المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( قصص قصيرة لكُتّاب شبكة الألوكة ))



أهــل الحـديث
14-06-2012, 07:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



قصص قصيرة منقولة من شبكة الألوكة

قصص قصيرة جدًّا / محمد بعيطيش
أمـي...
في الرِّواق الطويل بين جدارين يَحجبان الأنظار عن عالَم الغَفْلة، تَمُرُّ الممرضات ذهابًا وإيابًا، تتقاطع النظرات في تيه عجيب، وتتعالى دموعٌ مع أصوات السَّكَرات العابثة بالأجساد الملقاة على الأَسِرَّة… قابلتني عند باب الغرفة الموجودة في أقصى المكان؛ حيث يتسرب السكون - عجوزٌ تألَف الحزنَ وتَجاعيد وجهها العتيق.
• منذ ساعة رحلت وقد قالت: سامحني.
• تَرَيْنَ عمَّ أسامحك يا أمي؟!

أحد الوجوه...
مثلما هي عادتي دائمًا، بقيت أتأمَّل وجوهَ الرُّكَّاب، وأتطلع لما تُخفيه سرائرُ الصامتين منهم، تناول الشيخ كتابًا مغلفًا بورق الجرائد، وغادر رفقتُه المكان، حينما بقيت حبيس الحافلة التي ظُلِمْتُ بأن لم تخرج من الخدمة، كما ظُلِمَ هذا الرجل بوجودي معه في الرِّحلة نفسها.

تصاريف القدر...
رغم ألَمِه لم ينسَ ابنه الصغير، ورَدَّد بصوت آخذ في الأُفُول: أين بشير؟ أجابته المسكينة عائشة: هو في الحارة مع إخوته، لكنَّه لم ينتبه لصوتها الوفي، رغم أنه رماها ذات يوم في هوة الفقر والوحدة السحيقة، كما رماه القدر من أعلى البناية.

شيخ المسجد...
عند باب المسجد بعد صلاة الصبح، ألقى عليه التحية، فإذا به يُناوله كتابَه الذي أخذه بالأمس.
• لِمَ تَرُدُّه لي يا شيخ؟ ألم يعجبك؟ ابتسامة عريضة.
• لا، بل فرغت منه.

جلسة...
تقرب إبريق الشاي منه، ثم تجلس على بُعد خطوات، يأخذ رشفة ويسأل:
• أين الأولاد؟
تجيب بصوت مرتعش: هم في الكُتَّاب.
حرك رأسه وغاص في أعماق فنجانه.
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/40221/#ixzz1xGaKO1A9)



مصادرة وقصص أخرى (قصص قصيرة جدًّا) / سمير الشريف
أمـانة
تخالسُ يد التاجر الذي ضبطته يُطفِّف وزن أرغفتِها، ولوحة "مَن يتق الله يجعل له مخرجًا" تتأرجح بمللٍ فوق مدخل الفرن الذي اكتسَى بالسُّخام.

مـساعدة
في الوقت الذي كان مُكبِّر الصوت يهدرُ مؤكدًا على حُقوق المرأة، كانت أم أحمد تنتظرُ بباب المؤسَّسة مَن يمدُّ لها يد العون.

مـهمة
ينهض جدارُ الطين قبل كلِّ شتاء، يمنع الجارات من التواصل والألسنة من تناقُل الأخبار والأيدي من تبادُل أواني الطبخ.

انتخـاب
أمعَنَ في قِراءة الأسماء، مسَح ملامح الوجوه، ضغَط الورقة بكفِّه بغضَبٍ قبل أنْ يُلقِي بها قاع الحاوية.

ورطـة
سأل الصحفي المتحمس الرئيس المنتخب:
ماذا عن مُذكِّراتك التي نزلت السوق حديثًا؟
سمعت أنَّه كتابٌ رائع، لكنَّ الوقت لم يُسعِف بعدُ بقراءته.

مصـير
حين أهوى الدركي بهراوته الغليظةِ، سقَط الفتى الوسيم مضرجًا بأسئلته.

سـؤال
تنهَّدَ الشيخ مجيبًا:
ما زال الوقت مُبكرًا لنقول: إنَّ الريح تحمل غيمًا ماطرًا.

مصـادرة
ارتبكت الطفلة التي داهمَها الهتاف، ولم تدرِ أين تخبئ أشياءَها التي تبيعُها على الرصيف.

قـهر
ندَّت من فم الطفل صرخةٌ مكتومةٌ، ووالده يضغَط بكفِّه الكبيرة على يده الطريَّة، يجرُّه من أمام المحلِّ الذي تتزيَّن واجهته بالألعاب دُون أنْ ينتبه الطفل للدمعة التي انطلقت من عيني الأب محاولاً إخفاءَها.
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/36145/#ixzz1xGakGmUP)



قصص قصيرة جدًّا/ عبدالحميد ضحا
الريـح
انحنى للريح حين هبَّت صامدًا، وبعد اعتداله نظر إلى رفاقه، فوجد أكثرهم قد طاروا مع الريح، فبدا له مدى خفَّتهم، مع أنهم كانوا حملاً ثقيلاً.

الحفـرة
كان في سباق دائم مع الحياة، ينظر إلى أقصى مدى ويسعى لأن يكون فائزًا في الحياة، وفجأة وقع في حفرة عميقة نَسِيها منذ زمن بعيد، فخسر وندم أشد الندم على نسيانها، مع أنه كان يعلم مكانها.

أمـواج الشـك
أحبَّها، وشكا إليها جفاءها، وأيقنت نفسه أنه سيكون زوجَها، فأغرقته في بحار الحب والهوى، وأعلنت بكل جوارحها أنه حبيبها، فانتزعته أمواج الشك؛ فعافها وتركها!

مغـامرات عاطـفية
كان ينظر إلى السماء في خلوتهما، ويشهد الله أنها زوجته، كما يرى في الأفلام، وتُوهِمُها النارُ التي أشعلها في كيانها أنه – ربما – صادق، ويزهو بمغامراته العاطفية، والنتيجة آثار لحوم أطفال بين أسنان القطط والكلاب، أو أجسادٌ قتيلةُ الروح ملقاة في الشوارع وعلى جنبات الطريق!

الشجـاعة البئيسة
كان أسدًا هصورًا في القتال، قال لصديقه: احمِ ظهري ودع لي الأعداء، فلما بدأ القتال، طعنه مَن ظنَّه صديقَه في ظهره، فانفجرت دماؤه صائحة: بئست الشجاعة مع من لا يعرف مَن عدوُّه ومن صديقُه!

زواج الانتـحار
أنقذوها بعدما شرعت في الانتحار؛ فلا حياة دون امتزاج الجسدين، بعد امتزاج الروحين، والأب بين نارين وحُلمين، حلمه في فارس نبيل، وحلمها في عاشق جميل، فوافق معلنًا أنها ستشرب من كأس الندم؛ ففرحت بعودة حياتها بعدما ظنت مماتها، وتوحّد العاشقان، ثم عادت بعد صبر الجمال لتعلن: لم تنقذوني؛ فكان زواجي منه هو الانتحار!
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Literature_********/0/38650/#ixzz1xGbC6Y9v)


قصص قصيرة جدًّا / حسن علي الحلبي
(حكاية جدار)
الجدار ينظرُ حوله.
منذ سنين كثيرة وهو هنا، لَم يُتعبه أحدٌ بمسمار يشقُّ صلابته، لَم تُعلَّق عليه صورة يتيمة لرجل أُصيب بنوبة قلبيَّة مُباغتة، لَم توضَع أمامه طاولة ومقعدان عاجيان.
الجدار ينظر حوله.
يُغضبه التجاهل الذي يَنسكب عليه كعصير حممٍ طازج، يُغضبه، يُغضبه.
يحسُّ بأعصابه الأسمنتيَّة تتضخَّم، تَكبر، تَكاد تَنفجر.
الجدار صار غُبارًا!
الغبار صار يَحلم بأن يَلتصق - صدفة - بحذاء أيِّ شخصٍ!

)ألـوان(
في اللوحة المعلَّقة على الجدار والمزدحمة بالألوان، تتَّكِئ الصحراء على كَتِف الأرض بثقةٍ، ويمرُّ فارس يَغمره البياض والسواد، فحسب.
يتوقَّف، يُحدِّق في ملامح الرَّسام بغضبٍ، يَسترق بعضًا من ألوان اللوحة الخَشِنة، ويُعبِّئها في جيوبه.
ويهرب!

)دنـيا(
في السوق كان بائع اليانصيب يَزحف على الأرض، ينظر إليه الجميع بحَيْرة، باستغراب، اقتَرَبت منه وسألتُه عمَّ يَبحث؟
أجابني:
• عن حظٍّ!

(نسيـان)
تُحدِّق الشجرة المُعمِّرة الواقفة على باب القرية في المارِّين جميعًا؛ هذا رجل يعود من عمله حاملاً أكياسَ الخضار، يَقف قليلاً تحت ظلِّها ثم يذهب، هذا طفل يبكي وقد رجَع من المدرسة، يقف قليلاً تحت ظلِّها ثم يذهب، هذه امرأة تشقُّ طريقها لمنزلها بعد قضائها عدة ساعات في المزرعة، تقف قليلاً تحت ظلِّها ثم تذهب.
وتمرُّ صباحات ومساءات، والناس يذهبون ويأتون، والشجرة تموت دون أن تَنسى أنها مَن يَجمع ظلال الآخرين بعد تعبٍ!

(أُمْـنِيَة)
- المكان: غزَّة.
- الزمان: ليلة عيد الميلاد.
قال الوالد لابنه الحزين:
• تمنَّى ما تشاء، وسيحقِّق الله كلَّ ما ترغب فيه!
كان الأب يتوقَّع أن يتمنَّى الابن لُعبة، أو هَديَّة، أو مبلغًا من المال، لكنَّه لَم يتخيَّل أن يقول:
• أتمنَّى أن أتناول الطعام بالشوكة والسكِّين.
قالها الابنُ وهو ينظر إلى يديه المَبتورتين، ذات قنبلة!!

(طـريق)
لَمَّا رَكِبت الجثة سيارة الأُجرة، لَم يكُن هناك من داعٍ لأن تُخبر السائق بوجهتها؛ فالأوراق مكشوفة.
الروح هي الثمن، والتابوت ينتظر في نهاية المسار!
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/38248/#ixzz1xGbajxbD)


قصص قصيرة جدًّا / عبدالرزاق أحمد القاضي
- 1 -
اعتادَ التفوُّقَ خلال سِنِي حياته الدراسيَّة، دخلَ الكليَّة الَّتي طالَما حلمَ بها، حتَّى عندما تخرَّج فيها، كان ترتيبه الأوَّلَ في دُفعته!
أخذَ يبحث عن الوظيفة، وهو يَحْمل بزهوٍ بين يديه شهاداتِه الجامعيَّة.
سرعان ما خَبا حَماسُه، وانطفَأ، لَم يترك بابًا إلاَّ وطرَقَه.
بعد سنةٍ من بَحْثه عن عملٍ يُناسب إمكاناته وشهاداته، كان قد يئس.
شوهد لاحقًا حارسًا في مصنع كبير.
صاحب المصنع زميلُ دراسةٍ قديمٌ، كان فاشلاً في دراسته، فاختارَ أقصر الطُّرق، وترك دَرْب العلم كما قال؛ لِيَهنأ به الآخَرون.

- 2 -
قالتْ بِزَهو وغُرور الشَّجرة الشابَّة، وهي تُحاور جارتَها العجوز الهرمة:
• انظُري إلى شبابي، انظري إلى نضَارة أوراقي، وتَناسُق أغصاني، انظري إلى ساقي وقد امتدَّت بِثَبات وشموخ، انظري إلى العصافير تقصدني دونك، أين أنت من ذاك كلِّه؟
لَم تُكمِل الشَّجرة الشابَّةُ عبارتها؛ إذْ سرعان ما امتدَّت نحوها يدُ القدَر، فهَوى الفلاَّح نحوها بفأسه، وسرعان ما كانت حَطبًا اجتمعَت الأُسرة حوله؛ بَحثًا عن الدِّفْء في فصل ذاك الشِّتاء القاسي.

- 3 -
أصرَّ على شراء تلك اللُّعبة، لَم تُجْدِ معه محاولةُ أبيه في تأجيل ذلك وشرائها له لاحقًا، وعندما خرَجا مِن متجر الألعاب، أنسَتْه فرحتُه كلَّ شيء، حتَّى إنَّه لَم يلحظ أنَّ والده أخذ يرتجف لشدَّة بردِ تلك الليلة.
لقد باع المسكين معطفَه، حتَّى يشتري تلك اللُّعبة.

- 4 -
أقاموا الدُّنيا، ولَم يُقعِدوها، أسَّسوا جمعيَّة، عقدوا اجتماعًا تِلْو اجتماع، تعالَتْ أصواتهم في المَحافل، خصَّصوا الميزانيَّات، أخَذوا يُراقبون ويعاقبون من يُخالف أنظمتَهم وقوانينهم.
إنَّهم جماعة الرِّفق بالحيوان.
ليتهم تذكَّروا أنَّ في عالَمِنا هذا أُناسًا، يحلمون بِنَيْل جانبٍ يسير من تلك الحقوق.

- 5 -
أدخلَ الطَّعام على الطعام، شَكا مِن مُضاعفات السِّمنة، باءَتْ جَميع مُحاولاته بالفشَل لإنقاص وزنه الَّذي فقدَ السَّيطرة عليه، لَم يدَعْ دواء لذلك إلاَّ وجرَّبَه، لَم يترك وصفةً إلاَّ وتَعاطاها.
نصَحوه بِمُتابعة البَرْنامج الصحيِّ الَّذي سيُعرَض اللَّيلة، ويَستضيف خبيرَ إنقاص الوزن.
قطع حديثَ الخبير، نبأ عاجل:
شبح المَجاعة يحصد أرواح عشرات الآلاف من الصُّوماليِّين!
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/37780/#ixzz1xGbsQK9J)


وريقات الليمون المحترقة (قصص قصيرة جدًّا / (عائشة الدوسري
إدمان
بَلغ بها الألَمُ حدَّ الإدمان، فأصبحت تتعاطاه وهي لا تعرف لِهذا الألَم حلاًّ ولا علاجًا، وأصبحت مُدمنة ألَم!

ذبـول
ذَبلت تلك الفاكهة بيد زارعها؛ فقد اكتمل نُضجها، وزينَت البستان بلونها البَرَّاق، ولكنه..!
أصرَّ ألا يأخذها، وألا يقتطفها أيُّ أحد، وألا يتذوق أحد طعمها.
فذبلت!
فذبلت!

احـتلال
زرعت فيه الحنان، وزَرع غيرها الشتات، أحاطته بسياجٍ من اهتمام، فكسر غيرها السياج.
وتركوا روحه وقلبه، بلا سياج، ليحتلَّه مَن يريد الاحتلال!

مـواعيد
كانت المواعيد باردة، والنقاشات بليدة، والقلوب ليست في وفاق؛ لأنَّ المصالح الماديَّة دائمًا هي الأهم، وما بعدها لا يهم.

وُرَيقات الليمون المُحترقة
واحترقَت وُرَيقات اللَّيمون، احترقت من الجَفاف والعَطش، فالعَطشُ الشّديد أصابَها، ورافقها في مراحل نُموِّها، والجَفاف قضى على معالِم بهجتها، فاحترَقت!
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/37142/#ixzz1xGcEdMDj)


قصص قصيرة جدًّا / كريمة دلياس
عطـش
وقَّعَ قصصه المَوْسومة بماء الحياة، لطالَما سقاها من عُروقه، تسلَّل من بين الجموع يبحث في حلمه عن ماءٍ يَروي عطشَه، لَم يجد إلاَّ صحراء قاحلة، دموعًا تصلَّبَت، أحجارًا صلداء، سياطًا تجلده كلَّما انزوى إلى ركنه السحيق، أمَّا القصص فقد طالبَتْه باللُّجوء السياسي!

عـري
أشجار عاريةٌ بلا ظِلال، ترقُب عري الفصول، تتلاقح في صمت الانتِظار.
أمَّا البحر فيكشف عريه للرِّياح الهوجاء أمام شُرفة منْزل قديم، تطلُّ بدورها على أرواح عاريةٍ من أجسادها تتصاعد نحو الأعلى.
أشجار أخرى تتفرج على عري الكائن، في حين السَّماء تنفرج عن غيوم جوفاء تنظر إلى بطونٍ جائعة!

سـريالية
على مَتْن القطار تصفَّح جريدته اليوميَّة، ارتشفَها مع قهوة الصباح، كلُّ شيء بَدا له شاحبًا كالمعتاد؛ أخبار صفراء، حوادث صفراء، كلمات متقاطعة صفراء.
ترك الجريدة جانبًا، وتمدَّد على عشب الذاكرة يتفيَّأ ظلال الماضي، استقلَّ قطار مخيلته يجوب كلَّ المحطات السابقة، كل السيناريوهات كانت متشابكة ومتشابهة.
تأجَّجَت النار بداخله، وأكلت العشب، في المحطة الأخيرة كتب ولادتَه!

خـجل
عكس نورها محيَّاه، فلمع موجُه الأزرق بشتَّى ألوان قزحيَّة.
قالت بعنفوان: إنِّي ضياء هذا الكون.
قال: وأنا سرُّ هذا الكون، يبوح لي بكلِّ أسراره وخطاياه.
قالت: أنت تتوضَّأ من نوري، فيبرق غَوْرك الهادر، فأنَّى لك بهذا السِّر!
قال: عندما تبلغين الأفق ستتجلَّى لك حِكمتي!
عند الأفق أدركَت الشمس تَواضُعَ البحر وعظمتَه، فطبعت على وجنتيها حُمرة خجل!

تمـثال
تقدَّم الطِّفل بعكَّازتيه الحديديَّتين إلى ساحة الحريَّة، وقف وجهًا لوجه أمام التِّمثال، تأمَّله جيدًا، راوده حلمٌ مجنون بأن يصير عصفورَ حريَّة.
وضع تاجًا من قشٍّ على رأسه، أمسك بخربشاته القديمة بيده اليُسرى، لكن ثَمَّة شعلة بيضاء لَم تشتعِل.
اتَّقدَتْ بدلها عيناه جمرًا عندما تحسَّس يده اليمنى، تذكَّر أنه نسيها هناك تحت الأنقاض!
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/37120/#ixzz1xGcqvsDB)


قصص قصيرة جدًّا / هند ناصر سالم بن طالب
)نـور(
قبسُ نورٍ نبَت على استحياء في بُقعة غيبيَّة من قلبها، في لحظة خافَت عليه أن يخبوَ، وفي لحظة تَلَتْها صرَخت: النور لا يموت! فشَقَّ قُدومه بقوَّة.

)يـأس(
نفس مُلَبَّدة بالغيوم ولا أملَ لمطرٍ قابع في الدَّرك الأسفل لقاع الفاشلين، مسفوح دمُه من الوريد للوريد، وبيده السكين!

)شـفاء(
صباح ربيعي مُفْرِح، أطلَّ بوجهه الباسم، يُوقظها من نومها، أشعَّة شمسه الحانية قبَّلت خَدَّها، فتحَت عينيها، ابتَسَمت في وجهه: أهلاً بك أيُّها الصباح الذي عادَت إليَّ فيك رُوحي!

(ضُـرٌّ)
لَم تَفهم أبدًا ماهيَّة الشعور الذي سكنَها أعوامًا، لَم تَفهم سببَ الليل الذي خيَّم على عقلها، سبب القوَّة الغاشمة التي كبَّلتها، لكنها لَم تَعُد مهتمَّة بالفَهم؛ فقد صار ذلك ماضيًا، وأدْرَكت أنها خيرة ربَّانيَّة!

)جـحود(
فِرَاخ شبُّوا عن الطَّوق، نَمَت أجنحتهم قويَّة، حَلَّقوا بأحلامهم خارج الحدود بعيدًا، نبَذوا خلفهم بيضة فُقِسَتْ عن أَمٍّ!

)صـدقة - أمـل(
على بُعد خُطوات من باب المديرة العابسة، القاسية، استَقَبلتْها بوجهٍ باسمٍ، وأسرَّت لها: التسجيل في الشهر القادم، بذلَت ابتهالات ودموعًا حتى الموعد!

)أنـس(
تحوَّل ليله لأغلى زائرٍ ينتظره بشوق، بدَّد القرآن وحْشته، فعاد إلى الحياة!

)هـدم(
فُرِض عليها أن تعيشَ حياة الإناث في مجتمعها، ترَكت القراءة والكتابة للذكور، فأنجبت أُميَّة!

)قـوة(
جلَس الشيخ يستمع لشيخه، سجَّل بيده المرتجفة نقاطَ الدرس، انصرَف مع طَلَبَة العلم كطالب!

)شـعور(
جاءت متأخِّرة، تلمَّست موضع قَتْله، طَمِعت في رؤية دَمِه، حاوَلت الإحساس به، تمنَّت حديث الصخر عنه، أو هَديَّة النَّسمات من عَبَقِ مِسْكه، عادَت خائبة، بين جناحَيْها شيء لَم تَستطعه، شعور الشهداء!
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/36609/#ixzz1xGd9ubCB)


قصص قصيرة جدًّا / مؤمن رضا
1-بـازل:
استغرقتني لوحةُ البازل العملاقة ما يقربُ من شهرٍ لإتمامها، تأملتها لثوانٍ قبل أن تتلاشى فرحتي بإنجازي، هناك قطعة ناقصة، الطرف الأعلى لشراعِ المركب فارغ، عبر الفراغ يتلوثُ الشِّراع الأبيض بخلفيةِ لوحةِ البازل السوداء، كم أصبحت دميمةً اللوحةُ!
كدت أجنُّ وأنا أبحثُ عن القطعةِ الناقصة ولا أجدها؛ محتملٌ أنني اشتريتُها ناقصة من البداية، ومحتمل أنها ضاعت مني، وليس محتمل أن تظلَّ اللوحة هكذا، سأفكِّكُها.

2-محاولة تذكر:
جلسَتْ أمامي في القطار، هذا الوجه أعرفُه، بالتأكيد أعرفه، تمعنت في وجهِها متجاوزًا حدودَ اللياقة، فوجدتها هي أيضًا تحاول التذكُّر، أشعر بهذا إلى حدِّ اليقين، أخذتُ أفتح كل ما استطعتُ من خزائنِ الذاكرة، لا جدوى، لكن الشعور يزداد، هذا الوجه مرَّ بحياتي من قبل، وأؤمن أنه لم يكن مرورَ الكِرام.
الغريبُ أنَّ وجهها لم يكن جميلاً، ولم يكن قبيحًا، يكون هذا سهلاً عند محاولةِ التذكر، لكن الوجه المريح البشوش الطفولي صعب؛ هذا معقَّد!
ثلاث ساعات في القطارِ قضيتُها كلَّها في محاولةِ التذكر العبثية، حتى افترقنا، لكنني عرفتُ أنني لو رأيتُها مرة أخرى سأذكرها.

3- سلسلة المفاتيح:
شعور غريب يجمع بين الحزنِ والترقب والتحرُّرِ ينتابني وأنا أرى ميدالياتِ سلسلة المفاتيح الخاصة بي تنفصلُ عنها واحدة تلو الأخرى، كانوا أربعة، اليوم صاروا واحدةً تحملُ الحرفَ الأول من اسمي، منذ شهرٍ انمحت ألوانُ الميداليةِ الجلدية التي ابتعتها للذكرى من ألمانيا، فخلعتُها بيدي.
منذ أسبوعين انكسرت تلك المعدنية، التي تحملُ شعارَ مدرستي، فسقطت، وأمس تركت خطيبتي.

4- ضجيج:
استيقظتُ من سباتي العميق، الذي ليس من السَّهلِ إيقاظي منه، على صخبٍ وضجيج ظننتُ أنه من الشَّارع، بعيونٍ ناعسة خرجتُ إلى الشرفةِ لأرى ما الخطب، لكنني لم ألحظْ أيَّ شيء غير عادي، الحركة في الشَّارعِ هادئة وطبيعية، قلتُ في نفسي: إنَّ مصدرَ الضَّجيجِ ربما يكون قادمًا من اتجاهٍ آخر.
دلفت إلى المنزلِ ورحت أطوفُ بأرجائه، الصوتُ مستمرٌّ ولا أعرفُ من أين يأتي، نظرت من كلِّ نافذة ولم أجد شيئًا، في النهايةِ قدَّرتُ أنني أنا مصدر الضجيج، وأنه لا يوجد إلا بداخلِ رأسي، فارتحتُ لهذا التفسير وأكملت نومي.

5- الطائرة:
على متنِ الطَّائرةِ شعرت أنني خارج الزمن، الأرضُ تدور، وأنا لست على الأرض، التوقيت المحلي لأي دولة لا قيمةَ له فوقَ السَّحاب، لوهلةٍ، بدا لي كأنني خرجتُ من منزلي هذا الصباح فقط من أجل الطائرة، غايتي هي الطائرة، ليس مهمًّا أن أصلَ لكندا، المهم أنني وصلتُ لمقعدي في الميعاد.
هذه لحظاتٌ على هامشِ الحياة، وقت توقف اللعب، تحتبس الأنفاس فيه إلى أن يطلقَ الطيارُ صافرتَه.
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Publications_Competitions/0/36201/#ixzz1xGe3jOVR)

قصص قصيرة جدا / سعاد اشوخي
تقليد
"إنَّنا نعود نحو البدائية"؛ هكذا قال الأستاذ محمد عدناني في مُتَعِه[1].
كثيراتٌ هنَّ اللاتي يَلبسن العُرْي بدعوى التقدُّم والحرية، في زمن أصبح فيه السترُ عندهنَّ تَخلُّفًا ورجعيَّة، أو هذا ما جنتْه علينا المسلسلات التركيَّة والمكسيكية، وما عُدنا نُميِّز بين لَميس التركية ولا رحمة المغربيَّة، بغير لسانها الذي يَلْهَجُ باللَّهجة المغربيَّة، مع كثير من الكلمات الأجنبية، لكن لميس تَعرِض جسدَها بأسعارٍ ومَبالغَ خياليَّة بما تُروِّج له عارية أو كاسية، لكن رحمة المسكينة ما زالت تُقلِّد بعَمى، تُعرِّي وتُعرِّي؛ حتى أصبحت تَسير نحو البدائيَّة.
نَسيتْ رحمة جلبَابَها الأصيل، وحشمتَها المُتأصِّلة في الجذور، وتَبِعت دُورَ الأزياء الرخيصة على شاشات التلفاز.
فقدتْ رحمة هُويَّتها، كما فقَدت روحَها، وتبرَّأت من كلِّ شيء يَربطُها بالتُّراث، فأصبحتْ خَليطًا من كلِّ الثَّقافات، التي لا تُعبِّر في أي صورة عن رحمة.
فقد أصبحت رحمة بلا رحمة.
وطن
طلَب أستاذ من تلاميذه رسْم خارطةَ الوطن، وقال: عارٌ على الإنسان أنْ يَجهل خارطةَ الوطن؛ الوطن أمُّكَ وأبوك وأخوك وكلُّ عائلتك، هيا أَرونِي كيف تُحبُّون الوطن؟
أخَذ التلاميذ ألوانَهم يَتبارون في حبِّ الوطن، عدا تلميذٍ خَطَّ بعض الألوان السوداء على لوحتِه وشَرَدَ، انتبه الأستاذ إلى هذه الصورة القاتِمة، فقال: "يا بُني، الوطن فردوسٌ نَعيش فيه، واللون الأسود للحزن الذي لا يَجب أن يصل إلى قلوبنا!".
قال التلميذ: الوطن - يا أستاذ - أمي التي ماتتْ في المستشفى الحكومي، ولم تَجد العلاج، الوطن أبي الذي مات وهو يَبنِي قصر العدل، وإخوتي الذين استُشهدوا، وأنا ذلك الشعب الذي بقي يَلبس السَّواد حزنًا بلا وطن.
مَيْطَرُون[2]
لم يكن شيئًا مذكورًا، أراد اعتلاء سلالِم الشُّهرة، قلَّب في عيوب الناس؛ فكَذَب وافترى، عرَّى وفضَح، سبَّ وشتَم، قذَف وطعَن.
دخَل عالم المشاهير من أوسِخ الأبواب؛ أفرغ مكبوتاتِه، وصَفَّق لذنبه الأعوج.
عاد إلى نفسه، وجدها تزيد خُبْثًا، ويزيد غُرورًا.
اسْودَّ وجهه بسوء أفعاله، وما زال يقول: هل من مزيد؟
وهي تُناديه: إليَّ مرجِعُك، إليَّ مرجعك.
__________
[1]متع بالمجان مَحكيات؛ للدكتور محمد عدناني، أستاذ بجامعة أكدال بالرباط.
[2]اسم للشيطان.
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Literature_********/0/41053/#ixzz1xGm4xmuh)


دنيا (قصص قصيرة) / محمد صادق عبد العال

1- دنيا:

مُذْ كنتُ في السابعةَ عشرةَ من عمري، وقدماي قد اعتادت أن تَسُوقني طواعيةً أو كَرَاهيةً إلى بيت أختي التي تَكْبُرُني، مُصطحبًا ولدَها الأكبر الذي كان يُلازِمني ملازمة دائمة، ولا أَتَحَمَّل أن يَمُرَّ يوم، أو تنقضي ساعة دون رؤياه؛ فهو الحفيد الأكبر لأمي وأبي.

كنَّا نمر بعَجُوزٍ فانيةٍ شَقَّ الدهر في وَجْهِهَا أخاديد بسِنِيِّ عُمُرِها الطويل، وتكَشَّفت لها مواطن الغَدْر، إذا ما أبدت الدنيا للغرور منها المفارح، لكنها ما زالت تحيا كما نحيا نحن، وكنت كلَّما مَرَرْت بها نَظَرتْ لي نظرةَ المعتبِر من الدنيا، وتقول: دنيا! " رَأَيتَ الدنيا"؟!

لم نُلْقِ لها بالاً؛ إذ لم نكن قد تخاصمنا مع الدنيا بعدُ، ولم نكن قد رأينا من الدنيا ما يجعلُنا نشاطرها أَتْرَاحها بعدُ.

وكان ابن أختي بخفَّة الظل، وبراءة الطفل، يقول كلماتها: دنيا! "رَأَيتَ الدنيا"؟! فنضحك من حَدَاثة سنِّه وما يقول.

مرَّت الأيام، وانفرط عِقْد العُمُر، وماتت السيدة العجوز!

ورحلت أختي إلى القاهرة المُعِزِّية! وماتت أمي الغالية!

جَفَاني الطريق المعتاد وجَفَيتُه حتى افترقنا، ولكني كلَّما تَاقَت نفسي لمُصَالَحتِه، لم أجد ما أصطحبه في هذا الطريق سوى بقايا من ذكريات ماضية، وأنا أقول في نفسي - دونما أن يسمع بى شامتٌ أو كارِهٌ -:

دنيا! " رَأَيتَ الدنيا"؟!


2- الأَبْلَهُ والمِرآة:

نظر في المرآة فإذا وجهُه غَضٌّ، وشعرُه أسودُ كحيلٌ، وعيناه بها حَوْر يَذْهب بألباب المحبِّين، رأى في المرآة مُعجَبة تَقِف خلفه، فالتفت إليها، وأعطى المِرآة ظهرَه، وقال لها: مَن أنتِ؟!

قالت: أنا مَن بيدي القَلَم؛ لأكتب لك ما تريد، عساه يتحقَّق!

فضحِك واثقًا، ثم قال لها - وهو يتكأ على المرآة -: اكتبي ما سوف أُمْلِيه عليكِ.

أولاً: يَسْتَديم لي المجد والشباب.

ثانيًا: لا تَمُرُّ بي فاقةٌ قطُّ، ولا يَعرِف الفقر لي بابًا، ولا أَفْتَقد حبيبًا أو أقرباء.

ثالثًا: - فقاطعته قائلة -: عفوًا لقد انكسر سنُّ القلم، فاستَدِر للمرآة ثانية؛ حتى آتِيَك بغيره، فلما استدار وأعطاها ظهره، أبصر الشعر الأسود قد شاب واشتعل، والوجه الغَضُّ الإهاب قد صار أخاديد لا يحصيها عدّاد.


فصرخ في المرآة، وقال: كَذَبتِ المرآة، كَذَبتِ المرآة.


3- الغِرُّ والشَّمْطاء:

قَبِلت الزواج منه رغم أنها تَكْبُره، وماذا ستفعل؟! فهو المُولَع بها حبًّا، المُتَيَّم بها عشقًا.

نَصَحه الشيخ الكبير أن يجعلها خلفه، إذا سارت معه أعرض عنه، واتَّهمه بالحسد والحقد عليه.

فلما كان ذاتَ مساءٍ سار خلفها، تخطَّت حفرة كبيرة كاد أن يقع هو فيها، لكنها أمسكته بطرف أصابعها العقيمة.

نصحه الشيخ ثانيةً: اجعلها من خلفك إذا مَشِيتَ، فنَهَره قائلاً: لقد أمسكتني بطرف أصابعها؛ إِذْ كنتُ قد أوشكتُ على الوقوع في البئر، لن تَغْدِر أبدًا بي.

تكرَّر الأمر ثانيةً، فسقط ولم تُمسِك به حتى بطرف أصابعها العقيمة، وتركته وانصرفت لغيره، صَرَخ في قاع الحفرة، ومدَّ بصره إلى أعلى يستغيث؛ فإذا بالشيخ يوبِّخه: ألم أقل لك: اجعلها خلفك إذا مشيت، إن المؤمن لا يُلْدَغ من جُحْر مرَّتين، ثم انصرف.
رابط الموضوع (http://www.alukah.net/Literature_********/0/38957/#ixzz1xGpwG54M)

.