أهــل الحـديث
05-07-2012, 06:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
أعزائي الكرام هذا هو الجزء الثاني من مقالة شيخنا أبي عبد الله النائلي الجزائري حفظه الله وهي بعنوان صفات الواعظ والتي نشرها شيخنا سدد الله خطاه ووفقه في جريدة الشرق القطرية هذا الإسبوع أنقلها إلى هذا الملتقى المبارك حتى تعم الفائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
(2)صفات الواعظ
مر معنا أيها الأحبة في المقال السابق أن الموعظة الحسنة هي من عمل الأنبياء والمرسلين ومن سار على هديهم من العلماء الربانيين العاملين و الهداة الراشدين ، فلما كانت هذه الوظيفة بهذه المنزلة الرفيعة والدرجة العالية ،كان لابد للقائم بها من التحلي بصفات أساسية و آداب ضرورية، لتثمر بإذن الله موعظته وتنتشر بين الناس دعوته.
ولهذا أشار علماء السلف (رحمهم الله) لأهم الصفات التي لابد لحامل لواء الوعظ أن يتصف بها كالإخلاص والعلم و التقوى و الاستقامة و اللين، مراعيا في تذكيره أحوال الناس وطبقاتهم .
يقول نصر بن محمد السمرقندي–رحمه الله- في ما يجب للمذكر و الواعظ أن يتحلى به: " أول ما يحتاج إليه المذكَّر أن يكون صالحا في نفسه ورعا ....وينبغي أن يكون متواضعا لينا ، ولا يكون متكبرا ولا فظا غليظا...،وإذا أراد أن يخبر الناس بشيء من فضائل الصلاة والصيام و الصدقة فينبغي أن يعمل به أولا...".بستان العارفين للسمرقندي(ص16)
ويقول الإمام الذهبي–رحمه الله- في كلامه على زاد الواعظ:"وعُدَّته التقوى و الزهادة، فإذا رأيت الواعظ راغبا في الدنيا قليل الدين، فاعلم أن وعظه لا يتجاوز الأسماع ....وكم من واعظ مفوَّه قد أبكى و أثر في الحاضرين في تلك الساعة ، ثم قاموا كما قعدوا ". بيان زغل العلم للذهبي ( ص29)
فعلى حامل هذا اللواء أن يخلص في دعوته لله عز وجل ، فالواعظ محط للأنظار وتتبع الأبصار و اجتماع الخلق عليه وهذه من أعظم الأمور التي تفتن القلوب ، وتخدش في الإخلاص إلا أن يشاء الله .
فيجب على الداعية إلى الله أن يجاهد نفسه على تحقيق الإخلاص و أن يَحذر من العجب و الرياء خاصة إذا ابتلي بالشهرة وحب الناس له ، فلا يغتر ولا يفتخر بكثرة مشاهديه أو متابعيه ، فهم لن يغنوا عنه من الله شيئا.
قال عبد الرحمن بن مهدي– رحمه الله-:"كنت أجلس يوم الجمعة في مسجد الجامع، فيجلس إلي الناس،فإذا كانوا كثيرا فرحت،وإذا قلَّوا حزنت،فسألت بشر بن منصور فقال:هذا مجلس سوء، لا تعد إليه، قال: فما عدت إليه".حلية الأولياء لأبي نعيم (9/12)
فعلى الواعظ أن يستوي عنده المدح و الذم ، ولا يفرح إذا أثنى الناس عليه ، ولا يحزن إذا تكلموا عليه، يقول ابن القيم –رحمه الله- : "لا يجتمع الإخلاص في القلب ، ومحبة المدح و الثناء ، و الطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء و النار" . الفوائد( ص149)
وعليه أن يتيقن أن من ثمرات الإخلاص في دعوته أن الله يرفع ذكره ويُعلي قدره في الدنيا و الآخرة ، فعن أبي بكر المروزي قال : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله– أحمد بن حنبل-وذكر له الصدق و الإخلاص ، فقال أبو عبد الله : "بهذا ارتفع القوم". طبقات الحنابلة لأبي يعلى ( 1/61)
وكان مالك بن دينار-رحمه الله- يقول عن المخلصين :" كان كلامهم دواءا للخاطئين ،ثم يقول : أما رأيتموهم ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: بلى! و الله لقد رأيناهم ، الحسن – أي البصري-،وسعيد بن جبير ،و أشبهاهم ، الرجل منهم يحيى الله بكلامه الفئام من الناس ". حلية الأولياء لأبي نعيم (2/360)
وكتب سالم بن عبد الله بن عمر – رحمه ا لله- إلى عمر بن عبد العزيز – رحمه الله- بموعظة جاء فيها :"...و اعلم أن عون الله تعالى للعبد على قدر النية ، فمن تمت نيته في الخير تم عون الله له ، ومن قصرت نيته قصر من العون بقدر ما قصر منه". الزهد للإمام أحمد ( ص302)
وقال الخطيب البغدادي–رحمه الله-:"وهل أدرك من أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد، و العمل الصالح ، و الزهد الغالب في كل مراق من الدنيا " . اقتضاء العلم العمل ( ص15)
و عليه أن يكون عالما بما يأمر عالما بما ينهى ، عالما بما شرع الله ، وهذا الذي كان عليه من تولى هذه المهام من صدر هذه الأمة من السلف الصالح ( رحمهم الله).
قال ابن الجوزي –رحمه الله- : "كان الوعاظ في قديم الزمان ، علماء فقهاء ". تلبيس إبليس (ص151)
ولما انقلبت الموازين وتصدر للوعظ من لا علم له بالدين نشروا بين الناس الأحاديث المكذوبات ! فإذا سألتهم عن هذا الافتراء في الدين ؟ قالوا نريد أن نرغب الناس في الطاعات! ونُبعدَهم عن المحرمات ! نسأل الله رب العالمين العفو و العافية من هذا الصنيع المشين.
قال ابن الجوزي –رحمه الله- : "لما كان الخطاب بالوعظ في الأغلب للعوام ،وجد جُهَّال من القصاص طريقا إلى بلوغ أغراضهم ، ثم ما زالت بدعهم تزيد حتى تفاقم الأمر ، فأتوا بالمنكرات في الأفعال ،و الأقوال و المقاصد" . القصاص و المذكرين (ص295)
قال ابن القيم – رحمه الله- : ...وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى حد يصل إليه السعي، ويكفي هذا في شرف العلم أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يؤتي فضله من يشاء". مفتاح دار السعادة (1/154)
أيها الأحبة إن من الثمار التي يقطفها الواعظين بإخلاصهم لرب العالمين وحرصهم على التفقه في الدين،تقوى أرحم الراحمين ، فبقدر تقوى الواعظ وخشيته لربه و إصلاحه لسريرته،يكون تأثيره في الموعوظين ، فمواعظ المتقين تُبْكِي القلوب وتدميها قبل العيون .
قال ابن الجوزي – رحمه الله- بعد أن ذكر صفات الواعظ وما ينبغي أن يكون عليه ، قال:"ومدار ذلك كله على تقوى الله عز وجل ،وأنه بقدر تقواه يقع كلامه في القلوب ". القصاص و المذكرين ( ص182)
ومن أهم الثمار التي يجنيها الواعظ من تقوى الله ، الصدق في الأقوال و الأفعال.
فأما الصدق في الأقوال فيكون بموافقة القول لما في القلب .
و أما الصدق في الأعمال فيكون بمطابقة الظاهر ما يدعو إليه ويحث الناس عليه.
فينبغي أن يكون الصدق شعار الواعظ في جميع حركاته وسكناته ، قال الحافظ المناوي – رحمه الله- : "فحقُّ الواعظ أن يتعظ بما يعظ ، ويُبْصِر ثم يُبصِّر ، ويهتدي ثم يهدي ، ولا يكون دفترا يفيد ولا يستفيد ...ويجب أن لا يجرح مقاله بفعله ، ولا يُكذب لسانه بحاله " . فيض القدير (1/78)
ولهذا حرص سلفنا الصالح كل الحرص على موافقة أقوالهم لأفعالهم وضربوا بذلك أروع الأمثلة ، فعن ابن عمر - رضي الله عنه- قال : " كان عمر – رضي الله عنه- إذا نهى الناس عن شيء جمع أهل بيته فقال : إني نهيت الناس كذا وكذا ، و إن الناس لينظرون إليكم نظير الطير إلى اللحم ، وأيم والله لا أجد أحدا منكم فعله إلا أضعفت له العقوبة ضعفين ".مصنف بن أبي شيبة ( 6/199)
فهذه أيها الأفاضل أهم الصفات التي يجب أن لا تفارق من تصدر لنصح الناس وتذكيرهم ،و عليه أن يجتهد في تحقيقها و يجاهد نفسه على ذلك .
أيها الكرام قد تتساءلون، وحق لكم ذلك، بل زادكم الله حرصا ووفقكم لكل خير، بعد أن عرفنا معنى الموعظة الحسنة و كذلك أهم صفات التي ينبغي للواعظ أن يتحلى بها، فما هي الموضوعات التي يجب على الواعظ أن يتطرق إليها عند دعوته للناس ؟ وبم يبدأ ؟ هذا ما سنجيبكم عنه بعون الله في تتمة المقال سائلين المولى لنا ولكم الإخلاص و القبول .
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
أبو عبد الله النايلي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
أعزائي الكرام هذا هو الجزء الثاني من مقالة شيخنا أبي عبد الله النائلي الجزائري حفظه الله وهي بعنوان صفات الواعظ والتي نشرها شيخنا سدد الله خطاه ووفقه في جريدة الشرق القطرية هذا الإسبوع أنقلها إلى هذا الملتقى المبارك حتى تعم الفائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
(2)صفات الواعظ
مر معنا أيها الأحبة في المقال السابق أن الموعظة الحسنة هي من عمل الأنبياء والمرسلين ومن سار على هديهم من العلماء الربانيين العاملين و الهداة الراشدين ، فلما كانت هذه الوظيفة بهذه المنزلة الرفيعة والدرجة العالية ،كان لابد للقائم بها من التحلي بصفات أساسية و آداب ضرورية، لتثمر بإذن الله موعظته وتنتشر بين الناس دعوته.
ولهذا أشار علماء السلف (رحمهم الله) لأهم الصفات التي لابد لحامل لواء الوعظ أن يتصف بها كالإخلاص والعلم و التقوى و الاستقامة و اللين، مراعيا في تذكيره أحوال الناس وطبقاتهم .
يقول نصر بن محمد السمرقندي–رحمه الله- في ما يجب للمذكر و الواعظ أن يتحلى به: " أول ما يحتاج إليه المذكَّر أن يكون صالحا في نفسه ورعا ....وينبغي أن يكون متواضعا لينا ، ولا يكون متكبرا ولا فظا غليظا...،وإذا أراد أن يخبر الناس بشيء من فضائل الصلاة والصيام و الصدقة فينبغي أن يعمل به أولا...".بستان العارفين للسمرقندي(ص16)
ويقول الإمام الذهبي–رحمه الله- في كلامه على زاد الواعظ:"وعُدَّته التقوى و الزهادة، فإذا رأيت الواعظ راغبا في الدنيا قليل الدين، فاعلم أن وعظه لا يتجاوز الأسماع ....وكم من واعظ مفوَّه قد أبكى و أثر في الحاضرين في تلك الساعة ، ثم قاموا كما قعدوا ". بيان زغل العلم للذهبي ( ص29)
فعلى حامل هذا اللواء أن يخلص في دعوته لله عز وجل ، فالواعظ محط للأنظار وتتبع الأبصار و اجتماع الخلق عليه وهذه من أعظم الأمور التي تفتن القلوب ، وتخدش في الإخلاص إلا أن يشاء الله .
فيجب على الداعية إلى الله أن يجاهد نفسه على تحقيق الإخلاص و أن يَحذر من العجب و الرياء خاصة إذا ابتلي بالشهرة وحب الناس له ، فلا يغتر ولا يفتخر بكثرة مشاهديه أو متابعيه ، فهم لن يغنوا عنه من الله شيئا.
قال عبد الرحمن بن مهدي– رحمه الله-:"كنت أجلس يوم الجمعة في مسجد الجامع، فيجلس إلي الناس،فإذا كانوا كثيرا فرحت،وإذا قلَّوا حزنت،فسألت بشر بن منصور فقال:هذا مجلس سوء، لا تعد إليه، قال: فما عدت إليه".حلية الأولياء لأبي نعيم (9/12)
فعلى الواعظ أن يستوي عنده المدح و الذم ، ولا يفرح إذا أثنى الناس عليه ، ولا يحزن إذا تكلموا عليه، يقول ابن القيم –رحمه الله- : "لا يجتمع الإخلاص في القلب ، ومحبة المدح و الثناء ، و الطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء و النار" . الفوائد( ص149)
وعليه أن يتيقن أن من ثمرات الإخلاص في دعوته أن الله يرفع ذكره ويُعلي قدره في الدنيا و الآخرة ، فعن أبي بكر المروزي قال : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله– أحمد بن حنبل-وذكر له الصدق و الإخلاص ، فقال أبو عبد الله : "بهذا ارتفع القوم". طبقات الحنابلة لأبي يعلى ( 1/61)
وكان مالك بن دينار-رحمه الله- يقول عن المخلصين :" كان كلامهم دواءا للخاطئين ،ثم يقول : أما رأيتموهم ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: بلى! و الله لقد رأيناهم ، الحسن – أي البصري-،وسعيد بن جبير ،و أشبهاهم ، الرجل منهم يحيى الله بكلامه الفئام من الناس ". حلية الأولياء لأبي نعيم (2/360)
وكتب سالم بن عبد الله بن عمر – رحمه ا لله- إلى عمر بن عبد العزيز – رحمه الله- بموعظة جاء فيها :"...و اعلم أن عون الله تعالى للعبد على قدر النية ، فمن تمت نيته في الخير تم عون الله له ، ومن قصرت نيته قصر من العون بقدر ما قصر منه". الزهد للإمام أحمد ( ص302)
وقال الخطيب البغدادي–رحمه الله-:"وهل أدرك من أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد، و العمل الصالح ، و الزهد الغالب في كل مراق من الدنيا " . اقتضاء العلم العمل ( ص15)
و عليه أن يكون عالما بما يأمر عالما بما ينهى ، عالما بما شرع الله ، وهذا الذي كان عليه من تولى هذه المهام من صدر هذه الأمة من السلف الصالح ( رحمهم الله).
قال ابن الجوزي –رحمه الله- : "كان الوعاظ في قديم الزمان ، علماء فقهاء ". تلبيس إبليس (ص151)
ولما انقلبت الموازين وتصدر للوعظ من لا علم له بالدين نشروا بين الناس الأحاديث المكذوبات ! فإذا سألتهم عن هذا الافتراء في الدين ؟ قالوا نريد أن نرغب الناس في الطاعات! ونُبعدَهم عن المحرمات ! نسأل الله رب العالمين العفو و العافية من هذا الصنيع المشين.
قال ابن الجوزي –رحمه الله- : "لما كان الخطاب بالوعظ في الأغلب للعوام ،وجد جُهَّال من القصاص طريقا إلى بلوغ أغراضهم ، ثم ما زالت بدعهم تزيد حتى تفاقم الأمر ، فأتوا بالمنكرات في الأفعال ،و الأقوال و المقاصد" . القصاص و المذكرين (ص295)
قال ابن القيم – رحمه الله- : ...وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى حد يصل إليه السعي، ويكفي هذا في شرف العلم أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يؤتي فضله من يشاء". مفتاح دار السعادة (1/154)
أيها الأحبة إن من الثمار التي يقطفها الواعظين بإخلاصهم لرب العالمين وحرصهم على التفقه في الدين،تقوى أرحم الراحمين ، فبقدر تقوى الواعظ وخشيته لربه و إصلاحه لسريرته،يكون تأثيره في الموعوظين ، فمواعظ المتقين تُبْكِي القلوب وتدميها قبل العيون .
قال ابن الجوزي – رحمه الله- بعد أن ذكر صفات الواعظ وما ينبغي أن يكون عليه ، قال:"ومدار ذلك كله على تقوى الله عز وجل ،وأنه بقدر تقواه يقع كلامه في القلوب ". القصاص و المذكرين ( ص182)
ومن أهم الثمار التي يجنيها الواعظ من تقوى الله ، الصدق في الأقوال و الأفعال.
فأما الصدق في الأقوال فيكون بموافقة القول لما في القلب .
و أما الصدق في الأعمال فيكون بمطابقة الظاهر ما يدعو إليه ويحث الناس عليه.
فينبغي أن يكون الصدق شعار الواعظ في جميع حركاته وسكناته ، قال الحافظ المناوي – رحمه الله- : "فحقُّ الواعظ أن يتعظ بما يعظ ، ويُبْصِر ثم يُبصِّر ، ويهتدي ثم يهدي ، ولا يكون دفترا يفيد ولا يستفيد ...ويجب أن لا يجرح مقاله بفعله ، ولا يُكذب لسانه بحاله " . فيض القدير (1/78)
ولهذا حرص سلفنا الصالح كل الحرص على موافقة أقوالهم لأفعالهم وضربوا بذلك أروع الأمثلة ، فعن ابن عمر - رضي الله عنه- قال : " كان عمر – رضي الله عنه- إذا نهى الناس عن شيء جمع أهل بيته فقال : إني نهيت الناس كذا وكذا ، و إن الناس لينظرون إليكم نظير الطير إلى اللحم ، وأيم والله لا أجد أحدا منكم فعله إلا أضعفت له العقوبة ضعفين ".مصنف بن أبي شيبة ( 6/199)
فهذه أيها الأفاضل أهم الصفات التي يجب أن لا تفارق من تصدر لنصح الناس وتذكيرهم ،و عليه أن يجتهد في تحقيقها و يجاهد نفسه على ذلك .
أيها الكرام قد تتساءلون، وحق لكم ذلك، بل زادكم الله حرصا ووفقكم لكل خير، بعد أن عرفنا معنى الموعظة الحسنة و كذلك أهم صفات التي ينبغي للواعظ أن يتحلى بها، فما هي الموضوعات التي يجب على الواعظ أن يتطرق إليها عند دعوته للناس ؟ وبم يبدأ ؟ هذا ما سنجيبكم عنه بعون الله في تتمة المقال سائلين المولى لنا ولكم الإخلاص و القبول .
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
أبو عبد الله النايلي