المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فالوحي محمود والجرس مذموم فكيف يشبه المحمود بالمذموم



أهــل الحـديث
05-06-2012, 05:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


اللهم صل وسلم عبدك ورسولك محمد سيد الأولين وامام التقين:



فالوحي محمود والجرس مذموم فكيف يشبه المحمود بالمذموم

شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير (3/ 7، بترقيم الشاملة آليا)

"صلصلة الجرس" الجرس الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب لتسرع في السير، و (الصلصلة) صوت الملك بالوحي، وقيل: صوت حفيف أجنحة الملك، وهي في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوتٍ له طنين، وقيل: هو صوت متدارِك لا يدرك في أول وهلة، والحكمة في تقدم الصوت أن يقرع سمعه -عليه الصلاة والسلام- الوحي، فلا يبقى فيه متسعٌ لغيره، فإن قيل -وهذا إشكال-: كيف شبه الوحي وهو محمود بالجرس وهو مذموم لصحة النهي عنه؟! ففي صحيح مسلم: ((الجرس مزمار الشيطان)) عن أبي هريرة، وفيه أيضاً: ((لا تصحب الملائكة رفقةً فيها كلبٌ ولا جرس)) وفي سنن أبي داود: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جرس)) وجاء غير ذلك من الأحاديث مما يدل على ذم اتخاذ الجرس، فالوحي محمود والجرس مذموم فكيف يشبه المحمود بالمذموم؟! أجيب عن ذلك بأنه: لا يلزم من التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في جميع صفاته، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما، فالصوت يعني صوت الجرس له جهتان: جهة قوة وجهة طنين وإطراب، فمن حيث القوة وقع التشبيه به، ومن حيث الطنين والإطراب وقع التنفير عنه، كما جاء تشبيه رؤية الباري -سبحانه وتعالى- يوم القيامة برؤية القمر ليلة البدر، فالمراد تشبيه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي، ومثله النهي عن مشابهة البعير في بروكه مع أمره -عليه الصلاة والسلام- بوضع اليدين قبل الركبتين، يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) هل هناك تنافر بين الجملتين؟ لا تنافر بينهما، فالمنهي عنه النزول على الأرض بقوة مشابهة للبعير في بروكه حينما يثير الغبار ويفرق الحصا، لا من جهة تقديم اليدين على الركبتين ووضعهما فقط، وفرقٌ بين مجرد الوضع والبروك، فرق بين مجرد وضع اليدين قبل الركبتين وبين البروك.

المقدم: الحديث -أحسن الله إليكم- مرة أخرى حديث النهي عن البروك.
جاء النهي في السنن -وهو حديث صحيح- عن مشابهة البعير في بروكه ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع)) اللام لام الأمر ((وليضع يديه قبل ركبتيه)).
شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير (3/ 9، بترقيم الشاملة آليا)
إذا علم هذا فما ورد في ذم الجرس صحيح لا مرية فيه، فلا ينبغي للمسلم أن يتساهل في مثل هذا، وإن عمت به البلوى وتساهل به الناس، ووجد بينهم من غير نكير، لكن إيثار مراد الله ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- أولى على حظوظ النفس، وأولى من متابعة الناس وتقليدهم، فطاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مقدمةٌ على كل اعتبار.
فعلى المسلم أن يحتاط لدينه، وما نراه ونسمعه من كثيرٍ من الناس ممن ابتلي بسماع الأغاني والمزامير من اختيار بعض النغمات المثيرة في مثل الهاتف والجوال وأجراس البيوت عليهم التوبة والإقلاع والندم واستبدال ذلك مما يمكن استعماله من غير ارتكاب محظور، ومن المؤسف من الأسف الشديد نرى استعمال مثل هذه الأصوات، ومثل هذه النغمات الموسيقية في مواطن العبادة كالمساجد وحلق العلم وأحياناً في المطاف، كثيراً ما نسمع في المساجد أثناء الصلاة مما يشوش على المصلين وفي المطاف وغيرها من الأماكن الفاضلة مثل هذه النغمات، على المسلم أن يحتاط لدينه، شخص يأتي لابتغاء ما عند الله من ثواب، ويرتكب في الوقت نفسه محظور، فعلى المسلم أن ينتبه لمثل هذا، ويهتم به.
روى الإمام البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: إن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه صلصلة على صفوان، فإذا فزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير)) الحديث. فقوله: ((صلصلة على صفوان)) هو مثل قوله: ((صلصلة الجرس)) هنا، وهو صوت الملك بالوحي، والمشبه قول المسموع.