المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعبدوا الله، وانصروا الطاغوت!



أهــل الحـديث
13-06-2012, 09:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد، والصلاة والسلام على النبي أحمد، وعلى آله وأصحابه ومن لله تعبّد.
قال الله سبحانه وتعالى: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً}.
إن الصراع بين الحق والباطل سنة كونية وفريضة شرعية، وهما ضدان لا يجتمعان، وعدوان لا يصطلحان، ولكل منهما أنصار وأعوان.
وأصل العداوة بين الحق والباطل مبينة على طاعة الله ومحبته وولايته، أو محبة الشيطان وطاعته وولايته.
فالله سبحانه خلق عباده ليخلصوا العبادة له وحده سبحانه، والشيطان أخذ على نفسه العهد أن يضل الناس ويجتالهم عن صراط الله المستقيم.
وكل من وحّد الله بالعبادة والذل والخضوع والانقياد فهو عدو للشيطان وهدف لجنوده وشباكه وحبائله.
وفهم الإسلام بشموليته مع ربط جميع شرائع الدين بحقيقة التوحيد وشروطه ولوازمه، يُسهل على الإنسان مواجهة مكر الشيطان وتدمير خططه.
وبقدر ما يكون عند الإنسان من الجهل بحقائق التوحيد وشروطه ولوازمه ونواقضه بقدر ما يكون عرضة للسقوط في حبائل الشيطان وغوائله.
وما نراه اليوم من تحجيم لمفهوم التوحيد هو إحدى صور قصور الفهم في معرفة شمولية التوحيد وسعة دائرته.
وهو ما أوقع كثيرا من المشايخ وطلبة العلم وأتباعهم في تناقض وتنافر في فهم التوحيد وأحكامه وتطبيقها على أرض الواقع.
كما أن عدم فهم التوحيد أدى إلى سوء فهم لحقيقة الشرك وتعدد صوره وأشكاله.
فعندما يحصر الناس أقسام التوحيد في قسمين أو ثلاثة أقسام، فإنهم يتصورون أن الشرك محصور فيما يقابلها ويضادها فقط.
مع أن تقسيم التوحيد هو أمر اجتهادي مبني على استقراء الأدلة، وكل قسم مندرج في الآخر ضمناً أو لزوماً، وإنما قسم العلماء التوحيد إلى قسمين أو ثلاثة للتوضيح وتسهيل الفهم.
ولقد تمسك بعض الناس بهذا التقسيم ورموا من يستخرج قسماً رابعاً أو خامساً بناء على الاستقراء، ومن أجل التوضيح، رموه بالبدعة ومخالفة السلف.
ولو نظرنا إلى أقوال الصحابة والتابعين فإننا لن نجد في كلامهم تقسيم التوحيد إلى قسمين أو ثلاثة بهذه المسميات المعروفة وإن كان قد ورد في كلامهم ما يدل على بعضها.
ولو حكمنا بتبديع من يستخرج قسماً رابعاً تدل عليه الأدلة، فكذلك سوف نحكم بتبديع من قسمه مثلاً إلى قسمين، كما يفعل الإمام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم رحمهما الله فإنهم يقسمون التوحيد في بعض المواضع إلى قسمين: توحيد المعرفة والإثبات[ ويشمل توحيد الربوبية،والأسماء والصفات]، وتوحيد القصد والطلب[وهو توحيد الالوهية].
فإذا لم نُبدّع من قسمه إلى قسمين فليس لنا حق أن نبدّع من قسمه إلى أربعة مادام أن لكل دليله الصحيح وحجته البينة، ولا حجة لما خالف الدليل.
وعندما قسم العلماء التوحيد إلى هذه الأقسام إنما أرادوا بذلك التوضيح والتسهيل وليس الحصر والقصر.
فمثلاً: هناك توحيد المحبة ويقابله شرك المحبة، ودليله قوله تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبّاً لله}.
وهناك توحيد الطاعة، ويقابله شرك الطاعة، ودليله قوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}، وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية بأنها طاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال.
فمن يقصر التوحيد في تلك الأقسام وبالتالي يحصر الشرك فيما يضادها يكون قد وقع في تحجيم مفهوم التوحيد وقصره في صور قليلة.
كما أن معرفة باب الشرك والكفر والفرق بينهما يساعد الإنسان على فهم أصول الدين ودعائمه.
والمقصود من هذا الكلام أن ما نراه اليوم من تناقض في فتاوى كثير من العلماء وطلبة العلم إنما هو ناتج عن الجهل أو الغفلة عن مثل هذه الأمور.
ولكي لا أطيل عليك أخي الكريم تعال فتأمّل معي: يقول الله عز وجل: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمِروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً}.
لاحظ أن الله سبحانه بيّن أن الذي يحكم بغير حكمه طاغوت، وأن الذي يتحاكم إليه يتحاكم إلى الطاغوت، وأن الحكم إلى الطاغوت مناف للكفر به، بمعنى أنّ الذي يتحاكم إلى الطاغوت هو لم يكفر بالطاغوت، وإذا لم يكفر به فتحاكمه إليه إيمان به.
ثمّ تأمل قول الله تعالى: {الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً}.
فجعل الله من صفات الكافرين أنهم يُقاتلون في سبيل الطاغوت، فمن يقاتل في سبيل الطاغوت فهو كافر.
ثمّ الآن تفكّر معي:
إن حكام المسلمين اليوم طواغيت، لماذا؟
لأنهم يحكمون بغير حكم الله، وقد سمى الله من يحكم بغير حكمه طاغوتاً.
فيجب علينا أن نكفر بالطاغوت ونعاديه ونحاربه كما أمرنا الله في الآية السابقة.
وكل من يقف في صف الطاغوت وينصره فهو عدو لله وولي للشيطان ويجب قتاله في سبيل الله، كما هو نص الآية السابقة.
ولا يشك عاقل في أنّ طواغيت الكفر الجاثمين على صدر الأمة إنما فرضوا سطوتهم على بلادنا بقوة ومعونة جيوشهم التي ما أُعِدّت وجُهزت إلا لحماية الطواغيت وحراسة مصالح الصليبيين.
واليوم تأمّل في دعوة كثير من العلماء وطلبة العلم، يأمرون في دروسهم بالتوحيد والكفر بالطاغوت، فإذا كفرت بالطاغوت وحاربته يرمونك بأنك من الخوارج والتكفيريين!
سبحان الله!
يأمروننا بالكفر بالطاغوت فإذا كفرنا به وكفّرناه قالوا: تكفيريين.
وإذا حاربنا الطاغوت وقاتلناه قالوا: خوارج.
ثم يصفون جيوش الطاغوت بأنهم مجاهدون، يا للعجب، مجاهدون في سبيل من؟
يحمون الطاغوت ويدافعون عنه وعن حكمه ونظامه الطاغوتي، ثم نقول: مجاهدون؟!
والذين يقاتلون الطاغوت وحكمه ونظامه، هم خوارج؟!
ويأمرون الناس بنصرة الطواغيت ونصرة جيوشهم والوقوف في صفهم ويسمون ذلك جهاداً في سبيل الله!
إذا كان الذين يدافعون عن الطاغوت ونظامه وحكمه مجاهدون في سبيل الله! فمن هم المجاهدون في سبيل الطاغوت؟! هل هم الذين يريدون نصرة دين الله وتحكيم شريعته؟!
يا أيها العلماء وطلبة العلم، أتأمرون الناس بعبادة الله وتأمرونهم بنصرة الطاغوت؟!
هل هذا هو التوحيد الذي فهمتموه من الكتاب والسنة؟!
لذلك يحق لنا أن نقول فيكم، إنكم تقولون: اعبدوا الله وانصروا الطاغوت.
اللهم اهدنا للحق الخالص وطهر قلوبنا من الشرك واجعلنا من الصادقين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.