المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة هلموا فلنتفكر (16)



أهــل الحـديث
04-07-2012, 09:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله قاهر الجبابرة، قاصم القياصرة، له الحمد في الأولى والآخرة، والصلاة والسلام على نبي الملحمة، الضحوك القتّال، وعلى آله وأصحابه خير أصحاب وآل، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.
في حين فترة من الرسل، وانقطاع للوحي، اندرست معالم الحق، وحُرّفت الكتب السماوية، وبُدّلت الملّة الحنيفية، وساد السفهاء، وضل الكُبراء، واتُبِعَت الأهواء، وبرزت في الساحة إمبراطورية الروم والفرس، وتسابق الناس في الإنضواء تحت حكم ووصاية إحدى الامبراطوريتين، خوفاً من بطشها، وطمعاً في حمايتها.
وساد الظلم والقهر، وعمّ الجهل والضلال، وأحاط بالأرض وأهلها ظلام الشرك والوثنية، ونظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب.
ولكنّ رحمة الله أدركت عباده، فأذن الله لنور الفجر أن يطلع، وضوء الحق أن يسطع، فأشرقت أنوار النبوة، وفاح أريج الرسالة، فأخرجت الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن دركات الجهل إلى مراتب العلم، ومن شقاء الظلم إلى سعادة العدل.
لقد بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وقيّض له أصحاباً كراماً آزروه ونصروه، وخاضوا معه غمار المعارك، فأرغموا أنوف العتاة، ودكوا عروش الطغاة، وأنقذوا الناس من بحار التيه والضياع، إلى بر الأمان وصفاء الأرواح.
ولما انتشر الحق وبلغ الآفاق، ورأى الناس عزّة التوحيد والموحدين، وذل الشرك والمشركين، أخبرهم صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريبا كما بدأ، حتى يعلم الناس ويتفكّروا في الجهود التي بُذلت والأرواح التي زهقت في سبيل نشر الحق ونصرة التوحيد، فيحرصوا على الحفاظ على ثمار التضحية التي قدّمها أسلافهم، ويبذلوا دونها المهج والنفوس.
وفي زماننا يعيد التاريخ نفسه، فالشرك يضرب بأطنابه، والكفر يُكشّر عن أنيابه، والمسلمون في قهر وذل واسعتباد، والطغاة يتسابقون في محالفة الكفار والانضواء تحت رايتهم، والخنوع الخضوع لسلطانهم، وأهل الحق محاربون ومحاصرون ومطاردون، قد تنكّر لهم الصديق، وتخلّى عنهم الرفيق، ورماهم الناس بالجهل، ورشقوهم بالتهم الباطلة.
ومع كل هذا نراهم يسيرون في خطى ثابته، يحملون هموم أمتهم، يمتشقون السلاح، يستعذبون الكفاح، يحدوهم الأمل، قد جعلوا الحق أمام أعينهم، وحملوا أرواحهم على أكفهم، لم يُهن عزائمهم طول الطريق، ولم يُثن إرادتهم كثرة المخالفين، يستأنسون بسيرة الأنبياء فتزول عن قلوبهم الوحشة وتندفع عنهم ألام الغربة.
نفروا إلى ساحات الوغى، وتأهبوا لملاقاة العدى، رضعوا لبان العزّة، لم يحنوا رؤوسهم لطاغوت غادر أو عدو ماكر، لسان حالهم:
لا تسقني كأس الحياة بِذِلَةٍ ********* بل اسقني بالعز كأس الحنظلِ
لسان حالهم:
سأحمل روحي على راحتي **** وأُلقي بها في مهاوي الرّدى
فإما حياةٌ تسُـرّ الصديق **** وإما ممـات يغيظ العِـدى
لم تهنأ أعينهم بلذيذ نوم وهم يرون أمريكا ودول الكفر تحارب دين الله، وتسفك دماء المسلمين، وتنتهك أعراضهم، فأخذوا على أنفسهم عهداً أن لا ينعم العدو بأمان ولا يستلذ بنوم حتى يجرعونه من كؤوس الموت ألوانا.
وبينما ترقص أمريكا في زهوٍ وغرور، منتشية بأفراح نصرٍ موهوم، تحسب أن غصنها قد أيفع، وثمرها قد أينع، فإذا بجنود الإسلام قد دكوا صروحها، ودفنوا في الوحل غرورها، ومرغوا أنفها، فاستيقظت من سباتها وانتبهت من غفلتها على ضربات الجنود، وزمجرة الأسود.
لقد مكرت أمريكا بالناس وخدعتهم بقناع السلام والحرية وهي تقتل المسلمين المستضعفين وتعين الصليبيين على قتلهم في الخفاء، وبضربات الحادي عشر من سبتمبر سقط قناعها، وانكشف وجهها القبيح فانتقلت من مرحلة الحرب الخفية إلى الحرب العلنية، ومن الحرب بالوكالة إلى الحرب مباشرة، فوقعت في فخاخ المجاهدين، وسقطت في أشراكهم، وتبدل أمنهم خوفاً، وسعادتهم حزناً وهماً، فأبر الله قسم المجاهدين.
إن ضربات المجاهدين وغزواتهم المباركة أثبتت للأمة ضعف العدو وخوره وجبنه وخسّته، كما أثبتت قدرة المسلمين على مواجهة أعداء الدين وصد عدوانهم.
وبغزوات المجاهدين المباركة سقطت جميع الأقنعة، وظهرت الحقائق، وتميزت الصفوف، فانكشفت دول الكفر وظهر للعالم أجمع مدى الحقد والعداوة التي يكنونها للإسلام وأهله، وانكشف الطواغيت العملاء الخونة، وانكشف المنافقون من علماء الانهزام ودعاة الخنوع المتخندقون دوماً في خنادق الطواغيت.
لقد أحيا المجاهدون بغزواتهم المباركة روح العزّة في نفوس المسلمين، وأوقدوا شعلة الأمل، وكسروا حاجز الخوف، فتسابق رجال الأمة إلى ميادين الجهاد، وانتفضت الأمة على الظالمين.
وها نحن نرى اليوم ساحات الجهاد قد انتشرت وتوسعت، وهي تزخر بشباب الأمة الأماجد، يذودون عن دينهم، ويدافعون عن أمتهم، ويفلقون هامات الكافرين، ويعلمون الأمة دروس التضحية والفداء.
وأمريكا اليوم تترنح، قد أثختنها الجراح، فانهارت قواها، وخارت عزيمتها، وتوشك على السقوط والانهيار بسبب ضربات المجاهدين المتوالية.
وأمة الإسلام قد نفضت عن رأسها غبار الذل الهوان، وخرجت تدك حصون الطواغيت، فتساقط أمامهم طواغيت الكفر والعمالة، ولا زالوا يتساقطون أمام جحافل المسلمين واحداً تلو الآخر، حتى يزولوا عن بكرة أبيهم.
فأبشري يا أمة الإسلام فإن فجر النصر والعزّة قد بزغ، وضوؤه ونوره لاح في الأفق، فلتواصلي سيرك نحو الحرية والسيادة، واعلمي أنه لا حرية ولا سيادة إلا بالتوحيد الخالص وتطبيق شرع الله، فلتضعي يدك في أيدي أبنائك المجاهدين البررة، فإنهم الناصحون الأمناء، وإياك من الركون إلى الظلمة، والوثوق في الخونة، واحذري من المتطفلين على الثمار، واعلمي أن الحفاظ على ثمار التضحية لا يقل أهمية عن التضحية نفسها.
نسأل الله أن يمكن لأوليائه الموحدين، وأن يجمع الأمة بحب راية التوحيد الصافية النقية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.