المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الغناء



أهــل الحـديث
13-06-2012, 02:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


سم الله الرحمن الرحيم


حكم الغناء


قال تعالى :(وأنذرهم يوم الحسرة) 39 مريم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد،
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان: (ومن مكايد عدو الله ومصايده ، سماع الغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القرآن ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان ، والحجاب الكثيف عن الرحمن ، وهو رقية الزنا وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى، كاد به الشيطان النفوس المبطلة وحسّنه لها مكراً منه غروراً ،وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت وحيه واتخذت لأجله القرآن مهجوراً. قال الإمام أبو بكر الطرطوشي في خطبة كتابه ، في تحريم السماع : الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين, ونسأله أن يرينا الحق حقاً فنتبعه، والباطل باطلاً فنتجنبه . وقد كان الناس فيما مضى يستتر أحدهم بالمعصية إذا واقعها ثم يستغفر الله ويتوب إليه منها ، ثم كثر الجهل ، وقلّ العلم وتناقض الأمر ، حتى صار أحدهم يأتي المعصية جهاراً ، ثم ازداد الأمر حتى بلغنا أن طائفة من إخواننا المسلمين وفقنا الله وإياهم استزلهم الشيطان ، واستغوى عقولهم في حب الأغاني واللهو فرأيت أن أوضّح الحق ، وأكشف عن شبه أهل الباطل بالحجج التي تضمنها كتاب الله وسنة رسوله ثم قال:أما مالك فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه وسئل مالك رحمه الله عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال : إنما يفعله عندنا الفساق.
ومذهب أبي حنيفة في ذلك أشد المذاهب، وقوله فيه أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها، كالمزمار، والدف ، حتى الضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة, وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فسق, والتلذذ به كفر.
وأما الشافعي فقال : في كتاب آداب القضاء : إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه، وأنكروا على من نسب إليه حله، قال الشيخ أبو إسحاق في التنبيه : ولا تصح يعني الإجارة على منفعة محرمة ، كالغناء والزمر وحمل الخمر، ولم يذكر فيه خلافاً.
وقال في المهذب: ولا يجوز على المنافع المحرمة ، لأنه محرم ، فلا يجوز أخذ العوض عنه كالميتة والدم فقد تضمن كلام الشيخ أموراً أحدها: أن منفعة الغناء بمجرده منفعة محرمة . الثاني أن الاستئجار عليها باطل، الثالث: أن أكل المال بالباطل، بمنزلة أكله عوضاً عن الميتة والدم ، الرابع: أنه لا يجوز للرجل بذل ماله للمغني، ويحرم عليه ذلك فإنه بذل مال في مقابله محرم ، وإن بذله في ذلك كبذله في مقابله الدم والميتة .
الخامس: أن الزمر حرام ، وإذا كان الزمر الذي هو أخف آلات اللهو حراماً فكيف بما هو أشد منه كالعود والطنبور ، واليراع . ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك ، فأقل ما فيه إنه شعار الفساق وشاربي الخمور وكذلك قال أبو زكريا النووي في روضته.
القسم الثاني: أن يغني ببعض آلات الغناء، بما هو شعار شاربي الخمر وهو مطرب كالطنبور، والعود ، والصبخ وسائر المعازف، والأوتار، يحرم استعماله، وقال : وفي اليراع وجهان : صحح البغوي التحريم .
قال: والصحيح تحريم اليراع، وهو الشبابة، وقد صنف أبو القاسم ، الذي جمع الدف والشبابة، والغناء فقال في فتاويه: وأما إباحة هذا السماع وتحليله، فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام، عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين. ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع، والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نقل في الشبابة منفردة والدف منفرداً، ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء أخذ بالرخص من أقاويلهم ، تزندق أو كاد.
قال سفيان بن عيينة: كان يقال: احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل ، فإن فتنتها فتنة كل مفتون.
وما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب ولا يعجبني.
فقال احمد : وقال سليمان التميمي: لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم ، اجتمع فيك الشر كله . ونص على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة ، وأمكنه كسرها . وأما سماعه من المرأة الأجنبية ، أو الأمرد فمن أعظم المحرمات وأشدها فساداً للدين
قال الشافعي رحمه الله: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته، وأغلظ القول فيه وقال:هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثاً. قال القاضي أبو الطيب: وإنما جعل صاحبها سفيهاً، لأنه دعا الناس إلى الباطل، ومن دعا الناس إلى باطل كان سفيهاً فاسقاً. قال الشافعي أما العود والطنبور وسائر الملاهي فحرام ومستمعه فاسق قال تعالى: (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين* وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم)) 6-7 لقمان.
قال الواحدي وغير أكثر المفسرين : على أن المرء بلهو الحديث الغناء وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:(( ومن الناس من يشتري لهو الحديث)). قال : هو الرجل يشتري الجارية تغنيه ليلاً ونهاراً . قال الواحدي:وهذه الآية على هذا التفسير تحرم الغناء، ثم ذكر كلام الشافعي في رد الشهادة بإعلان الغناء . إنك لا تجد أحداً عُنى بالغناء وسماعه، إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى ، علماً وعملاً ، وفيه رغبة عن استماع القرآن عدل عن هذا إلى ذلك وثقل عليه سماع القرآن وربما حمله الحال على أن يسكت القارئ ويستطيل قراءته ويستزيد المغني ويستقصر نوبته، قال ابن أبي الدنيا: أخبرني محمد بن الفضل الأزدي قال : نزل الحطيئة برجل من العرب، ومعه ابنته مليكة، فلما جنّه الليل سمع غناء، فقال لصاحب المنزل: كف هذا عني، فقال: وما تكره من ذلك فقال: إن الغناء رائدٌ من رادة الفجور، ولا أحب أن تسمعه ابنتي فإن كففته وإلا خرجت عنك.
ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء، كما يجنبهن أسباب الريب ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنا فهو أعلم بالإثم الذي يستحقه . فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:(( الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع))خواص الغناء: إنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره ،والعمل بما فيه ، فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً ، لما بينهما من التضاد ،وأن القرآن ينهى عن اتباع خطوات الشيطان والغناء يأمر بضد ذلك كله ويحسنه ويهيج النفوس إلى شهوات الغي ، فيثير مكامنها ، ويزعج قاطنها ، ويحركها إلى كل قبيح ، فبينما ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل ، وبهجة الإيمان ووقار الإسلام ،وحلاوة القرآن ، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله ، وقل حياؤه ، وذهبت مروءته ، وفارقه بهاؤه وتخلى عنه وقاره ، وفرح به شيطانه ، وشكا إلى الله تعالى إيمانه ، وثقل عليه قرآنه ،وقال : يا رب لا تجمع بيني وبين قرآن عدوك في صدر واحد ، فاستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه ، وأبدى من سره ما كان يكتمه ، وانتقل من الوقار والسكينة إلى كثرة الكلام والكذب، والزهزهة والفرقعة بالأصابع ، فيميل برأسه ، ويهز منكبيه ، ويضرب الأرض برجليه ، ويدق على أم رأسه ويثب وثبات الدباب ويدور دوران الوجد، وله خوار كخوار الثيران وتارة يتأوه تأوه الحزين وتارة يزعق زعقات المجانين . وقال بعض العارفين : السماع يورث النفاق في قوم ، والعناد في قوم ، والكذب في قوم والفجور في قوم ، والرعونة في قوم ، وأكثر ما يورث عشق الصور واستحسان الفواحش، وإدمانه يثقل القرآن على القلب ويكره سماعه بالخاصية ، وإن لم يكن هذا نفاقاً فما للنفاق حقيقة. وسر المسألة أنه قرآن يخالف الظاهر الباطن ، وصاحب الغناء بين أمرين، إما أن يتهتك فيكون فاجراً ، أو يظهر النسك فيكون منافقاً ، فإنه يظهر الرغبة في الله والدار الآخرة وقلبه يغلي بالشهوات ، ومحبة ما يكرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أصوات المعازف وآلات اللهو، ما يدعو إليه الغناء ويهيجه ، فقلبه بذلك مغمور ، وهو من محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكراهة ما يكرهه قفر وهذا محض النفاق، وأيضاً فإن الإيمان قول وعمل ، قول بالحق، وعمل بالطاعة، وهذا ينبت عن الذكر ، وتلاوة القرآن ، والنفاق قول الباطل، وعمل البغي وهذا ينبت على الغناء، وأيضاً ، من علامات النفاق: قلة ذكر الله ، والكسل عند القيام للصلاة، ونقر الصلاة، وقلَّ أن تجد مفتوناً بالغناء إلا وهذا وصفه , وأيضاً فإن النفاق مؤسس على الكذب، والغناء من أكذب الشعر ، فإنه يحسن القبيح ويزينه ، ويأمر به ويقبح الحسن ويزهد فيه ، وذلك عين النفاق. روى الترمذي من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال :(( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه فوضعه في حجرة، ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن : أتبكي ، وأنت تنهى الناس ، قال : إني لم أنهَ عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمةٍ لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه، وشق جيوب، وهذا رحمة ، ومن لا يَرحم لا يرُحم لولا أنه أمر حق، ووعد صدق ، وإن آخرنا سيلحق أولنا ، لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون، تبكي وتحزن العين القلب، ولا نقول ما يسخط الرب)) قال الترمذي هذا حديث حسن فانظر إلى هذا النهي المؤكد ، بتسميته صوت الغناء صوت أحمق ، ولم يقتصر على ذلك ، حتى وصفه بالفجور ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق على تسمية الغناء مزمور الشيطان في الحديث الصحيح كما سيأتي فإن لم يستفد من هذا لم نستفد من نهي أبداً. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ، فاضطجع على الفراش، وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر رضي الله عنه ، فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال دعهما فلما غفل غمزتهما(1) فخرجتا. فلم ينكر رسول صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان وأقرهما ، لأنهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب، الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب ، كان اليوم يوم عيد ، فتوسع حزب الشيطان في ذلك إلى صوت امراة جميلة أجنبية أو صبي مرد صوته فتنة وصورته فتنة يغني بما يدعو إلى الزنا والفجور، وشرب الخمر، مع آلات اللهو التي حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث. التصفيق والرقص قال الله تعالى:( أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون . وأنتم سامدون) 59 النجم .
قال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: السمود في لغة حمير، يقال اسمد لنا أي غني لنا. قال بعض السلف :المعاصي يريد الكفر كما أن القبلة يريد الجماع والغناء بريد الزنا، والنظر بريد العشق والمرض بريد الموت ، عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أو عامر أو أبو مالك الأشعري رضي الله عنهما انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجاً به وفي المسند : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله حرم الخمرة والميسر والكوبة وكل مسكر حرام )) حديث صحيح أخرجه أحمد، والكوبة : الطبل ، قال سفيان ،وقيل البريط يعني العود،قلت ومن خلال تتبعي لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت أن حرمة الغناء تأتي من مقارنته للمعازف والتغني بكلمات مخالفة للآداب الإسلامية تدعو إلى الفجور وعظائم الأمور.
وعن تجربة من ترك شيئاً لله بعدما تبين له حرمته فلا بد أن يبدله الله خيراً منه ويفرغ قلبه من الغناء والشهوات ، ويملأه بالسعادة الحقيقية غير المزيفة، ويملأه بالسكينة والطمأنينة والأمن، في بداية توبته وإذا سمع الغناء بغير إرادته عندما يركب في حافلة مثلاً يحن إلى الماضي ويشتاق إلى الغناء، وقد يتجاوب مع الغناء ولكن إذا أصر على عدم العودة إلى استماع الغناء واستمر في توبته الصادقة، ينقلب هذا الاشتياق وهذا الميل وهذا التجاوب إلى كره وبغض واشمئزاز وإذا سمع الغناء صدفة لا يطيق أن يسمع ويشعر بالضيق ويكره ذلك في قلبه ولا يقره ، ولكن لن يكون ذلك العوض إلا بعد مضي بضعة أشهر إلى سنة وذلك لأسباب منها أولاً ليعلم صدق توبته وقوة صبره وهل ينجح في الامتحان أم يسقط فالجنة غاليةوثانياً
حتى ينعتق من أسر الشيطان وينجلي ذلك الران المتراكم على القلب



وثالثاً
وحتى تستقيم نفسه عن انحرافها بعدما تعودت على الطرق المهلكة ، ويعود إلى فطرته السليمة ، فينقلب ما كان محبوباً من الغناء إلى كره وبغض فعندما تنسجم النفس مع الفطرة ترتاح ويجد صاحبها لذة في قلبه لا تعادلها لذة .
اللهم حبب إلينا فعل الخيرات وترك المنكرات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.