المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ::: بين الكلام والسكوت .. أنفس تحيا وأنفس تموت :::



أهــل الحـديث
21-06-2012, 12:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم









" فإن الترجيح بين المصالح و المفاسد لابد أن يكون بميزان الشريعه"



الشيخ الدكتور ياسر برهامي
من كتاب : " تأملات إيمانية في سورة يوسف "







الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد



،







فليس لامرئ منا مهما يكن أن يدعي احتكار الحنكة في فهم الظروف وليس لامرئ منا مهما يكن أن يدعي التفرد بالحكمة في معالجة الأمور فإن الله الكريم الرحيم قد جعل لنا المعايير التي تحكم على الناس وتصرفاتهم فمنهم كافر ومنهم مؤمن ومنهم قوي ومنهم ضعيف ومنهم ذو عقل ومنهم سفيه ومنهم المجنون والفقيه ، وإن الله الكريم الرحيم لم يخلقنا عبثا ولم يتركنا هملا حتى إذا فقدنا القائد المُلهم أكل بعضنا بعضا وركل بعضنا بعضا – كما نرى – اللهم إلا من اختار العبث واختار أن يكون مع الهمل فتأمل قارئي الحبيب تأملْ



بل إن الله الكريم الرحيم جعل لنا قائدا وإن لم يكن بيننا قائد ، نختلف إليه تطمئن بحكمه القلوب السليمة وتهدأ بحكمته النفوس القويمة فلاعجب أن ترى هذا الهياج إذ خالفناه وبدلا من أن نتنازع إليه نازعناه حتى إنك لترى غبار الخلاف والاختلاف يُغلق الآفاق تظن أنه غبار الجهاد في سبيل الله وإنه لظلمات التنازع والأثرة!







لم أعد ألوي على شيء ولا على أحد لايحب أن يسمع حين أرى جيل الصحوة – رحمه الله - يحمل رشاش الاتهام على كتفه ينتظر منك كلمة ليصنفك فإن وافقته في الطريقة والشيخ وإلا يكبل يديك ويُغمّي عينيك ويكمم فمك ويضع سلاحه في أم رأسك " اسكت وإلا .." ، كأن لكل



نظام " شبيحة " !







فمن ذا كريم النفس الذي يقبل أن يكون ببغاء يردد ما يقوله مربيه وإن شتم نفسه بحجة أنه مربيه ؟!! إنني لم أكن أتصور أن يأتي يوم أقابل فيه صاحب سمت سني ظاهر وأنا متوجس منه وعلى حذر في الحديث معه حتى لاأخسره ! ولم أكن أدرك أن كهرباء التعصب وصلت إلى هذا الحد الذي يجعلك إن لمستَ طرفا لأحدهم أفرغ في وجهك رصاصات غله وحقده ، وإن السكوت عن هؤلاء قبيح مثلهم .





بين الكلام والسكوت أنفس تحيا بعز الحق والصدع به في وجوه السلاطين و الأمراء والوجهاء و المخالفين من ركاب الدرجة الأولى ، وأنفس تموت جبنا تذوب كالملح في الطعام بل تحتقر نفسها ترى المخالفات وتسكت تقول " وهل أنا أفهم من هؤلاء جميعا ؟ " رضوا بالغباء سيدا للموقف فحكموا على أنفسهم بعدم الفهم فهذه شهادتهم على أنفسهم ونحن نرضى بها فيهم وإن كان هؤلاء قليلي الفهم إذ سكتوا فكيف بمن وافقوا ورددوا كالببغاءات ؟!!



وإن تسويد الصفحات بفضل السكوت ومناقب الصمت في زمن الفتن عجيب وإن كان ليس بعجيب إن صدر ممن قرروا أنهم قليلو الفهم ، فإن السكوت خير حين تلتبس النصوص أو يتوه الحق أمَا وقد امتلكتَ نصا يظهر الحق فيه كما تظهر الشمس في صفحة النهار فإن سكوتك موافقة ومنافقة وإن فضل تبيين الحق يفوق كل فضل وبه نال الأنبياء مراتبهم وصعد العلماء منازلهم وأخذ الشهداء أماكنهم يعيشون في سبيل تبيين الحق ويموتون في سبيله ، والكلام عن فضل شخص جانب الحق لتسكيت معارضه هرتلة !



بل إن صفحات التاريخ تكتب لنا بالذهب وأغلى سيَرَ أناس صعدت أسماؤهم كالنجوم لعدم سكوتهم فها هو شيخ الإسلام ابن تيمية ذلكم الجبل السنّيّ الضخم والكوكب الدرّيّ الفخم يعرضه مخالفوه على السيف بضع عشرة مرة لايطلبون منه موافقتهم لكن يقولون له : اسكتْ! .. ولم يسكت بل قذف بالحق على الباطل فدمغه فإذا هو زاهق وعاش ابن تيمية إلى يوم الناس هذا تفوح بعلمه حِلَقُ العلم وتتناثر لآلئه على صفحات كتب الشريعة بكل أنواعها بل وفي غير الشريعة .



ومثله إمام أهل السنة وشمس التابعين أحمد بن حنبل وكان أحدهم يقول : إني لأمر على أمر لله فيه كلام فأسكت فأبول دمًا فتأملْ حبيبي !



" إني لأمرّ على أمرٍ لله فيه كلام فأسكت فأبول دمًا "



ومن الشبه التي يُسكّتون الناس بها يقولون لك : هل درستَ الأصول؟ هل درستَ الفقه ؟ كم سنة طلبت العلم ؟ هل تحفظ كتب السنة ؟ وهل وهل .. فإن قلت :لا قالوا : إذن فاسكت ياسفيه !



ألا إنهم هم السفهاء ولكن لايعلمون فإن الحق لو كان يُقاس هكذا فلانلوم من يتبع مفتي الضلالة فقد درس الأصول والفروع بل شهد له بعض أهل العلم بالعلم والمساكين الذين اتبعوه لعل أحدهم لايحفظ آية أو حديثا فلا لوم عليهم إذن !



بل ولا يحق لك ياصاحب الفهم السليم أن تهاجمه وإن طفحت بضلالاته البحار وفاضت بانحرافاته الآبار والأنهار فإنه درس وأنت لم تدرس!





إن الذين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير والذين يختارون الخنوع والخضوع والذين اختاروا أن يكونوا هملا يتبعون بلا عقل ويمشون بلا بصيرة والذين اختاروا أن يسكتوا كالحجارة حتى استفحل الباطل وازداد الغرباء غربة فوق غربتهم نقول لهم " لايحقرنّ أحدكم نفسه " فبين الكلام والسكوت أنفس تحيا وإن ماتت جسومهم وأنفس تُلقى في مزابل التاريخ جيَفًا وإن تحركت الحياة بأعضائهم !





الإخوة والأخوات المتسننون والمتسننات اقبضوا على قطع الجمر وإن أحرقكم لهيبها ، واثبتوا على الغربة وإن أتعبكم نحيبها ، وواجهوا الدنيا وإن فجعتكم خطوبها فإنها لحظات و الجنة وراء ذلك ،
وأعيذك بالله أيها السلفيّ النبيل أن تلين ، أو تهادن أو تداهن ، ودوا لو تدهن فيدهنون ، إن مبتغي الحق لايفرح بالتطبيل ولا بالتهليل ولا يهتدي بالأغلبية ولا يُرضيه ربع حق وثلاثة أرباع باطل ولايسكت بخليط من النور والظلمات ، ولايسكن في العشوائيات التي بين الحلال والحرام إن لم تكن حراما خالصا ، بل يستبرئ لدينه وعرضه يقبض على الجمر ويموت في عراء الغربة بنفس راضية





وبغير تطبيق الشريعة إنني :: أوقفتُ أفراحي وقلبي مُغلقُ



حتى أرى وطني تسوس شعوبه :: أحكام ربي والحدود تُطبَّقُ



إن كان فتْقُ الظالمين يضيرني :: فصعود " إخوان الهوى " لايرتقُ



فاللهم إنا نسألك فرحا صافيا وحقا صافيا وقلبا صافيا و بالا صافيا



ونسألك وطنا محكوما بشرعك وسنة نبيك



اللهم آمين آمين آمين



والحمد لله رب العالمين







كتب بقلبه / أبومالك محمد البسيوني المصري




سامحه الله



غرة شعبان 1433 ه



20يونيو2012 م