المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الذهب هو النفط في حديث (يَحسِر الفرات عن جبل من ذهب)?*



أهــل الحـديث
28-06-2012, 06:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هل الذهب هو النفط في حديث (يَحسِر الفرات عن جبل من ذهب)?

سألني أحد الإخوة عما ورد من كلامٍ لمحاضرٍ في مقطع فيديو
http://www.youtube.com/watch?v=C-01tKgmp6U
وهل هذا التأويل سائغٌ أم لا؟!
فكتبت تعليقًا في مكانه في اليوتيوب ولكنني فوجئت بأنه قد حُذف ولذلك أعدت كتابته ها هنا في هذا المقال، وكان مما قلته في هذا التعليق:
لا أتفق مع المحاضر فيما ذهب إليه من تفسير الذهب في الحديث بالنفط؛ لأمورٍ عدة، وقبل ذكر هذه الأمور أحب أن أنبه المستمع إلى أن حديث "اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله" ضعيفٌ لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى تقدير الصحة فإن الفراسة أمرٌ يتعلق بالنظر والتفحص في الأشخاص ومعرفة ما وقع وما يُتوقع من تصرفاتهم، وليس لها علاقةٌ بالنظر والفهم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يذكر أحدٌ من علماء الفقه والأصول أن لها مدخلاً في هذا الشأن, هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى فإن ما ذهب إليه المحاضر من تفسير الذهب بالنفط يمتنع لعدة أمور:
1- ذكر الحديث لفظ "يحسر الفرات"، وهنا تفسيره جبل الذهب بالنفط الذي يذكر المحاضر أنه قد ظهر، فلم يتحقق ما ورد في الحديث من انحسار الفرات.
2- إذا كان المقصود هو منطقة الفرات فلا فرق إذًا بين أن يقول يحسر دجلة أو يحسر الفرات؛ لأن الكل واقعٌ في منطقة الفرات، والمحاضر لا يقصر الحديث على منطقة الفرات فقط، بل يوسع الدائرة لتشمل منطقة النفط كلها في الخليج العربي، ولا شك أن هذا فيه إهمالٌ وإضاعةٌ لفائدة تخصيصِ وذكرِ الفرات دون غيره من الأنهار والأماكن.
3- الحديث ورد فيه قوله - عليه الصلاة والسلام - "فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا" وتفسير الذهب بالنفط لا يستقيم، لأن الأفراد لا ينتفعون بأخذ النفط وهو خام، بل قد لا يتمكنون من ذلك أصلاً لكونه يحتاج إلى استخراجٍ من باطن الأرض، وهذا عملٌ تقوم به الدول وليس الأفراد.
4- ذكر الحديث اقتتال الناس عنده (أي الجبل)، وأنه ينجو من كل مئةٍ واحد، فأين القتال الذي حصل عند النفط قبل الغزو العراقي للكويت عام 1991م؟! وفي الحديث كذلك أن كلاًّ من هؤلاء المتقاتلين يظن أنه هو الناجي، وقد يُفهم من ذلك أن المتقاتلين قد يكونون مسلمين يعرفون هذا الحديث؛ ولذلك نهى النبي - عليه الصلاة والسلام - عن قصد هذا الذهب لأنه سيفضي إلى الفتنة وإراقة الدماء، ولأن هذا الذهب يكون فيئًا ينبغي أن يصير إلى بيت مال المسلمين، ولذلك لو قُدِّر أن أحدًا من المسلمين بُذل له من هذا الذهب بدون قتالٍ لم يجُز أخذه وإنما يقوم الخليفة العادل بقسمه وتوزيعه على المسلمين، والعجيب أن المحاضر جعل نسبة القتلى 99% هي نسبة الحرام في العملة الورقية ونسبة 1% هي نسبة الحلال فيها، وهذا لاشك أنه تأويل بعيدٌ جدًا، ثم إن جانبًا من المعلومات الاقتصادية التي أوردها المحاضر ليست دقيقة؛ فإن الكويت -على سبيل المثال - وإلى وقتٍ قريبٍ كانت تبيع النفط بالدينار الكويتي وليس بالدولار الأميركي، ومادامت العملة دينارًا وليست دولارًا فلا بأس بأخذها؛ لأن الممنوع عند المحاضر هو أخذ الدولار الأميركي الذي يمثل قيمة النفط الذي يساوي الذهب، وهذا يعارض النهي الوارد في الحديث, في قوله "فلا يأخذ منه شيئا" ثم لو قُدِّر أن يُباع النفط بذهبٍ أو فضةٍ جاز أخذ هذا العوض لأنه ليس عملةً ورقيةً (هذا لازم قوله)، وفي هذا مخالفةٌ صريحةٌ للنهي في قوله: "فلا يأخذ منه شيئًا"، وفساد اللازم دليلٌ على فساد الملزوم وهو تفسيره الذهبَ بالنفط.
والذي أراه في هذا الحديث - والله أعلم - أن زمن تحقق هذه العلامة يكون في زمن ظهور الدجال, لأنه ورد في الحديث أنه قبل خروج الدجال بثلاث سنواتٍ تمسك السماء ثلث قطرها في السنة الأولى، ثم تمسك السماء ثلثي قطرها في السنة الثانية، ثم تمسك جميع قطرها في السنة الثالثة، وهذا سيؤدي - والعلم عند الله - إلى انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات، ومن ثم يَحسِر النهر عن جبلٍ حقيقيٍ من الذهب يتسامع الناس به وقد أصابهم من الفقر والجوع والشدة ما يجعلهم يقصدون إليه، فيتحقق ما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم -. هذا والله أعلم، ونسبة العلم إليه أسلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وصحبه وبارك وسلم.

*الحديث لشهرته لم أذكر تخريجه وقد رواه البخاري في كتاب الفتن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.