المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس وعبر لأهل الكنانة



أهــل الحـديث
26-05-2012, 12:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




مصر : مصارعة في حمارّة القيظ !!

المسلمون في أنحاء المعمورة يبتهلون إلى الله تعالى في هذه الأيام أن يصلح مصر وأهلها ،بعد أن عانت أكثر من ثلاثة عقود من الظلم والحرمان والفساد . كانت أرض الكنانة ترزح تحت سلطة تتعلم الحجامة في رؤؤس اليتامى ، او كما يقول اخواننا المصريون :"يتعلمون البيطرة في حمير النور " !! لكن الله تعالى ألهم شعب مصر خلع فرعونه وجنوده ، فصاروا كأمس الذاهب ، كأن لم يغنوا فيها ، فسبحان من سلبهم عروشهم فجعلهم أثراً بعد عين "والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (يوسف : 21 ) .
لم يخلّف النظام البائد سوى المآسي والآلام ونهب خيرات بلده ، فلم يخلّف علماً ولا حضارة ولا مدنيّة، مما جعل الملايين من أبناء مصر يفضّلون الهجرة ،إما هجرة دائمة كعرب المهجر في الدول الغربية ، أو هجرة مؤقتة كالعمالة الوافدة التي تسعى للاسترزاق .
وقد تعاقب على حكم مصر منذ الفتح الإسلامي إلى اليوم حوالي( 400) حاكم ، أولهم عمرو بن العاص ( ت : 43ه ) . وكانت مصر في أول عهدها منارة للعلم والأدب والرقي ، ثم تحوّل حالها تدريجياً إلى الأدنى رويداً رويداً كما قال المتنبي ( ت : 354ه ) :
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحكٌ كالـبـكـا
ولا يخفى على كل متأمل أن المد الاستعماري في المشرق العربي وشمال أفريقيا أصاب الأمة الإسلامية لا سيما مصر: بالوهن والخنوع وتحوّل كثير من المسلّمات والثوابت إلى متغيرات ، فحوّرت أحكام الشريعة الإسلامية إلى قوانين وضعية ، ونزع الحجاب ، وهجرة لغة الضاد ، وانتشر الفجور وفشى إلا على ثلةٍ قليلة ،غُيّبت في الزنازين أو أُرغمت على الرضا بواقعها . والمقصود أن مصر ضُيّعت في بعض مراحلها ممن حكموها عبر القرون الطويلة ، وعُطلت وصية رسول الله r حينما قال : " إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط ، فاستوصوا بأهلها خيراً ، فإن لهم ذمة ورحماً " أخرجه مسلم .
سباق الرئاسة الذي يجري الان في مصر سبب شرعي لإقامة دولة يحكمها الكتاب والسنة ، ووسيلة لتوحيد الصف الإسلامي ، ودرء للفتنة عن أرض الكنانة . لكن معضلة مصر التي يقطنها ثمانين مليون نسمة : أن فيها رواسب من التغريب والتيارات المختلفة في الدين والفكر والسياسة ، كالعلمانية والليبرالية والقومية والناصرية . لن تستطيع مصر التخلص من ها الزبد إلا برجل قويّ معانٌ من الله تعالى، له أنصار على الحق ، والحق لا يتم إلا بالعدل بين المحرومين والمترفين في جميع شؤون الحياة .
لقد كانت مصر في بعض الحقب التاريخية تُصدّر القمح للرومان ، واليوم لا يكاد الفرد المصري يجد قوت يومه بسبب الاستبداد الاقتصادي الذي أشار إليه القرآن المجيد في قول الله تعالى : " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة اُولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين " ( القصص : 76 ) .
وقد روي عن أبي ذرٍ الغفاري ( ت : 32ه ) رضي الله عنه أنه قال: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته ألا يخرج على الناس شاهراً سيفه " . وقد صحح ابن حزم الأندلسي ( ت : 456 ه )في كتابه " المحلى" معنى هذه المقولة بقوله : " إن للجائع عند الضرورة أن يقاتل في سبيل حقه في الطعام الزائد عند غيره ، فإن قُتل الجائع فعلى قاتله القصاص ، وإن قُتل المانع فإلى لعنة الله ،لأنه منع حقاً ،وهو طائفة باغية " .

المصارعة على كرسي الرئاسة في ظل العوائق السالفة أمر عسير في بلد يعج بالأهواء والآراء ، لا سيما والدول الغربية ترصد أنشطته ، للاستفادة منها في إضعافه وحصاره والتضييق على أبنائه كما في الحديث المرفوع : " منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم " أخرجه مسلم .

والمأمول من علماء مصر ودعاته في هذه المرحلة : الاجتماع على التواصي بالحق والصبر عليه ، فإن الحق قديم لا يبطله شيئ ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، والله الهادي ، والعاقبة لمن اتقى .

أ / أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة .
http://lojainiat.com/c-80485/