أهــل الحـديث
13-07-2012, 11:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
بسم الله الرحمن الرحيم
الانتفاع بوقع البلاء
روى أبو نعيم(1) و البيهقي(2) ـ واللفظ لأبي نعيم ـ أن سلمان رضي الله عنه قال : " إن الله تعالى يبتلي عبده المؤمن بالبلاء ثم يعافيه , فيكون كفارة لما مضى , فيستعتب فيما بقي , وإن الله عز اسمه يبتلي عبده الفاجر بالبلاء ثم يعافيه , فيكون كالبعير , عَقَله أهله ثم أطلقوه , فلا يدري فيمَ عقلوه حين عقلوه , ولا فيمَ أطلقوه حين أطلقوه "
كم هو كبيرٌ هذا الفرقُ بين المؤمن والفاجر عند وقوع البلاء ! فالمؤمن إذا ابتلي رجع عن إساءته , و علم أن ما حل به كان بسبب كسب يده كما قال ربه تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) (الشورى:30)
وهنا يعود المؤمن على نفسه بالتهمة والمعاتبة , فيغير أوضاعاً خاطئة في حياته : تفريطا في واجبات أو ركوبا لمحرمات , فيكون هذا البلاء الذي أصابه من أعظم المِنَح والنعم التي نزلت به , فقد كفر الله به من سيئاته , وأيقظه به من غفلاته , وبذلك صار البلاء لذوي البصيرة سببا في حياة القلوب , وصلاح الأحوال , كما قال ابن سعدي في تفسير آيه سورة الروم (4) : " فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته " (5)
أما الفاجر فكالدابة البهيم لا ينتفع إن أصابته نعماء فيشكر , ولا يتفكر إن وقع به بلاء فينزجر .
بل إن هلك ببلائه هلك كما يهلك العَيْر , وإن عوفي انطلق هائما , كبعير ربطه أهله فبقي في رباطه , لا يدري ما الذي حملهم على أن يربطوه ,ثم إذا أطلقوه انطلق على وجهه وعاد إلى سابق عهده , وهو لا يدري , أيضا لم أطلقوه ؟ حتى يوافي الفاجر أجله وهو على الحال التي ذكر الله: ( أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )(الكهف :28)
فسبحان من فاوت بين أهل الإيمان وأهل الفجور في دنياهم وأخراهم , فالأولون في دنياهم لقلوبهم من النعيم ما لا يخطر للفجار على بال , إلى أن يتصل نعيم أهل الإيمان الدنيوي بنعيمهم الأبدي (في مقعد صدق عند مليك مقتدر )(القمر :55)
وأما أهل الفجور فهم في غيهم سادرون , وفي لجج الظلمات يعمهون , ولذا لا يجدون في دنياهم ما يعزِّيهم إن وقع بهم ما يكرهون , بل يتنغَّص عليهم عيشهم ويدخلون في العذاب الدنيوي الذي أعده الله لهم : ( فإن له معيشة ضنكا )(طه : 124) إلى أن يتصل ضنكهم الدنيوي بضنكهم البرزخي , وصولا إلى عذابهم السرمدي في القيامة (ونحشره يوم القيامة أعمى)(طه : 124)
اللهم اجعلنا ممن إذا ابتلي صبر , وإذا رُزق شكر , وإذا أذنب استغفر , وأحي قلوبنا لتدبر ما أنزلت من الآيات وما نصبت من العبر الموقظات , ولا تهلكنا هلكة الغافلين اللاهين .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
1 ـ 1 / 206
2ـ شعب الإيمان (9914)
3ـ أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرضا , كما في النهاية لابن الأثير 3/175
4ـ وهي الآية الحادية والأربعون : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
5ـ تيسير الكريم الرحمن ص592
http://www.al-angarie.com/news-22.html
بسم الله الرحمن الرحيم
الانتفاع بوقع البلاء
روى أبو نعيم(1) و البيهقي(2) ـ واللفظ لأبي نعيم ـ أن سلمان رضي الله عنه قال : " إن الله تعالى يبتلي عبده المؤمن بالبلاء ثم يعافيه , فيكون كفارة لما مضى , فيستعتب فيما بقي , وإن الله عز اسمه يبتلي عبده الفاجر بالبلاء ثم يعافيه , فيكون كالبعير , عَقَله أهله ثم أطلقوه , فلا يدري فيمَ عقلوه حين عقلوه , ولا فيمَ أطلقوه حين أطلقوه "
كم هو كبيرٌ هذا الفرقُ بين المؤمن والفاجر عند وقوع البلاء ! فالمؤمن إذا ابتلي رجع عن إساءته , و علم أن ما حل به كان بسبب كسب يده كما قال ربه تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) (الشورى:30)
وهنا يعود المؤمن على نفسه بالتهمة والمعاتبة , فيغير أوضاعاً خاطئة في حياته : تفريطا في واجبات أو ركوبا لمحرمات , فيكون هذا البلاء الذي أصابه من أعظم المِنَح والنعم التي نزلت به , فقد كفر الله به من سيئاته , وأيقظه به من غفلاته , وبذلك صار البلاء لذوي البصيرة سببا في حياة القلوب , وصلاح الأحوال , كما قال ابن سعدي في تفسير آيه سورة الروم (4) : " فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته " (5)
أما الفاجر فكالدابة البهيم لا ينتفع إن أصابته نعماء فيشكر , ولا يتفكر إن وقع به بلاء فينزجر .
بل إن هلك ببلائه هلك كما يهلك العَيْر , وإن عوفي انطلق هائما , كبعير ربطه أهله فبقي في رباطه , لا يدري ما الذي حملهم على أن يربطوه ,ثم إذا أطلقوه انطلق على وجهه وعاد إلى سابق عهده , وهو لا يدري , أيضا لم أطلقوه ؟ حتى يوافي الفاجر أجله وهو على الحال التي ذكر الله: ( أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )(الكهف :28)
فسبحان من فاوت بين أهل الإيمان وأهل الفجور في دنياهم وأخراهم , فالأولون في دنياهم لقلوبهم من النعيم ما لا يخطر للفجار على بال , إلى أن يتصل نعيم أهل الإيمان الدنيوي بنعيمهم الأبدي (في مقعد صدق عند مليك مقتدر )(القمر :55)
وأما أهل الفجور فهم في غيهم سادرون , وفي لجج الظلمات يعمهون , ولذا لا يجدون في دنياهم ما يعزِّيهم إن وقع بهم ما يكرهون , بل يتنغَّص عليهم عيشهم ويدخلون في العذاب الدنيوي الذي أعده الله لهم : ( فإن له معيشة ضنكا )(طه : 124) إلى أن يتصل ضنكهم الدنيوي بضنكهم البرزخي , وصولا إلى عذابهم السرمدي في القيامة (ونحشره يوم القيامة أعمى)(طه : 124)
اللهم اجعلنا ممن إذا ابتلي صبر , وإذا رُزق شكر , وإذا أذنب استغفر , وأحي قلوبنا لتدبر ما أنزلت من الآيات وما نصبت من العبر الموقظات , ولا تهلكنا هلكة الغافلين اللاهين .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
1 ـ 1 / 206
2ـ شعب الإيمان (9914)
3ـ أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرضا , كما في النهاية لابن الأثير 3/175
4ـ وهي الآية الحادية والأربعون : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
5ـ تيسير الكريم الرحمن ص592
http://www.al-angarie.com/news-22.html