَرِيحَةَ؟ قَالَ: «فِتَنٌ كَأَنَّهَا قِطَعُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ» ، قَالَ: فَقُلْنَا: أَيُّ النَّاسِ فِيهَا شَرٌّ؟ قَالَ: «كُلُّ خَطِيبٍ مُصْقِعٍ، وَكُلُّ رَاكِبٍ مُوضِعٍ»، ]وفى رواية زاد: كُلُّ شُجَاعٍ بَطَلٍ[، قَالَ: فَقُلْنَا: أَيُّ النَّاسِ فِيهَا خَيْرٌ؟ قَالَ: «كُلُّ غَنِيٍّ خَفِيٍّ» ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِالْغَنِيِّ وَلَا بِالْخَفِيِّ، قَالَ: «فَكُنْ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرَ فَيُرْكَبَ، وَلَا ضَرْعَ فَيُحْلَبَ».
خَطِيبٍ مُصْقِعٍ: بليغ، بمعنى يدعو الناس إلى الفتن معتمدا على فصاحته وبلاغته.
رَاكِبٍ مُوضِعٍ: المسرع في الفتنة الساعي فيها.
ابْنِ اللَّبُونِ: سمي ابْن لبون (هُوَ الصَّغِير من ذُكُور الْإِبِل) لِأَن أمه كَانَت أَرْضَعَتْه السّنة الأولى ثمَّ كَانَت من الْمَخَاض السّنة الثَّانِيَة ثمَّ وضعت فِي الثَّالِثَة فَصَارَ لَهَا ابْن فَهِيَ لبون وَهُوَ ابْن لبون وَالْأُنْثَى ابْنة لبون.
لَا ظَهْرَ فَيُرْكَبَ وَلَا ضَرْعَ فَيُحْلَبَ: لا يساعد فى الفتنة بأي شكل من الأشكال.
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، ]وفى رواية: فِتَنٌ بَاقِرَةٌ (صادِعَةٌ للأُلْفَةِ شاقَّةٌ للعَصَا، مُفْسِدَةٌ للدِّين، ومُفَرِّقَةٌ بَين النَّاس)، تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانًا[، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي ]وفى رواية: وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ[،]وفى رواية: قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ[، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ، فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ».
شرح الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي:
(كقطع) جمع قطعة، أي كأن كل واحدة من تلك الفتن قطعة من الليل المظلم والإلتباس، أراد فتنة مظلمة سوداء؛ (يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى كافرا) أي يصبح محرما لدم أخيه وعرضه وماله، ويمسى مستحلا له [توضيح: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»]؛ (القاعد فيها خير من القائم) قال النووي معناه بيان عظيم خطرها والحث على تجنبها والهرب منها ومن التسبب في شيء، وإن شرها وفتنها يكون على حسب التعلق بها، أي كلما بعد الإنسان من مباشرتها ويكون خيرا؛ (واضربوا بسيوفكم الحجارة) قال النووي قيل المراد كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث ليسد على نفسه باب هذا القتال وقيل هو مجاز، والمراد ترك القتال، والأول أصح؛ (كخير ابني آدم) وهو هابيل قتله أخوه قابيل، يريد أن الصبر على الموت فيها أحسن من الحركة لكون الحركة تزيد في الفتنة.


الأمر باعتزال جلساء السوء

قد ذكرت أيضا زيادة قبل الحديث السابق من قول أبى موسى الأشعري رضى الله عنه، قَالَ: إِنَّ الْجَلِيسَ الصَّالِحَ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ، مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْعِطْرِ إِنْ لَا يُحِذْكَ يَعْبَقْ بِكَ مِنْ رِيحِهِ، وَإِنَّ مَثَلَ جَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْكِيرِ إِنْ لَا يُحْرِقْ يَعْبَقْ بِكَ مِنْ رِيحِهِ، أَلَا وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ، وَإِنَّ مَثَلَ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ فَضَاءٍ تَطِيرُ بِهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ.
وكأن أبا موسى رضى الله عنه أراد أن يقول فى خطبته تلك: إياكم فى زمان الفتن خاصة أن تتبعوا أهواء أهل البدع وحدثاء الأسنان (دلالة على قلة الخبرة) سفهاء الأحلام (دلالة على قلة الحكمة) الذين تسبق عواطفهم عقولهم، لأن قلوبكم ضعيفة والفتنة خطافة، فمن السهل أن تتبعوا أهوائهم مالم تتمسكوا بالكتاب والسنة، فيجب عليكم أيها المريدون للحق ألا تجالسوا أصحاب الأهواء إن أردتم النجاة من الفتن.
إن من أبرز علامات الفتن أن الرأي الغالب فيها يكون للغوغاء وليس للعلماء، وأَصْلُ الْغَوْغَاءِ: الْجَرَادُ حِينَ يَخِفُّ لِلطَّيَرَانِ (وَهُوَ إِذا ماج بعضه فِي بعض قبل أَن يطير)، ثُمَّ جُعِلَ الْأَخِفَّاءُ الْمُتَسَرِّعُونَ مِنَ النَّاسِ غَوْغَاءَ (الَّذين لَا نظام لَهُم مَعْرُوف).
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ». فأهل الحق السلفيون بحق غرباء بين أهل الباطل لكثرتهم.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "عليك بطريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطريق الضلال ولا تغتر بكثرة الهالكين".
وقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً».
تعليق الشيخ مصطفى البغا:
(راحلة) الجمل النجيب الذي يصلح لسير الأسفار ولحمل الأثقال؛ ومعنى الحديث يأتي زمان يكون الناس فيه كثيرين ولكن المرضي منهم والذي يلتزم شرع الله عز وجل قليل، شأن الإبل الكثيرة التي تبلغ المائة ولا تكاد توجد منها واحدة تصلح للركوب والانتفاع بها، أو المراد أن الناس دائما شأنهم هكذا الصالح فيهم قليل.
وهذا الحديث أيضا فى الصحيحين مرفوعا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ".
وعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرُوِيَ أَنَّ رِجَالا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، فَمَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلا إِلَى قُبُورِهِمْ. (هذا لا ينفى خروجهم للجمع والجماعات والتجارة ولكن الفتن)


الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها أو أثارها

روي عن الْحَسَنِ أنه قال: «إِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ عَرَفَهَا الْعَالِمُ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَرَفَهَا كُلُّ جَاهِلٍ».
وروي عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ (تشابهت مع الحق كالجهاد مثلا)، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَسْفَرَتْ (ظهرت حقيقتها)، وَإِنَّ الْفِتْنَةَ تُلْقَحُ بِالنَّجْوَى، وَتُنْتَجُ بِالشَّكْوَى، فَلَا تُثِيرُوا الْفِتْنَةَ إِذَا حَمِيَتْ، وَلَا تَعْرِضُوا لَهَا إِذَا عَرَضَتْ، إِنَّ الْفِتْنَةَ رَاتِعَةٌ فِي بِلَادِ اللَّهِ، تَطَأُ فِي خِطَامِهَا، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَ الْبَرِيَّةِ أَنْ يُوقِظَهَا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا، الْوَيْلُ لِمَنْ أَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ الْوَيْلُ لَهُ».


الإستبصار وعدم الوقوع فى الفتن

عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَالَ قوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ، فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ، قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا (قبلها وأثرت فيه)، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا (الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء) فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» ، قَالَ حُذَيْفَةُ: وَحَدَّثْتُهُ، «أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ» ، قَالَ عُمَرُ: أَكَسْرًا لَا أَبَا لَكَ؟ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ، قُلْتُ: «لَا بَلْ يُكْسَرُ» ، وَحَدَّثْتُهُ «أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ» قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ، مَا أَسْوَدُ مُرْبَادٌّ؟ قَالَ: «شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ» ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا؟ قَالَ: «مَنْكُوسًا».


نوعا الفتن الرئيسيين

تنقسم الفتن إلى نوعين رئيسيين، فتن الشهوات وفتن الشبهات:
قال الله تعالى عن فتنة الشهوات {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والْبَنِينَ والْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ والْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ والأَنْعَامِ والْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ}. وأما فتنة الشبهات فمعظم الموضوع عنها.
وصدق من قال:


إنـي بليت بأربـع ما سلطت ... إلا لأجل شقاوتـي وعنائـي



إبليـس والدنيا ونفسي والهوى ... كيف الخلاص وكلهم أعدائي



إبليس يسلك في طريق مهالكي ... والنفـس تأمرني بكل بلائي



وأرى الهوى تدعو إليه خواطري ... في ظلمة الشبهـات والآراء



وزخـارف الدنيا تقول أما ترى ... حسني وفخر ملابسي وبهائي

قال الإمام القرطبي فى التذكرة: فمن أطاع مولاه وجاهد نفسه وهواه، وخالف شيطانه ودنياه، كانت الجنة نزله ومأواه، وممن تمادى في غيه وطغيانه وأرخى في الدنيا زمام عصيانه، ووافق نفسه وهواه في مناه ولذاته وأطاع شيطانه في جمع شهواته كانت النار أولى به، قال الله تعالى: {فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا . فإن الجحيم هي المأوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى . فإن الجنة هي المأوى}؛ أهـ. ويساعدهم الصنف الخامس "الذين يتبعون الشهوات" وهم أصحاب السوء الذين ذكرهم الله فى الهالكين يوم الندامة {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلاَّ المُتَّقِينَ}. وقد أخبر الله عز وجل عن صفاتهم بعدما أثنى على الأنبياء والصالحين فقال سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَياً}.
والله عز وجل رحيم بهذا الإنسان الضعيف ولذلك فقد شرع له من الدين ما يباعده عن الشهوات والشبهات إن اعتصم بهديه و هدي نبيه {وإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}؛ {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ويَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم ويَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ويُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً . يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفاً}.
إن المؤمن الصادق إذا سمح لنفسه الأمارة بالسوء أن ترى فتنة شهوة أمرأة عارية مثلا ليرضى هواه بوسوسة من شيطانه ليستمتع بدنياه المحرمة، فهل بعد تعرضه لتلك الفتنة يبقى قلبه على ما كان عليه؟؟؟، بالطبع لا، وبالمثل .. فإن المؤمن الصادق إذا استمع لشبهات أهل الزيغ والضلال فلا أمان لقلبه أن يعود على ما كان؛ ضربت هذا المثل بمؤمن صادق قوي الإيمان، فما هو الحال إذا كان من ضعفاء الإيمان أمثالنا!!.
لا يجوز لمسلم يريد الحق والهداية يعلم أن إنسانا ما (يهوديا، نصرانيا، ملحدا، لادينيا، وثنيا، مسلما مبتدعا، مسلما منتم لحزب أو جماعة، أو ما إلى ذلك) يدعوا إلى كلام أو راية أو حزب ما (يشق صف المسلمين ويفرق جماعتهم) فى أي مكان فيجلس ويعرض نفسه لفتنة الشبهات دون أن يكون من طلبة العلم الشرعي الذين يستطيعون معرفة العلوم التى تؤهلهم للرد على الشبهات التى يثيرونها ضد الإسلام الصحيح.
أقول هذا أيضا لمن يستمعون إلى حوارات ولقاءات وبرامج العلمانيين و الليبراليين مثلا على الشاشات والصحف الإخبارية (معظم - إن لم يكن كل - الإعلام موجه (له أهداف معينة، وينقل الأحداث من زاوية معينة ليست منصفة وشفافة) ويكيل بمكاييل كثيرة ويمتلكه أغنياء العالم من الماسونيين)، وأقول لمن يعرف شيئا عن الخطط الماسونية أن الإعلام العالمي اليوم (كبار الصحف والفضائيات مثلا) يصب فى بوتقة واحدة وهى المساعدة فى تنفيذ هذه المخططات لبناء ما يسمونه "الشرق الأوسط الجديد" و "النظام العالمي الجديد"، وستجدونهم يأكلون صنم العجوة الذى عبدوه بالأمس (ديمقراطية، حقوق إنسان، حرية، ...) من أجل تحقيق تلك المقاصد.


من أبرز مظاهر أزمنة الفتن



نقص العلم والعمل وانتشار الأخلاق السيئة بل الجرائم

عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ: " عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ بِمَشَارِيطِهَا وَمَا يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهَا، إِنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا فِتْنَةً وَهَرْجًا "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْفِتْنَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَالْهَرْجُ مَا هُوَ؟ قَالَ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: " الْقَتْلُ، وَيُلْقَى بَيْنَ النَّاسِ التَّنَاكُرُ فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ أَنْ يَعْرِفَ أَحَدًا ".
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا، هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المُوبِقَاتِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «يَعْنِي بِذَلِكَ المُهْلِكَاتِ».
دَخَلَ حُذَيْفَةُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي مِمَّا يَلِي أَبْوَابَ كِنْدَةَ فَجَعَلَ لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: " مُنْذُ كَمْ هَذِهِ صَلَاتُكَ؟ "، قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: " مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَوْ مُتَّ وَهَذِهِ صَلَاتُكَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ يُعَلِّمُهُ، فَقَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخِفُّ فِي صَلَاتِهِ، وَإِنَّهُ لَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ".
وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ حَدَّثَنَا: «أَنَّ الْأَمَانَةَ (الإيمان علما وعملا) نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الْأَمَانَةِ قَالَ: " يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ (الأثر اليسير)، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ (صار بين الجلد واللحم ماء)، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا (منتفخا) وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ - ثُمَّ أَخَذَ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ - فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ، وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا ".
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ (هو اللئيم ابن اللئيم أي أخس الناس وأحقرهم)".
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ العَمَلُ، ]وفى رواية «وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ»[، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَ هُوَ؟ قَالَ: «القَتْلُ القَتْلُ».
أيها الأحبة الكرام، إن من أكبر البلايا والفتن أن يقع المسلم فى الفتن وهو لا يدرى أنه واقع فيها ومتلبس بها، كيف لا وهى فتن؟!.


ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله ... و أخو الجهاله فى الشقاوة ينعم

قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: وقد كنّا زماناً نعتذر من الجهل، فقد صِرْنا الآن نحتاج إلى الاعتذار من العِلْم!، وكنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه والدلالة، فصِرْنا نرضى بالسلامة!، وليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال!!، ولا يُنْكَرُ مع تَغَيُّرِ الزمان، وفي الله خَلَفٌ وهو المستعان.أهـ. (هذا فى زمانه رحمه الله فكيف بزماننا؟!).


طلب العلم عند فاقدى الأهلية

قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ثَلَاثًا إِحْدَاهُنَّ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ» قَالَ نُعَيْمٌ: قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: مَنِ الْأَصَاغِرُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يَقُولُونَ بِرَأْيِهِمْ (الذين لا يستدلون بالأدلة الشرعية بفهم القرون الخيرية)، فَأَمَّا صَغِيرٌ يَرْوِي عَنْ كَبِيرٍ فَلَيْسَ بِصَغِيرٍ» وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَبَرِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ بِالْأَصَاغِرِ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ وَلَا يَذْهَبُ إِلَى السِّنِّ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا وَجْهٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي أَرَى أَنَا فِي الْأَصَاغِرِ أَنْ يُؤْخَذَ الْعِلْمُ عَمَّنْ كَانَ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَاكَ أَخْذُ الْعِلْمِ عَنِ الْأَصَاغِرِ.
وقَالَ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ، كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي (وفى رواية: وَعَرَفْتُ أَنَّ الْخَيْرَ لَنْ يَسْبِقَنِي)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». ]فى الرواية الأخرى: كل مرة يسأل حذيفة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول له: " يَا حُذَيْفَةُ، تَعَلَّمْ كِتَابَ اللهِ، وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ "[، فهذه هى النجاة، اتباع الدليل والإتباع فقط.
وعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، قَالَ: «إِنَّ المُنَافِقِينَ اليَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَاليَوْمَ يَجْهَرُونَ».
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ» ، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».
وقَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ (سابقكم إليه)، فَمَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ» ... فيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي.


من سبل مواجهة الفتن غير ما ذكر بالأعلى

ومن سبل مواجهة الفتن ترك التعصب لغير جماعة المسلمين:
فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ».
شرح الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي:
(ميتة جاهلية) أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم.
(عمية) هي بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان والميم مكسورة والياء مشددة، أيضا قالوا هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور، قال إسحاق بن رهويه هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(لعصبة) عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب سموا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم أي يحيطون به ويشتد بهم، والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك لا لنصرة الدين والحق بل لمحض التعصب لقومه ولهواه كما يقاتل أهل الجاهلية فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.
(فقتلة) خبر لمبتدأ محذوف أي فقتلته كقتلة أهل الجاهلية.
(ولا يتحاشى) .. لا يكترث بما يفعله فيها ولا يخاف وباله وعقوبته.
ومن سبل مواجهة الفتن التعرف على (استبانة) سبيل المجرمين وكيفية مواجهته:
قال تعالى: {وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ}، ففى زمن تنتشر فيه الأفكار والمناهج الغربية المناهضة للدين الإسلامي يجب على بعض أهل العلم أن ينفر {مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} من هذه المناهج الضالة (مثل الماسونية والعلمانية والليبرالية و...).
ومن سبل مواجهة الفتن عدم التهاون فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ». (ولا ننسى أبدا ضوابطه وشروطه ومنها ألا يؤدى إلى ما هو أنكر منه).
وعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «بَلْ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ العَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ القَبْضِ عَلَى الجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ: وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ - قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ. قَالَ: «بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْكُمْ».
ومن سبل مواجهة الفتن عدم إعانة الظلمة على الظلم خاصة الأمراء:
عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنَّي، وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ ". وفى رواية قَالُوا: أَفَلَا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ».
ومن سبل مواجهة الفتن العمل بالمعروف من الصالحات والإنتهاء عن المنكر من المحرمات ولزوم العلماء الربانيين وترك أهواء العوام:
" كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه، قالوا: كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك ؟؟؟ قال: تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتذرون أمر عوامكم ".
ومن سبل مواجهة الفتن عدم نقل الشائعات وكل ما يقال:
قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا».
وهذا يحدث بكثرة كاثرة حتى ممن ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية اليوم فتجده يقول حدث كذا، فإذا سألته عن التثبت قال إن ذلك قد نشرته الجرائد والقنوات الإخبارية!، ولا أدرى منذ متى ونحن نأخذ ديننا من إعلام اللادينيين واليهود؟!.
ومن سبل مواجهة الفتن عدم تضييع الآخرة من أجل الدنيا:
قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ».
ومن سبل مواجهة الفتن التعرف على السبل التى أوضحها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمواجهة فتن معينة مثل فتنة الدجال وفتن الخروج على ذى السلطان.


فتن خاصة بأزمنة وأماكن معينة



فتنة العراق والشام ومصر

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ» شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. والحديث الآتى يشرح السبب فى هذا المنع:
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا، لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا» قَالَ قُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ: أَتَرَيَانِ أَنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَا: لَا.
إن فى الحديث دلالة قوية جدا من دلائل نبوة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه بشارة أيضا، فقد أخبر أن العراق والشام ومصر قبل أن يتم دخول الفتح الإسلامي إليهم ستكون دولا إسلامية يجبى إليها من الخير الكثير - الدولة الآن للمسلمين - ثم يمنع ذلك العجم عامة والروم خاصة (أوروبا وأمريكا فى زماننا) - الدولة الآن للكافرين - ثم يأتى خليفة فى آخر الزمان يبارك الله فى عصره ويكثر الخير مرة أخرى وهو الإمام المهدي عليه السلام - ترجع الدولة للمسلمين - والله أعلم؛ والقفيز والمد والإردب مكاييل لأهل ذلك الزمان في تلك البلاد، وبعضها لا يزال معروفاً إلى أيامنا، والدرهم والدينار أسماء للعملات المعروفة في ذلك الوقت.
وهناك أحاديث أخرى تؤكد ذلك المعنى منها:
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ، فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، فَقَالَ: يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْأُمَرَاءِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ، فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ» ثُمَّ سَكَتَ، قَالَ حَبِيبٌ: " فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي صَحَابَتِهِ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي عُمَرَ، بَعْدَ الْمُلْكِ الْعَاضِّ وَالْجَبْرِيَّةِ، فَأُدْخِلَ كِتَابِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسُرَّ بِهِ وَأَعْجَبَهُ "
الذى ذكر فى الحديث هو التأويل الذى بدا لهم آنذاك، وقد يأول الحديث كالآتى: النبوة، الخلافة الراشدة، الخلافة الإسلامية (أموية، عباسية، عثمانية)، الملك الجبري لغير الإسلاميين، ثم الخلافة الإسلامية الراشدة الثانية؛ ويؤكد ذلك أن فى بعض طرق الحديث الأول عن حذيفة (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ) أن الدجال سيأتى بعد ذلك.


فتنة الأحلاس والسراء والدهيماء

عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ: " هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ، لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ: انْقَضَتْ، تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ، مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مِنْ غَدِهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: «فِتْنَةُ الأَحْلاسِ» ، إِنَّمَا أُضِيفَتِ الْفِتْنَةُ إِلَى الأَحْلاسِ، لِدَوَامِهَا وَطُولِ لُبْثِهَا، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ يَلْزَمُ بَيْتَهُ لَا يَبْرَحُ: هُوَ حِلْسُ بَيْتِهِ.
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَبَّهَهُ بِالأَحْلاسِ لِسَوَادِ لَوْنِهَا وَظُلْمَتِهَا.
وَالْحَرْبُ: ذَهَابُ الْمَالِ وَالأَهْلِ، يُقَالُ: حُرِبَ الرَّجُلُ، فَهُوَ حَرِيبٌ: إِذَا سُلِبَ مَالَهُ وَأَهْلَهُ.
وَالدَّخَنُ: الدُّخَانُ يُرِيدُ أَنَّهَا تَثُورُ كَالدُّخَانِ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: «كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ» ، مَثَلٌ وَمَعْنَاهُ: الأَمْرُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ وَلا يَسْتَقِيمُ، وَذَلِكَ أَنَّ الضِّلَعَ لَا يَقُومُ بِالْوَرِكِ وَلا يَحْمِلُهُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي بَابِ الْمُلاءَمَةِ وَالْمُوَافَقَةِ إِذَا وَصَفُوا: هُوَ كَكَفٍّ فِي سَاعِدٍ، وَسَاعِدٍ فِي ذِرَاعٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَيْرُ خَلِيقٍ لِلْمُلْكِ وَلا مُسْتَقِلٍّ بِهِ (الرجل غير المناسب فى المكان الحساس).
وَالدُّهَيْمَاءُ: تَصْغِيرُ الدَّهْمَاءِ، صَغَّرَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمَذَمَّةِ لَهَا. (معناها الداهية أو السَّوْدَاء الْمظْلمَة من الْفِتَن).


لماذا لم يخرج بعض العلماء على بعض ذوى السلطان؟؟

قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ، وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ قَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي، قَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، قَالَ: لأنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلا أُقَاتِلُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِالآيَةِ الَّتِي تَقُولُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}، قَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، قَالَ: قَاتَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: خَرَجَ عَلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟ وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ؟ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولِ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةٌ، وَلَيْسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. (لأنه إذا انتصر ذو السلطان الظالم ضيق على أهل الدين فى دينهم ودنياهم أكثر مما كان قبل ذلك، ولنا العبرة فيما تسببت فيه الجماعات والحركات قبل ذلك).
عَنْ خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ زَمَانَ فُتِحَتْ تُسْتَرُ حَتَّى قَدِمْتُ الْكُوفَةَ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ صَدَعٌ مِنَ الرِّجَالِ، حَسَنُ الثَّغْرِ، يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: أَوَ مَا تَعْرِفُهُ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالُوا: هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَعَدْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ، جَاءَ الْإِسْلَامُ حِينَ جَاءَ، فَجَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنْتُ قَدْ أُعْطِيتُ فِي الْقُرْآنِ فَهْمًا، فَكَانَ رِجَالٌ يَجِيئُونَ فَيَسْأَلُونَ عَنِ الْخَيْرِ، فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " السَّيْفُ " (أي أن نجاة أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فى سبيل الله)، قَالَ: قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ هَذَا السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ، تَكُونَ إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ (صلح في الظاهر مع خيانة قلوب وخداعها في الباطن) "، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ تَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلَالَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ فَالْزَمْهُ (من أجل تقليل المفاسد وليس للذلة والنفاق)، وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ "، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ نَهَرٌ وَنَارٌ، مَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهَرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَحُطَّ أَجْرُهُ ".


الناس فى الفتنة إما إمام هدى أو أمام ضلالة

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ دَاعِ يَدْعُو إِلَى هُدًى، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ. لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً»
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمِ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ، فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
فالذى يدعوا الناس إلى متابعته فى فتنة ما، فإنه لا يتحمل وزره فقط، بل يتحمل أوزار كل من دعاهم، فإن تسببت دعوته فى القتل والسرقة وإباحة الإعراض وترك ذكر الله وغير ذلك، فإنه سيتحمل أثقالا حملها إياه غيره وإن لم يفعل هو، {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ ومِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.



أسأل الله عز وجل أن يطفىء الفتن التى تدار على المسلمين، وأن ينجينا منها غير مفتونين، وأن يغفر لكل من وقع فيها، أو دعا إليها، وأن يحولها إلى من أرادوها بالمسلمين، "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا لَا عَلَيْنَا"



اللهم اهزم الأحزاب الذين تحزبوا على أمة حبيبك، فإننا ضعفاء فقونا، مرضى فاشفنا، جوعى فأطعمنا، مغلوبون فانتصر لنا



تنبيه هام جدا:



* لا يجوز إنزال أحاديث الملاحم والفتن على الواقع بدون بينة وأدلة قاطعة وإنما للتدبر.



* من وقع فى فتنة ما وهو من أهل السنة أصلا فإن أهل السنة لا يتبرأون منه ويصفونه بالبدعة والنفاق مثلا، ومن لم يقع فى فتنة ما وهو من أهل البدعة والنفاق فهو كما هو.



* قد أغير فى هذا الموضوع إن شاء الله وقدر فأرجوا النقد البناء أيها القراء الكرام، وأسأل الله العفو والعافية من الزلل.
وهذا كتاب مفيد جدا فى هذا الموضوع إن شاء الله

موقف المســـــلم من الفتن في ضوء الكتاب والسُّـنن (http://ia600809.us.archive.org/16/items/vdrte/vdrte.pdf) (بصيغة pdf)

أو
موقف المســـــلم من الفتن في ضوء الكتاب والسُّـنن (http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alfetn.zip) (بصيغة word)
أو
موقف المســـــلم من الفتن في ضوء الكتاب والسُّـنن (http://saaid.net/book/2/538.zip) (بصيغة word)