المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بشرى المؤمنين بشرح حديث السبعة الناجين



أهــل الحـديث
15-07-2012, 06:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بشرى المؤمنين بشرح حديث السبعة الناجين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الحمد لله رب العالمين منزّل القرآن بلسان عربي مبين ومنذر من خالفه ومبشِر المؤمنين والصلاة والسلام على إمام المتقين وخاتم النبيين محمد وعلى آله الطيبين وصحبه الغر الميامين وبعد:


بدايةً احمد الله تعالى على ان وفقني الى شرحٍ بسيطٍ جدا لهذا الحديث العظيم من خلال جمع اقوال بعض العلماء في هذا الحديث وما اردت فيها الا وجه الله ومن ثم نفعكم احبتي في الله ..


روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" .


شرح الحديث :
قام بشرح هذا الحديث كثيرون ، وسوف أنقل شرح ابن رجب ، وأضيف له شرح الحافظ ابن حجر ، وشرح ابن عثيمين ، وأشير إلى ذلك .

المقصود بالظل :

قَوْله : ( فِي ظِلّه ) قَالَ عِيَاض : إِضَافَة الظِّلّ إِلَى اللَّه إِضَافَة مِلْكٍ ، وَكُلّ ظِلّ فَهُوَ مِلْكُهُ . كَذَا قَالَ ، وَكَانَ حَقّه أَنْ يَقُول إِضَافَة تَشْرِيف ، لِيَحْصُلَ اِمْتِيَاز هَذَا عَلَى غَيْره ، كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْت اللَّه مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِد كُلّهَا مِلْكُهُ . وَقِيلَ الْمُرَاد بِظِلِّهِ كَرَامَته وَحِمَايَته كَمَا يُقَال فُلَانٌ فِي ظِلّ الْمَلِكِ ، وَهُوَ قَوْل عِيسَى بْن دِينَار وَقَوَّاهُ عِيَاض ، وَقِيلَ الْمُرَاد ظِلّ عَرْشه ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث سَلْمَانَ عِنْدَ سَعِيد بْن مَنْصُور بِإِسْنَادٍ حَسَن " سَبْعَة يُظِلُّهُمْ اللَّه فِي ظِلِّ عَرْشِهِ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَاد ظِلّ الْعَرْش اِسْتَلْزَمَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي كَنَفِ اللَّه وَكَرَامَته مِنْ غَيْر عَكْسٍ فَهُوَ أَرْجَحُ ، وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيّ ، وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا تَقْيِيد ذَلِكَ بِيَوْمِ الْقِيَامَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ . اِبْن الْمُبَارَك فِي رِوَايَته عَنْ عُبَيْدِ اللَّه بْن عُمَر وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَاب الْحُدُود ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْل مَنْ قَالَ : الْمُرَاد ظِلّ طُوبَى أَوْ ظِلّ الْجَنَّة لِأَنَّ ظِلَّهُمَا إِنَّمَا يَحْصُلُ ثَمَّ بَعْدَ الِاسْتِقْرَار فِي الْجَنَّة.


ثُمَّ إِنْ ذَلِكَ مُشْتَرَك لِجَمِيعِ مَنْ يَدْخُلُهَا ، وَالسِّيَاق يَدُلّ عَلَى اِمْتِيَاز أَصْحَاب الْخِصَال الْمَذْكُورَة ، فَيُرَجَّح أَنَّ الْمُرَاد ظِلّ الْعَرْش ، وَرَوَى التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيث أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ عَادِلٌ وَأَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ جَائِرٌ "(1).


________
(1) - سنن الترمذى(1379 ) وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
(2) - فتح الباري لابن حجر - (ج 2 / ص 485)


" وهذه السبعة اختلفت أعمالهم فِي الصورة ، وجمعها معنى واحد ، وَهُوَ مجاهدتهم لأنفسهم ، ومخالفتهم لأهوائها ، وذلك يحتاج أولاً إلى رياضة شديدة وصبر عَلَى الامتناع مِمَّا يدعو إليه داعي الشهوة أو الغضب أو الطمع ، وفي تجشم ذَلِكَ مشقة شديدة عَلَى النفس ، ويحصل لها بِهِ تألم عظيم ، فإن القلب يكاد يحترق من حر نار الشهوة أو الغضب عِنْدَ هيجانها إذا لَمْ يطفء ببلوغ الغرض من ذَلِكَ ، فلا جرم كَانَ ثواب الصبر عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذا اشتد الحر فِي الموقف ، ولم يكن للناس ظلٌّ يظلهم ويقيهم حرَّ الشمس يومئذ ، وكان هؤلاء السبعة فِي ظل الله - عز وجل - ، فَلَمْ يجدوا لحرِّ الموقف ألماً جزاءً لصبرهم عَلَى حر نار الشهوة أو الغضب فِي الدنيا .(1)

وأول هذه السبعة : الإمام العادل :

قَوْله : ( الْإِمَام الْعَادِل ) اِسْم فَاعِل مِنَ الْعَدْل ، وَذَكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرِّ أَنَّ بَعْض الرُّوَاة عَنْ مَالِك رَوَاهُ بِلَفْظِ " الْعَدْل " قَالَ وَهُوَ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى نَفْسَهُ عَدْلًا ، وَالْمُرَاد بِهِ صَاحِب الْوِلَايَة الْعُظْمَى ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُور الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فِيهِ ، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِى حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا "(2)
__________
(1) - فتح الباري لابن رجب - (ج 5 / ص 29)
(2) - صحيح مسلم (4825 )



يتبع....