المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منهج ابن تيمية في التوحيد ؛ للدكتور يحيى الدوخي



أهــل الحـديث
04-06-2012, 08:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


صدر حديثاً كتاب- منهج ابن تيمية في التوحيد ؛ للدكتور يحيى الدوخي . وقد عثرت على هذا العنوان في ملتقى النخبة الاسلامي ؛ فأجو من أخواني الاطلاع عليه ، وأن نضعكم في الصورة لكل جديد يصدر من الكتب التي تناولت فكر شيخ الاسلام ابن تيمية .

كتاب / منهج ابن تيمية في التوحيد - قراءة نقدية مقارنة
تأليف: الدكتور يحيى عبد الحسن الدوخي
عدد الأجزاء: جزء واحد
عدد الصفحات: 350
نشر: دار مشعر، قم
الطبعة: الأولى./ 2012م.
لا يسايرنا الشك أن اعظم المقاصد وأجل العلوم هي معرفة التوحيد ، والمعرفة الصحيحة نافذتها وبوابتها الحقيقية هي معرفة الأسماء والصفات ، وهذا العلم يؤدي بنا بالنتيجة إلى عبادته تعالى ، وهي الغاية الاسمى بل هي غاية الغايات {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }([1]). إذن فهناك مقدمات لإحراز الوصول إلى تلك النتيجة .
ومعلوم بالفطرة والوجدان أن عبادته هي من أعظم الواجبات وآكدها، ومن هنا تبرز أهمية فقه أسماء الله تعالى وصفاته ، لذا نجد في كلمات أمير المؤمنين عليه السلام :>أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به . وكمال التصديق به توحيده . وكمال توحيده الاخلاص له . وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ؛ لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة . فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه . ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله. ومن جهله فقد أشار إليه . ومن أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده.. ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله( أو ) كقاتله يا رسول الله ألا اضرب عنقه ، قال : لا ، لعله أن يكون يصلى . فقال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك أم لا، من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة..< ([15]).
من هنا جاءت أقوال العلماء راسخة القدم في نبذ هذه الثقافة وضربها عرض الجدار ، راسمةً بذلك منهجا مغايراً لما ورثوه من أفكار بالية عفا عليها الزمن .
قال القاضي الايجي :> جمهور المتكلّمين والفقهاء على أنّه لا يكفّر أحد من أهل القبلة< ([16]).
وقال النووي :> أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ، ولا يكفر أهل الأهواء والبدع< ([17]). فأهل الأهواء والبدع لا يجب تكفيرهم فضلاً عن غيرهم .
وقال الامام الغزالي :> والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه، الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلاً. فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم< ([18]). فقد يكون هذا الانسان مخطئاً فلا يجب ان تسفك ويستباح دمه.
وللامام تقي الدين السبكي فتوى تدين التكفير حينما سؤل : ما يقول سيدنا ومولانا شيخ الإسلام في تكفير أهل الأهواء والبدع ؛ قال :
> إن الإقدام على تكفير المؤمنين عسر جداً ، وكل من في قلبه إيمان يستعظم القول بتكفير أهل الأهواء والبدع ، مع قولهم ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فإن التكفير أمر هائل عظيم الخطر< ([19]).
وهنا استخدم الشيخ تقي الدين السبكي لفظ ( المؤمنين ) وهو يعلم ان مصب الفتوى حول أهل الاهواء والبدع .
ويقول الإمام محمد عبده : «إنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه، ويحتمل الإيمان من وجه واحد ، حُمل على الإيمان ، ولا يجوز حمله على الكفر ، فهل رأيت تسامحاً أوسع من هذا ..» ([20]).
ما أروع هذا القول وهذه الكلمة فهي بحق تستحق التأمل والتفكر والوقوف على مضامينها ، فلو صدر لفظ الكفر من أي كان ، وهذا القول نحتمل فيه التكفير من مائة وجه ، وقد شككنا في وجه واحد في معنى الايمان ، فهنا نجري أصالة استصحاب إيمان المؤمن؛ لان كلمة الشهادتين هي العاصمة له .
لذا رأيت من الواجب أن نبحث مسألة التوحيد في فكر ابن تيمية ونناقشه بموضوعية ، ونستعرض ما اعتقده بحيادية ومن دون تعصب ، وننقل أدلته من أهم كتبه المشهورة ، ثم ننقد هذه العقيدة من نفس مباني أهل السنّة في علم العقيدة والحديث ، وننقل آراء كبار علمائهم التي تغاير هذا الفكر ، ونؤيده بما ورد من علمائنا وفي كتبنا ، لتكون الحجة دامغة ونافعة ، وقد اتبعت إسلوب الترجمة لمن ردّ عليه، فقد ترجمت لمعظم هؤلاء العلماء؛ للتعريف بهم أولاً ، ولبيان وزنهم وثقلهم العلمي في المدرسة السنّية ، فأقوالهم محل ثقة ولا يمكن الشك فيها . وكذلك ندفع بعض الشبهات التي اُتهمنا بها في مسألة التجسيم .
واخيراً قارنت بين النظرتين التوحيديتين لكلا المدرستين ؛ لذا جاء هذا البحث بصيغة (منهج ابن تيمية في التوحيد- قراءة نقدية مقارنة ) ونقصد من القراءة أننا لم نتعمق في دراسة كل أفكار ابن تيمية، بل اقتصرنا على المهم منها، وذلك بقرائتنا لبعض النصوص التي جسّمت ومثّلت وشبّهت الخالق بالمخلوق، ومن ثم نقدها ومقارنتها مع المنظومة الفكرية الشيعية.
وللأسف فإني لم أجد في كتبنا من طَرق هذا البحث بصورة مستقلةومنفردة([21]) ، حول منهجية وفكر ابن تيمية ، لاسيما في التوحيد - وأركز على التوحيد - لأننا لا يمكن أن نتغاضى عن هذه المفردة فعروض التجسيم على الذات الإلهية تفقد التوحيد قيمته ، فمتى ما صحّحنا توحيدنا ونقيناه من لوازم وشوائب التمثيل والتشبيه ، حق لنا أن نناقش في المسائل المختلف فيها (كالتوسل والشفاعة وزيارة القبور وغيرها).
أضف إلى ذلك أن هذا الفكر قد رمى الآخرين بالشرك والكفر ، فلا يمكن أن يسمع رأي الآخر ما لم نناقشه في هذا الأصل ، وأن نبين لهم الخطأ الكبير والتناقض الذي وقع فيه ابن تيمية في فهمه للتوحيد ، لاسيما مما قررته تلك المذاهب المخالفة لفكر ابن تيمية.
وسيرى قارؤنا العزيز في طيات هذا البحث أين يكمن موضع الزلل ، وأين تقع نقاط الضعف في هذه المسألة المهمة والمحورية .
خطة البحث:
يقع بحثنا في أربعة أبواب :
الباب الأول : بحوث تمهيدية ؛
وينقسم إلى فصلين :
الأول : لمحات من حياة ابن تيمية .
الثاني : فكر ابن تيمية التوحيدي وانعكاسه على الفكر السلفي .
الباب الثاني : أقسام التوحيد في نظر ابن تيمية وما انفرد به من عقائد؛ وينقسم إلى ثلاثة فصول :
الأول : توحيد الالوهية والربوبية .
الثاني : توحيد الأسماء والصفات .
الثالث : عقائد ابن تيمية التي انفرد بها .
الباب الثالث : شبهات ابن تيمية في إنكاره للمجاز والتأول ، ورمي رواة الشيعة بالتجسيم ؛
وينقسم إلى ثلاثة فصول :
الأول : شبهة إنكاره للمجاز والتأويل .
الثاني : شبهة تجسيم هشام بن الحكم .
الثالث : شبهة تجسيم هشام بن سالم .
الباب الرابع : التوحيد في المنظومة الفكرية الشيعية ؛
وينقسم إلى ثلاثة فصول :
الأول : نظرة موجزة حول التصول الإسلامي للصفات .
الثاني : أئمة أهل البيت ^ يقررون التوحيد الإلهي الصحيح .
الثالث : علماء الشيعة ونظرتهم إلى التوحيد .

الهوامش
([1]) الذاريات : 56 .
([2]) نهج البلاغة ، ج1 ص15.
([3]) ابن القيم الجوزية ، مدارج السالكين : ج 3 ص347 ، الناشر : دار الكتاب العربي - بيروت .
([4]) محمد : 19 .
([5]) أبو القاسم الأصفهاني ، الحجة في بيان المحجة : ج 1 ص 132- 133 ، الناشر : دار الراية – السعودية ، ط 2 .
([6]) نقصد ابن تيمية ومن سار بركبة وقلّده .
([7]) ابن تيمية الحراني ، الصفدية : ج 1 ص 289 . وسيأتي تحقيق هذه الرواية بنوع من التفصيل ، فالامام مالك لم يقل هكذا بل قال :> والكيف منه غير معقول < سير أعلام النبلاء :ج 8 ص 106 . والمراد بالكيف غير المعقول أو في بعض الروايات ( والكيف عنه مرفوع ) أي أن شبهة التجسيم غير معقولة ومرفوعة عنه جل وعلا .
([8]) انظر ، البيهقي ، شعب الايمان : ج 1 ص 113 ، الناشر : دار الكتب العلمية - بيروت .
([9]) البقرة: 143 .
([10]) آل عمران : 110 .
([11]) صحيح البخاري : ج ج7 ص 97 .
([12]) صحيح مسلم : ج1 ص 57 .
([13]) صحيح البخاري : ج7 ص 84 ، سنن الترمذي : ج 4 ص 132 .
([14]) صحيح البخاري : ج5 ص 111 ، سنن الترمذي : ج 4 ص 132 .
([15]) سنن أبي داود :ج3 ص 45 .
([16]) المواقف : ج3 ص560 .
([17]) شرح صحيح مسلم ، النووي :ج 1 ص150 .
([18]) الغزالي ، الاقتصاد في الاعتقاد : ج1 ص 270 .
([19]) الشعراني ، اليواقيت والجواهر : ج2 ص 125 .
([20]) محمد عبدة ، الاسلام والنصرانية : ص 55 .
([21]) وردت بحوث عرضية في ثنايا بحوث التوحيد، ولكن لم تخصص لمنهج التوحيد عند ابن تيمية الذي يمثل المدرسة السلفية .
http://d-yahya.net/%D8%A7%D9%84%DA%A...%86%D8%A9.html