المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة مشكولة بعنوان :(الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) لشيخنا محمد بن مبارك الشرافي حفظه الله



أهــل الحـديث
05-07-2012, 02:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 16/8/1433 ه
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ , الْحَمْدُ للهِ الذِي اصْطَفَى مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ فَفَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ , الْحَمْدُ للهِ الذِي اخْتَصَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ بِالصِّفِاتِ الْعُلْيَا وَالْفَضَائِلِ الْمُثْلَي , وَالْحَمْدُ للهِ الذِي خَصَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ مِنْ ذَلِكَ بِالْقِدْحِ الْمُعَلَّى !
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ !
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ اتَّقُوا اللهَ , وَاعْرِفُوا لِأَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَّهُمْ , وَاذْكُرُوهُمْ بِخَيْرٍ وَانْشُرُوا فَضَائِلَهُمْ , وَاقْتَدُوا بِهِمْ , وَدَافِعُوا عَنْهُمْ , فَهُمُ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحَمْلِ الرِّسَالَةِ بَعْدَه .
وَإِنَّ خَيْرَ أَصْحَابِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ أَبُو بَكْرٍ ! أَفْضُلُ أَتْبَاعِ الأَنْبِيَاءِ عَلَى الإِطْلاقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ .
اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيُّ التَيْمِيُّ , لُقِّبَ بِالصِّدِّيقِ لِأَنَّهُ صَدَّقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَالَغَ فِي تَصْدِيقِهِ كَمَا فِي صَبِيحَةِ الإِسْرَاءِ , فَقَدْ قِيلَ لَهُ : إِنَّ صَاحِبَكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ قَالَهُ فَقَدْ صَدَقَ !
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدَاً وَأَبُو بَكْر وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ (اثْبُتْ أُحُدُ ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ)
وُلِدَ بَعْدَ عَامِ الْفِيلِ بِسَنَتَيْنِ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ , فَهُو قَرِيبُ السِّنِّ مِنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ حَازَ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ سَابِقٌ وَلا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ , فَهُوَ أَفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وَهُوَ ثَانِي اثْنَيْنِ فِي الْغَارِ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَالَ : نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ ؟ فَقَالَ (يَا أَبَا بَكْرٍ : مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا !)
لَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَنْطَلِقَ إِلَى الْغَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَجَعَلَ يَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَاعَةً خَلْفَهُ ، حَتَّى فَطِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (يَا أَبَا بَكْرٍ مَالَكَ تَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيَّ وَسَاعَةً خَلْفِي ؟) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَمْشِي خَلْفَكَ ، ثُمْ أَذْكُرُ الرَّصَدَ فَأَمْشِي بَيْنَ يَدَيْكَ . فَقَالَ (يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ بِكَ دُونِي ؟) قَالَ : نَعَمْ وَالذِي بَعَثَكَ بِالْحِقِّ مَا كَانَتْ لِتَكُونَ مِنْ مُلِمَّةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِي دُونَكَ !
فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الْغَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى أَسْتَبْرِئَ الْحُجْرَةَ ، فَدَخَلَ وَاسْتَبْرَأَ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَنَزَل !
وَلَمَّا هَاجَرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي سَبِيلِ اللهِ .
قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ : كَذَبْتَ ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : صَدَق ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
هُوَ أَوَّلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ : فَفِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني
وَعن حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال ؛ قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اقْتَدُوا بِاللَّذِين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَر) رواه الترمذي وصححه الألباني
وَاسْتَقَرَّ خَلِيفَةً لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ مُنَازِعٍ ، وَلَقَّبَهُ الْمُسْلِمُونَ بِـخَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَضَهُ الذِي مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فَقَالَ : مُروا أَبا بَكْرٍ فَلْيُصَلّ . قُلْتُ : إِنَّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وَفِي رِوَايَةٍ : رَجُلٌ رَقِيقٌ ] إِنْ يَقُمْ مَقامَكَ يَبْكِي فَلا يَقْدِرُ عَلَى الْقِراءَةِ . قَالَ : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مِثْلَهُ : فقال في الثالثةِ أَوِ الرابعةِ (إِنَّكُنَّ صَواحِبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ) فَصَلَّى , مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَفَلا نَرْضَى لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدِينِنَا ؟
أُمَّةَ الإِسْلامِ : وَمِنْ فَضَائِلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْفَقَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ لَمَّا حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ مَرَّةٍ عَلَى النَّفَقَةِ !
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِي , فَقُلْتُ : الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمَاً , قَالَ : فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ ؟) قُلْتُ : مِثْلَهُ ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ (يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ ؟) فَقَالَ : أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسَولَهُ ! قَالَ عُمَرُ قُلْتُ : وَاللهِ لا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدَاً . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ
وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,
قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ (عَائِشَةُ) قَالَ : قُلْتُ : مِنَ الرِّجَالِ ؟ قَالَ )أَبُوهَا) رَوَاهُ مُسْلِم
وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَعْرِفُ لِأَبِي بَكْرٍ فَضْلَهُ , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ : قُلْتُ لِأَبِي – عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : أَبُو بَكْرٍ . قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ عُمَرُ ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ : ثُمَّ أَنْتَ ؟ قَالَ : مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِيْ ولَكُمْ فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ أَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَاقَ غَيْرَهُ فِي الْعَمَلِ كَمَا فَاقَ غَيْرَهُ فِي الإِيمَانِ وَالْعِلْمِ !
فَمِنْ أَعْظَمِ أَعْمَالِهِ : سَبْقُهُ إِلَى الإسْلامِ , وَهِجْرَتُهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَثَبَاتُهُ يَوْمَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
وَمِنْ أَعْمَالِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَبْعَةً كَانُوا يُعَذَّبُونَ فِي اللهِ بِسَبَبِ إسْلامِهِمْ , مِنْهُمْ : بِلالُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ !
وَمِنْ أَعْظَمِ أَعْمَالِهِ التِي قَامَ بِهَا بَعْدَ تَوَلِّيهِ الْخِلافَةِ حَرْبُ الْمُرْتَدِّينَ !
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا تُوُفِيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ , وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ , قَالَ عُمَرُ : يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ؟) قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقَاً كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا . قَالَ عُمَرُ : فَوَ اللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
لَقَدْ سُجِّلَ هَذَا الْمَوْقِفُ الصَّلْبُ الْقَوِيُّ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , حَتَّى قِيلَ : نَصَرَ اللهُ الإسْلامَ بِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ الرِّدَّةِ ، وَبِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل يَوْمَ الْفِتْنَة !
فَحَارَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْمُرْتَدِّينَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ ، وَقَتَلَ اللهُ مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ فِي زَمَانِهِ , وَفِي عَهْدِهِ فُتِحَتِ الشَّامُ وَالْعِرَاقِ !
وَفِي عَهْدِهِ جُمِعَ الْقُرْآنُ ، حَيْثُ أَمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ زَيْدَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , أَنْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ !
وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرِعَاً زَاهِدَاً فِي الدُّنْيَا , حَتَّى لَمَّا تَوَلَّى الْخِلافَةَ خَرَجَ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ فَرَدَّهُ عُمَرُ , وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يُجْرُوا لَهُ رَزْقَاً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ , نَظَيرَ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ أَعْبَاءِ الْخِلَافَةِ !
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ، فَجَاءَ يَوْمَاً بِشَيْءٍ ، فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ الْغُلامُ : تَدْرِي مَا هَذَا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكَهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ ! فَهَذَا الذِي أَكَلْتَ مِنْهُ ! فَأَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
تُوُفِّيَ فِي يَوْم ِالاثْنَيْنِ فِي جَمَادِى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثَ عَشَرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَة , فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَجَمَعَنَا بِهِ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ وَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ فَضَائِلِ هَذَا الرَّجُلِ الْوَاحِدِ الذِي يَعْدِلُ إِيمَانُهُ إِيمَانَ الأُمَّةِ كَامِلَةً , فَمَحَبَّتُهُ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ وَدَلِيلُ إِيمَانِ الإِنْسَانِ , وَبُغْضُهُ عَلامَةُ نِفَاقٍ وَبَشِيرُ شَرٍّ وَنَذِيرُ شُؤْمٍ ! فَأَبُو بَكْرٍ يُحِبُّهُ أَهْلُ الإسْلامِ وَيَبْغَضُهُ أَهْلُ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ , نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَالِهِمْ وَنَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنْ مُعْتَقَدِهِمْ !
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ صَلاحَ دِينِنَا وَدُنْيانَا وَالْفَلاحَ فِي أُولانَا وَأُخْرَانَا , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ .
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَنَا كَمَا أَصْلَحْتَ أَحْوَالَهُمْ وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي دَارِ كَرَامَتِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين !

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: (الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=94067&d=1341439323)
: 331.1 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf