المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فأما من أوتي ....



االزعيم الهلالي
09-07-2012, 03:50 PM
( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه ( 19 ) إني ظننت أني ملاق حسابيه ( 20 ) فهو في عيشة راضية ( 21 ) في جنة عالية ( 22 ) قطوفها دانية ( 23 ) كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ( 24 ) )
يخبر تعالى عن سعادة من أوتي كتابه يوم القيامة بيمينه ، وفرحه بذلك ، وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه : ( هاؤم اقرءوا كتابيه ) أي : خذوا اقرؤوا كتابيه ; لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة ; لأنه ممن بدل الله سيئاته حسنات .
قال عبد الرحمن بن زيد : معنى : ( هاؤم اقرءوا كتابيه ) أي : ها اقرؤوا كتابيه ، و " ؤم " زائدة . كذا قال ، والظاهر أنها بمعنى : هاكم .
عن أبي عثمان قال : المؤمن يعطى كتابه [ بيمينه ] في ستر من الله ، فيقرأ سيئاته ، فكلما قرأ سيئة تغير لونه حتى يمر بحسناته فيقرؤها ، فيرجع إليه لونه . ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات ، قال : فعند ذلك يقول : ( هاؤم اقرءوا كتابيه )
، أخبرني عبد الله بن عبد الله بن حنظلة - غسيل الملائكة - قال : إن الله يقف عبده يوم القيامة فيبدي سيئاته في ظهر صحيفته ، فيقول له : أنت عملت هذا ؟ فيقول : نعم أي رب ، فيقول له : إني لم أفضحك به ، وإني قد غفرت لك ، فيقول عند ذلك : ( هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه ) حين نجا من فضحه يوم القيامة .
وقد تقدم في الصحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى ، فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يدني الله العبد يوم القيامة ، فيقرره بذنوبه كلها ، حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله : إني سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه ، وأما الكافر والعاصي والمنافق فيقول الأشهاد : ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) [ هود : 18 ] .

وقوله : ( إني ظننت أني ملاق حسابيه ) أي : قد كنت موقنا في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة ، كما قال : ( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) [ البقرة : 46 ] .

قال الله : ( فهو في عيشة راضية ) أي : مرضية ، ( في جنة عالية ) أي : رفيعة قصورها ، حسان حورها ، نعيمة دورها ، دائم حبورها .
عن أبي سلام الأسود قال : سمعت أبا أمامة قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل يتزاور أهل الجنة ؟ قال : " نعم ، إنه ليهبط أهل الدرجة العليا إلى أهل الدرجة السفلى ، فيحيونهم ويسلمون عليهم ، ولا يستطيع أهل الدرجة السفلى يصعدون إلى الأعلين ، تقصر بهم أعمالهم "

وقد ثبت في الصحيح : " إن الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " .

وقوله : ( قطوفها دانية ) قال البراء بن عازب : أي قريبة ، يتناولها أحدهم ، وهو نائم على سريره . وكذا قال غير واحد .

قال الطبراني : عن سلمان الفارسي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل أحد الجنة إلا بجواز : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) هذا كتاب من الله لفلان بن فلان ، أدخلوه جنة عالية ، قطوفها دانية " .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يعطى المؤمن جوازا على الصراط : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لفلان ، أدخلوه جنة عالية ، قطوفها دانية " .
وقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) أي : يقال لهم ذلك ; تفضلا عليهم ، وامتنانا وإنعاما وإحسانا . وإلا فقد ثبت في الصحيح ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا أن أحدا منكم لن يدخله عمله الجنة " . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .