المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعقيبة عصب المخطوط العربي



أهــل الحـديث
29-05-2012, 05:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم


معهد البحوث والدراسات العربية

قسم البحوث والدراسات التراثية

مادة قاعة البحث العامة، أ.د أيمن ميدان


التـّّعقيبــــــة

عصب المخطوط العربي|

كتبه ، عبد العظيم صقر

غفر الله له ولوالديه ولعامة المسلمين


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،

تعد التعقيبة إحدى أهم الطرق التي استخدمها العرب في بنية مخطوطاتهم، واستخدموها خاصة من أجل الحفاظ على ترتيب المخطوط كراساته وملازمه وأوراقه،للامن من الخلط أو الخرم والضياع.


عند البحث عن المعنى اللغوي لكلمة التعقيبة:

تقع هذه الكلمة تحت الجزر ( عقب) : على معنى التعاقب ففي الوسيط* : فلانا عقبا : خلفه وجاء بعقبه ،وعاقب بين الشيئين : أتى بأحدهما بعد الآخر ، وتعاقب الشيئان : خلف أحدهما الآخر وفي الحديث " إن الله وملائكته يتعاقبون فيكم " ، و( العاقب) آخر كل شيء أوخاتمته ، و_ كل ما خَلَفَ بعد شيء أو من خَلَف بعده .. ( الوسط:619 / عقب)

هكذا بمختلف تقليباتها غير أن ما لفت انتباهي عدم وجود مادة ( تعقيبة) في المعجم الوسيط مع أنهم أتوا بمواد أخرى غير مستخدمه !

ومن أسمائها:

ديروش (167): ويطلق عليها عموما في العربية ( التعقيبة) ، وإن كانت هناك أسماء أخرى قد تستخدم أحيانا مثل : (كعب) و ( وصلة ) وأيضا ( رقاص).أ هـ

بنبين (72 ها) : يقال لها (الرّقاص) أو (الوصلة) في الجامعات المغربية العتيقة كالقرويين وابن يوسف .أهـ

* نكتة لطيفة : قد تدرج في بعض المؤلفات تحت مسمى ( ترقيم المخطوطات ) لا كما هو مشتهر من استخدامها ك ( ترتيب )، فيقول أستاذنا الحلوجي (174) : ولم تكن أوراق المخطوط في أول عهدها تخضع لأي نوع من الترقيم ، ولكي لا يضطرب ترتيبها أو تختلط على القارئ أو المجلِّد ... .أ هـ.


وأما عن التعريف الاصطلاحي لها فيقول الدكتور أحمد شوقي بنبين (72) :

"التعقيبة عبارة عن نوع من الترقيم استعمله القدماء لترتيب المؤلفات من جهة، ولمساعدة المختصين في صناعة المخطوط ؛ كالمرقِّمين والمسفرين وسواهم في ترتيب ملازم المخطوط من جهة أخرى" .أهـ

فأما الطرائق الأخرى فتتنوع بين: الأرقام، والجمّل، وأسماء الأرقام، كما أشار إلى ذلك فرانسوا ديروش في كتابه المدخل إلى علم الكتاب المخطوط!


وعن تعريفها يقول ديروش (167): " تُعرّف التعقيبة بأنها مجموع الكلمات الأولى في وجه ورقة، والمثبتة في أسفل ظهر الورقة السابقة عليها ...". أهـ


تاريخ استخدامها :

يقول أستاذنا الحلوجي (175): ويبدو أن تلك التعقيبات لم تظهر إلا بعد القرن الرابع الهجري لأننا لا نجد لها أثرا في أي مخطوط من مخطوطات القرنين الثالث والرابع التي تحت أيدينا [ها : بما في ذلك المصاحف، والمصحف الوحيد الذي توجد به تعقيبات هو مصحف جامع عمرو، وقد أضيفت التعقيبات بقلم نسخ متأخر ] ومن يدري ؟ لعل المستقبل يأتينا بجديد في هذا الموضوع .أ.هـ


وسبحان الله يأتي المستقبل ويرد الدكتور قاسم السامرائي (195) : أما قول الأستاذ عبد الستار الحلوجي: " ولم تكن أوراق المخطوط في هذا العصر الاول ( حتى القرن الرابع للهجرة) تخضع لاي نوع من الترقيم [المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري 181.] " ، فهو رأي لا يستند على علم عملي قط، فقد بدا نظام الكراسات مع التعقيبات كما رأينا، ودليلنا الآن مخطوطة كتاب (الروحة) لمحمد بن الحسن الجرباذقاني التي وصلت إلينا بخطه وهي مؤرخة في سنة 374 هـ ونشرها (فؤاد سزكين) بالتصوير بجزأين، فهي تحتوي على بعض التعقيبات وعلى تقسيم الكراسات أيضا من أول المخطوطة إلى آخرها.... فلو لم يكن هذا النظامان معروفين مُستَـتِـبـّيـْن قبل هذا التاريخ، لما استعملها المؤلف أو الناسخ. أ هـ

ويرى الدكتور بنبين (76 – 77 بتصرف) نفس الرأي بل يرد على الرأي الأول بقوة ويورد عدة أمثلة لمخطوطات قبل القرن الخامس مثل :

1- ديوان الفرزدق بالخزانة الظاهرية بدمشق ( فك الله كربها) وقد نسخت عام 331 هـ .

2- المدخل الكبير في علم أحكام النجوم لأبي معشر البلخي نسخها المطرز عام 325هـ موجودة بالخزانة الوطنية الفرنسية بباريز !.

3- مخطوط بخط ابن البواب يحمل التعقيبة نسخ عام 931 هـ موجود بخزانة ( جستر بيتي ) بدبلن بأيرلندة.

4- تاريخ ملوك العرب لعبد المالك الأصمعي الذي نسخه ابن السكيت بخط يمينه في العاشر من شهر شوال عام (( 243 هـ )) وهي مما بقى من مخطوطات القرن الثالث .


بل يقول الدكتور شوقي بنبين ( 72 – 75 ) ، بتصرف : يبدو من خلال الأبحاث الكوديكولوجية الخاصة بهذه الظاهرة أن التعقيبة كانت معروفة في اللغات السامية وفي بعض اللغات الهندية الأوربية في العصر القديم واختفت !.." ثم يذكر عودتها للظهور في أسبانيا وإيطاليا، وعلاقتهما بدأت مع العرب فالأولى منذ القرن الأول الهجري والثانية منذ القرن الثاني الهجري وبخاصة صقلية ويرجع ذلك إلى تأثرهما بالعرب الذين بقي عندهم استعمال نظام التعقيبة السامي الأصل !



استخداماتها :

أ – ترتيب الكراسات :

ديروش (168) : ويبدو أنّ الهدف الأول للتعقيبة كان ضمان الترتيب الصحيح للكراسات : لذلك كانت توجد في الورقة الأخيرة لكلّ كُرّاسة وأكثر نُدرة في الورقة الأولى والأخيرة للكراسة ، أو أيضا في الورقة المزدوجة المنصّفة للكُرّاس والورقة الأخيرة . أهـ


ب- ترتيب الأوراق:

ديروش (196 ، 170) : ولكن النّظام الأكثر شيوعا والذي فرض نفسه مع الزمن هو النظام الذي توجد فيه التّعقيبة في كل ورقة . وفي القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي أصبح وجود التّعقيبة في كل ورقة هو النظام الاكثر ذيوعا، بينما أصبح النظام المتعلق بقسم من الكراس يندر أكثر فأكثر.أهـ

الأشكال فرانسوا ديروش (167 – 169 ) بتصرف:


المائل :

- في أغلب الأحيان تفصل التعقيبة عن السطر الاخير من الكتابة وتدون في خط مائل ( / ) دائما في اتجاه هابط .

- ولكننا نجد التعقيبة في بعض المخطوطات المؤرخة من نهاية القرن الثامن الهجري - الرابع عشر الميلادي مدونة في الاتجاه الصاعد ( \ )

الأفقي:

- ويمكن أن تكون التعقيبة أحيانا أفقية وقريبة جدا من آخر سطر للكتابة، الذي يمكن أن يُصعد به إلى أعلى ليترك للتعقيبة فراغا يندرج حينئذ في مستطيل المساحة المكتوبة ( —–ـ ) (---- \_).

وقد حظيت باستحسان النّساخ المغاربة على الأقل حتى نهاية القرن التاسع – الخامس عشر الميلادي.


المزخرف:

وفي العموم، لم تكن ( التعقبات) موضوعا للزّخرفة أو لتناول خطيّ خاص في المخطوطات العربية، إلا إذا استثنيا بعض الحالات النادرة، حيث يوضع سطر فوق التعقيبة أو تصحبها فاصلة مقلوبة مدونة بالمداد الأحمر.


العكسية / المضادة (الكلمة المكررة):

وهي تكرار الكلمة الأخيرة في آخر سطر في ظهر الورقة في وجه الورقة التالية ، وقد لوحظت هذه الطريقة على الأخص في المخطوطات المغربية من القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي.








· مســائل:

- ديروش (156) : وتطرح دراسة هذه العلامات مشكلة صعبة : فعندما يكون رقم الكراس مكتوبا بحروف كاملة، فإنّة من الممكن أن نُحَدّد – مع نسبة ضئيلة من الخطأ- إذا ما كانت الكتابة هي بخط الناسخ أو بخط أحد الذين علقوا على المخطوط أو أيضا لشخص ثالث ، ولكن إذا لم يكن لدينا سوى رقم أو حرف، فمن الصعب حينئذ الجزم . ويُقدِّم لون الحبر وسماكة الخط وطبيعة الحروف المستعملة، كذلك ، بعض المؤشرات .

- الفائدة من استخدامها على المصورات: وتقل فائدة استخدام التعقيبة على المصورات ، فقد يحدث فقدان لبعض اللوحات من المصورة وما ثم طريقة إلا أن يوجد ترقيم بطريقة أخرى غير التعقيبة ؛ أو عند استخدام السياق أو النسخ الأخرى لمعرفة السقط. أما التعقيبة فلا تفيد بشيء

فنفرض أنه يوجد عندنا أربع ورقات:

** رمزنا لهم ب [ 4،3،2،1] ، ورمزنا لوجه الورقة بـ (و) ولظهرها بـ (ظ)

فسيكوّنوا لنا خمس لوحات [ أ، ب ، ج ، د ، هـ] على النحو الآتي :

أ- (...، و 1 ) ب- ( ظ 1 ، و2)

ج- (ظ 2 ، و 3 ) د- (ظ 3 ، و 4)

هـ- ( ظ 4 ، ....)

ومواضع التعقيبة تكون كما هو مستقرءٌ في ظهرية الورقة أي الجهة الخلفية لها فتكون في ( ظ1 ، ظ 2، ظ 3 ، ظ 4)

فلو افترضنا ضياع اللوحة : الثالثة ( ظ 2 ، و 3 )

فسكون توالي اللوحات إذا:

[ ...، و 1 / ظ1 ، و 2/ موطن الخرم / ظ 3 ، و4 / ظ4 ، ... إلخ]

إذا فما ثمة علاقة بين (و 2) و (ظ 3) .

وقد يكون الخرم أكثر من لوحة فضياع ( ج، د) من اللوحات يضعنا أمام المعادلة التالية : [...،و1 / ظ1،و2 / موطن الخرم / ظ4 ،...]

فما سبيل إذا للاستفادة بالتعقيبة لانتفاء العلاقة بين اللوحات ، وإنما كانت تفيد في الأوراق ذاتها لأن الورقة نفسها قائمة الاتصال وجهها بظهرها، لكن ما تفيده التعقيبة هو ربط ظهر ورقة بوجة ورقة أخرى!

** إلا إذا كان الفقد في أصل المخطوط المصور فعندها نجد أن التعقيبة لا تماثل الكلمة التي ترد بعدها على وجه الورقة التالية .

نخلص من هذا إلى فوائد :

1- عند التعامل مع المصورات الورقية يجب الحذر ومراعاة السياق فقد تضيع بعض اللوحات دون أن يتنبه لذلك المحقق.

2- ويجدر بنا ذلك أيضا في المصورات الفلمية ( المايكروفيش) فقد يحدث قطع في شريط الميكروفيلم يقوم على إثره الموظف غير المسؤول بلصقه (كما رأيت في مكتبة معهد المخطوطات) فيسبب خرما يتتابع في كل مصوراته.

3- أما عند الحديث عن المصورات الضوئية الإلكرونية (وقد عمّ استخدامها بين جلة المحققين) فينبغي الحذر الحذر لاأن حذف بعض الصور عن طريق الخطأ قد يسبب خرما كبيرا في المخطوط.

4- ينبغي على المفهرسين إعادة ترقيم مصورة المخطوط بالأرقام لأمن اللّبس ولمجانبة الخرم.


***

تم بحمد الله بتقصير منا نسأله الله أن يغفر لنا ،


قائمة المصادر والمراجع :

- دراسات في علم المخطوط والبحث الببليوغرافي، أحمد شوقي بنبين – مطبعة النجاح، الدار البيضاء 1993 م.

- علم الاكتناه العربي الإسلامي، د قاسم السامرائي 1422هـ/ 2001م.

- المخطوط العربي ، د . عبدالستار الحلوجي – ط الدار المصرية اللبنانية.

- المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، فرانسوا ديروش – نقله إلى العربية وقدم له ( د.أيمن فؤاد سيد ) ط مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي – لندن 1426 هـ /2005 م .

- المعجم الوسيط : ط مجمع اللغة العربية ، القاهرة.


** لصغر حجم البحث أشرت إلى المصادر بجوار الاقتباسات معتمدا اسم الشهرة في المؤلف وبجواره داخل قوسين رقم الصفحة . * ها : تعني هامش