المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الواجب الأول ....معرفة العبد ربه



أهــل الحـديث
16-06-2012, 04:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى :" فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك "

قال الشيخ محمد بن الوهاب رحمه الله :

"فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟

فقل: معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه محمد .

فإذا قيل لك:من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه."

هذه مختارات اخترتها من " سلسلة الأسماء والصفات" للشيخ محمد الحسن الددو حفظه الله أحببت أن يستفيد الآخرون منها ويكون في الإطلاع عليها وتعلمها جزءاً من القيام بهذا الواجب واجب معرفة العبد ربه ومولاه .
في كل مرة سأختار- إن شاء الله - صفة من الصفات وكلام الشيخ عليها مع الإشارة إلى أن هذه السلسلة هي عبارة عن شرح لمنظومة في العقيدة بعنوان " مَنظُومَةُ جُملَةُ العَقَائِدِ عَلَى طَريقِ السَّلفِ الأمَاجِدِ" للشيخ محمد سالم ولد عدود رحمه الله .

صفة الرحمة (1)

هذه صفة من صفات الله سبحانه وتعالى وهي صفة الرحمة, وهي صفة عظيمة كتبها الله على نفسه, فالله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالرحمة في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:2-3] , ومع ذلك ذكر الرحمة التي هي فعله في قوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:54] , وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال: (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فادخر عنده تسعاً وتسعين رحمة لعبادة المؤمنين في الجنة, وأنزل رحمة واحدة في الدنيا فبها يتراحم الخلائق فيما بينهم حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها) , فهذه الرحمة المخلوقة ليست هي الصفة, وإنما هي متعلق الصفة وأثرها؛ لأنه قال: (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها) .

أما الرحمة غير المخلوقة فهي صفة الله، وهي المذكورة في قوله: (إن رحمتي سبقت غضبي) , وفي رواية: (تغلب غضبي) ورحمة الله سبحانه وتعالى هي من أكثر صفاته أثراً, وصفات الله لها آثار في خلقه, فما يتعلق منها بالخلق له آثار, لكن رحمته هي أوسعها أثراً، ولهذا قال الله فيها: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156] , ولذلك عدّ الله من آثارها شيئاً عظيماً فقال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:73] , فالليل والنهار وما سكن فيهما كل ذلك من رحمة الله, ولهذا قال في المطر: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم:50] , فكل هذا من آثار رحمة الله؛ ولهذا إذا نظرنا إلى ما فيه أهل الأرض من المعايش والخيرات والبركات التي جعلها الله في هذه الأرض، ومن أعظمها هذا الأكسجين الذي يتنفسون به، والماء الذي يشربونه, وستر الله الجميل الذي يجعل بعضهم يركن إلى بعض ويميل إليه, وجبل قلوبهم على الألفة والمحبة وغير ذلك، كل هذا أثر من آثار رحمة الله سبحانه وتعالى, ومع ذلك فما في الدنيا من رحمة الله المخلوقة إلا رحمة واحدة من مائة رحمة.

ويذكر عن عبد الله بن المبارك رحمه الله أنه دخل على هارون الرشيد , فوعظه فبكى هارون بكاءً شديداً, وكان في غزو، وكان هارون يغزو في كل سنة، وكان عبد الله بن المبارك كثيراً ما يغزو معه، فسأله أن يحدثه بما يزيده طمعاً فيما عند الله تعالى وترغيباً لما عنده, فقال: يا هارون! ما نصيبك في هذه الدنيا من رحمة الله؟ قال: أوفر نصيب، فقد منّ الله علي بالإيمان والعقل والحكمة والعلم وإمارة المؤمنين، وأن ملكي شمل مشارق الأرض ومغاربها، وامتن علي بالمال والأولاد وصالح الأهل، وغير ذلك من أنواع ما يرغب فيه, فقال: هذا حظك من رحمة واحدة قسمت بين أهل الدنيا كلهم برهم وفاجرهم أولهم وآخرهم, فما ظنك بنصيبك من تسعة وتسعين رحمة يوم القيامة؟! نلت من هذه الرحمة الدنيوية هذا النصيب, وهي رحمة واحدة، فكيف سيكون نصيبك من تسع وتسعين رحمة يوم القيامة؟!