المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ويحك لا تهجر أخاك فوق ثلاث !



أهــل الحـديث
02-06-2012, 04:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته


الحمدلله


قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، فَمِنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ . رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني .

أَيْ : ثَلَاثِ لَيَالٍ فَفِيهِ تَفَنُّنٌ ، وَيَتَحَصَّلُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ وَلَيَالِيهَا ، كَمَا فِي قَضِيَّةِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، ( فَمِنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ ) : ظَاهِرُهُ وَلَوْ سَاعَةً ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِمَا فَوْقَ الثَّلَاثِ الْأَرْبَعَ ، لِأَنَّهُ بِهِ يَتِمُّ زِيَادَةُ عَدَدِ الْمَعْدُودِ فَتَأَمَّلْ . ( فَمَاتَ ) أَيْ : عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ( دَخَلَ النَّارَ ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ : أَيِ اسْتَوْجَبَ دُخُولَ النَّارِ ، فَالْوَاقِعُ فِي الْإِثْمِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعُقُوبَةِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ .

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ . رواه أبو داود وصححه الألباني .

أَيْ : هَجَرَهُ سَنَةً ( كَسَفْكِ دَمِهِ ) السَّفْكُ الْإِرَاقَةُ وَالصَّبُّ يَعْنِي مُهَاجَرَةُ الْأَخِ الْمُسْلِمِ سَنَةً تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ ، كَمَا أَنَّ سَفْكَ دَمِهِ يُوجِبُهَا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالسَّفْكِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْعُقُوبَةِ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهُ فِي الْعُقُوبَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ كَبِيرَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَكُونُ بَعْدَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْهُ ، فَشُبِّهَ الْهِجْرَانُ بِهِ تَأْكِيدًا فِي الْمَنْعِ عَنْهُ وَفِي الْمُشَابَهَةِ تَكْفِي الْمُسَاوَاةُ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ .

قَالَ الطِّيبِيُّ : التَّشْبِيهُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ لِلْمُبَالَغَةِ ، كَمَا يُقَالُ : زِيدٌ كَالْأَسَدِ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْأَسَدِ فِي الْجَرَاءَةِ وَأَنَّهُ نَظِيرُهُ فِيهَا ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَنَّهُ دُونَهُ كَذَلِكَ هَهُنَا ، لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوْقَ ثَلَاثٍ " دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّهَاجُرَ فَوْقَ الثَّلَاثِ حَرَامٌ ، وَرَاكِبُهُ رَاكِبُ الْإِثْمِ ، فَإِذَا امْتَدَّ إِلَى مُدَّةٍ يَهْجُرُ فِيهَا الْغَائِبُ وَالْمُسَافِرُ عَنْ أَهْلِهِ غَالِبًا بَلَغَ التَّهَاجُرُ وَالتَّقَاطُعُ إِلى الْغَايَةِ ، فَيَبْلُغُ إِثْمُهُ أَيْضًا إِلَى الْغَايَةِ ، وَهَذَا مَعْنَى تَخْصِيصِ ذِكْرِهِ السَّنَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ .

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُ السَّنَةِ بِالذِّكَرِّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ ، فَإِذَا لَمْ يَعْتَدِلْ مِزَاجُهُ بِمُرُورِ السَّنَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُرْجَى رُجُوعُهُ ، وَنَظِيرُهُ مَسْأَلَةُ الْعِنِّينِ الْمَنْقُولَةُ فِي الْفُرُوعِ الْمَعْلُومَةِ بِمَا قُلْنَا فِي الْأُصُولِ .


والله أعلم

___________________
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
موقع الدرر السنية