المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المستورد بن شَدَّاد الفهريِّ القرشيِّ " «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ»



أهــل الحـديث
10-07-2012, 10:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



سم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع حديثي أعجبني وقرأته في موقع فنقلته للفائدة.
حَدِيثُ

المستورد بن شَدَّاد الفهريِّ القرشيِّ

" «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ»




كَتَبَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ الزَّنْدِيُّ الكُرْدِيُّ



الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وآلـه وصحبه، ومن والاه بإحسان إلى يوم القيامة، وبعد؛ فهذا جزءٌ يسيرٌ في بيان حديث المستورد بن شداد القرشي ( 1)، الذي في «صحيح الإمام مسلم»، بعد أن طلب إليَّ أخٌ فاضلٌ يعزُّ عليَّ ردّه خائبًا، صفر اليدين، لا سيما وقت طلبه شُغلت، ووعدته فيما بعدُ، والله المستعان. فكتبت مستعينًا بالله: قال الإمام مسلم بن الحجاج، أبو الحسين : في «صحيحه» 8/176-177 ط-السلطانية، ( كتاب الفتن/ بَابُ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ف يَقُولُ: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ». فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ؟! قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ف! قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ، وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ. * قال أبو الحسين :: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ، أَنَّ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ، أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ الْقُرَشِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ف يَقُولُ: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ». قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْكَ، أَنَّكَ تَقُولُهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ف؟! فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ : قُلْتُ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ف. قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَجْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ لِمَسَاكِينِهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ.


فصل
:

قال الحافظ الدارقطني : في «التتبع» ص:213 ط2- العلمية: وأخرج مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن أبي شريح، عن عبدالكريم بن الحارث، أنَّ المستورد قال: سمعت النَّبِيَّ ص ويقول: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ». قال: عبدالكريم لم يدرك المستورد، ولا أدرك(2 ) أبوه الحارث بن يزيد، والحديث مرسل. والله أعلم. اهـ.
* قوله: مرسل، أي: منقطع، وأنت ترى أن الدارقطني : لم يتعرض للطريق الأولى، وإنما انتقد الطريق الثانية ( طريق عبد الكريم بن الحارث، عن المستورد )، إذن الطريق الأول سالم، فالحمد لله.
* قال النَّووي : في شرح «صحيح مسلم» 18/23 ط2-الفكر: هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: عبد الكريم لم يدرك المستورد؛ فالحديث مرسل. قلت -القائل هو النووي-: لا استدراك على مسلم في هذا؛ لأنَّه ذكر الحديث محذوفه(3 ) في الطريق الأوَّل من رواية علي بن رباح( 4)، عن أبيه، عن المستورد متصلاً، وإنما ذكر الثاني متابعةً، وقد سبق أنَّه يحتمل في المتابعة ما لا يحتمل في الأصول، وسبق -أيضًا- أنَّ مذهب الشَّافعيِّ والمحقِّقين أنَّ الحديث المرسلَ إذا رُوي من جهةٍ أخرى متصلاً احْتُج به، وكان صحيحًا، وتبينًا برواية الاتصال صحة رواية الإرسال، ويكونان صحيحين بحيث لو عارضهما صحيحٌ جاء من طريق واحدٍ، وتعذَّر الجمع، قدمناهما عليه. اهـ.
* قال شيخنا مقبل الوادعي : في «تعليقه على التتبع» ص:213-214: فالنَّووي : يوافق الدارقطني أنَّ الحديث منقطع، وكذا الحافظ في «تهذيب التهذيب»، وفي «التقريب»، وعذر مسلم : أنه ذكره في المتابعات، كما قاله النووي :، ثم وجدت في «مسند أحمد» ما يؤيد قول الدارقطني أن الحارث بن يزيد لم يدرك المستورد، قال الإمام أحمد : ج4 ص230: ثنا حسن ابن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، أن المستورد قال: بينا أنا عند عمرو بن العاص فقلت له: سمعت رسول الله ص، فذكر بعض الحديث، فذكر بين الحارث يزيد -وهو والد عبد الكريم- وبين المستورد: عبد الرحمن بن جبير. والله أعلم. اهـ. أقول: هذا الذي ذكره شيخنا : في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف. فالدارقطني، وكذا شيخنا يريدان أن يقولا: فإذا كان الأب ( وهو الحارث بن يزيد ) لم يدرك المستورد، فكيف بالابن ( وهو عبد الكريم )، والله المستعان؟!


فصل
:

أقول: وأيد الدارقطنيَّ أبو العباس أحمد بن عمر القُرطبي : (656 هـ) في «المفهم» 7/235-236، حيث قال: هذا الحديث رواه مسلم من طريقين: أحدهما: لا تعقب فيه عليه، والآخر: فيه تعقب. وهو الذي قال فيه: حدثني حرملة بن يحيى التجيبي ... ذكر الحديث. قال الدارقطني: عبد الكريم لم يدرك المستورد، والحديث مرسل. قلت -القرطبي-: هذا الإسناد ذكره مسلم مُرْدِفًا على الإسناد السليم، الذي لا تعقُب فيه، وكأن مسلمًا تحقق ما قاله الدارقطني؛ ولذلك أردفه على الإسناد الأول، الذي هو عمدته، وعلى شرطه...إلخ. وقد أيد الدارقطني -أيضًا- الحافظ العلائيُّ : في «الجامع التحصيل» ص:229 ط3-عالم الكتب، حيث قال: عبد الكريم بن الحارث المصري، أخرج له مسلم عن المستورد بن شداد، حديث: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ». قال الدارقطني: عبد الكريم لم يدرك المستورد، ولا أبو الحارث( 5) بن يزيد، والحديث مرسل. اهـ.
* قلت: وأيَّده الحافظ أبو زرعة العراقي : -أيضًا- في «تحفة التحصيل» ص:210 ط-الرشد.

* وأيده -أيضًا- الرشيد العطار : في «غرر الفوائد»، كما في «تدريب الراوي» 1/236-237 ط3-الفاريابي، قال السيوطي :: ذكر الرشيد العطار أن في «صحيح مسلم» بضعة عشر حديثًا في إسنادها انقطاع، وأجيب عنها بتبيين اتصالها إما من وجه آخر عنده، أو من ذلك الوجه عند غيره. قال: وهي .... وحديث عبد الكريم بن الحارث، عن المستورد بن شداد مرفوعًا: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ». قال الرشيد: عبد الكريم لم يدرك المستورد، ولا أبوه الحارث لم يدركه( 6)، كما قال الدارقطني. قال: وإنما أورده هكذا في الشواهد، وإلا فقد وصله من وجه آخر عن الليث، عن موسى بن عُلي، عن المستورد. انتهى كلام السيوطي.
* ثم وقفت على عبارة الرشيد العطار : في «الغرر» ص:197-198، فقال بعد ذكره الحديث من طريق عبد الكريم، عن المستورد: قلت: وهذا إسناد منقطع؛ فإن عبد الكريم هذا لم يدرك المستورد، ولا أدركه أبوه الحارث ين يزيد، قاله الحافظ أبو الحسن الدارقطني :. قلت -العطار-: وهذا الحديث إنما أورده مسلم : هكذا في الشواهد، وإلاَّ فهو في الأصل: ثابت متصل في «كتابه» من وجه آخر، فإنه أخرجه عن عبد الملك بن شعيب ... وذكر باقي الحديث، فصح اتصاله من هذا الوجه في «كتاب مسلم :»، والحمد لله. انتهى.
فصل: فائدة:
وهذا لا يعني أنَّ الإمام مسلمًا : كلَّما أخَّر حديثًا دلَّ على وجود علة في ذلك الحديث، وأن هذا الترتيب منه : دليل على وجود العلل في الحديث المتأخر، كقاعدة مطردة، ####### قال العلامة ذهبي العصر الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني : في «الأنوار الكاشفة» ص:29: عادة مسلم أن يرتب روايات الحديث بحسب قوتها: يقدم الأصح فالأصح. اهـ. وقال ص:230: أقول: من عادة مسلم في «صحيحه» أنه عند سياق الرويات المتفقة في الجملة يقدم الأصح فالأصح. اهـ.


فصل: تخريج الحديث:
1) الطريق المنقطع: أي من طريق عبد الكريم بن الحارث، عن المستورد بن شداد الفهري القرشي ط.
* أخرجه نعيم بن حماد : في «الفتن» (1349)، ونعيم ذا شيخ البخاري : كان إمامًا في السنة، ولكن في الحديث ضعيف، وكتابه ذا حوله كلام في نسبته إليه، والله أعلم.
* الطبراني : في «الكبير» 20/(736).
2) الطريق المتصل الصحيح: أي طريق الليث بن سعد، عن موسى بن عُلي، عن أبيه، عن المستورد ط.
* الإمام أحمد : في «مسنده» 4/230.
* الإمام البخاري : في «تاريخه» 8/16 -تعليقًا.
* البزار : في «مسنده» (4663 -مختصرًا)، إلاَّ أنه أخرجه من غير طريق الليث بن سعد، عن موسى، وإنما من طريق زيد بن الحُباب، عن موسى بن عُلي، به. ثم قال البزار :: وهذا الحديث لا نعلم يُروى عن النَّبِيِّ ف بهذا اللَّفظ إلاَّ من هذا الوجه بهذا الإسناد.
* أبو عَوَانةَ : في «مسنده» في ( الفتن )، كما في «إتحاف المهرة» 13/178-179/رقم:16552، للحافظ ابن حجر. * الطبراني : في «الكبير» 20/(737)، دون قول عمرٍو ط، إلاَّ أنَّ عنده زيادةً مرفوعةً: «يذهب الصالحون أسلافًا، وتبقى حثالة كحثالة التمر والشعير لا يبالي الله بهم».
* وهذه الزِّيادة، جاءتْ في حديثٍ مستقلٍ عند الطبراني نفسِهِ في «الكبير» 20/(718 و719)، وفي «الأوسط» (2677)، والقُضاعي في «مسند الشهاب» (608 و609). قال الحافظ الهيثمي : في «المجمع» 7/321 ط2-دار الكتاب: رواه الطبراني في «الأوسط»، ورجاله ثقات. أقول: وهو في «الصحيح» من حديث مِرْدَاسٍ الأسْلَمِيِّ ط.
* وفي «الأوسط» (6668)، وقال: لا يُروى هذا الحديث عن المستورد إلاَّ بهذا الإسناد، تفرد به موسى بن عُلي! أقول: كذا قال - غفر الله تعالى لنا وله-، وقد سبق أنه هو نفسُه أخرجه من الطريق المنقطع ( طريق عبد الكريم بن الحارث ) في «الكبير»! لعله يقصد به من طريقٍ ثابثٍ صحيحٍ لا يثبت، واستبعد هذا؛ لأنَّه عنده في مثل هذه الأمور أوهام كثيرة، وقد وقفت له على أكثر من وهم في مثل هذا، والله المستعان.
* أبو عمرو الداني : في «الفتن» (601).
* وأورده -أيضًا- الديلمي : في «مسند الفردوس» (2348 -مختصرًا).
* قال الحافظ ابن حجر : في «تسديد القوس مختصر مسند الفردوس» 160/1: [أخرجه] مسلم عن المستورد، وفيه قصة معه لعبد الله بن عمرو. اهـ. أقول: كذا قال: لعبد الله بن عمرو! وهو تصحيف قبيح؛ وقد سبق أنه عند مسلم: «عمرو بن العاص»، وليس عبد الله ابن عمرو بن العاص م، والله الموفِّق.
* وقد ظهر لنا فيما سبق أنَّ الحديث من طريق عبد الكريم ابن الحارث، منقطعٌ، ولكنَّ الثابتَ هو طريق اللَّيث بن سعد، عن موسى بن عُليِّ، به، والله الموفِّق.


فصل: شرح الحديث:

قال القرطبي : في «المفهم» 7/236: وهذا الحديث قد صدقه الوجود؛ فإنهم اليوم أكثر من في العالم غير يأجوج ومأجوج؛ إذ قد عمروا من الشام إلى أقصى منقطع أرض الأندلس، وقد اتسع دين النصارى اتساعًا عظيمًا لم تتسعه أمة من الأمم، وكل ذلك بقضاء الله وقدره، ووصف عبد الله بن عمرو( 8) لهم بما وصفهم به من تلك الأوصاف الجميلة إنما كانت غالبة على الروم الذين أردك هو زمانهم، وأما ما في الوجود منهم اليوم، فهم أنجس الخليقة، وأركسهم، وهم موصوفون بنقيض تلك الأوصاف. انتهى. وجاء في «حاشية صحيح مسلم» 8/176 الطبعة السلطانية، قوله ×: «وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ»: قال القاضي(9 ): هذا الحديث ظهر صدقه؛ فإنهم اليوم أكثر إلاَّ من يأجوج ومأجوج، فإنهم عمروا من الشأم إلى منقطع أرض الأندلس، واتسع دين النصرانية اتِّساعًا لم تتسعه أمة.اهـ. قوله: إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: قال الطبري: هذه الخلال الأربع الحميدة لعلها كانت في الروم التي أدرك، وأما اليوم فهم أنجس الخليقة، وعلى الضد من تلك الأوصاف. قال الأُبي: هو مدح لتلك الصفات لا لهم، ويحتمل أنه إنما ذكرها من حيث إنها سبب كثرتهم. اهـ. كذا في السنوسي. انتهىت «الحاشية على صحيح مسلم». وقال العلامة السندي : في «حاشيته على مسند أحمد»: قول عمرو بن العاص: إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا ...: أي: تدل على أن الأمر كما قُلتَ.
* أقول: قول القاضي عياض : ، وتبعه في ذلك -كما سبق- أبو العباس القرطبي، بل نقل قوله ولم يشر إلى ذلك، يخالف ظاهر الحديث؛ لأنَّ النَّبِيَّ ف أخبر أن الساعة تقوم والروم في ذلك الوقت أكثر الناس، و«الواو» في قوله ف: «والروم»، حالية، أي حال كونهم أكثر الناس تقوم الساعة، والله أعلم. ثم وجدت -لله الحمد- ما يؤيد ما قلت، قال المُناوي : في «فيض القدير» 3/256: «والروم أكثر الناس» ومن عداهم بالنسبة إليهم قليل، وثبت في الصحيح: أنه لا يبقى مسلم وقت قيام الساعة، لكن يكون الروم -وهو قوم معروفون- وهم أكثر الكفرة ذلك الوقت. اهـ. وأما أن تكون الكثرة مدحًا، والقلة ذمًّا، فليس في الحديث ما يفهم منه ذلك، وإنما هذا من الأخبار التي أخبرنا بها الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاَّ وحي يوحى، محمد ص، ومتى كانت الكثرة مدحًا، والقلة ذمًّا؟! وقد أخبر النَّبِيُّ ص كما في حديث ابن عبَّاسٍ م عند الشيخين، أنه ص عُرضت عليه الأُمم فرأى النَّبِيَّ معه الرهط، والنَّبِيَّ معه الواحد، والنَّبِيَّ ليس معه أحد ... الحديث. بل قال ربنا سبحانه وتعالى: +وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ..._ الآية. وقال: +وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ_. وقال عن نوح ف، وقومه: +وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ_ الآية. كما أخبرنا رسول الله ص عن أمور كثيرة أنها ستقع، ليس من باب المدح والذم، وإنما أخبر عن أمور غيبية سوف تقع فيما بعدُ. وأمَّا قول عمرو بن العاص ط: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ. ليس هذا أنهم يقومون بالانقلابات والثورات على أمرائهم وملوكهم إذا ظُلموا من ملوكهم ورءوسائهم، مما ذهبت إليه الحرورية في هذا العصر، فضلاً أن يكون دليلاً على الخروج على الحكام المسلمين الظلمة، إنما المراد -والعلم عند الله- أنهم بطاعاتهم لرءوسائهم وملوكهم يمنعونهم من الظلم، أي ملوكهم لا يظلمونهم؛ لأن الروم تعرف عنهم الطاعة والخضوع لأمرائهم وملوكهم، وبالله التوفيق.

وكتب أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ الزَّنْدِيُّ الكُرْدِيُّ 19/شعبان/1428 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم في مجلس واحد يوم السبت



الهوامش السفلية

(1) هو المستورد بن شداد بن عمرو بن حِسل بن الأحب بن حبيب ابن عمرو بن سفيان بن مُحارب بن فِهر، القُرشيُّ، الفِهريُّ، المكيُّ، نزيل الكوفة، له وأبيه صحبة. روى عن النَّبِيِّ ف، وعن أبيه ط. روى عنه: قيس بن أبي حازمٍ، ووقاص بن ربيعة، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وعبد الرحمن بن جُبير، ومعبد بن خالد، وآخرون. وله عدة أحاديث عند مسلمٍ، وفي «السنن»، وعلَّق له البخاريُّ حديثًا في الحوض، وصله مسلم. قال ابن يونس: توفي بالإسكندرية سنة خمس وأربعين من الهجرة.
* انظر «الإصابة» 3/1822 ط-شيحا، وفيها تصحيف قبيح، حيث جاء فيها: ( ... وعن أبيه، أنَّه روى عن قيس بن أبي حازم )!! وصوابه: أنه روى عنه قيس ...إلخ. والله المستعان.
(2) كذا بالأصل! وهو تصحيف واضح، وصوابه: «ولا أدركه أبوه الحارث».
(3) كذا بالأصل! وهو تصحيف واضح، ولا معنى له هكذا، وصوابه: «ذكر الحديث بحروفه في ...إلخ». والله المستعان.
(4) كذا بالأصل! وهو تصحيف قبيح، لعلَّ صوابه: «موسى بن عُلي ابن رباح، عن أبيه، عن المستورد». لعله سقط منه: «موسى بن»، أو «عُلي ابن رباح، عن المستورد»، فزاد الناسخ فيه: «عن أبيه»، على الجادة، والله المستعان. حتى إنَّ شيخنا مقبلاً الوادعي : كذا ذكره، ولم يتعرض لذلك، وبالتوفيق.
(5) كذا بالأصل! وهو تصحيف قبيح، صوابه: «أبوه»، كما سبق التنبيه على تصحيف آخر في «التتبع» في هذه العبارة، والله المستعان، وهذه الطبعة من «جامع التحصيل» سيئة جدًّا، فيها تصحيف كثير، والله المستعان.
(6 كذا بالأصل! وفي العبارة ركاكة ما لا يخفى على اللبيب، لاسيما النفي مع النفي يفيد الإثبات، لعل «لا» سبق قلم. أو «لم يدركه» مقحمة، والله الموفِّق.
(7) المراد به: كل من لم يحسن التكلم باللغة العربية، ولو كان من العرب، لا أنه ليس من العرب، فتنبه.
(8) كذا بالأصل، وهو تصيحف، وإنما الصواب: عمرو بن العاص ط.
(9) لعلَّ كلام القاضي عياض في «مشارق الأنوار»، ولم يتيسر لي الوقوف عليه، وإلاَّ فهو مطبوع، والله المستعان.
-----------


منقول



تعليق

قال الطبري: (هذه الخلال الأربع الحميدة لعلها كانت في الروم التي أدرك، وأما اليوم فهم أنجس الخليقة، وعلى الضد من تلك الأوصاف.)

قلت : ورد في الحديث ان ذلك في آخر الزمان ، والروم في عصرنا اتصفوا بتلك الصفات مثل الحلم والصبر عند المصيبة وهم يتصدقون على الفقراء والمساكين وفي قوله (وأمنعهم للملوك) هذا موجود فيهم فهم يحاسبون حكامهم ويقدمونهم للقضاء إذا اخطأوا ، والله اعلم