أهــل الحـديث
17-07-2012, 02:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
اللهم صل وسلم على عبدك محمد وآله وصحبه أجمعين:
الْبَاب السَّابِع فِي المأمورات والمنهيات الْمُتَعَلّقَة بالقلوب
القوانين الفقهية (ص: 284)/ ابن جزي رحمه الله
وَهِي عشرُون (الأول) الْخَوْف من الله تَعَالَى وَهُوَ اللجام القامع عَن الْمعاصِي وَسَببه معرفَة شدَّة عَذَاب الله وَيُسمى خشيَة وَرَهْبَة وتقوى وَالنَّاس فِيهِ على ثَلَاثَة مَرَاتِب فخوف الْعَامَّة من الذُّنُوب وَخَوف الْخَاصَّة من الخاتمة وَخَوف خَاصَّة الْخَاصَّة من السَّابِقَة وَالْفرق بَين الْخَوْف والحزن أَن الْخَوْف مِمَّا يسْتَقْبل والحزن على مَا تقدم وَكِلَاهُمَا يثير الْبكاء والإنكسار وَيبْعَث العَبْد على الرُّجُوع إِلَى الله تَعَالَى (الثَّانِي) الرَّجَاء وسبه معرفَة سَعَة رَحْمَة الله وَيُسمى طَمَعا ورغبة وَيَنْبَغِي أَن يكون الرَّجَاء وَالْخَوْف المعتدلين فَإِن الْخَوْف إِذا فرط قد يعود لى الْيَأْس وَهُوَ حرَام والرجاء إِذا فرط قد يعود إِلَى الْأَمْن وَهُوَ حرَام (الثَّالِث) الصَّبْر وأجره بِغَيْر حِسَاب بِخِلَاف سَائِر الْأَعْمَال فَإِن أجورها بِمِقْدَار وَهُوَ أَرْبَعَة أَنْوَاع صَبر على بلَاء الله وَهُوَ الْمَقْصُود بِالذكر وصبر على نعم الله أَن لَا يطغي بهَا وصبر على طَاعَة الله وصبر على معاصي الله (الرَّابِع) الشُّكْر وَهُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان والجوارح فَشكر اللِّسَان الثَّنَاء وشكر الْقلب معرفَة الْمِنَّة وَقدر النِّعْمَة وشكر الْجَوَارِح بِطَاعَة الْمُنعم (الْخَامِس) التَّوَكُّل وَهُوَ الِاعْتِمَاد على الله تَعَالَى فِي دفع المكاره والمخاوف وتيسير المطالب وَالْمَنَافِع وخصوصا فِي شَأْن الرزق وَسَببه ثَلَاثَة أَشْيَاء الْمعرفَة بِأَن الْأُمُور كلهَا بيد الله وَإِن الْخلق كهلم تَحت قهره وَفِي قَبضته وَإنَّهُ لَا يضيع من توكل عَلَيْهِ (السَّادِس) التَّفْوِيض إِلَى الله تَعَالَى وَهُوَ خُرُوج العَبْد عَن مُرَاد نَفسه إِلَى مَا يختاره الله لَهُ وَسَببه الْمعرفَة بِأَن اخْتِيَار الله خير من اخْتِيَار العَبْد لنَفسِهِ لِأَن الله تَعَالَى يعلم عواقب الْأُمُور وَالْعَبْد لَا يعلمهَا (السَّابِع) حسن الظَّن بِاللَّه فَإِن الله يَقُول أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَسَببه الْمعرفَة بِفضل الله وَكَرمه وسعة رَحمته (الثَّامِن) التَّسْلِيم لأمر الله تبَارك وَتَعَالَى بترك الِاعْتِرَاض ظَاهرا وَترك الْكَرَاهَة بَاطِنا (التَّاسِع) الرِّضَا بِالْقضَاءِ وَهُوَ سرُور النَّفس بِفعل الله زِيَادَة على السَّلِيم وسببها ثَلَاثَة أَشْيَاء محبَّة الله تَعَالَى فَإِن فعل المحبوب وَمَعْرِفَة حكمته فِي كل مَا يفعل وَإِن الْمَالِك يفعل فِي ملكه مَا يَشَاء (الْعَاشِر) الْإِخْلَاص لله تَعَالَى وَيُسمى نِيَّة قصدا وَهُوَ إِرَادَة وَجه الله تَعَالَى بالأقوال وَالْأَفْعَال وضده الرِّيَاء وَسَببه الْمعرفَة بِأَن الله لَا يقبل إِلَّا الْخَالِص وَإنَّهُ يطلع على النيات والضمائر كَمَا يطلع على الظَّوَاهِر (الْحَادِي عشر) المراقبة وَهِي معرفَة العَبْد باطلاع الله عَلَيْهِ على الدَّوَام فيثمر ذَلِك الْحيَاء والهيبة وَالتَّقوى (الثَّانِي عشر) الْمُشَاهدَة وَهِي وام النّظر بِالْقَلْبِ إِلَى الله تَعَالَى واستغراق فِي صِفَاته وأفعاله وَذَلِكَ مقَام الْإِحْسَان الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام الْإِحْسَان أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ ثمَّ أَشَارَ إِلَى مقَام المراقبة بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك وَبَين المقامين فرق (الثَّالِث عشر) التفكر وَهُوَ ينبوع كل حَال ومقام فَمن تفكر فِي عَظمَة الله اكْتسب التَّعْظِيم وَمن تفكر فِي قدرته اسْتَفَادَ التَّوَكُّل وَمن تفكر فِي عَذَابه اسْتَفَادَ الْخَوْف وَمن تفكر فِي رَحمته اسْتَفَادَ الرَّجَاء وَمن تفكر فِي الْمَوْت وَمَا بعده اسْتَفَادَ قصر الأمل وَمن تفكر فِي ذنُوبه اشْتَدَّ خَوفه وصغرت عِنْده نَفسه (الرَّابِع عشر) معرفَة الله تَعَالَى وَهِي نَوْعَانِ خَاصَّة وَعَامة فالعامة حَاصِلَة لكل مُؤمن والخاصة هِيَ الَّتِي ينْفَرد بهَا الْأَنْبِيَاء والأولياء وَهُوَ الْبَحْر الْأَعْظَم الَّذِي لَا سَاحل لَهُ وَلَا يعرف الله على الْحَقِيقَة إِلَّا الله وَلذَلِك فَإِن أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْعَجز عَن دَرك الْإِدْرَاك إِدْرَاك (الْخَامِس عشر) التَّوْحِيد وَهُوَ نَوْعَانِ عَام وخاص فالعام هُوَ عدم الْإِشْرَاك الْجَلِيّ وَذَلِكَ حَاصِل لجَمِيع الْمُسلمين وَالْخَاص عدم الْإِشْرَاك الْخَفي وَهُوَ مقَام العرافين وَكِلَاهُمَا دَاخل تَحت قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله فسبب التَّوْحِيد الْجَلِيّ الْبَرَاهِين الْقَائِمَة عَلَيْهِ وَقد تضمنها الْقُرْآن الْمُبين وبسطناها فِي كتاب النُّور الْمُبين وَسبب التَّوْحِيد الْخَفي معرفَة قيومية الله تَعَالَى على كل شَيْء وإحاطة علمه وَقدرته وقهره بِكُل شَيْء وَإِن كل شَيْء إِنَّمَا وجد بإيجاده لَهُ وَبَقِي بإمساكه لَهُ فَلَا موجد فِي الْحَقِيقَة إِلَّا وَهُوَ ((كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه)) (السَّادِس عشر) الْيَقِين وَهُوَ صدق الْإِيمَان حَتَّى يطمئن بِهِ الْقلب بِحَيْثُ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ شكّ وَلَا احْتِمَال وَسَببه شَيْئَانِ أَحدهمَا قُوَّة الْأَدِلَّة وَكَثْرَتهَا وَالْآخر نور من الهل يَضَعهُ فِي قلب من يَشَاء (السَّابِع عشر) محبَّة الله تَعَالَى وَهِي نَوْعَانِ عَامَّة وخاصة فالعامة لجَمِيع الْمُسلمين وَلَا يَصح الْإِيمَان إِلَّا بهَا وَهُوَ مقَام أَصْحَاب الْيَقِين والخاصة مقَام المقربين وَهِي أَعلَى المقامات وَأَرْفَع الدَّرَجَات وَلَا سِيمَا الْمُحب المحبوب وسببها الْمعرفَة بصفتين وهما الْجمال والإجمال فَإِن المحسن وَالْإِحْسَان محبوبان لَا محَالة وتختلف أَقْوَال المحبيبن بالتلوين فِي الْقَبْض والبسط والشوق والأنس والصحو وَالسكر وَهَذِه أَحْوَال ذوقية قد علم كل أنَاس مشربهم (الثَّامِن عشر) والتواضع وَهُوَ ضد التكبر وَسَببه شَيْئَانِ التحقق بمقام الْعُبُودِيَّة وَمَعْرِفَة الْإِنْسَان بعيوب نَفسه (التَّاسِع عشر) الْحيَاء وَهُوَ نَوْعَانِ حَيَاء من الله وحياء من النَّاس وَهُوَ مستحسن فِي كل حَال إِلَّا طلب الْعلم (الْعشْرُونَ) سَلامَة الصَّدْر للْمُسلمين وَهُوَ يُثمر طيب النَّفس وسماحة الْوَجْه وَإِرَادَة الْخَيْر لكل أحد والشفقة والمودة وَحسن الظَّن وَيذْهب الشحناء والبغضاء والحقد والحسد وَلذَلِك ينَال بِهَذِهِ الْخصْلَة مَا ينَال بالصيام وَالْقِيَام
الْبَاب الثَّامِن فِي المنهيات الْمُتَعَلّقَة بالقلوب
وَهِي عشرُون (الأول) الرِّيَاء فِي الْعِبَادَات وَهُوَ الشّرك الْأَصْغَر وَهُوَ ضد الْإِخْلَاص وَلَهُمَا مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة فِي قبُول الْعَمَل وإحباطه وَفِي اسْتِحْقَاق الْعقَاب على الرِّيَاء فقد يكون الْعَمَل أَولا خَالِصا ثمَّ يحدث الرِّيَاء فِي أَثْنَائِهِ فيفسده إِن تَمَادى أَو يحدث بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فَلَا يضر وَقد يكون أَولا على الرِّيَاء ثمَّ يحدث الْإِخْلَاص فِي أَثْنَائِهِ أَو بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فَيَنْبَغِي استئنافه وَقد يبدأه ممتزجا فَينْظر أَيهمَا أغلب فيناط بِهِ الحكم قَالَ بَعضهم الْعَمَل لأجل النَّاس شرك وَترك الْعَمَل لأجل النَّاس رِيَاء وَمَا يتَعَلَّق بالرياء تسميع النَّاس بِالْعَمَلِ والتزين للنَّاس بِإِظْهَار الْخَيْر فِي القَوْل أَو فِي الْفِعْل أَو فِي اللبَاس أَو غير ذَلِك والمداهنة والنفاق وَهُوَ إِظْهَار ضد مَا فِي قلبه (الثَّانِي) الْعجب وَهُوَ مُفسد للْعَمَل وَمَعْنَاهُ استعظام العَبْد لما يعْمل من الْعَمَل الصَّالح ونسيان منَّة الله بِهِ (الثَّالِث) الْغرُور وَهُوَ غلط النَّفس وَحَقِيقَته إعجاب بِمَا لَا خطر لَهُ أَو ركون إِلَى مَا لَا ينفع والمغترون أَصْنَاف كَثِيرَة من الْعلمَاء والعباد والمتصوفة وَأهل الدُّنْيَا وَغَيرهم (الرَّابِع) الْكبر وَهُوَ من المهلكات وَمَعْنَاهُ تعاظم الْإِنْسَان فِي نَفسه وتحقيره لغيره ثمَّ إِن التكبر لَهُ أَسبَاب فَمِنْهَا الْعلم وَالْعِبَادَة والحسب والشجاعة وَالْقُوَّة وَالْجمال وَالْمَال والجاه وَهُوَ دَرَجَات فأشده التكبر على الله وَرَسُوله وَهُوَ الَّذِي حمل أَكثر الْكفَّار على الْكفْر ثمَّ التكبر على أهل الدّين من الْعلمَاء والصلحاء وَغَيرهم بالازدراء بهم وَعدم الْقبُول لمناصحتهم ثمَّ التكبر على سَائِر الناء (الْخَامِس) الْحَسَد وَهُوَ حرَام وَمَعْنَاهُ تألم الْقلب بِنِعْمَة الله على عباده وَتمنى زَوَالهَا عَن الْمُنعم عَلَيْهِ فَإِن تمنى مثلهَا لنَفسِهِ وَلم يتمن زَوَالهَا عَن غَيره فَذَلِك غِبْطَة جَائِزَة (السَّادِس) الحقد وَهُوَ خلق مَذْمُوم يثير الْعَدَاوَة والبغضاء والإضرار بِالنَّاسِ (السَّابِع) الْغَضَب وَهُوَ مَنْهِيّ عَن فَيَنْبَغِي كظمه لِئَلَّا يعود إِلَى مُنكرَات الْأَقْوَال أَو الْأَفْعَال (الثَّامِن) التسخط من الأقدار وَهُوَ ضد التَّسْلِيم والرضى (التَّاسِع) خوف الْفقر وَهُوَ من الشَّيْطَان (الْعَاشِر) حب المَال وسنتكلم عَلَيْهِ فِي بَابه (الْحَادِي عشر) حب الجاغه وَهُوَ يُوقد إِلَى ارْتِكَاب الأخطار والتعرض للمهالك فِي الدُّنْيَا وَالدّين (الثَّانِي عشر) حب الْمَدْح وَهُوَ أقوى أَسبَاب الرِّيَاء (الثَّالِث عشر) كَرَاهَة الذَّم وَهُوَ أقوى أَسبَاب الْغَضَب والحقد (الرَّابِع عشر) طول الأمل وَسَببه نِسْيَان الْمَوْت وَهُوَ يُثمر شدَّة الْحِرْص على الدُّنْيَا والتهاون بِالآخِرَة (الْخَامِس عشر) كَرَاهَة الْمَوْت فَمن أحب لِقَاء الله أحب لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره لقاءه (السَّادِس عشر) تَعْظِيم الْأَغْنِيَاء لأجل غناهم واحتقار الْفُقَرَاء لأجل فَقرهمْ وَسَببه عَظمَة الدُّنْيَا فِي الْقُلُوب (السَّابِع عشر) نِسْيَان العَبْد عُيُوب نَفسه لَا سِيمَا إِن اشْتغل مَعَ ذَلِك بعيوب النَّاس (الثَّامِن عشر) خوف غير الله ورجاء غير الله وَهُوَ ضد التَّوْكِيل وَسَببه عدم الْيَقِين (التَّاسِع عشر) الْإِصْرَار على الذوب وَمَعْنَاهُ الْعَزْم على الدَّوَام عَلَيْهَا وَهُوَ ضد التَّوْبَة (الْعشْرُونَ) الْغَفْلَة وَهِي سَبَب كل شَرّ وضدها التفكر والتيقظ .
اللهم صل وسلم على عبدك محمد وآله وصحبه أجمعين:
الْبَاب السَّابِع فِي المأمورات والمنهيات الْمُتَعَلّقَة بالقلوب
القوانين الفقهية (ص: 284)/ ابن جزي رحمه الله
وَهِي عشرُون (الأول) الْخَوْف من الله تَعَالَى وَهُوَ اللجام القامع عَن الْمعاصِي وَسَببه معرفَة شدَّة عَذَاب الله وَيُسمى خشيَة وَرَهْبَة وتقوى وَالنَّاس فِيهِ على ثَلَاثَة مَرَاتِب فخوف الْعَامَّة من الذُّنُوب وَخَوف الْخَاصَّة من الخاتمة وَخَوف خَاصَّة الْخَاصَّة من السَّابِقَة وَالْفرق بَين الْخَوْف والحزن أَن الْخَوْف مِمَّا يسْتَقْبل والحزن على مَا تقدم وَكِلَاهُمَا يثير الْبكاء والإنكسار وَيبْعَث العَبْد على الرُّجُوع إِلَى الله تَعَالَى (الثَّانِي) الرَّجَاء وسبه معرفَة سَعَة رَحْمَة الله وَيُسمى طَمَعا ورغبة وَيَنْبَغِي أَن يكون الرَّجَاء وَالْخَوْف المعتدلين فَإِن الْخَوْف إِذا فرط قد يعود لى الْيَأْس وَهُوَ حرَام والرجاء إِذا فرط قد يعود إِلَى الْأَمْن وَهُوَ حرَام (الثَّالِث) الصَّبْر وأجره بِغَيْر حِسَاب بِخِلَاف سَائِر الْأَعْمَال فَإِن أجورها بِمِقْدَار وَهُوَ أَرْبَعَة أَنْوَاع صَبر على بلَاء الله وَهُوَ الْمَقْصُود بِالذكر وصبر على نعم الله أَن لَا يطغي بهَا وصبر على طَاعَة الله وصبر على معاصي الله (الرَّابِع) الشُّكْر وَهُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان والجوارح فَشكر اللِّسَان الثَّنَاء وشكر الْقلب معرفَة الْمِنَّة وَقدر النِّعْمَة وشكر الْجَوَارِح بِطَاعَة الْمُنعم (الْخَامِس) التَّوَكُّل وَهُوَ الِاعْتِمَاد على الله تَعَالَى فِي دفع المكاره والمخاوف وتيسير المطالب وَالْمَنَافِع وخصوصا فِي شَأْن الرزق وَسَببه ثَلَاثَة أَشْيَاء الْمعرفَة بِأَن الْأُمُور كلهَا بيد الله وَإِن الْخلق كهلم تَحت قهره وَفِي قَبضته وَإنَّهُ لَا يضيع من توكل عَلَيْهِ (السَّادِس) التَّفْوِيض إِلَى الله تَعَالَى وَهُوَ خُرُوج العَبْد عَن مُرَاد نَفسه إِلَى مَا يختاره الله لَهُ وَسَببه الْمعرفَة بِأَن اخْتِيَار الله خير من اخْتِيَار العَبْد لنَفسِهِ لِأَن الله تَعَالَى يعلم عواقب الْأُمُور وَالْعَبْد لَا يعلمهَا (السَّابِع) حسن الظَّن بِاللَّه فَإِن الله يَقُول أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَسَببه الْمعرفَة بِفضل الله وَكَرمه وسعة رَحمته (الثَّامِن) التَّسْلِيم لأمر الله تبَارك وَتَعَالَى بترك الِاعْتِرَاض ظَاهرا وَترك الْكَرَاهَة بَاطِنا (التَّاسِع) الرِّضَا بِالْقضَاءِ وَهُوَ سرُور النَّفس بِفعل الله زِيَادَة على السَّلِيم وسببها ثَلَاثَة أَشْيَاء محبَّة الله تَعَالَى فَإِن فعل المحبوب وَمَعْرِفَة حكمته فِي كل مَا يفعل وَإِن الْمَالِك يفعل فِي ملكه مَا يَشَاء (الْعَاشِر) الْإِخْلَاص لله تَعَالَى وَيُسمى نِيَّة قصدا وَهُوَ إِرَادَة وَجه الله تَعَالَى بالأقوال وَالْأَفْعَال وضده الرِّيَاء وَسَببه الْمعرفَة بِأَن الله لَا يقبل إِلَّا الْخَالِص وَإنَّهُ يطلع على النيات والضمائر كَمَا يطلع على الظَّوَاهِر (الْحَادِي عشر) المراقبة وَهِي معرفَة العَبْد باطلاع الله عَلَيْهِ على الدَّوَام فيثمر ذَلِك الْحيَاء والهيبة وَالتَّقوى (الثَّانِي عشر) الْمُشَاهدَة وَهِي وام النّظر بِالْقَلْبِ إِلَى الله تَعَالَى واستغراق فِي صِفَاته وأفعاله وَذَلِكَ مقَام الْإِحْسَان الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام الْإِحْسَان أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ ثمَّ أَشَارَ إِلَى مقَام المراقبة بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك وَبَين المقامين فرق (الثَّالِث عشر) التفكر وَهُوَ ينبوع كل حَال ومقام فَمن تفكر فِي عَظمَة الله اكْتسب التَّعْظِيم وَمن تفكر فِي قدرته اسْتَفَادَ التَّوَكُّل وَمن تفكر فِي عَذَابه اسْتَفَادَ الْخَوْف وَمن تفكر فِي رَحمته اسْتَفَادَ الرَّجَاء وَمن تفكر فِي الْمَوْت وَمَا بعده اسْتَفَادَ قصر الأمل وَمن تفكر فِي ذنُوبه اشْتَدَّ خَوفه وصغرت عِنْده نَفسه (الرَّابِع عشر) معرفَة الله تَعَالَى وَهِي نَوْعَانِ خَاصَّة وَعَامة فالعامة حَاصِلَة لكل مُؤمن والخاصة هِيَ الَّتِي ينْفَرد بهَا الْأَنْبِيَاء والأولياء وَهُوَ الْبَحْر الْأَعْظَم الَّذِي لَا سَاحل لَهُ وَلَا يعرف الله على الْحَقِيقَة إِلَّا الله وَلذَلِك فَإِن أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْعَجز عَن دَرك الْإِدْرَاك إِدْرَاك (الْخَامِس عشر) التَّوْحِيد وَهُوَ نَوْعَانِ عَام وخاص فالعام هُوَ عدم الْإِشْرَاك الْجَلِيّ وَذَلِكَ حَاصِل لجَمِيع الْمُسلمين وَالْخَاص عدم الْإِشْرَاك الْخَفي وَهُوَ مقَام العرافين وَكِلَاهُمَا دَاخل تَحت قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله فسبب التَّوْحِيد الْجَلِيّ الْبَرَاهِين الْقَائِمَة عَلَيْهِ وَقد تضمنها الْقُرْآن الْمُبين وبسطناها فِي كتاب النُّور الْمُبين وَسبب التَّوْحِيد الْخَفي معرفَة قيومية الله تَعَالَى على كل شَيْء وإحاطة علمه وَقدرته وقهره بِكُل شَيْء وَإِن كل شَيْء إِنَّمَا وجد بإيجاده لَهُ وَبَقِي بإمساكه لَهُ فَلَا موجد فِي الْحَقِيقَة إِلَّا وَهُوَ ((كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه)) (السَّادِس عشر) الْيَقِين وَهُوَ صدق الْإِيمَان حَتَّى يطمئن بِهِ الْقلب بِحَيْثُ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ شكّ وَلَا احْتِمَال وَسَببه شَيْئَانِ أَحدهمَا قُوَّة الْأَدِلَّة وَكَثْرَتهَا وَالْآخر نور من الهل يَضَعهُ فِي قلب من يَشَاء (السَّابِع عشر) محبَّة الله تَعَالَى وَهِي نَوْعَانِ عَامَّة وخاصة فالعامة لجَمِيع الْمُسلمين وَلَا يَصح الْإِيمَان إِلَّا بهَا وَهُوَ مقَام أَصْحَاب الْيَقِين والخاصة مقَام المقربين وَهِي أَعلَى المقامات وَأَرْفَع الدَّرَجَات وَلَا سِيمَا الْمُحب المحبوب وسببها الْمعرفَة بصفتين وهما الْجمال والإجمال فَإِن المحسن وَالْإِحْسَان محبوبان لَا محَالة وتختلف أَقْوَال المحبيبن بالتلوين فِي الْقَبْض والبسط والشوق والأنس والصحو وَالسكر وَهَذِه أَحْوَال ذوقية قد علم كل أنَاس مشربهم (الثَّامِن عشر) والتواضع وَهُوَ ضد التكبر وَسَببه شَيْئَانِ التحقق بمقام الْعُبُودِيَّة وَمَعْرِفَة الْإِنْسَان بعيوب نَفسه (التَّاسِع عشر) الْحيَاء وَهُوَ نَوْعَانِ حَيَاء من الله وحياء من النَّاس وَهُوَ مستحسن فِي كل حَال إِلَّا طلب الْعلم (الْعشْرُونَ) سَلامَة الصَّدْر للْمُسلمين وَهُوَ يُثمر طيب النَّفس وسماحة الْوَجْه وَإِرَادَة الْخَيْر لكل أحد والشفقة والمودة وَحسن الظَّن وَيذْهب الشحناء والبغضاء والحقد والحسد وَلذَلِك ينَال بِهَذِهِ الْخصْلَة مَا ينَال بالصيام وَالْقِيَام
الْبَاب الثَّامِن فِي المنهيات الْمُتَعَلّقَة بالقلوب
وَهِي عشرُون (الأول) الرِّيَاء فِي الْعِبَادَات وَهُوَ الشّرك الْأَصْغَر وَهُوَ ضد الْإِخْلَاص وَلَهُمَا مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة فِي قبُول الْعَمَل وإحباطه وَفِي اسْتِحْقَاق الْعقَاب على الرِّيَاء فقد يكون الْعَمَل أَولا خَالِصا ثمَّ يحدث الرِّيَاء فِي أَثْنَائِهِ فيفسده إِن تَمَادى أَو يحدث بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فَلَا يضر وَقد يكون أَولا على الرِّيَاء ثمَّ يحدث الْإِخْلَاص فِي أَثْنَائِهِ أَو بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فَيَنْبَغِي استئنافه وَقد يبدأه ممتزجا فَينْظر أَيهمَا أغلب فيناط بِهِ الحكم قَالَ بَعضهم الْعَمَل لأجل النَّاس شرك وَترك الْعَمَل لأجل النَّاس رِيَاء وَمَا يتَعَلَّق بالرياء تسميع النَّاس بِالْعَمَلِ والتزين للنَّاس بِإِظْهَار الْخَيْر فِي القَوْل أَو فِي الْفِعْل أَو فِي اللبَاس أَو غير ذَلِك والمداهنة والنفاق وَهُوَ إِظْهَار ضد مَا فِي قلبه (الثَّانِي) الْعجب وَهُوَ مُفسد للْعَمَل وَمَعْنَاهُ استعظام العَبْد لما يعْمل من الْعَمَل الصَّالح ونسيان منَّة الله بِهِ (الثَّالِث) الْغرُور وَهُوَ غلط النَّفس وَحَقِيقَته إعجاب بِمَا لَا خطر لَهُ أَو ركون إِلَى مَا لَا ينفع والمغترون أَصْنَاف كَثِيرَة من الْعلمَاء والعباد والمتصوفة وَأهل الدُّنْيَا وَغَيرهم (الرَّابِع) الْكبر وَهُوَ من المهلكات وَمَعْنَاهُ تعاظم الْإِنْسَان فِي نَفسه وتحقيره لغيره ثمَّ إِن التكبر لَهُ أَسبَاب فَمِنْهَا الْعلم وَالْعِبَادَة والحسب والشجاعة وَالْقُوَّة وَالْجمال وَالْمَال والجاه وَهُوَ دَرَجَات فأشده التكبر على الله وَرَسُوله وَهُوَ الَّذِي حمل أَكثر الْكفَّار على الْكفْر ثمَّ التكبر على أهل الدّين من الْعلمَاء والصلحاء وَغَيرهم بالازدراء بهم وَعدم الْقبُول لمناصحتهم ثمَّ التكبر على سَائِر الناء (الْخَامِس) الْحَسَد وَهُوَ حرَام وَمَعْنَاهُ تألم الْقلب بِنِعْمَة الله على عباده وَتمنى زَوَالهَا عَن الْمُنعم عَلَيْهِ فَإِن تمنى مثلهَا لنَفسِهِ وَلم يتمن زَوَالهَا عَن غَيره فَذَلِك غِبْطَة جَائِزَة (السَّادِس) الحقد وَهُوَ خلق مَذْمُوم يثير الْعَدَاوَة والبغضاء والإضرار بِالنَّاسِ (السَّابِع) الْغَضَب وَهُوَ مَنْهِيّ عَن فَيَنْبَغِي كظمه لِئَلَّا يعود إِلَى مُنكرَات الْأَقْوَال أَو الْأَفْعَال (الثَّامِن) التسخط من الأقدار وَهُوَ ضد التَّسْلِيم والرضى (التَّاسِع) خوف الْفقر وَهُوَ من الشَّيْطَان (الْعَاشِر) حب المَال وسنتكلم عَلَيْهِ فِي بَابه (الْحَادِي عشر) حب الجاغه وَهُوَ يُوقد إِلَى ارْتِكَاب الأخطار والتعرض للمهالك فِي الدُّنْيَا وَالدّين (الثَّانِي عشر) حب الْمَدْح وَهُوَ أقوى أَسبَاب الرِّيَاء (الثَّالِث عشر) كَرَاهَة الذَّم وَهُوَ أقوى أَسبَاب الْغَضَب والحقد (الرَّابِع عشر) طول الأمل وَسَببه نِسْيَان الْمَوْت وَهُوَ يُثمر شدَّة الْحِرْص على الدُّنْيَا والتهاون بِالآخِرَة (الْخَامِس عشر) كَرَاهَة الْمَوْت فَمن أحب لِقَاء الله أحب لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره لقاءه (السَّادِس عشر) تَعْظِيم الْأَغْنِيَاء لأجل غناهم واحتقار الْفُقَرَاء لأجل فَقرهمْ وَسَببه عَظمَة الدُّنْيَا فِي الْقُلُوب (السَّابِع عشر) نِسْيَان العَبْد عُيُوب نَفسه لَا سِيمَا إِن اشْتغل مَعَ ذَلِك بعيوب النَّاس (الثَّامِن عشر) خوف غير الله ورجاء غير الله وَهُوَ ضد التَّوْكِيل وَسَببه عدم الْيَقِين (التَّاسِع عشر) الْإِصْرَار على الذوب وَمَعْنَاهُ الْعَزْم على الدَّوَام عَلَيْهَا وَهُوَ ضد التَّوْبَة (الْعشْرُونَ) الْغَفْلَة وَهِي سَبَب كل شَرّ وضدها التفكر والتيقظ .