أهــل الحـديث
29-05-2012, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
الهجمة على السنة النبوية دليل على العافية !!
أسامة شحادة
نشهد في هذه المرحلة تزايد المحاولات الهادفة لمهاجمة السنة النبوية بأشكال متعددة ، وبمستويات مختلفة، فمرة يهاجمون شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يهاجمون دوره في إبلاغ الرسالة واقتصاره على نقل القرآن فقط كما يفعل القرآنيين – زعموا - ومرة تراهم يصوبون سهامهم للطعن في الصحابة رضوان الله عليهم ، والغاية قطع الوسيلة والسبيل والجسر بين المسلمين وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يتوجهون للطعن في الأحاديث النبوية ومناهج المحدثين، وتارة يتحولون للطعن في مضمون الأحاديث والسنة النبوية.
وهذا ملاحظ من تزايد الكتب والمقالات والبرامج الإعلامية التي تسعى للطعن بالسنة النبوية مؤخراً، ومن اللافت للنظر انخراط بعض الشخصيات المحسوبة على الإسلاميين نسباً أو وظيفة في هذه المحاولات ، ولعل من أبرزها جمال البنا شقيق الداعية الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، ومحمد حوى نجل الشيخ سعيد حوى القيادي الإخواني السوري المعروف.
وهذه الهجمة المتزايدة على السنة النبوية دلالة على الدور الكبير للسنة النبوية في حياة الأمة اليوم، فبعد أن مرت على الأمة قرون متطاولة انتشرت فيها الأحاديث الموضوعة والضعيفة بفضل الجهل الذي كان ينشره المقلدة والجامدين والدراويش والأولياء المزعومين وشيوخ الطرق الصوفية المنحرفة، نفضت الأمة عنها هذا الجهل والوهن ، وأصبحت تبحث عن السنة النبوية الصحيحة وتتمسك بها، ولم يعد هذا مقصوراً على أهل الحديث أو السلفيين بل أصبح ذلك أمراً عاما مسلَّماً به بين جميع علماء المذاهب والدعاة والخطباء، فقد ترسخ للجميع خطورة التساهل مع الأحاديث الموضوعة والضعيفة ودورها في تشويه الإسلام ، ونشر الأفكار الباطلة والمنحرفة، ونشر السلوكيات الخاطئة في المجتمع.
ولذلك انتشرت أقسام الحديث في غالبية كليات الشريعة وأصبح تحقيق الأحاديث لازم لكل باحث ومؤلف وخطيب وداعية، ولم يعد مقبولاً أي خطاب إسلامي لا يلتزم بالأحاديث الصحيحة، حتى غدا هذا الأمر من أكبر المؤاخذات على ظاهرة الدعاة الجدد مثل عمرو خالد وعلى الجفري وأمثالهم.
ولكن هذا التمسك بالسنة النبوية الصحيحة مع كل هذه الأثار الإيجابية التي نتجت عنه، كشف الغطاء والمستور عن كثير من الطوائف والفرق والمذاهب المنحرفة العلمانية، ومن هنا بدأت مهاجمة السنة النبوية في عصرنا الحاضر، في امتداد لمنهج الزنادقة والفرق المنحرفة القديم في الطعن بالسنة النبوية والتي تصدى لها كثير من أئمة الإسلام كان أولهم الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة" والذي أصل لحجية السنة النبوية وأصول الإستدلال بها.
ولما قام علماء الأمة المصلحون بنشر السنة النبوية والدعوة إليها، وظهرت آثارها في حياة الناس، فتفطن أعداء الأمة لخطورتها على مشروعهم، السنة النبوية التي تشرح القرآن الكريم للناس وتكشف عن مقاصده وغاياته وتكمل تفاصيل الحقائق القرآنية، وترسخ في الأمة الدافعية الإيجابية وتشرع الكثير من الأحكام والأداب بصورة مستقلة، وهذا كله يتصادم مع الرؤية الغربية الإستعمارية والإستشراقية ، وكذا هو يتصادم مع الرؤية البدعية المنحرفة لبعض الطوائف.
يقول الدكتور مصطفى السباعي: ".. والذي حملهم – المستشرقين - على رُكوب الشطط في دعواهم هذه، ما رأوه في الحديث النبوي الذي اعتمده علماؤنا من ثروة فكرية وتشريعية مُدهشة، وهم لا يعتقدون بنبوة الرَّسول، فادَّعوا أن هذا لا يُعقل أن يَصدر كله عن محمَّد الأمي، بل هو عملُ المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى.." (كتابه: الإستشراق والمستشرقون، ص 22).
وإذا كان الطاعنون في السنة النبوية قديماً هم: المعتزلة والخوارج و الرافضة والزنادقة، فإن القائمة اليوم تشمل: المستشرقين، العقلانيين من الإسلاميين والعلمانيين، والحداثيين.
ويلاحظ على هذه المحاولات الحديثة والفاشلة للمستشرقين والعقلانيين من الإسلاميين أنها تكرار سمج لكثير من المقولات التي فندها علمائنا السابقين في مصنفات مستقلة ككتاب "مشكل الأثار" للإمام الطحاوي، أو كتاب "تأويل مختلف الحدبث" لابن قتيبة، أو كتاب "مشكل الحديث" لابن فورك، أو في مصنفات موسوعية كبيرة مثل ردود الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" والإمام ابن حجر في "فتح الباري".
وهي الملاحظة التي رصدها د. محمد زين العابدين رستم أيضاً في سلوك العلمانيين والحداثيين " إذ ينقل آخرهم عن أولهم، ولاحقهم عن سابقهم، فمقارنة قريبة بين كتابين هما: " نقد الإمام البخاري لخليل محمد عقده" وبين كتاب " جناية البخاري " لزكريا أوزون، تكشف أن منهج التناول لقضية البحث واحد، إذ يقوم هذا المنهج على عرض أحاديث البخاري حسب موضوعها والتعليق الخفيف عليها دفعا في الصدر، مع الغمز واللمز والسخرية والطنز، والأمثلةُ المأخوذة من البخاري واحدة والقضايا المثارة واحدة، قضية المرأة، قضايا أحاديث الغيب، قضايا تهم النبي صلى الله عليه وسلم إلخ...".
والملاحظة الثانية أنهم يختبأون في هذه المطاعن خلف دعوى العقلانية، ولكن كما يقول د.السباعي: " الذين ينادون بتحكيم العقل في صحة الحديث أو كذبه، لا نراهم يفرقون بين المستحيل وبين المستغرب، فيبادرون إلى تكذيب كل ما يبدو غريبا في عقولهم، وهذا تهور طائش ناتج من اغترارهم بعقولهم من جهة، ومن اغترارهم بسلطان العقل، ومدى صحة حكمه فيما لايقع تحت سلطانه من جهة أخرى"، (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ص36). وأيضاً تجدهم رغم ادعائهم العقلانية إلا أنهم متعارضون في قبول الأحاديث ورفضها، علمانييهم ومستشرقيهم وإسلامييهم مما يؤكد ضلال مسلكهم وأنهم مبني على الهوى لا العلم والتقوى.
وختاماً فكما أن الأمراض والألم رحمة من الله عز وجل لأنها تكشف مواطن الضعف ومداخل الأعداء، ولولاها لهلك الإنسان فجاة بالمرض دون أن ينتبه ويتعالج؛ لأن الذي لا يمرض ولا يتألم هو الميت والجماد، فإن الطعن والهجوم على السنة النبوية لهو دليل على عافية الأمة وسلامتها، ولذلك فإن هذه المطاعن تكشف للأمة أعدائها الذين كانت تحسن الظن فيهم، وتدلها على المواطن التي ينبغي زيادة التحصين لها، كما قال تعالى :" لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيراً لكم "، (النور، 11).
وكما قال المتنبي قديما:
لعلك عتبك محمود عواقبه وربما صحت الأجسام بالعلل
ومن أجل الوقاية من أخطار هذه المطاعن على السنة النبوية ينبغي على أقسام الحديث في كليات الشريعة أن تحرص على استقطاب الكفاءات المخلصة المشهود لها بسلامة المنهج ونقاء السريرة من جهة، والتجديد في المناهج التعليمية بحيث تشمل تفنيد هذه المناهج الفاسدة بأدوات البحث العلمي والموضوعي. والله من وراء القصد .
:
الهجمة على السنة النبوية دليل على العافية !!
أسامة شحادة
نشهد في هذه المرحلة تزايد المحاولات الهادفة لمهاجمة السنة النبوية بأشكال متعددة ، وبمستويات مختلفة، فمرة يهاجمون شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يهاجمون دوره في إبلاغ الرسالة واقتصاره على نقل القرآن فقط كما يفعل القرآنيين – زعموا - ومرة تراهم يصوبون سهامهم للطعن في الصحابة رضوان الله عليهم ، والغاية قطع الوسيلة والسبيل والجسر بين المسلمين وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يتوجهون للطعن في الأحاديث النبوية ومناهج المحدثين، وتارة يتحولون للطعن في مضمون الأحاديث والسنة النبوية.
وهذا ملاحظ من تزايد الكتب والمقالات والبرامج الإعلامية التي تسعى للطعن بالسنة النبوية مؤخراً، ومن اللافت للنظر انخراط بعض الشخصيات المحسوبة على الإسلاميين نسباً أو وظيفة في هذه المحاولات ، ولعل من أبرزها جمال البنا شقيق الداعية الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، ومحمد حوى نجل الشيخ سعيد حوى القيادي الإخواني السوري المعروف.
وهذه الهجمة المتزايدة على السنة النبوية دلالة على الدور الكبير للسنة النبوية في حياة الأمة اليوم، فبعد أن مرت على الأمة قرون متطاولة انتشرت فيها الأحاديث الموضوعة والضعيفة بفضل الجهل الذي كان ينشره المقلدة والجامدين والدراويش والأولياء المزعومين وشيوخ الطرق الصوفية المنحرفة، نفضت الأمة عنها هذا الجهل والوهن ، وأصبحت تبحث عن السنة النبوية الصحيحة وتتمسك بها، ولم يعد هذا مقصوراً على أهل الحديث أو السلفيين بل أصبح ذلك أمراً عاما مسلَّماً به بين جميع علماء المذاهب والدعاة والخطباء، فقد ترسخ للجميع خطورة التساهل مع الأحاديث الموضوعة والضعيفة ودورها في تشويه الإسلام ، ونشر الأفكار الباطلة والمنحرفة، ونشر السلوكيات الخاطئة في المجتمع.
ولذلك انتشرت أقسام الحديث في غالبية كليات الشريعة وأصبح تحقيق الأحاديث لازم لكل باحث ومؤلف وخطيب وداعية، ولم يعد مقبولاً أي خطاب إسلامي لا يلتزم بالأحاديث الصحيحة، حتى غدا هذا الأمر من أكبر المؤاخذات على ظاهرة الدعاة الجدد مثل عمرو خالد وعلى الجفري وأمثالهم.
ولكن هذا التمسك بالسنة النبوية الصحيحة مع كل هذه الأثار الإيجابية التي نتجت عنه، كشف الغطاء والمستور عن كثير من الطوائف والفرق والمذاهب المنحرفة العلمانية، ومن هنا بدأت مهاجمة السنة النبوية في عصرنا الحاضر، في امتداد لمنهج الزنادقة والفرق المنحرفة القديم في الطعن بالسنة النبوية والتي تصدى لها كثير من أئمة الإسلام كان أولهم الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة" والذي أصل لحجية السنة النبوية وأصول الإستدلال بها.
ولما قام علماء الأمة المصلحون بنشر السنة النبوية والدعوة إليها، وظهرت آثارها في حياة الناس، فتفطن أعداء الأمة لخطورتها على مشروعهم، السنة النبوية التي تشرح القرآن الكريم للناس وتكشف عن مقاصده وغاياته وتكمل تفاصيل الحقائق القرآنية، وترسخ في الأمة الدافعية الإيجابية وتشرع الكثير من الأحكام والأداب بصورة مستقلة، وهذا كله يتصادم مع الرؤية الغربية الإستعمارية والإستشراقية ، وكذا هو يتصادم مع الرؤية البدعية المنحرفة لبعض الطوائف.
يقول الدكتور مصطفى السباعي: ".. والذي حملهم – المستشرقين - على رُكوب الشطط في دعواهم هذه، ما رأوه في الحديث النبوي الذي اعتمده علماؤنا من ثروة فكرية وتشريعية مُدهشة، وهم لا يعتقدون بنبوة الرَّسول، فادَّعوا أن هذا لا يُعقل أن يَصدر كله عن محمَّد الأمي، بل هو عملُ المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى.." (كتابه: الإستشراق والمستشرقون، ص 22).
وإذا كان الطاعنون في السنة النبوية قديماً هم: المعتزلة والخوارج و الرافضة والزنادقة، فإن القائمة اليوم تشمل: المستشرقين، العقلانيين من الإسلاميين والعلمانيين، والحداثيين.
ويلاحظ على هذه المحاولات الحديثة والفاشلة للمستشرقين والعقلانيين من الإسلاميين أنها تكرار سمج لكثير من المقولات التي فندها علمائنا السابقين في مصنفات مستقلة ككتاب "مشكل الأثار" للإمام الطحاوي، أو كتاب "تأويل مختلف الحدبث" لابن قتيبة، أو كتاب "مشكل الحديث" لابن فورك، أو في مصنفات موسوعية كبيرة مثل ردود الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" والإمام ابن حجر في "فتح الباري".
وهي الملاحظة التي رصدها د. محمد زين العابدين رستم أيضاً في سلوك العلمانيين والحداثيين " إذ ينقل آخرهم عن أولهم، ولاحقهم عن سابقهم، فمقارنة قريبة بين كتابين هما: " نقد الإمام البخاري لخليل محمد عقده" وبين كتاب " جناية البخاري " لزكريا أوزون، تكشف أن منهج التناول لقضية البحث واحد، إذ يقوم هذا المنهج على عرض أحاديث البخاري حسب موضوعها والتعليق الخفيف عليها دفعا في الصدر، مع الغمز واللمز والسخرية والطنز، والأمثلةُ المأخوذة من البخاري واحدة والقضايا المثارة واحدة، قضية المرأة، قضايا أحاديث الغيب، قضايا تهم النبي صلى الله عليه وسلم إلخ...".
والملاحظة الثانية أنهم يختبأون في هذه المطاعن خلف دعوى العقلانية، ولكن كما يقول د.السباعي: " الذين ينادون بتحكيم العقل في صحة الحديث أو كذبه، لا نراهم يفرقون بين المستحيل وبين المستغرب، فيبادرون إلى تكذيب كل ما يبدو غريبا في عقولهم، وهذا تهور طائش ناتج من اغترارهم بعقولهم من جهة، ومن اغترارهم بسلطان العقل، ومدى صحة حكمه فيما لايقع تحت سلطانه من جهة أخرى"، (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ص36). وأيضاً تجدهم رغم ادعائهم العقلانية إلا أنهم متعارضون في قبول الأحاديث ورفضها، علمانييهم ومستشرقيهم وإسلامييهم مما يؤكد ضلال مسلكهم وأنهم مبني على الهوى لا العلم والتقوى.
وختاماً فكما أن الأمراض والألم رحمة من الله عز وجل لأنها تكشف مواطن الضعف ومداخل الأعداء، ولولاها لهلك الإنسان فجاة بالمرض دون أن ينتبه ويتعالج؛ لأن الذي لا يمرض ولا يتألم هو الميت والجماد، فإن الطعن والهجوم على السنة النبوية لهو دليل على عافية الأمة وسلامتها، ولذلك فإن هذه المطاعن تكشف للأمة أعدائها الذين كانت تحسن الظن فيهم، وتدلها على المواطن التي ينبغي زيادة التحصين لها، كما قال تعالى :" لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيراً لكم "، (النور، 11).
وكما قال المتنبي قديما:
لعلك عتبك محمود عواقبه وربما صحت الأجسام بالعلل
ومن أجل الوقاية من أخطار هذه المطاعن على السنة النبوية ينبغي على أقسام الحديث في كليات الشريعة أن تحرص على استقطاب الكفاءات المخلصة المشهود لها بسلامة المنهج ونقاء السريرة من جهة، والتجديد في المناهج التعليمية بحيث تشمل تفنيد هذه المناهج الفاسدة بأدوات البحث العلمي والموضوعي. والله من وراء القصد .
: