المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصتي الجديدة: ليلةٌ عاصفة..!!



دمعة سراب
03-09-2005, 08:57 PM
كما عودتكم سابقاً
هاأنا أعود لكم بإحدى خربشاتي الخيالية والتي أتمنى أن تصل إلى ذائقتكم بإستحسان

كعادتي أعود كل مساء من عملي ، البرد كان قارساً والناس إلتجأوا لمنازلهم، المصابيح مضاءة بالشوارع والهدوء يعم أركانها. منزلي كان صغيراً، يحتوي على غرفتين إضافيتين فقط ، إلا أنه كان رائعاً، دافئٌ في الشتاء وباردٌ بالصيف. أعيش وحدي بعد وفاة والدتي منذ عامان، ودخلي كان يكفينا نحن الإثنان وزيادة، إلا أنني لم أكن أحب الإسراف كزملائي وأصدقائي.
وذات مساء كنت أسير مسرعاً ناحية المنزل، فالجو كان سيئاً والأمطار غزيرة جداً، سمعت أنيناً خِلتُ لوهله أنني أتخيل فأبطأت من سرعتي لأتأكد، ولمحته بين أكياس القمامة يختبأ، متكوراً على نفسه، أطرافه الباردة ودموعه التي أمتزجت بماء المطر، رقّ قلبي له وأنا أنظر إليه، إتجهت ببطئ ناحيته كان أنينه يقطع نياط قلبي فلم يكن يتجاوز الثامنة من عمره، شعره الأشعث وثيابه الرثة كان منظره يثير الشفقة. جذبته برفق ناحيتي فخاف مني ، بادرته قائلاً: لاتخف ياصغيري لن أؤذيك.
أخذته معي للمنزل وأعددت له حماماً ساخناً، وبعد أن فرغت من ذلك ألبسته قميصاً صغيراً وبنطالاً مازالا بحالةٍ ممتازة كنت أعتز بهما كثيراً فقد كانا هدية والدي إليّ قبل وفاته. كان لديّ بعض الحساء فسخنته له ومعه بعض الخبز الأسمر. وضعت الأكل أمامه ولكنه لم يلمسه، فسألته : لِمَ لاتأكل؟ لكنه ظل صامتاً وهو يحدق بالحساء. شعرت حينها أنه ربما يكون خجلاً مني فخرجت من الغرفة ، ووقفت خلف الباب استرق النظر إليه بداية أخذ يأكل بكل شغف وكأنه لم يأكل منذ أيام طويلة ، وفجأة توقف وأخذ ينظر للأكل بحزن وأسىً شديدين وترقرقت في عينيه دمعة غزيرة سقطت على خده فتعجبت لأمره، ترى ماالذي أوقفه ؟ وفيمَ يُفكر؟ دخلت للغرفة وهو ممسك بذاك الرغيف ويبكي بصمت ، إقتربت منه وضممته إلى صدري وسألته: لِمَ توقفت عن الأكل؟ ألم يعجبك الطعام؟
هزّ رأسه نفياً، والدموع تجري على وجنتيه الحمراوين بسخاء، أبعدني عنه قليلاً ونظر إلي وبحروفه المختنقة تكلم لأول مرة: أخي..
نظرت إليه وفهم من نظراتي أنني لم أفهم مايقصد فأردف قائلاً: تذكرت أخي الصغيرأسعد.
فسألته: وأين هو يا...
فتذكرت أنني لم أسأله عن إسمه: ما أسمك ياصغيري؟
الطفل: إسمي سعيد..،
صمت قليلا ولكنه أستدرك قائلاً: وأي سعادة هذه؟!
بدى كرجل كبير وهو ينطق بتلك الكلمات، فالحزن والألم قد نالا منه، آآآه كم آلمتني كلماته. وسألته: أين هو أخاك؟
سعيد: إنه يجلس بعلب الكرتون التي صنعتها كمنزلٍ لنا، فنحن لانملك منزلاً نقيم فيه.
قلت له وقد ملأتني الدهشة: وأين والداك؟؟
سعيد: أمي وأبي توفيا ولم نبقى سوى نحن.
نظرت إليه بعيني الدامعتين، إبتسمت بوجهه علّه يشعر بأني سأقف إلى جانبه وأن لايخاف فقابلني بدمعة تنزف دماً!! طلب مني الرحيل، فأخاه مازال ينتظره ليعود له بالطعام ، أجبته بالإيجاب فذهبت لأحضر له طعاماً أكثر، وما إن عدت حتى وجدت الغرفة فارغة وقرص الخبز كذلك، خرجت مسرعاً علّي أدركه قبل أن يبتعد ولكن دون جدوى من ذلك. لقد رحل مسرعاً، وتركني تائهاً أفكر فيه.
بالليلة الثانية ذهبت لنفس المكان علّني أجده هناك، ولكن خاب ظني فرجعت للمنزل، ترى أين ذهب؟ هل هما بخير؟ أسألةً كثيرة كانت تجول بذهني. ولكن لا جواب لها.
مرّ أسبوع على ذلك اللقاء ولم ألتقي به مرةً أخرى، وتتوالى الأيام وسعيد لم يغب عن مخيلتي لحظة واحده، ذاك الطفل الصغيرشتت تفكيري أين ذهب وأخاه؟؟ بحثت عنه طويلاً وسألت عنه أهل الحي والحي المجاور لنا ولكنّ أحداً لم يعرفه. وذات يوم كنت جالساً على شاطئ البحر، ألقي بالحجارة الصغيرة وبينما أنا كذلك سمعت ضجةً قرب كابينة لبيع المرطبات بالشاطئ ، ركضت مسرعاً وقلبي يدق كالطبل وكنت أشعر بخوفٍ شديد، لم أعرف سبب شعوري حينها، وماإن إقتربت حتى رأيت طفلاً ممداً على الرمال وكان وجهه مغطى بقطعة قماش ، وبجانبه طفلٌ آخر يبكي أحزنني المنظر، وآلمني أكثر حينما سمعت ذاك الطفل ينادي: إستيقظ ياسعيد..
حينها أصبت برجفة وقشعريرة سرت في جسدي بأكمله، أهذا هو حقاً سعيد، ربما كنت مخطأً فتقدمت من بين الحشد ورفعت قطعة القماش، وسقطت دموعي على وجهه البرئ وضممته إلى صدري. " آآآآه ياسعيد، لم رحلت؟! " كان أسعد ينظر إلي والدموع تغرق عينيه الصغيرتين، كان يملك وجهاً ملائكياً بريئاً كأخيه، أخذت أسعد بين أحضاني وقبلت وجنتيه ومابين عينيه وقلت له: لاتقلق سأعتني بك ولن أتركك أبداً. هكذا رحل سعيد الذي مازال طيفه يمرُّ من أمامي بكل ليلة، وبقي أسعد معي لأعتني به وأرعاه، كان يبلغُ من العمر خمسةُ أعوام ، أسعد لم ينسى أخاه أبداً فتضحيته وذكراه ظلت باقيه في قلبه.

مــوادع
03-09-2005, 10:14 PM
اخوكم/اخــــــلاق

دمعة سراب
03-09-2005, 11:37 PM
أخلاق

شكراً لتوقيعك

"
"

أختك / دمعة سراب

بـيـبـرس
04-09-2005, 12:13 AM
لـم أتـواجـد لـرد الـجـمـيـل
بـل جـذبـنـي إبـداعـك وأسـلـوبـك الـعـجـيـب
سـؤال يـا دمـعـة
هـل أجـد بـالمـكـتـبـات مـؤلـفـات لـك ... كـي أبـتـاعـهـا ..
أشـكـرك ..لـسـمـاحـك لـمـثـلـي أن يـبـحـر بـمـعـيـة إحـسـاسـك
أرق الـتـحـايـا لـك

ســـامي
04-09-2005, 12:57 AM
قصه موثره صراحه

انحرقت والله الا بكيت على سعيد

خاصةً الموقف اللي مات فيه
واخوه بجانبه يبكي

دمعة سراب

قصه رائعه ..وطرح موفق.
كتبتي فبدعتي ..

ما شاءالله عليك.

الف الشكر على القصه ..وننتظر المزيد
دمتي بود وتميز
0
0
0
0
أخوكــSAM 2ــــ....

دمعة سراب
04-09-2005, 04:19 PM
دانيلو

وجودك هنا يسعدني كثيراً
وكلماتك بحق أثلجت صدري
ولربما زادت من غرور قلمي وثقته..!!!

للأسف ليس لي كتيب
وأتمنى حقاُ ان أصل لهذا
المستوى..!!

دمت بألف خير أخي
وتقبل مني كل الاحترام

"
"
دمعة سراب

مــوادع
05-09-2005, 12:09 AM
اختي دمعة سراب

ما قصدته بوضع اسمي

انه لا يوجد سوى الصمت اعجاب يفي بهذه القصة الرائعه

مهما قلت لن افيها حقها

كتبتي فابدعتي

ما شاء الله عليكي

اخوكم/اخـــــــلاق

بـــشـــرى
05-09-2005, 01:44 AM
قصه رااااائعه

سلمت يداك أختي دمعه


ننتظر جديدك بفارغ الصبر


أختك .. عاشقة العقيدة

دمعة سراب
05-09-2005, 03:11 PM
ما قصدته بوضع اسمي

انه لا يوجد سوى الصمت اعجاب يفي بهذه القصة الرائعه


وماقصدته أنا

أنه قد أسعدني حقاً وجود توقيعك
في صفحتي فذلك يعني أنك من المتابعين
لخربشات قلمي البسيطة..!!:tongue::tongue:

شكراً لحضورك مرة أخرى
وبإنتظار قصصك..!!:cool:

دمت بخير أخي العزيز

دمعة سراب
05-09-2005, 03:13 PM
عاشقة العقيدة

"
"
غاليتي وأخيتي

الأروع حضورك وإطلالتك
البهية على صفحتي المتواضعة
سرني حقاُ تواجدك
دمتي بود ومحبة