المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( 2) ثمرات الإيمان باسم الله " العظيم "



أهــل الحـديث
29-06-2012, 05:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

هذا هو الجزء الثاني من مقالة شيخنا أبي عبد الله النائلي الجزائري حفظه الله عن تعظيم الله عز وجل وهي من ضمن ثلاثة أجزاء نشرها في جريدة الشرق القطرية أنقلها إلى هذا الملتقى المبارك راجيا من الله لي ولشيخي ولمن يقرؤها الأجر والمثوبة



بسم الله الرحمن الرحيم



( 2) ثمرات الإيمان باسم الله " العظيم "

إن الإيمان بأسماء الله عز وجل -ومن ذلك اسم الجلالة "العظيم" - وما تتضمنه من معاني جليلة و أسرار بديعة، ينبت في قلب العبد المؤمن ثمارا مستطابة ، فمن هذه الثمرات ما يناله العبد في الدار العاجلة ومنها ما يُدخر له ليناله في الدار الآجلة بإذنه سبحانه، لذا يقول العز بن عبد السلام –رحمه الله- :" معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العليا هي أفضل الأعمال شرفا و ثمرا " .شجرة المعارف و الأحوال للعز بن عبد السلام ( ص18)
فلهذا أحببنا أيها الأحبة في هذا المقام أن نذكر لكم بعض الثمرات المقتطفة التي ينبغي للعبد أن يجنيها من شجرة معرفته باسم الله " العظيم "، فمنها :
1 - إثبات صفة العظمة لله عز وجل إثباتا يليق به سبحانه لا يشبهه في ذلك أحد من خلقه ولا يدانيه كما في قوله سبحانه(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)[الشورى:11]،فالعظمة هي من صفات الله الذاتية وهي صفة مدح و كمال ، و المخلوق لا يدرك حقيقتها لا تفكيرا و لا تصويرا .
قال قوَّام السنة الأصبهاني- رحمه الله- :" ومن أسمائه تعالى العظيم : العظمة صفة من صفات الله لا يقوم لها الخلق و الله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضا ، فمن الناس من يُعظَّم لمال ، ومنهم من يُعظَّم لفضل ومنهم من يُعظَّم لعلم ، ومنهم من يُعظَّم لسلطان ومنهم من يُعظَّم لجاه ، وكل واحد من الخلق إنما يُعظَّم لمعنى دون معنى ، و الله عز وجل يُعظَّم في الأحوال كلها ".الحجة في بيان المحجة ( 1/130)
وقال الأزهري – رحمه الله-:"ومن صفات الله عز وجل العلي العظيم ....وعظمة الله لا تكيف و لا تُحد ولا تُمثل بشيء و يجب على العباد أن يعلموا أنه عظيم كما وصف نفسه و فوق ذلك بلا كيفية و لا تحديد" . تهذيب اللغة (2/303)
2- التعــبد لله ودعائه باسمه العظيم، فنتعبد الله باسمه ، فنقول:"عبد العظيم" ، لكن لا يُتعبد بصفاته ؛ فلا يقال :"عبد العظمة"،كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه،فنقول: "يا عظيم ارحمنا"،لكن لا ندعو صفاته فنقول : "يا عظمة الله ارحمينا!" ، فالعظمة ليست هي الله ، بل هي صفةٌ لله ، والصفة غير الموصوف .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-:"إن مسألة الله بأسمائه و صفاته و كلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث ، وأما دعاء صفاته و كلماته فكفر باتفاق المسلمين " . تلخيص كتاب الاستغاثة ( 1/181)
3- نفي الشركاء و الأنداد عنه سبحانه فلا يُشرَك معه غيره في عبادته ولا يُصرف شيء من حقه لغيره
قال تعالى (ولم يكن له كفوا أحد) [الإخلاص :4]
4- الخشوع و الخضوع له سبحانه و الاستكانة و التذلل لعظمته و جبروته ، يصف لنا الإمام ابن القيم - رحمه الله- حال المصلي وهو يتعبد لربه حال ركوعه ، فيقول:" ثم يرجع جاثيا له ظهره خضوعا لعظمته،وتذللا لعزته واستكانة لجبروته ، مسبحا له بذكر اسمه ( العظيم) ". شفاء العليل ( 2/630)
5- تمجيده سبحانه و مدحه و الثناء عليه باسمه العظيم ، و الاستعاذة به قال تعالى ( فسبح باسم ربك العظيم )[ الواقعة :74]وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال:" أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " . رواه أبو داود ( 466) وصححه الألباني- رحمه الله-
فينبغي للعبد أن ينزه الباري سبحانه عما لا يليق بجلاله و عظيم سلطانه وذلك بذكر أوصاف جلاله و جماله وكماله ، فإنه ليس أحد ينفع مدحه و يَزين و يَضُر ذمُّهُ و يَشين إلا الله وحده ، فعن البراء بن عازب ( رضي الله عنهما) قال : قام رجل ، فقال يا رسول الله ! إن حمدي زين ، و إن ذمي شَين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ذاك الله". رواه الترمذي (3267) و صححه الألباني –رحمه الله-
6- تعظيم أمره سبحانه ونهيه فيطاع فلا يعصى، ويُذكر فلا ينسى،ويشكر فلا يُكفر، ومن ذلك تعظيم نصوص الكتاب و السنة و الاستسلام لها وعدم التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم برأي أو اجتهاد ، قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما ) [ النساء :65]
7- تعظيم شعائره وحرماته قال تعالى ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [ الحج :32]وقال سبحانه ( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) [ الحج :30]
يقول ابن القيم – رحمه الله- : " فإن عظمة الله تعالى و جلاله في قلب العبد و تعظيم حرماته يحول بينه و بين الذنوب و المتجرئون على معاصيه ما قدروه حق قدره " . الجواب الكافي (ص46)
ويقول أيضا- رحمه الله- :" من عظم وقار الله في قلبه أن يعصيَه ، وقره الله في قلوب الخلق أن يُذلُّوه " . فوائد الفوائد ( ص346)
وقال أيضا –رحمه الله- :" من أعظم الظلم و الجهل أن تطلب التعظيم و التوقير من الناس و قلبك خال من تعظيم الله و توقيره " . الفوائد ( 187)
ويقول الشيخ ابن سعدي - رحمه الله-:" فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب ، فالمعظم لها يُبرهن على تقواه و صحة إيمانه لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله و إجلاله " . تيسير الكريم الرحمن ( ص744)
8- النظر عند ارتكاب المعصية إلى قدر من عُصي و عَظمَته و أن في ذلك انتهاك لحرمته سبحانه ،قال قوَّام السنة الأصبهاني – رحمه الله - " فينبغي لمن عرف حق عظمة الله أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله ، ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله ، إذ هو القائم على كل نفس بما كسبت" .الحجة في بيان المحجة(1/142)
بعد أن قطفنا معا أيها الأحبة بعض الثمار المستطابة من هذا الاسم الجليل ، قد نتساءل هل نحن معظمون لله ؟ أم لا ؟ و إذا كان الجواب بـ" لا" ! فما هي الطرق التي تعيننا على تحقيق ذلك ؟ هذا ما سنجيبكم عنه في تتمة المقال بعون الله ،سائلين الله لنا و لكم التوفيق و السداد.


وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



أبو عبد الله النايلي