المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( ترك التلبيس على الناس ) للشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري حفظه الله



أهــل الحـديث
15-06-2012, 11:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

( ترك التلبيس على الناس )


روى ابن سعد (1) أن عمر رأى على طلحة رضي الله عنه ثوبين مصبوغين بمِشْق (2) وهو مُحْرِم , فقال : ما بال هذين الثوبين يا طلح ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إنما صبغناه بمَدَر (3) فقال عمر " إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس , ولو أن جاهلا رأى عليك ثوبيك هذين لقال : قد كان طلحة يلبس الثياب المصبَّغة وهو مُحْرِم " وفي لفظ " فلا تُلَبِّسوا على الناس "


طلحة رضي الله عنه بلبسه ثوباً صبغه بمَدَر وهو الطِّين لم ير أنه خالف بلباسه هذا ما ورد من النهي عن لبس الأحمر من الثياب , لكن عمر رضي لله عنه نبهه إلى أن الجاهل قد لا يتفطن إلى أن ثوبه قد صبغ بالمدر , بل سيقول : إن طلحة كان يلبس الثياب المصبغة , وهو مُحْرِم , لجهله بما صبغ به طلحة ثوبه .


نُبِّه طلحة بهذا الكلام الحكيم إلى أنه إمام يُقتدَى به , وذلك يستوجب منه أن يلاحظ ما ينجم عن تصرفاته من أمور قد يُساء فهمها وينقل عنه بسبب ذلك ما لم يَدُر بخُلده أنه سيُنسَب إليه .

وذلك أن الناس إنما يتعاملون فيما بينهم بحسب ما يظهر لهم .


ولذا أتبع عمر رضي الله عنه كلامه السابق بقوله : " فلا تُلَبِّسوا على الناس " فالأمر المُوهم للباطل لا ينبغي أن يظهر به مَن هم محل ُّ القدوة والأسوة ـ ولو كان لهم به قصد سليم ـ

ألا ما أحوج بعض الدعاة إلى الله إلى تأمل هذه الكلمات العظيمة من هذا الإمام المُحدَّث , ليكفُّوا عما فيه إرباك للناس من أقول وتصرفات تظهر منهم , ثم بعد أن يكثر القيل والقال من آثار تلك الممارسات يخرج هذا الداعي ليقول : أنا أقصد كذا وكذا !

فهلاَّ كفَّ عما فيه إرباك للناس ولزم الجادة البينة , وأرشد الناس بالأسلوب الواضح الجلي ؟

إن كون الرجل محل قدوة بسبب ما مَنَّ الله به عليه من العلم يستوجب منه سَمْتًا وهَدْيًا يراعي فيه ماَلات الأمور وعواقبها , حتى لقد قال الأوزاعي " كنا نضحك ونمزح , فلما صرنا يُقتدَى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسُّم "(4)

فإذا لم نصل إلى هذا الحد الجليل من السَّمْت فلا أقل من أن نلاحظ ما قاله عمر رضي الله عنه " لا تلبِّسوا على الناس "



ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

1ـ 3/220،219

2ـ المشق بالكسر المَغَرة , وهي المدر الأحمر الذي تُصبَغ به الثياب , انظر النهاية (4/345،334)

3ـ المدر هو الطِّين , كما في النهاية (4/309)

4ـ سير أعلام النبلاء للذهبي (7/132)

http://www.al-angarie.com/news-20.html