المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة إلى القاعدة في اليمن



أهــل الحـديث
06-06-2012, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم





بسم الله الرحمن الرحيم



نصيحة صادقة لتنظيم القاعدة



بقلم الشيخ/ أبي سلمان اليماني

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالدين النصيحة، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض، وهم نصحه بررة، والمؤمن مرآة أخيه المؤمن، وقد اطلعت على نصائح وتنبيهات متنوعة على تنظيم القاعدة من عدة علماء ودعاة، فأحببت أن ألخصها وأقربها وأهديها لإخواني المجاهدين لينتفعوا بها، وإني لأستحي أن أكتب نصيحة للمجاهدين الذين بلغوا ذروة سنام الدين، باعوا أنفسهم وأموالهم لله، يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم، هم خير هذه الأمة في كل زمان ومكان كما قال الله: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدين في سبيل الله...)فأنا- وأستغفر الله - من القاعدين هداهم الله، ولكني - والحمد لله- محب للمجاهدين، وما كتبت هذه النصيحة إلا لمصلحتهم والمسلمين، ولا بأس أن ينصح القاعد القاعدة، وقد ينتفع الأفضل بنصيحة المفضول، والحكمة ضالة المؤمن أنَّىوجدها فهو أحق بها.
وقبل البدء في النصيحة أقول: القاعدة هم من أهل السنة وإن وقعوا في بعض الأخطاء، كما أن غيرهم من أهل السنة لهم أخطاء.


ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه

ولا يجوز لأحد أن يزكي نفسه، فلا معصوم إلا الأنبياء، يقول الله: (الم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء)، ويقول سبحانه: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)، ولسنا مع القاعدة في أخطائهم، ولسنا أيضاً مع من يضخم أخطاءهم وينسى حسناتهم ويقف ضدهم مع ....!!
والمجاهدون هم أولى الناس بتلمس الأعذار لهم إذا أخطأوا، فإن من أسباب تحمسهم ما يرونه ويسمعونه من صور التعذيب والتنكيل لكثير من المسلمين المستضعفين، وكذلك ما يعلمونه من واقع الموالاة والخضوع لأعداء الإسلام من قبل الحكومات الإسلامية التي أعرض حكامها عن العمل بالشريعة، وقدموا القوانين الوضعية على الكتاب والسنة.
فلسنا مع من يُشنع على المجاهدين بأخطائهم، ويذكرها متقرباً إلى المنافقين أو الكافرين خوفاً منهم أو طمعاً فيما عندهم، وإنما نذكر أخطاء المجاهدين نصحاً لهم ومحبة فيما ينفع المسلمين ويحقق مصالحهم، وهذه الأمة قادرة بعون الله على علاج مشكلاتها بالتناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
وهذه بعض النصائح والتنبيهات:
1- من أخطاء كثير من المجاهدين تغليبهم مبدأ الموت في سبيل الله على منهج الحياة في سبيل الله، والموت في سبيل الله خير عظيم، ولكن أن تحيا في سبيل الله خير وأعظم أجراً، والأمة في أمس الحاجة لمن تكون حياتهم في سبيل الله، لمن تكون حياتهم لله وفي الله وبالله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [خير الناس من طال عمره وحسن عمله]، فرويداً رويداً يا أيها المجاهدون في الاندفاع إلى الشهادة، واستبقوا أنفسكم –يا أسود الإسلام- فالأمة في أمس الحاجة إليكم وإلى أمثالكم، بل إن حياة الواحد منكم أنفع للأمة من حياة ألف ممن ليس مثلكم.
2- من أخطاء تنظيم القاعدة تبنيها لاستراتيجية الصراع مع العالم كله في آن واحد، وهذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تحييد الأعداء وحسن إدارة الصراع معهم من خلال معاهدات أو اتفاقيات حتى إنه في غزوة الأحزاب استشار المسلمين في مصالحة بعض الكفار بدفع شيء من المال لهم، فحال الضعف غير حال القوة، والضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، فعلى القاعدة أن تراجع منهجها في الصراع مع العالم كله في ضوء نصوص وأحكام الشرع ومقاصد الدين، وعليها أن تقارن بين ما يجري من انعكاسات نتيجة بعض أعمالها وبين ترك الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض الأعمال التي كان قادراً عليها لغايات أعظم منها، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا تعارضت مصلحتان فالشريعة تأمر بفعل أعلاهما وتفويت أدناهما، وإذا تعارضت مفسدتان فالشريعة تأمر بدفع أعلاهما وارتكاب أدناهما وإن كانت مفسدة، وهذا مالا يفهمه كثير من الناس لقلة علمهم بالشريعة ولحماسهم الجارف وعاطفتهم الجياشة؛ مما يدفعهم إلى الاستعجال والتهور ومحاولة فرض ما يرونه حقاً على الآخرين، ومنهم من لا يكتفي بجهله بمقاصد الشريعة بل يضم إليه الجرأة على الفتوى والطعن في علماء الأمة العاملين والانتقاص من قدرهم!!
فعلى القاعدة أن تراجع قراءتها للواقع، وتنزيل الأحكام الشرعية عليها، وأن تراجع أفكارها في ترتيب الأولويات وتحديد الأهم، وأن لا تستخف بمعطيات السياسة الدولية، وأن تحرص على التعامل مع السياسة الدولية بحكمة وحنكة مع أخذ الحيطة والحذر، فمخططات الأعداء تحمل العديد من جوانب الصراع عسكرياً وإعلامياً وسياسياً واقتصادياً، ولا تستقيم المواجهة باختزال الصراع في الجانب العسكري أو الإعلامي دون الجوانب الأخرى.
فطبيعة التآمر القائم بين قوى خارجية وإقليمية وداخلية لا تستهدف تنظيم القاعدة وحده، بل تستهدف من وراء القاعدة الدعوة والتعليم والإعلام والثقافة والنظم السياسية وأجهزة الأمن والاقتصاد والعمل الخيري.
وسياسة استجلاب العدو إلى بلاد المسلمين ليس من منهج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد قال: [لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، وإذا لقيتموهم فاصبروا].
فالجهاد شريعة ربانية وهو من المسائل العظام التي تناط بنظر الإمام لتعلقة بالمصالح العامة للأمة، فإن عُدم الإمام الشرعي فالأمور موكلة إلى أهل الحل والعقد من العلماء والمشايخ والأعيان وغيرهم من عقلاء الأمة، والجهاد يفتقر للتأصيل الشرعي والرؤية العقلانية والسياسة الشرعية والمنطق الواقعي من إعداد بحسب الاستطاعة واجتماع الكلمة على الحق مع عذر المخالف في المسائل الاجتهادية (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) أي: قوتكم ونصركم.
وليس الجهاد مقصوداً لذاته وليس هو الوسيلة الوحيدة لتغيير واقع الأمة، لاسيما مع الفرق الهائل بين واقع الأمة وقدراتها، وواقع الكفار وقدراتهم، وإنما الجهاد وسيلة من الوسائل، وليس هو الوسيلة الوحيدة وإن كان قد يتعين في حالة جهاد الدفع كما هو معلوم.
إخواننا في التنظيم مهملين الوسائل الأخرى المهمة، بل ربما دعت القاعدة غيرهم من العاملين للإسلام لترك ما يقومون به من خير محض والالتحاق بالقاعدة في تبني الجهاد مع العالم كله بوسيلة وحيدة، (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) والأمة تحتاج إلى العاملين للإسلام في جميع الجوانب وبمختلف الوسائل المتاحة، وعلى كل مسلم أن يعمل للإسلام من الثغر الذي هو فيه، وكل ميسّر لما خُلق له.
3- من النقص في تنظيم القاعدة التقصير في الكيد للكفار الذين يكيدون بالمسلمين كيداً، والحرب خدعة كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والكيد والحيلة ممدوح في الجهاد ، قال الله تعالى: (كذلك كدنا ليوسف)، وقال: (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا)، علماً بأن أكثر حرب الكفار للمجاهدين بالكيد والمكر، فعلى المجاهدين أن يواجهوا الكيد بالكيد، والمكر بالمكر، مع الحذر من نقض العهود (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)، (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إن الله هو السميع البصير، وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله).
ومن الخطأ أن يُظن أن أي تعاون أو صلح مع الكفار يُعد خيانة وقرين للاستسلام، فالشريعة جعلت العلاقة مع الكفار مختلفة باختلاف أحوالهم (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)، والشعوب الكافرة اليوم في أمس الحاجة إلى دعوتهم إلى الإسلام، والله يهدي من يشاء.
4- من الأخطاء المشهورة في تنظيم القاعدة تجرؤ بعضهم على التكفير وما يتبع ذلك من استحلال لدماء المعصومين، فالحذر الحذر من التهور في التكفير بلا برهان، فالأصل في المسلم أن لا يُكفَّر وإن فسق أو ظلم، واليقين لا يزول بالشك، وليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً، فقد يمنع من تكفير المعين مانع كالجهل أو الخطأ أو التأويل أو الإكراه أو التقليد، وهذه الموانع ذكرها العلماء قديماً وحديثاً وما أكثرها في هذا الزمان الذي قل فيه العلم وفشا الجهل وضعف الإيمان وزادت الشبهات، ولا يجوز الحكم على معين بالكفر إلا إذا توافرت شروط تكفيره وانتفت الموانع، وقد يُحكم على شخص بالكفر لكن يكون درء مفسدة قتله مقدم على مصلحة قتله على ردته، كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من قتل بعض المنافقين والمرتدين وقال: (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه)، وقال: (إنّي نُهيت عن قتل المصلين)، فالأصل معاملة من أظهر الإسلام بأنه من المسلمين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين على أنهم مسلمين فلم يقتلهم ولم يفرق بينهم وبين زوجاتهم المسلمات بل وصلى على رأسهم عبد الله بن أبي؛ فنهاه الله عن الصلاة عليهم ولم ينهه عن معاملتهم بالإسلام الذي يظهروه .
5- من أخطاء جميع الجماعات الإسلامية تقصيرهم في السعي في إصلاح ما بينهم، فعلى جميع العلماء والدعاة والمجاهدين وكل الصالحين من سياسيين واقتصاديين وعسكريين وإعلاميين ووجهاء ومشايخ أن يتقوا الله ويصلحوا ما بينهم كما أمرهم الله (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)، على المسلمين جميعاً أن يحرصوا على توحيد كلمتهم على الحق (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وعلى جميع العاملين للإسلام أن ينسّقوا أعمالهم وجهودهم لا سيما في هذه المرحلة القادمة، فأعداء المسلمين يجمعون لنا ويمكرون بنا ونحن لا زلنا متفرقين مختلفين فإلى متى؟!
يد الله مع الجماعة، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، والمؤمنون كمثل الجسد الواحد، فاجتماع كلمتنا على الحق هي أول طريق النصر والتمكين، ولا بد من سعة الصدر في المسائل الاجتهادية المختلف فيها، أين أدب الخلاف الذي قرأناه عند علمائنا؟! ألا يستقيم أن نكون إخوة وإن اختلفنا في بعض المسائل الاجتهادية؟! يقول الله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، نحن نرجو لمن أخطأ فيها أن يغفر الله له، بل وأن يكتب له أجراً على اجتهاده، فما أعظم ديننا!! (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم)، فكل يعمل للإسلام والمسلمين من الجانب الذي تيسَّر له، وكل ينصح للعاملين للإسلام فإنه لا معصوم إلا الأنبياء، وكل يعذر إخوانه في المسائل الاجتهادية، فلنبدأ جميعاً بتوحيد الصفوف وجمع الكلمة وتنسيق الجهود.


(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون).



كتب هذه النصيحة أخوكم/(أبو سلمان اليماني)



يسأل الله أن يغفر ذنوبه، وأن يستر عيوبه