المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعاء الكروان الأسير .. قصيدتي في معتقل القلعة!



أهــل الحـديث
02-06-2012, 06:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



دُعَاءُ الْكَرَوَانِ الْأَسِيرِ

كتبت هذه القصيدة في سجن القلعة عام 1981 الميلادي

نسأل الله العافية والثبات على الحق


ـ 1 ـ
يَا دَيْمَةَ( ) الْعَصْرِ، بِالسُّقْيَا تُحْيِينَا :::: وَنَسْمَةَ الفَجْرِ، باللُّقْيَا تُمنِّينَا

وَنَجْمَةَ السَّحَرِ المُلْتَاعِ، يَغْسِلُهَا :::: فِي مُقْلَةِ الْأُفْقِ بالسَّلْوَى تُمَنِّينَا

وَيَا غَزَالَةٌ( )، يَا غَرَّاءُ مِنْ شَفَقٍ :::: لَوْ تَنْظُرِينَ إِلَى دَمْعِ الْمُحِبِّينَا

مَطُولَةٌ( ) عَيْنُ «رَيَّا» حِينَ تَرْمُقُنَا :::: قَتُورَةٌ( ) عَيْنُ «رَيَّا» حِينَ تُبْكِينَا

ـ 2 ـ
هَلْ سَاءَلْتَ شَفَتا «رَيَّا» بِرقَّتها :::: مَسَاجِدَ الْمِصْرِ( ): أَنْ أَيْنَ المُصَلُّونَا؟

أَيْنَ الَّذِينَ رُؤُوا بِاللَّيْلِ ـ مِنْ رَهَبٍ ـ؟ :::: يُرَتِّلُونَ تَرْاتِيلَ، وَيَدْعُونَا

وَيَشْهَقُونَ، وَيَشْتَاقُونَ ـ مِنْ رَغَبٍ ـ :::: إِذَا تَلَوْا «آلَ عِمْرَانٍ»، وَ«يَاسِينَا»

هُمُ الَّذِينَ هُنَا، يُسْقَوْنَ مِنْ كَبَدٍ( ) :::: وَيُطعَمُونَ مِنَ الشَّكْوَى بَرَاكِينَا


ـ 3 ـ
قَدْ أَبْدَلُونَا قِيَامَ اللَّيْلِ ـ يَا مِقَتِي( ) ـ :::: آلَامَ لَيْلٍ بِكَأَسِ القَهْرِ يَسْقِينَا

وَعَذَّبُونَا، أَيَا «رَيَّا»: قُيُودُهُمْ :::: كَمْ كَبَّلَتْ سُوقَنا( ) حِينًا، وَأَيْدِينَا

وَنَارُهُمْ: كَمْ كَوَتْ أَبْدَانَ إِخْوَتِنَا :::: وَبِالمُدَى( ) جَرَّحُوا مِنَّا الشَّرَايينَا

عُرْيَانَ كَانَ أَخِي ـ بِاللَّيْلِ ـ صَفَدٍ( ) :::: فِي الْبَرْدِ يُلْقَى بِهِ فِي الْمَاءِ مِسْكِينَا

ـ 4 ـ
وَيَرْكُلُونَ ـ بِلَا لُطْفٍ، وَلَا خَجَلٍ ـ :::: مَوَاطِنَ الْمَوْتِ مِنَّا، لَوْ تُحِسِّينَا!

كَمْ صَرْخَةٍ لِأَخٍ فِي جَوْفِ شَاتيةٍ :::: هَزَّتْ كَيَانَ الرُّبَا فِي لَيْلِ «كَانُونَا»

سَلِي «مُقَطَّمَ»( )، لَا يَكْذِبُكِ، لَوْ نَطَقَتْ :::: صُخُورُهُ، عَنْ ذِئَابِ اللَّيْلِ يَعْوِينَا

سَلِيهِ: مَا سَمَعَتْ أُذْنَاهُ مِنْ عَفَنٍ:::: يَسُوقه ضَابِطَ التَّعْذِيبِ يَهْجُونَا( )

ـ 5 ـ
ذُبَابَةُ السَّوْطِ( ) فَوْقَ الظَّهْرِ صَاعِقَةٌ :::: تُصَبُّ في أُذْنِي مُهْلًا وَغِسْلِينَا

يُذِيبُنِي ـ يَا ابْنَةَ الْأَقْوَامِ ـ يُعْصِرُنِي :::: مُوَقَّرٌ مِنْ شُيُوخِِ الْقَوْمِ إِنْ دِيْنَا( )

وَجَاءَهُ ضَابِطُ التَّعْذِيبِ، يَجْذبُهُ :::: يُلْقِيهِ، يُصْلِيهِ آلَامًا وَتَحْزِْينَا


ـ 6 ـ
يُمِضُّنِي( ) ـ يَا ابْنَ الْأَقْوَامِ فِي أَلَمِي :::: بِحَارُ دَمْعٍ مِنَ الْأَجْفَانِ تَجْرِينَا

يُقَطِّعُ الْقَلْبَ مِنْ أَوْتَارِهِ حَزَنًا :::: هَذِي الدِّمَاءُ عَلَى الأَدْمَاءِ( ) تُؤْذِينَا

هَذِي الْمَآقي عَلَى الْقُرْآنِ مَا بَخِلَتْ :::: تَبْكِّيًا فِي الدُّجَى، نَجْوَى المُنَاجِينَا

وَذَلِكَ الدَّمُ فِي الْإِسْلَامِ غَايَتُهُ :::: وَاللهِ مَا ادٌّخَرَ الدُّنْيَا وَمَا صِينَا( )


ـ 7 ـ
يَا أَيُّهَا الضَّابِطُ الْمَغْرُورُ مِنْ تَرَفٍ :::: هَلَّا رَحِمْتَ إِذَا انْهَلَّتْ مَآقِينَا( )؟

أَجِئْتَ لِلْقَلْعَةِ الْعَصْمَاءِ تَهْدِمُهَا :::: وَتَحْرِقُ الْمِلَّةَ العَصْماءَ وَالدِّينَا؟

خَلِيفَةً «لِصَلَاحِ الدِّينِ» ـ تُفْسِدُهُ ـ :::: أَوْ فِتْنَةً لِرِجَالِ الْحَقِّ تُؤْذِينَا

يَا مَسْجِدًا «لِصَلَاحِ الدِّينِ» وَا أَسَفِي :::: كَفَى جُورُ فَسَادِ الدِّينِ تَأْبِينَا( )

ـ 8 ـ
مُؤَذِّنُ الْقَلْعَةِ الْعَصْمَاءِ: مَعْذِرَةً :::: كَفَاكَ بِالْقَلْعَةِ الْعَصْمَاءِ تَأْذِينَا( )

يُؤْذِي مَسَامِعَنَا التَّأْذِينُ فِي كَنَفٍ( ) :::: مُهَدَّدٍ فِيهِ مَجْرَانَا وَمُرسِينا

يُؤْذِي مَسَامِعَنَا التَّأْذِينُ في كَنَفٍ :::: مُضَيَّعٍ فِيهِ رُحْمَانَا وَأَهْلُونَا

زِنْزَانَتِي امْتَلَأَتْ مِنْ حُزْنِ حَاضِرِنَا :::: مِنْ بَعْدِ مَا امْتَلَأَتْ مِنْ حُزْنِ مَاضِينَا

ـ 9 ـ
يَا غَادَةَ الْحَيِّ: هَلْ بَالْحَيِّ مِنْ رَجُلٍ :::: مِنْ بَعْدِ مَا ذَهَبَ الْقَوْمُ الْمُحَامُونَا؟

أَتَذْكُرِينَ «البَسُوسَ» الحُرَّةُ انْطَلَقتْ :::: تَسْتَنْفِرُ الْقَوْمَ إْذَ كَانُوا أَبِيِّينَا

«رَيًّا»: رَوَّاكِ دِمَاءُ الْقَلْبِ فَانْفَتِلِي عَنِّي إِلَى الْقَوْمِ إِنْ كَانُوا أَحَبُّونَا

قُولِي لَهُمْ: إِنَّ لِلطُّغْيَانِ أَعْمِدَةً :::: تَسْتَنْزِفُ الدَّمَ مِنْ أَبْنَاءِ وَادِينَا

وَيَسْتَخِفُّونَكُمْ مَا دُمْتُمُ هَمَلاً :::: بِالرَّغْبِ، بِالرَّهْبِ، إِغْوَاءً وَتَفْتِينَا


يَا قَوْمَنَا: إِنْ تَشَاءُوا تُقْتَلُوا كَمَدًا :::: وَإِنْ تَشَاءُوا تَرَوا مِنْهُمْ أَفَانِينَا

دِمَاؤنَا، وَتَرَاقِينَا، وَأَعْيُنُنَا :::: فِدًى لِإسْلَامِنَا: أَكْرِمْ بِهِ دِينَا!

===

معاني بعض الكلمات:

( ) الديمة: المطر يدوم أيامًا.
( ) الغزالة: المراد بها الشمس.
( ) مُطولة: من المُطْل وهو التسويف وعدم الوفاء بالوعد.
( ) قتورة: شديدة الشُّح.
( ) المصر: المدينة الكبيرة والجمع أمصار، والمواد القُطْر.
( ) الكبد: الضيق والشدة.
( ) المِقَة: الحُب، من وَمَقَ يعني أَحَبَّ.
( ) سُوق: جمع ساق وهو ما فوق القدم.
( ) المُدى: السكاكين، ومفردها ((مُدَية)).
( ) في صفد: هذا أدق في التنزيل.
( ) المُقَطَّم: جبل بجوار القلعة: وهو السجن المعروف.
( ) يهجونا: يسبنا ويشتمنا والاسم منه ((الهجاء)).
( ) ذبابة السوط: طرفة أو بقيته.
( ) إن دينا: إن استُذِل، أصلها: دانه: ذلَّه واستعبده، وكذلك دِينَ: بمعنى جوزي، ومن يوم الدين: الجزاء.
( ) يُمِضُّني: يوجعني
( ) الأدماء: الأرض.
( ) صِينا: مبني للمجهول من الفعل (صانَ).
( ) مآقينا: المآقي: أطراف العين، مفردها: مؤق ومآقي: وهو طَرْف العَيْن.
( ) التأبين: تعداد خصال الميت، والمقصود انتهاء مهمة المسجد لعدم جدواه.
( ) المصدر المسموع هنا هو الأذان، وإنما عمدتُ إلى هذا المصدر القياسي للدلالة إلى أن (التأذين) في هذا المسجد ((عمليَّةً)) و((صناعة)) لا معنىً إسلاميًّا.
( ) الكنف: الجانب.


==