المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تكن شاعرا .. فتنحر.....لفضيلة الشيخ محمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفراج



أهــل الحـديث
26-05-2012, 11:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






لا تكن شاعرا .. فتنحر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعدت قرّاء مدونتي الأعزاء الذين لها يرتادون، وبهم تشرف و لها يُشرِّفون، أن أستريح بهم استراحة، في ريف وواحة وروضة فواحة، بعد جولات رشق الردود، وصولات خفق البنود، واشتباك العنان، ولمع السنان، وضرب البنان، في لقاء بني علمان، وعقب رثاء وبكاء، لا صياح ولا نواح، لأحبة تخطفتهم المنون، وطحنتهم رحى زبون، وهذا الاستجمام، لاستدامة نشاط الأجسام، واستعادة أفراح الأرواح، وإلا ذلك يكون فـــــــــ:
مالي على فجَعات الدهر من جلد .. نأيٌ ونعيٌ وهل لي طاقة بهما
يا من عذيري من الدنيا وقد حبلت .. من المآسي لياليها بما عظما
بأي قلبيًّ ألقى ما تجيئ به ... بما قضى أو بقلب حالف السقما
ولكن استراحتي اليوم - أحبابي - بكم لا لي، أما أنا فمن تعب النهار إلى سهر الليالي، وعلى هذا أقول، مستعينا بالمولى المأمول:
رحت إلى بيتي عشية، أرفّع شأوا وأسير هنيّة، وعلى رأسي غبار النقع، وفي جسدي كلال النجع، آملا في ليلة رضيّة، ونومة هنيّة، فوجدت الدار قد اجتمع شملها، والتم أهلها، وقد تهيأ بالقهوة القاهي، و تشوف إلى الطعام الشاهي، فقلت أهلي لي بالأشواق، وهم عليَّ بالإشفاق، ومادريت أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن طلبة الصيد رامت فراءها، ومُنتظِرة (اقرأ) سكنت حراءها، وما كاد يستقر بي النوى، حتى تحفز أحمد والتوى، ثم تعارّ وتمطى وكشف المغطى فقال: كيف حالك يا أبتاه، مالي أرى فكرك تحير وتاه، فقلت: يا أحمد ارفقنْ ولا تلمِ ( تعجبون من سقمي)، ( صحتي هي العجبُ)، ما انقضى لنا أربُ، صحبنا بنا انقلبوا، والعدا لنا استلبوا، فقال وأكمل المقامة: هاهنا لنا طلبُ، قلت: اطلب ولا تُشطط، وخيِّر ولا تشرِط، قد ملكت فأسجح، وبحاجتك فصرح، قال: يا أعز والد ، و خير وارث من أهلي لخير تالد، تعلم أني في عام تخرجي ، وأوان تفرجي ، قلت نعم أعلم ذلك ، فماذا هنالك ، قال طلب لنا كبير ، وعليك يسير غير عسير ، فلا تجبني بما أجيب به فقيه المدينة، أعني عروة بن أذينة، في أبياته الرصينة، قلت: أتعني شيخ الإمام مالك؟ قال: هو كذلك. قلت: فأبياته الرصينة ماهي؟ قال: هاهي:
لما عرضت مسلما لي حاجة .. أرجو مودتها وأحذر ذلها
منعت تحيتها فقلت لصاحبي .. ما كان أكثرها لنا وأقلها
قلت: بل حبا وكرامة، لا ملالة ولا سآمة، إلا إن لم أقدر، فأنت خير من يعذر، وبيني وبينك شاعرك عروة، حيث جعلته لي أسوة قال: في ماذا ؟ قلت: في تكملة شعره هذا:
فرنا وقال لعلها معذورة .. من بعض رقبتها فقلت لعلها
قال: طلبتي يا أحب الأحباب، قصيدة أزهو بها بين الأصحاب، قلت: ويحك يا أحمد، ومَن مني الليلة أعمد، وهل الشعر يسير، ومطلب حقير، أم يلزم له راحة بال، وفراغ من الأشغال؟ قال: يا أعز الأنام، من رهطي الكرام، هات أي كلام، قلت: يا ولدي وفلذة كبدي، هذا منك لا يحسن، أما تعلم أن الناس قلوب وألسن، وأن الفتى حين يتكلم، يعرض عقله على الناس، والناقد حساس، وطبع الناس:
إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا.. هذا وما سمعوا من صالح دفنوا
قال: يا أبت كما صنعت العام لعبد العزيز، أم أني لست عليك بعزيز، قلت: بلى، ولكن تعلم أن الشعر شعور، لا كلام وقشور، يا أحمد بعد هذه السنين، كيف لي أن أعود إلى شعور ما قبل العشرين، وأعيش مشاعر الطالب، وأتقمص شخصيته أو أقارب، يا بني أما تعلم أن الشعر لا يعطي أقله حتى يعطيه الشاعر كله، وأن الشعر، معاناة، قبل أن يكون مناغاة، وقد قال أشعرهم يا أحمد، أعني المتنبي ابن الحسين أحمد:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده .. ولا الصبابة إلا من يعانيها
وهو القائل أيضا:
إذا كان مدح فالنسيب المقدم .. ( أكلّ فصيح قال شعرا متيم)
لا ها الله وحاشا لله، هذا الفصيح المليح، فكيف بالسمج القبيح، لكن أبشر يا بني، ما بك هوان عليّ، قال: نم الليلة إذن، واكتب إذا ضرب الصحو بعطن، قلت: مستحيل من الآن طار الوسن.. سلام على النوم، ولا جدوى من اللوم:
قد كان ما خفت أن يكونا .. إنا إلى الله راجعونا
وهنا تنحنحت هند وتحفزت، وإلى الكلام تشوفت، وقالت: يا بهجتي وأنسي، ويا قرة عيوني، قد عرفتُ قدر نفسي، ولم أبح بمكنوني، لكن مادام طار عنك الوسن، فافطن لحاجتي ولاتهن، قلت: أبشري يا ثمرة قلبي، اطلبي حاجتك لها ألبي، شرط أن لا تكون شعرا، وسواه فلا أعصي لك أمرا، قالت: بلى والله يا أبتاه، ما أردت إلا إياه، قلت: هذه والله الآزفة، التي مالها من كاشفة، قالت: ولم ؟ أنا لدي تخرج كذلك، أم البنت ليست على بالك، قلت معاذ الله يا هند، بل هي الأنس والسعد، والفخر والمجد، فما نحن على نهج أهل الوأد، عباد سواع وود، ولكن يا حبيبة أبيك، قد سمعت ما قلت لأخيك، من أنه يعز علي العَود إلى شعور الصبا، بعد أن صرت أبا، فكيف لي أن أستعير حجابك ومكحلتك، وأتقمص جلبابك وملحفتك، فإن كان ادكار ما مررت به من عمر أحمد صعب المنال، فتكلف ما لم أمر به من عمرك من المحال، فاستعبرت وأجهشت، ورشقت سهام الدموع، وهي التي تمزق سابغات الدروع، وقالت: هكذا نحن البنيات، من الطريق على بنيات، فقلت: أنا ولد أحمد، والله لن تضامي وأنا أشهد:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي .. بسهميك في أعشار قلب مقتّلِ
فتنفست الصعداء، واستخارت عن البكاء، فقلت أبشري يا بنيتي هند، سأنظم لك -بعون الله- أروع عِقد، حتى يصدق عليك وعليّ، قول أبي الطيب الجُفعيّ:
لكِ الحمد في الدر الذي ليَ نظمه .. فإنك مهديه وإنيَ ناظم
وهنا تحفزت أنا للقيام حذرا من ثالثة أثافيّ، ومطلب إضافي، فإن مطالب الإخوة لا تتناهى، ولو من دون حاجة بل ليتباهى، فقال يوسف: مالك مستعجل، وعهدي بك مستمهل، هذه قهوتك ما نقصت، وبهجتنا معك ما فتئت، وعهدي بك مع قهوة البن البري، كما قال الوليد الطائي البحتري:
بتّ أسقيه ( قهوة البن ) حتى ... وضع الكأسً مائلا يتكفا
قلت عبد العزيز تفديك نفسي ... قال لبيك ، قلت : لبيك ألفا
هاكها ، قال هاتها ، قلت خذها .. قال لا أستطيعها ثم أغفى
البحتري يقول: ( بت أسقيه صفوة الراح)
قلت: يا يوسف لا حاجة لي في قهوة، أتخشى على أبيك غفوة، قال: لا ولكن ليزداد نشاطك، ويتلاشى إحباطك، قلت: ما هذه المغازلة، لا يكن عندك علي نازلة، قال: أبدا يا أغلى الأحبة، ما على محسن من سبيل ولا سبة ، قلت: إذن صدق حدسي ، وصح حسي، أو قصيدة ثالثة، وبلية وكارثة، وأين أنت والتخرج، أم تقليد وتصنع وبهرج، قال أبدا يا أبت بل قُصَيِّدة، لشعور حفلة التحفيظ مقيِّدة، قلت: ما أردت بتصغير قصيدة إلا لتهونها، ولتحصل بغيتك وتضمنها، وتصغير الاسم لا يصغر المسمى، وإن هوّنته خداعا وزعما، وذكرني هذا بأسلوب الحريم، ذوات الكيد العظيم، إذا طلبت حاجة قالت حويجة بالتصغير، ولو كانت كبر أحد وثبير، قال: أنت وشأنك لكني أذكرك بحديث نعمان بن بشير، يعني: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، فقلت لو أنكم تحفظون أحاديث البر حفظكم لهذا الحديث أولى لكم، لكن لما ذكرت بحديث ابن بشير فأبشر، ما أنا عن حاجتك بمستأخر.
ودعتهم وقمت، وأنا أضرب أخماسا في أسداس، وأحمل من الهم ما حمل من همام جساس، ثلاث قصائد في ليلة، إذن لا بيات لي ولا قيلة، هكذا الأولاد وحاجاتهم، يعز على أبيهم أن تخيب أمنياتهم، ولو سهر الليالي وهم هجود، وظل في الشمس وهم في ظل ممدود، يخرجون من أكنافه، ويصعدون على أكتافه.. "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"، وشقيا بي ناشئا وكبيرا.
وَوَجهُ الهم، وسبب الغم، ما قدمته من تناقض الشخصيات، وتنافر النفسيات، وما مثلي إلا كمثل طبيب يجري عدة عمليات، يقوم بعزل نفسه وغسل يديه وتعقيم أدواته وتغيير ملابسه فيما بينها من فجوات، أو رسام يخشى أن تختلط ألوانه، وتمتزج أشجانه أو منشد يشفق أن يلتبس لحنه، ويتشتت ذهنه، وعلى كل منهما أن يؤدي عدة أعمال فنية، شكلية وذهنية، متقاطعة ومتسايرة ومتنافرة ومتباعدة ومتقاربة ومتغايرة، كما قال طرفة:
كأن علوب النسع في دأياتها .. موارد من خلقاء في ظهر قردد
تلاقى وأحيانا تبين كأنها .. بنائق غرٌّ في قميص مقدد
ولكن:
لابد مما ليس منه بد .. قد وقع الأمر فلا مرد
أصبحوا في فرشهم في سابع نومة، وأنا طول ليلي بين جلسة وقومة، وما غدوا إلى مدارسهم، إلا بأبياتهم وقصائدهم ، قد قلدتهم قلائد الماس، وغدوا أسعد الناس، ولله الحمد والفضل، فهو للإحسان والبر أهل.
وهذه أولا قصيدة عبد العزيز التي فتحت علي الباب:
خليلي مرا بي على ذات عرفج... ودهناء خبت ذي زهاليل فجفج
نُسلِّ بها هما ترادف مؤْذِنا... بليل بلا صبح نرجّيه أبلج
ألا إنها مأوى الحزين وكهفهُ... إلى دفئه يأوي المعنّى ويلتجي
وكم مرة قد جزتها متمهلا... على ضامر عوجاء من هجن منتج
أساير فيها كالظباء ضعائنا... تجوز بنا عجلى على كل هودج
تمشَّى على روض من الأرض عابقٍ... بنشر الخزامى أو أريج البنفسج
يطأن بساطا سندسيا مورّدا... بمسٍّ حريري ولون مموّج
نسارق منها نظرة بعد نظرة... وترنو إلينا رنية المتفرج
بناظرة حوراء من تحت حاجب... كما حرف نون فاحم ومزجج
وقدّ ٍوخدٍ واعتدال وقامة... ودلّ وإدلال وحسن التغنج
فما رابها منا حديث وموقف... وما رابنا منها سفور التبرج
تؤرقني ورقا على غصن بانةٍ... مطوقٌة ناحت بصوت مهدّج
فهاجت لي الذكرى وأجهشتُ لوعة... وغالبت جَهدا عبرةً بتحشرج
أجبت الهوى لما دعاني بزفرة... وقلت كقول لامرئ القيس حِنْدَج
قفا نبك من ذكرى حبيب وشعبة... وأيامها غرّ المحيا المُسّرج
وما ليَ لا أبكي وأذرف دمعة... لتوديع أحبابي بيوم التخرج
أيا إخوتي حان الوداع فهل لنا... لقاءٌ يسلي همنّا بالتفرُّج
ودوحةِ علم قد مكثت بروضها... من العمر ستّاً ذات أُنس ومَبْهَج
سُنيّاتِ عمرٍ كم سررت بها وكم... حزنت وكم فيها أخاف وأرتجي
وكم ذَرعت رجلي ذهابا وأوبة... وياليتني لا زلت يا شعبتي أجي
وسابقت فيها الطير في وكناته... وباكرت فيها الصبح قبل التبلُّج
وكابدت أياما صعابا شدائدا... وصابرت أيام العنا بالتدرج
وغالبت فيها صبوة وجهالة... وكم موقف فيها طريف ومحرج
وكم مرة فيها أتيت كمكرهٍ... من النوم أمشي نحوها مشيَ أعرج
وكم قد وجدت الباب دونيَ موصدا... فراوغت مثل الثعلبان لمولج
وإن حاصروني كالجيوش نفجت من... خلالهمو كالأرنب المتنفج
وكم قهوة عاطيتها برحابها... على صحن تمرٍ سكري وسُلَّج
وكم من أخٍ زاملته ومعلمٍ... وكم من كتاب قد قرأت ومنهج
فيا أيها الأشياخ شكرا مكررا... وعذرا على فعلٍ من الجهل أهوج
فإن لصبوات المراهق نزوةً... كنزوة أنثى خلقها ضلعُ أعوج
وما نحن يا أشياخَنا ومديرَنا... لصفحكمو كاليوم مِنَّا بأحوَج
وعهدٌ ووعدٌ أن نظلَّ لكم كما... تحبّون من حفظ الوفاء المُمَنْهج
ولن يُنسِيَنّا ذكرَكم شُغلُ شاغل... بجامعة أو سَفرة أو تزوُّج
فأما لكم منّا فحِلٌّ فهل لنا... بحلٍ من الأشياخ دون تلجلُج
ومنـا لكم بـــرٌ وحسن صحابــة... ودعوة أسحـــار يقال لها اعــرجي
فخورون في أشياخ علمٍ ومنهج... على مذهب الأخلاف غبر مؤدلج
بلى مذهب الأسلاف صحب نبينا... ألا إنه من فتنةٍ خيرُ مخرج
شيوخٍ على سمت النبي وهديه... وما فتنتهم موضةُ للتفرنُج
وما سلبت ألبابهم كلُ دعوة... بخُلّب برق أوكستهم وبُهْرُج
لشعبة ذكرى في الفؤاد عزيزةٌ... متى ندّكِرْها للضمائر تُثلج
فقد حضنتنا مثلَ أم رؤومة... تبثُّ حنانا في الحنايا مؤَجَّج
ألا إنها أيامُ أنس وبهجةٍ... وفي روضتيها إن دهى الهمُّ يُفرَج
سقى الله أيام الصِبا غيث مزنةٍ... تنوء رواياها بسيل مثجج
لياليَ كنا بالبراءة رُتّـعَا... نخوض ونلهو لهوَ أغمار سُذّج
وما العمر إلا مَيعة الجهل والصِبا... وأحلام ريان الشبيبة كَوسَج
ألا إنه حان الوداع أحبتي... فيا خيلُ هيا للظهور فأسرجي
ولكنما خطب التفرق هالني... أنا اليوم لاهٍ ذاهلٌ كمُبَنَّج
سرى الليل والذكرى عن القلب ما سرت... أقلب كفَّي حائر متلجلج
تُشتت فكري غارة بعد غارة... وتغزو بجيش من شجون مدجج
أحن إلى تلك الربوع وأهلها... حنين عشار باكيات وخُلَّج
لشعبة أيام أتوق لها كما... نتوق بقيظ للربيع المؤرَّج
أقول وقد حان الفراق أيا ترى... نعود إلى ذاك المكان المبهرج
فيا شعبةٌ إن يجمع الله بيننا... هنيئا لنا في وجهك المتوهج
وياحبذا يا شعبة الخير عهدكم... فهل أقِفَنْ يوما بذاك المعرّج
ويارب من يدري لعليَ عائدٌ... أدرس فيها في لقاءٍ متوّج
وإن كنت معْ أشياخ شعبة مثلُنا ... كما قيل: هذا ليس عُشّكِ فادرجي
وعذرا شيوخي ما وقفت أمامكم ... أحدّث إلا ذا لسانيَ يرتج
وداعا وداعا شعبتي وشيوخها... وداعَ محب والهٍ متحرجِ
وهذه قصيدة أحمد:
قفا نبك من ذكرى حبيب ودمنة ... وذكرى الصبا بين السلام وشعبة
وأيامنا الغر اللواتي تصرمت ... كأحلام نوم عند تلك الثنية
ثنية لقيانا سنيَّ نعيمنا ... فيا حبذا تلك السنين ونعمت
وقوفا بها صحبي علي كأنهم .. رفاق ابن عبد عند أطلال خولة
كأني غداة البين لما تخرجوا ... ولجّت بي الذكرى رهين المعرة
معرة نعمان وقد ظل باكيا... يكفكف من أحزانه كل دمعة
وينشد أشعار التشاؤم مثلما ... ترنم باك فوق أغصان أيكة
ولكنْ رهينُ المحبسين بحبسه .. ضرير ولم يُنكأ بعين ولفتة
فما وجد ورقاء على غصن بانة .. مطوقة تبكي بحزن ولوعة
وتسجع ألحانا وتبكي منازلا .. إذا عاد ذكراها إلى القلب حنت
بأوجد مني والرفاق تحفني.. يقولون لا تهلك أسى وتَثبّتِ
إذا كان هذاك الحمام ووجده .. فيا لائمي أقصر ودعني وعبرتي
وماليَ لا أبكي وقد آذن اللقا .. ببين ووافى عهده للتشتت
كأن سنين الوصل لما تصرمت .. سحابة صيف أمطرت ثم زلت
كأن لم نكن لما تفرق جمعنا .. قضينا بذاك الشعب أعوام ستة
كذلك أيام السعادة تنقضي .. سريعا كخطف البرق أو لمح غمضة
كأن لم يكن حي السلام وشعبة .. مزارا ولم نأنس بدوح وروضة
سقى الله أيام التواصل صيبا .. تجود به ريانة كل مزنة
تجود به جودا فيمرع ربعها .. وتنبت في أرجائه كل زهرة
برند وورد والخزامى ونرجس .. وآس وياس والأقاح وفلة
ألا ليت أيام السرور رواجع .. وإن كان هذا الحلم بُعْدَ المجرّة
خلوت أنا والنفس نذكر سيرة.. لعمر تقضى في سبات وغفلة
فلما تنازعنا الحديث وأسمحت.. رَنَت ثم راضت سهلة ثم رنّت
بكاء على أيام لهو كأنها.. خواطف برق خلب حين مرّت
إذا ما التفتنا للوراء هنيهة ..أدرنا عيونا حائرات بنظرة
وقلنا أحقا أم خيال مرورها.. وهل نحن في الأحلام أو وقت صحوة
أحقا ولجنا شعبة في طفولة.. غريرين في لهو السفاه وصبوة
وهانحن في سن الرجولة عندما.. خرجنا أشداء ببأس ومِرَّة
أقول وفي الأحشاء مني لواهب.. كأن لظاها في الحشا وقد مَلّة
أيا شعبتي حان الوداع فمن لنا .. بقلب فيملي فكره بعض جملة
ومن بلسان ناطق فيغيثني.. بشعر وقد حُمّ اللسان بعقدة
فلو كان سحبان بن وائلَ قائما .. مقامي إذن قال المقام له اصمت
ولو شاعر كالبحتري ومثله .. جرير وشوقي لم يَحر بعض كلمة
كذلك روعات الفراق إذا دهت .. تغادر مذروب اللسان كميّت
أيا شعبتي يا من لها في جوانحي.. مشاعر إجلال وصفو المحبة
كأنيَ لم أدرج بعشك طائرا .. صغيرا غريرا في دلال وميعة
سنينا عرفت الناس فيك وأشرقت .. على فكريَ الدنيا وفيها تجلّت
لشعبة ذكرى في الفؤاد إذا دعت .. أجاب لها دمع العيون فهلّت
وفي كل شبر من ثراها وجُدْرِها ..طبعت من التذكار أجمل بصمة
فكم مرة غلّستُ نحو حبيبتي .. أباكر أطيار السماء بغدوتي
وكم موقف فيها ضحكت بساحها .. وكم مرة فيها بكيت بحسرة
وكم فرح فيها وكم حزن ساعة .. أهم فؤادي ثم أحرق مهجتي
وكم حر شمس قد صليت ظهيرة .. وبرد إذا مس الجلود اقشعرت
وكم من كتاب قد قرأت ومنهج .. وكم من خليل قد عرفت وشلة
وكم مرة جاهدت نفسي مسهدا.. من النوم رأسي مثل نشوان سكرة
أتابع أستاذي الكريم دقيقة.. وساعات يومي ذاهبات بغفوة
وعانيت أنواع المكابد ريثما.. تذلل من كأدائها كل صعبة
وعالجت فيها المر حتى وجدته .. ألذ من المنّ اللذيذ وشهدة
زحفت على الكفين زحفا كأنما ..أجاهد في تليين أحجار مروة
وأروع هاتيك المواقف عندما .. تجلّت من القرآن أنوار ختمة
أرى من جلال الروع فيها ملائكا .. بأجنحة فوق الرؤوس أظلت
ولما رأيت البين أذكى صبابة.. عذرت جميلا إذ توى في بثينة
وخايلت ليلى الأخيلية عندما .. هوت في الهوى بابن الحُميّر توبة
وقلت معاذ الله ألقى كما لقِيْ.. كثيّر لما مات من وجد عزة
ومن حال قيس وامرئ القيس قائلا.. ولما دخلت الخدر خدر عنيزة
ولكنّ وجدي ليس في غصن بانة ..من الإنس ميال على كل نسمة
بمقلة حوراء وجيد غزالة ..ولفتة مرتاع خذول بوجرة
تميل إذا مالت قلوب كثيرة .. تسبح ربا من بهاء وروعة
ولكنْ على فقد الأحبة لوعتي.. فيا وجد قلبي من فراق أحبتي
أحبتة قلبي يا شيوخي وصحبتي .. أقول وحبري من مدامع مقلتي
أنا أحمد الفراج بعض غراسكم ..وقفت خطيبا في اجتماع وحفلة
وقمت مقام الفخر بين مشايخي.. رسولا إليكم عن صحابي ودفعتي
لأشكركم شكر البرير لأمه ..ووالده شكر اعتراف بمنة
فشكرا وشكرا ثم شكرا مكررا ..على عد من طافوا بأركان كعبة
وما أذرت الأرياح من رمل عالج ..وما لاح من شمس بأفق ونجمة
وعذرا وعذرا ثم عذرا مرددا.. كأعداد ساع بالصفا ثم مروة
فياكم أتينا من خطايا بحقكم ..وياكم جنينا من جُناح وزلة
ولكن لنزْوات الشباب حماقة.. وسكر كسكر من سلاف وخمرة
ووعد وعهد أن نواصل حبلكم ..ولو يا شيوخي بابتهال ودعوة
سنذكركم في كل يوم وليلة ..وندعو لكم بالخير في كل سجدة
أحبة قلبي كم تمنيت صادقا .. يدوم زمان من وصال وعشرة
لعل لنا في ذي الحياة تواصلا .. وإن لم يكن فيها ففي دار جنة
هنالك لا هجر يكدر وصلنا .. فيارب فاقبل واستجب كل دعوة

وهذه قصيدة هند:

على طلل وقفت وصرت أشدو.. أخاطبه ولكن لا يرد
أبث له من الأحزان وجدا .. ووجدا بعده وجد ووجد
وُجُود كلما أذكت لهيبا .. فليس لها من السلوان برد
وماليَ لا أبث اليوم حزنا. وقد أزف الفراق لمن نود
سُنيّاتٍ قضيناهن ستا .. ألا يا ليت ماضيَها يُرد
لنا فيها تقضت ذكريات .. ولكنْ في الشعور لها نَعد
وذكرى ثانويتنا خصوصا .. إذا هتفت فطير الروح يشدو
نقشنا في الصميم لها حروفا .. تَنِدُّ الراسخات ولا تند
بنينا في القلوب لها صروحا .. تُهَدُّ الراسيات ولا تُهد
ومنها مرُّ أيام تولت .. ولكنْ طعمهن اليوم شهد
سقى الله الصبا ديما دريرا .. ولا صعق يكدره ورعد
لياليَ كان يجمعنا سرور.. ويشملنا بروض الأنس نجد
فواحراه من طول اجتماع .. تشتت جمعه وانفض عِقْد
وداعا يا أُ خياتي وداعا .. تردده ابنة الفراج هند
وتتحفكم نصائح غاليات .. من الأعماق جوهرهن نقد
أخياتي كتاب الله تاج .. وعِزٌّ يا أخياتي ومجد
كتاب الله ظلَّ لنا خليلا .. من التمهيد وهو لكنّ مهد
كذلك فليكن حتى ممات .. يصاحبنا ونتلوه ونحدو
تربينا على القرآن دهرا .. لنا من نفحه مسك ورند
قرأنا فيه أن الله رب .. عظيم في صفات المجد فرد
وأن الناس خالقهم إلهي.. وكل منهمو لله عبد
تعلمنا الحياء لنا جمالا .. وتقوى الله أزكى ما نُعد
تعلما الحجاب لنا وساما .. به كالدر والياقوت نبدو
ومعيار الجمال لنا احتشام .. جمال الروح لا قدٌّ وخد
لئن وَلِعت نفوس في ملاهٍ.. فنحن غناؤنا زمر ورعد
وإن تاهت توافه في تفاهٍ.. ففي هماتنا عزم وجد
وهذا يومكن صويحباتي .. فهيا في مجال العز نعدو
وآمال أُخياتي عراض .. بنا عقدت ونحن لهن قَدُّ
تؤملها بنا قدوات خير .. مديرتنا لنا أمٌّ تََوَدّ
وأستاذات علم هن حقا .. لنا في دربنا نور ورشد
وهن لنا شموس ساطعات .. وهن بدورنا في الأفق تبدو
وهن لنا نجوم زاهرات .. هوادٍ بالضياء لنا تمد
وذا يوم الوفاء لهن منا.. وللإحسان تسديد ورد
تسائلني الشواعر عن شعوري .. ولكن لا جواب به أرد
ولو كان الفرزدق أو جرير .. وخنساء مكاني لم يردوا
شعوري لا أسطره بشعر .. وإن جهد البليغ المستعد
ألا هل تسعف الكلمات فكرا.. به من رهبة التوديع سد
ولكن خُذنها من نبض قلب .. له من دمع ناظرتَيًّ مدّ
أيا شيخاتنا عذرا وعذرا .. وعذرا لا يُعدّ ولا يُحد
على التقصير في ما فات منا .. وما من آفة التقصير بد
وشكرا من حنايا القلب شكرا .. وبعد الشكر عرفان وحمد
جزاكن الإله جزاء خير .. نكرره له في الذكر سرد
وعهد بالدعاء لكن مهما .. حيينا ثم عهد ثم عهد
ووعد أن نواصلكن دوما .. على الأيام يا شيخاتُ وعد
ولن ننسى مواقفكن حتى .. يضم جسومنا قبر ولحد
حبيبات الفؤاد لكن ذكرى .. لها في الروح أفراح وسعد
لعل الله يجمعنا جميعا .. بظل العرش للأخيار وِرد
نعيم في لقاء سرمدي .. فلا هجر يكدره وبعد
ودار في جوار الله فيها .. من الإنعام خيرات وخلد
وداعا لو بودي ما افترقنا .. وماذا ينفع المحزون ود

وهذه قصيدة يوسف:
روائع النَورِ في روضِ البساتين --- أم التغني بآي النور والتين
في حفلِ جعفرَ إذ أشباله صدحت--- تتلو الكتاب بترتيلٍ وتلحين
كأنها حين تتلوه مرتلةً--- بلابلٌ غردت فوق الأفانين
في روضة من رياض الحسن مائجةٍ--- بالياسمين وأزهار الرياحين
يا فرحتا وإمام الخير شرفنا--- الشيخ ناصر محبوب الملايين
حيّاه ربي حياة السعد ما طلعت--- شمس النهار على مر الأحايين
حيوا إمام العلا واتلوا لمقدمِهِ--- قصائدَ الحب من كل الدواوين
يا ناصرُ العمر الدنيا بك ابتهجت --- حيُّ الجزيرة نادى اليوم هنوني
يقولها يوسف الفراج مبتهجا--- والكل يضمر ما تبدي مضاميني
ثم التحية للأحباب قاطبة--- في حفل مسجدنا من دون تعيين
إني أقوم مقاما لو يقوم له--- سحبانُ وائلَ قد يُبلى بتلكين
ولو يقوم جريرٌ ثم عززه--- فرزدقٌ أُرتِجا من دون تبيين
لكنه الجود من موجودِ مجتهدٍ--- وإن تروا خللا يا قوم أعفوني
وكيف يصفو لنا فكرٌ فيمحضنا--- جزل القصيد بأنغام التلاحين
وهذه الفتن الظلماء تذهلنا--- فتترك العاقل الأذكى كمجنونِ
ألم تروا شامنا في أوج محنته--- يدعو الملبين يا قومي أغيثوني
أليس منكم أبيٌ ذو محافظةٍ--- يعيد أمجاد جالوت وحطين
ألا ترون دماء الطهر جاريةً--- فالأبيض البحر محمرٌ بتلوين
من الروافضِ أعراضي مدنسة--- تشكو الحرائر من أفعال مأفونِ
تشكو إليكم دماءً غاب ناصرها--- لما استُبيحت على حدِ السكاكين
يا رُبَ أرملةٍ تبكي على حُرقٍ--- أيتامها ذُبحوا ذَبْح القرابين
تساهرُ الليل والأكوان راقدةٌ--- أناتها ذكّرت أنات ميسونِ
أو رُبّ بكرٍ كأن البدر طلعتها--- مخفورة في رِتاج الخدر من حين
من العواتق عذراءٍ مطهرةٍ --- تعاقبتها طوابير الملاعين
أما لكم أذنٌ يا قوم سامعةٌ--- أم تطربون على أنات محزون
إن لم تقوموا ونارُ الحرب صاليةٌ--- لا مرحبا بَعدُ إن جئتم تُعزوني
يا حفلنا العذرَ إن قرّحتُ أكبدكم--- لكنها حرقة في القلب تشجوني
لا خير فينا إذا صُمّت مسامعنا--- عن إخوةٍ في رباطِ الجنس والدين
إني تذكرت والذكرى مؤرقة--- ليست كذكرى لريّا أم هارون
لكن لهارون لما قام منتفضا--- ممرغا أنف كلب الروم بالطين
ما فكر العلج في تدبير دولته --- حتى يفوزَ بإذنٍ من سلاطيني
ناهيك أن يطمع الأعلاج في بلدٍ--- فيه المساجد ضجت بالتآذيين
ويدفع الجزية العظمى لسيده --- هارون قسرا وقهرا فعلَ ممنونِ
لو أنما أمةٌ نادت بناحيةٍ --- لسَيّر الجيش حتى بحر قزوين
وقاد بحرا خميسا من مُقاتِلةٍ --- يُغير حتى تقول الهامة اسقوني
من قال للسحب هيا أمطري فلنا --- خراج غيثك لو في دولة الصين
عسى زمانٌ يعيد الله سيرته --- حتى أشاهد إسلامي بتمكين
يا أيها الحسن الطيار عشت لنا--- مُوجها يا ابن أشراف الميامين
أنت الزعيم لنا في كل نائبةٍ--- محنّك الرأي حُرٌ من شياهين
كم تبذل التعب الأضنى لتسعدنا--- تقول: هيّا انهلوا لو من شرايني
أبا أسامة يا زيد بن والدنا--- أبي علي ظِلال للمساكين
إذا دهى القلب من ذكراه طارقة--- تؤرق العين من هم وتحزين
جزاكم الله خيرا من فضائله--- إذا دعوتُ أجيبوها بتأمينِ


http://m-alfraj.blogspot.com/2012/05...st_23.html?m=1 (http://m-alfraj.blogspot.com/2012/05/blog-post_23.html?m=1)