المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((( المطالبة بتحكيم الشريعة في ظل الحالة الراهنة ))) رؤية مطروحة للنقاش العلمي ؟!!!



أهــل الحـديث
25-05-2012, 04:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



((( المطالبة بتحكيم الشريعة في ظل الحالة الراهنة )))

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

يطالب بعض المشايخ الأخيار الذين لا نشك في دينهم وعلمهم وغيرتهم وأمانتهم بعض الدول الإسلامية التي فُتحت لها كوة من نور الإسلام والإيمان في جدار ظلمات الجهل والعلمانية والاستبداد كتونس وليبيا ومصر بتحكيم الشريعة والتأكيد على الإسلاميين هناك بذلك وكأن المسألة من السهولة بمكان، ولا شك أن هذا من تكليف إخواننا بما لا يطاق، بل قد يكون في ذلك من الإضرار بالشريعة ما لا يخفى على كل عاقل.

قال شيخ الإسلام رحمه الله:
" ومن هذا الباب تولي يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر، بل ومسألته أن يجعله على خزائن الارض، وكان هو وقومه كفارا كما قال تعالى { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به } الآية وقال تعالى عنه { يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم } ( الآية) ومعلوم أنه مع كفرهم لابد أن يكون لهم عادة وسنة فى قبض الاموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته ، ولا تكون تلك جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف يمكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله، فإن القوم لم يستجيبوا له؛ لكن فعل الممكن من العدل والاحسان، ونال بالسلطان من إكرام المؤمنين من أهل بيته مالم يكن يمكن أن يناله بدون ذلك، وهذا كله داخل فى قوله { فاتقوا الله ما استطعتم } . ةانتهى مجموع الفتاوى (20 / 56 ـ 57 )

وفي سنن أبي داود قال رحمه الله: عن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت؟ قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه و سلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم بعد ذلك يقول " سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ". قال الشيخ الألباني: صحيح.

قال الإمام الخطابي في معالم السنن(3 / 34 ) رحمه الله:

قلت ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا واجبين في العاجل ، لأن الصدقة إنما تجب بحلول الحول ، والجهاد إنما يجب لحضور العدو . اهـ
وفي صحيح البخاري رحمه الله: عن عبد الله بن عمر ، عن عائشة ، رضي الله عنهم ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لها ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم ، فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم قال لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت. اهـ

قلت: فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وافق على شرط ترك الجهاد وزكاة المال وترك إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم كل ذلك تأليفا لقلوب المؤمنين الجدد من وفد بني ثقيف وخشية على إيمان من آمن من أهل مكة لأن الإيمان لم يتغلل في قلوبهم، أفنريد من أهل تونس ومن غيرها من بلاد الإسلام التي لم ترى شيئا من نور الدين والإيمان إلا قريبا وهو مهدد بالذهاب مرة أخرى لتكالب الأعداء وكثرة العملاء، أن تنادي بتطبيق الشريعة أين العقول؟! وأين التدرج في التشريع؟!
الناس والشعب نفسه قد ترعرع برهة من الزمن في ظل الاستعمار ثم الأضر والأقبح من ذلك في ظل العلمانية الخبيثة، ألا يخشى من يطالب إخواننا فيها وفي غيرها أن يثور نفس الشعب الذي لم يتهيأ بعد لقبول أحكام الشريعة بصورة كلية، وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده " الحديث.

تأمل وهذا مع الصحابة فكيف بغيرهم، والله المستعان نسأل الله ألا يجعل حرصنا وغيرتنا سببا في الإضرار بإخواننا وبدينهم ومشروعهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


وكتب:
أبو وائل حسّان بن حسين آل شعبان
الطالب بالدراسات العليا جامعة أم القرى
قسم الكتاب والسنة ـ شعبة الحديث وعلومه ـ
الجمعة 4 رجب الفرد 143هـ