المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " التحقيق والتدقيق فيما قاله طارق سويدان الزنديق "



أهــل الحـديث
25-05-2012, 02:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






" التحقيق والتدقيق فيما قاله طارق سويدان الزنديق "
بقلم / أحمد بوادي


http://bawady.maktoobblog.com/161052...a%d8%af%d8%a7/ (http://bawady.maktoobblog.com/1610521/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af%d9%82%d9%8a%d9%82-%d9%81%d9%8a%d9%85%d8%a7-%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%87-%d8%b7%d8%a7%d8%b1%d9%82-%d8%b3%d9%88%d9%8a%d8%af%d8%a7/)




بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله
عليه وآله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد :

إن الأفاعي وإن رقت ملامسها ... عند التقلب في أنيابها العطب


لا يشك أحد من أهل العلم بله أقحاح أهل السنة في حقيقة هذا الدخيل على هذا العلم الأصيل ، و فساد منهجه العفن ورائحته التي أزكمت الأنوف ، وحقيقة انحرافه عن الصراط المستقيم ،
وابتعاده عن سبيل المؤمنين ، وخروجه من دائرة أهل السنة والجماعة تشهد عليه أقواله وأفعاله

مع ما يقوم به بين الفينة والأخرى في رسالته المأجورة ، باستمالة الغوغاء بالتأليب فيها على أهل الحق ، والنيل بها من أهل الفضل .

ولعل تتبعه للرخص من أهم الأسباب التي أوصلته إلى هذا الضلال ،
فكانت سببا في ارتكاسه وتساهله بارتكاب المعاصي والذنوب
على مرآى ومسمع من الناس ومن أعظمها التساهل بالجلوس
مع المتبرجات ، ومشابهته للكفار حتى غدا يلوك لسانه بكلامهم ، وضعف غيرته على دين الله من دعاة الضلال والانحراف والفسوق والفجور
وهو يستضيفهم ويكرمهم في فضائيته من غير نكران لفسوقهم وفجورهم وضلالهم أو تحذير من أقوالهم .

طارق السويدان المنتَج الغربي بقالب عربي إسلامي
مثال للمنهزمين والمنسلخين من القيم والثوابت فقد الوقار وهيبة
الرجال بحركاته الصبيانية ، وتصرفاته المشبوهة ، يحاضر
في قناة منقوصة مشروخة ، يستضيف بها الكاسيات العاريات ، ينظر إلى وجوههن مبتسما إليهن وضاحكا معهن مدعيا الوسطية وحرية التعبير ، بل وجواز الردة عن الدين ؟؟!!! .

والحديث عن هذا الرجل لا يتوقف عند الشك في دينه أو الحديث
عن جهله وحماقته أو عن تملقه وتزلفه لأهل البدع ودعاة المناهج
الهدامة والأفكار المنحرفة ، أو حتى الكلام عن سلوكه الذي يظهر في اسلوب حديثه فلا مانع من الظن السيئ فيمن ظاهره سيئ .

فأمر هذا الرجل الجاهل المنقاد لم يعد يطاق ، لم يعد يجدر
بنا السكوت عليه وهو يفسد على أبناء المسلمين دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهو يحاول اجتثاث قيمهم ومبادئهم وخلخلة عقيدتهم .

لم يعد يسعنا السكوت على انحرافه وهو يغرس في عقول الشباب الفكر
التغريبي
الذي نشأ عليه عندما ارتمى في أحضان الغرب حتى تزيا بزيهم
فاشرأبت نفسه المريضة بقيمهم ومبادئهم

حتى غدا يضرب به المثل لصورة الشخص المنهزم والمنسلخ عن القيم
والثوابت والمبادئ حاله كحال صنوه القرضاوي والعوا الضال .
لم يعد أمر هذا الرجل يسع معه السكوت وهو يحاول تمييع الدين وصهره في أفكار الغرب باسم الحرية والديمقراطية

لم يعد يسعنا السكوت عنه وهو ينال من دعاتنا وأئمتنا
ويسفه مبادئنا وثوابتنا في الوقت الذي يتملق به إلى الكفار والشيعة
الأنجاس

أقول هذا وقد كنت في تردد بين إقدام وإحجام في كتابة شيء عن هذا الرجل بعد تحذيري منه ومن فضائية الرسالة منذ بداية الترويج لها ، في رسالتي
والتي بعنوان : { احذروا قناة الرسالة الفضائية بإدارة طارق السويدان }

في ظني أن أمره لم يعد ينطلي إلا على فئة قليلة من الجهلة والغوغاء ودعاة البدع والضلال والانحراف
ومع ما كان يطلبه مني بعض الأفاضل من كتابة مقال جديد وتحذير شديد ، يتناسب مع المستجدات والأحداث لما أحدثه هذا الرجل وقناته التي تتفاقم سوءا بعد سوء لبيان انحرافه وضلاله وجهله وتدليسه .

ولمّا بلغ أمره إلى ما وصل إليه من مصادمة مع المعتقدات والنيل من الثوابت والأصول ، والسخرية والاستهزاء من الدين وأهله ، مع تقاعس كثير من الدعاة في بيان حال هذا الرجل وعدم التحذير منه بما يتناسب مع خطورة منهجه كان لا بد من بيان حاله وخطورة أمره ، فلا بد لأهل العلم والدعاة التحذير منه والعمل على منعه من الظهور والتحدث في أمر الدين ، وإصدار فتوى أو بيان فيه توقيع لجمع غفير من علماء المسلمين ودعاتهم ممن يحسن فيهم الظن ، ومحل ثقة عند المسلمين

في التحذير منه وبيان خطورته وحقيقته منهجه يتم بيانه ونشره عبر الفضائيات

وكنت قد جمعت أقواله وانحرافاته لأضعها في رسالة واحدة أردت أن تكون في هذه الرسالة إلا أن الله لم يشأ لي ذلك وقد حال ضيق الوقت وكثرة الإشغال من القيام بهذا العمل فاكتفيت الآن بهذا المقال لبيان كلامه الأخير الخطير في حق الله والدين والرسول إلى أن يشاء الله لي القيام لإتمام باقي ما انحرف به وبيانه ونشره إن شاء الله لي ذلك


فأقول وبالله أصول وأجول :

قال طارق السويدان شل الله لسانه ، وفض الله فاه :

" جزء آخر من قضية الحرية بالنسبة لي هي الحرية المتعلقة بالتعبير
حرية التعبير ، من حق الناس أن تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي ؟؟!!!
الدعوة إلى الأفكار ، الاعتراض على الدولة ، الاعتراض على الحاكم ،
الاعتراض حتى على الإسلام ؟؟!!! ما عندي مشكلة فيه حتى الاعتراض على الله ؟؟!!! وعلى رسول الله ؟؟!!! .
العفو أليس هذا في القرآن الكريم ؟؟ ألم يتكلم المنافقون بكلام سيء عن النبي صلى الله عليه وسلم
ووضع هذا في القرآن الكريم .هذا موجود هذا موجود " .


هذا ما قاله قطع الله لسانه وشلّ الله أركانه ،
وكلامه هذا مليء بالكفر والزندقة والسفه والمغالطة . حتى بلغت به الجرأة على الله جلّ في علاه ، وعلى ورسوله بأبي وأمي
هو صلى الله عليه وآله وصحبه ،وعلى الإسلام الذي هو دين الله بتجويزه الاعتراض على كل ذلك ،
وأن لا إشكال في ذلك عنده لأن هذا كله من حرية التعبير .

ففي الوقت الذي لم يجعل للتعبير بحرية الرأي في الجانب الأخلاقي جائزة
فصان جانبها ولم يجز لأحد التجرؤ عليها تجرأ على الله ودينه ورسوله
ولم يراع حق الله ودينه ورسوله فلم يصن جانب أحد منهم ، فكان صون الفساد الأخلاقي أعظم عنده من صون الحق الإلهي
في عدم التجرؤ بالاعتراض عليه فلا مشكلة عند ذلك الزنديق في ذلك كله ؟؟!!! .
" كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا "


وسأناقش ما قاله هذا المتجرئ على الله وعلى رسوله ودين الإسلام
صيانة لجانب الله ، وخطورة الاعتراض عليه ، وصون جانب رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ودين الإسلام ،
ولبيان ضلال هذا الأفاك ، وفساد فكره وانحرافه ، وبيان كفره حتى لا ندع مجالا للشك أو الريبة لأحد للانخداع بزخرف أقواله

1 ــ مفهوم الحرية وحدودها وضابطها

ليس من حق السويدان أو غيره أن يضع لنا تعريفات من عندياته يصادم بها النصوص وقواعد أهل الإيمان ، ليؤصل بها ما يجده
ويراه مناسبا لتمرير أفكاره ومعتقداته ، فليس من حرية التعبير بالرأي الإنفراد بمفهوم المصطلحات سواءً الشرعية منها أو اللغوية لأي
كان ، وإلا لكان من حق أي امرئ أن يقول ما شاء فيما يشاء ومتى شاء وحينئذ لن تنضبط أمور العباد وستختلط المفاهيم وستضيع الأحكام
ومن تلك المصطلحات مفهوم الحرية ، فهي إما أن تكون حرية مطلقة ، حرية من غير قيود ، وإن دنست الأخلاق ، ومزقت الدين ، واعتدت على حرمات الغير .
وإما حرية مقيدة ، بضابط النقل ، أو مفهوم العقل بما يتماشى مع الأفكار والأعراف والمعتقدات وقوانين الدول ومصالح الشعوب والأشخاص .
ولو كان ذلك بالاعتراض على الله وعلى الرسول والدين كما قال السويدان

والعقل عندما يتحكم في تحديد مفهوم الحرية ليصبح حاكما عليها فحينئذ لا يمكن لأحد منع غيره من ممارسة
حريته في صياغة وتعريف مفهوم الحرية طالما أن لكل شخص الحق في حرية التعبير وتحديد هذا المفهوم .
ولو نظرنا إلى الأماكن والبلدان وتعاقبها عبر الأزمان ، وإلى حال الأشخاص بالنظر إلى اعتقاداتهم وحقيقة أفكارهم لوجدنا أن لكل منهم
مفهوما خاصا لتعريف الحرية ومغاير عن غيره ، ولو اعطي العنان لكل من أراد تحرير هذا المفهوم وتحديده كما يراه كل فرد
لحلت الفوضى وأدى هذا الى التشرذم والفرقة والانقسام وضياع الأحكام وشريعة الرحمن .

لذلك لن يكون من المقبول تحديد مفهوم الحرية من أي كان ما لم تضبط بمقتضى الشرع . فليس للدساتير الوضعية ،
ولا الآراء الفلسفية ، ولا الأفكار الهدامة ، ولا الانحرافات المنهجية ، ولا المصالح الشخصية ، فرض آرائها على هذا المفهوم .

وللتنبيه فعند حديثنا عن وجوب ضبط هذه المصطلحات بالشرع قد يختلف أحيانا تحديد مفهوم الحرية باختلاف الأدلة واجتهاد
الأئمة لاعتبارات مهمة في ضبط الأصول وما كان منها راجح أو مرجوح

وغالبا ما تكون هذه الاختلافات لها وجه مقبول أو صحة اعتبار ، ما لم تصادم أصلا من أصول الدين كالتجرؤ على الله وعلى رسوله
أو دينه كمن جوز الاعتراض عليهم ، كتجرؤ السويدان شلّ الله لسانه على القول بجواز ذلك على الله ورسوله ودينه .

فالحرية لفظ مجمل لا يمكن حصرها في جانب دون الآخر فهي تشمل حياة الإنسان منذ ولادته إلى موته في دينه ودنياه
في آرائه ومعيشته في مأكله ومشربه وملبسه سواءَ في منزله أو عمله أوفي مجتمعه أو موطنه ، في حله وترحاله ،
في جميع أمور حياته وتعامله مع الآخرين مع ابنائه وزوجته وأقاربه وأصدقائه . فيما يكفل مصلحة الشخص والأمة في الدين والدنيا
على أن يكون كل هذا مناط بالشرع

فلا يحق لأحد التجرؤ أو الخروج عليه أو ممارسة أي حرية خارج كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
لذلك لا يمكن تحديد مفهوم جامع لممارسة الحرية وتحديد سقف لكل هذا إلا أن تكون تلك الحرية ضمن الشرع

ولا مفهوم عندنا للحرية إلا أن تكون : " قيام الإنسان بممارسة أعماله وأقواله الخاصة والعامة الدينية والدنيوية ضمن حدود الشرع "
أما أن يكون مفهوم الحرية اعطاء الحق للناس بحرية التعبير في قول ما يشاءون في غير الفساد الأخلاقي حتى
الاعتراض على الله كما قال السويدان . قول لا نعلم في الكفر مثله .

ثانيا قوله : " من حق الناس أن تقول ما تشاء ، .... ، الاعتراض حتى على الإسلام
ما عندي مشكلة فيه حتى الاعتراض على الله وعلى رسول الله "

ثم أخذ مسترسلا بالحديث : " أليس هذا في القرآن الكريم ألم يتكلم المنافقون بكلام سيء عن النبي صلى الله عليه وسلم
ووضع هذا في القرآن الكريم هذا موجود هذا موجود "
" كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا "

أقول : إن من لوازم الإيمان الاستسلام والانقياد والانصياع لأوامر الله ، والسمع والطاعة لرسوله والإيمان برسالته ،
ومن موانع الإيمان ودلائل الكفر وشواهده الاعتراض على الله عز وجل وعلى دينه ورسوله .

قال تعالى " وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ "

وقال الله تعالى : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "

وقال تعالى : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"
وقال تعالى " إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
وقال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "

فإن كان هذا في حق من اعترض على الله ورسوله ودينه فما بالكم بمن أجاز الاعتراض على الله
والاعتراض على الله عز وجل كفر صريح حاله كحال من سب وشتم الله عز وجل، بل إن من أجاز الاعتراض
على الله عز وجل كمن أجاز سبه وشتمه
" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا "

ومن أجاز الاعتراض على الله عز وجل كان داعيا للاستخفاف والازدراء بالله
" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا "

وسلامة القصد وحسن النية ليست اعذارا في اسقاط الحكم الشرعي على المستهزئ والمزدري بالله عز وجل

قال الله تعالى : " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ،
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ "

فأين أجاز الله جل في علاه الاعتراض عليه وعلى دينه وعلى رسوله
كما زعم السويدان ، فلو قلبت صفحات المصحف صفحة صفحة ، وقرأت كلام الله آية آية وكلمة كلمة ،
ما وجدت ذلك في كتاب ربنا ولن تجده في سنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ولن تجد قولا لأحد من علماء الأمة ولا فساقها
بقولك هذا وإلا لكانوا قد كفروا وارتدوا .

إلا أن جهلك وانحراف منهجك منعك من التفريق بين ذكر كفر المنافقين والكفار باعتراضهم
على الله ورسوله والإسلام في القرآن ، وبين تجويز ذلك لهم

فعندما ذكر الله عز وجل اعتراض الكفار في كتابه وذكر قصصهم في الاعتراض عليه وعلى رسوله وسبهم وشتمهم له
فإنما كان ذلك لبيان كفرهم وظلمهم وبيان
أحوالهم مع الأنبياء والرسل وبيان حقيقة كفرهم باعتراضهم على رسله ورسالاته وتسلية لرسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
" فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ "

فهذا من باب الإنكار عليهم لا من بيان أن ذلك جائز لهم

وانظر كيف أن الله عز وجل أخذ العهد والميثاق على عباده لعبادته وهم في أصلاب آبائهم


" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ
أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ "
قال الطبري :يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد ربك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم ،
فقررهم بتوحيده ، وأشهد بعضهم على بعض شهادتهم بذلك .

وانظر كيف أن الله عز وجل أخذ العهد والميثاق على الكفار أن لا يعترضوا عليه وأن يعبدوه
وأن لا يشركوا به شيئا وأن يبلغوا رسالته

قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنْصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ "

وانظر كيف أن الله عز وجل قد حذر المؤمنين منع اخوانهم من الخروج إلى القتال وعدم الامتثال لأمره بالجهاد
والاعتراض على حكمه وحذرهم من أن يكون حالهم كحال من اعترض عليه من الكفار

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى
لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "

وقد ذكر الله عز وجل اعتراض بني اسرائيل على نبيهم قال تعالى :
" وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً
مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "

ذكر الله عز وجل هذه الآيات وغيرها في كتابه لا من أجل أن يستدل بها على جواز الاعتراض عليه حاشا لله وإنما لبيان حال
هؤلاء القوم وذكر قصصهم والعظة بما آل به أمرهم والتحذير من عاقبة أمرهم ومن نتائج الاعتراض عليه سبحانه


وكان إبليس أول من اعترض على الله جل في علاه ،عندما امتنع عن السجود لآدم لما أمره ربه بذلك فاعترض وامتنع


قال الله تعالى : " قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَقَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ"
فما كان جزاء الاعتراض على الله إلا أن قال له تعالى : " قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌوَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ"
وقال تعالى : " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا "

فمن اعطى الحق للناس في لاعتراض على الله عز وجل فقد اعطاه للشيطان من قبل فهو وإياه بالكفر سواء بسواء

ومن أجاز للناس الاعتراض على رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقد أعط الحق لذي الخويصرة
الاعتراض على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما قال للرسول يا محمد اعدل .
فما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلا أن قال :
" وَيْلَكَ ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ " ، قَالَ عُمَرُ : دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ ،
فَقَالَ : " مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي ، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ،
لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ "
وجاء عنه قوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :

" إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا ، قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ ،
كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ " ، قَالَ : أَظُنُّهُ قَالَ : " لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ "

ومن أجاز الاعتراض على رسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقد أجاز لذلك الأنصاري الاعتراض
على حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما خاصم الزبير في شراج الحرة
فقال رسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للزبير :
" أسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك " فغضب الأنصاري فقال أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال :
" اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر " .
فقال الزبير والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم "

وأود التنبيه على أمر مهم حول هذه المسألة فقد رأيت أحد الأشخاص
وأعرفه للأسف شخصيا وهو محسوب من طلبة العلم ودعاتهم إلا أن فكر الإرجاء قد كتم على أنفاسه فأعمى بصره وبصيرته
قد علق في صفحته على الفيسبوك حول هذه القصة مستشهدا بها على عدم تكفير من لم يحكم بشرع الله ورفض حكمه
وكان دليله قصة الأنصاري مع ابن الزبير رضي الله عنه عندما اعترض على حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
ولما رددت عليه في صفحته وبينت حقيقة شبهته ما كان منه إلا أن حذف التعليق بل وحذفني من الصفحة !!! وأبقى شبهته

ولدحض هذه الشبهة سأكتفي بنقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لصد ودحض هذه الشبهة الآثمة التي أخذ بها البعض لمنابذة
شريعة الرحمن ومناصرة أولياء الشيطان ومحاربة أولياء الرحمن .

قال شيخ الإسلام رحمه الله فيا لصارم المسلول على شاتم الرسول:
" قول ذلك الأنصاري : أن كان ابن عمتك فإن هذا كفر محض حيث زعم أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما حكم للزبير لأنه ابن عمته
و لذلك أنزل الله تعالى هذه الآية و أقسم أنهم لا يؤمنون حتى لا يجدوا في أنفسهم حرجا من حكمه وإنما عفا عنه النبي عليه الصلاة و السلام
كما عفا عن الذي قال : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله و عن الذي قال : اعدل فإنك لم تعدل
وقد ذكرنا عن عمر رضي الله عنه أنه قتل رجلا لم يرض بحكم النبي عليه الصلاة و السلام فنزل القرآن بموافقته فكيف بمن طعن في حكمه ؟

و قد ذكر طائفة من الفقهاء ـ منهم ابن عقيل و بعض أصحاب الشافعي ـ أن هذا كان عقوبته التعزير ثم منهم من قال :
لم يعزره النبي صلى الله عليه و سلم لأن التعزير [ غير ] واجب و منهم من قال : عفا عنه لأن الحق له و منهم من قال :
عاقبه بأن أمر الزبير أن يسقى ثم يحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر و هذه أقوال ردية و لا يستريب من تأمل في
أن هذا كان يستحق القتل بعد نص القرآن أن من هو بمثل حاله ليس بمؤمن

فإن قيل : ففي رواية صحيحة أنه كان من أهل بدر و في الصحيحين عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
[ و ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ]
و لو كان هذا القول كفرا للزم أن يغفر الكفر والكفر لا يغفر و لا يقال عن بدري : إنه كفر .

فيقال : هذه الزيادة ذكرها أبو اليمان عن شعيب و لم يذكرها أكثر الرواة فيمكن أنها و هم كما وقع في حديث كعب
و هلال بن أمية أنهما لم يشهدا بدرا و كذلك لم يذكره ابن إسحاق في روايته عن الزهري و لكن الظاهر صحتها

فنقول : ليس في الحديث أن هذه القصة كانت بعد بدر فلعلها كانت قبل بدر و سمي الرجل بدريا لأن
عبد الله بن الزبير حدث بالقصة بعد أن صار الرجل بدريا
فعن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه و سلم في شراج الحرة
التي يسقون بها النخل فقال الأنصاري : سرح الماء يمر فأبى عليه فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم للزبير : [ اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ]
فغضب الأنصاري ثم قال : يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه النبي صلى الله عليه و سلم ثم قال للزبير :
[ اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدار ] فقال الزبير :
و الله لأني أحسب هذه الآية نزلت في ذلك " فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } "
و في رواية البخاري من حديث عروة قال : فاستوعى رسول الله صلى الله عليه
وسلم حينئذ حقه و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له و للأنصاري
فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه و سلم استوعى رسول الله عليه الصلاة و السلام للزبير حقه في صريح الحكم
و هذا يقوي أن القصة متقدمة قبل بدر لأن النبي عليه الصلاة و السلام قضي في سيل مهزور أن الأعلى يسقي
ثم حتى يبلغ الماء إلى الكعبين فلو كانت قصة الزبير بعد هذا القضاء لكان قد علم وجه الحكم فيه
و هذا القضاء ظاهر أنه متقدم من حين قدم النبي صلى الله عليه و سلم لأن الحاجة إلى الحكم فيه من حين قدم
و لعل قصة الزبير أوجبت هذا القضاء

و أيضا فإن هؤلاء الآيات قد ذكر غير واحد أن أولها نزل لما أراد بعض المنافقين أن يحاكم يهوديا إلى ابن الأشرف
و هذا إنما كان قبل بدر لأن ابن الأشرف ذهب عقب بدر إلى مكة فلما رجع قتل فلم يستقر بعد بدر بالمدينة استقرار
يتحاكم إليه فيه و إن كانت القصة بعد بدر فإن القائل لهذه الكلمة يكون قد تاب و استقر و قد عفا له النبي صلى الله عليه وسلم
عن حقه فغفر له و المضمون لأهل بدر إنما هو المغفرة إما بأن يستغفروا إن كان الذنب مما لا يغفر إلا بالاستغفار أو لم يكن كذلك إما بدون أن يستغفروا

ألا ترى قدامة بن مظعون ـ و كان بدريا ـ تأول في خلافة عمر ما تأول في استحلال الخمر من قوله تعالى :

" ليس على الذين آمنوا و عملوا الصالحات جناح فيما طعموا " حتى أجمع رأى عمر و أهل الشورى أن يستتاب هو و أصحابه
فإن أقروا بالتحريم جلدوا و إن لم يقروا به كفروا ثم إنه تاب و كاد ييأس لعظم ذنبه في نفسه
حتى أرسل إليه عمر رضي الله عنه بأول سورة غافر فعلم أن المضمون للبدريين أن خاتمتهم حسنة و أنهم مغفور لهم
و إن جاز أن يصدر عنهم قبل ذلك ما عسى أن يصدر فإن التوبة تجب ما قبلها "انتهى كلامه رحمه الله .

هذا حكم الله يا سويدان فما أرسل الله رسله من أجل أن يعترض عليهم
لتكذب على عباد الله وتقول هذا الاعتراض في كتاب الله

قال الله تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ "
ومن أعطى الحق للناس بالاعتراض على الإسلام فقد أعطى الحق للمشركين بالاعتراض عليه ورده
قال الله تعالى : " وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ "

وقال تعالى : "ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون، وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم
أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا
سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون "

قال ابن كثير في تفسيره : " ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون : " أي كابروه وعاندوه ودفعوا بالصدور والراح كفرا
وحسدا وبغيا ، ( وقالوا ) [ أي ] كالمعترضين على الذي أنزله تعالى وتقدس" : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم "
أي : هلا كان إنزال هذا القرآن على رجل عظيم كبير في أعينهم من القريتين ؟ يعنون مكة والطائف .
وقد ذكر غير واحد منهم : أنهم أرادوا بذلك الوليد بن المغيرة ، وعروة بن مسعود الثقفي

قال الله تعالى رادا عليهم في هذا " أهم يقسمون رحمة ربك أي : ليس الأمر مردودا إليهم ، بل إلى الله ،
عز وجل ، والله أعلم حيث يجعل رسالاته ، فإنه لا ينزلها إلا على أزكى الخلق قلبا ونفسا ، وأشرفهم بيتا وأطهرهم أصلا .

إن الاعتراض على الله معناه من الملحد انكاره وجود الله عز وجل
والاعتراض عليه من الكافر عدم التصديق بأنبيائه ورسله
والاعتراض عليه من المؤمنين الاعتراض على شرعه أو بعض أحكامه كالتصويت عليها بقبة البرلمان بين مؤيد ومعارض
لهذه الأحكام وتطبيقها وهذا كفر بحد ذاته

أما الاعتراض على رسوله من الكافر عدم تصديق رسالته ونبوته
والاعتراض عليه من المسلم رد أحاديثه ومعارضة أقواله بالعقل وتقديمها على النقل والتصويت عليها كما في قبة البرلمان

والاعتراض على الإسلام من الكافر رده ومعاندته ومحاربته سواء بالأقوال أو الأفعال

والاعتراض عليه من المسلمين جعله غير صالح لكل زمان ومكان وجعله في المساجد دون البلدان أو التصويت
عليه تحت قبة البرلمان وأن يبقى الإسلام مجرد نظريات وأقوال وأخلاق وسلوكيات من غير أفعال

إن مفهوم الاعتراض على الله عز وجل تخطئته جل في علاه فيما جاء في كتبه أو على لسان رسله ،
وحينما يحصل الاعتراض من الكافر على الله عز وجل لا يعني هذا تجويز هذا الاعتراض عليه ليصبح هذا المفهوم المغلوط والكفر المنكود
من حرية التعبيركما قال السويدان الجاهل الجهول فتب إلى الله وعد إلى رشدك وكفاك تضليلا لعباد الله


أخيرا هل تراجع طارق السويدان :

بعد أن ظهرت فتوى بردة طارق السويدان أصدر بيانا ينكر فيه على من نشر كلامه وعده اجتزاءً للكلام من سياقه وإخراجه عن مراده ،
وأن هذا ليس مقصده .

ونقول له ما لنا ولمرادك فكلامك فيه واضح وتام بتجويزك الاعتراض على الله ورسوله والإسلام ولا يحتاج إلى بيان فقد قلت كلمة الكفر بعد أن أجزت الاعتراض على الله وعلى رسوله والإسلام وأكدت ذلك بأن لا إشكال عندك في هذا الاعتراض ونحن نحاكمك على ظاهرك

وكلامك واضح وتام لا يحتاج إلى سابق أو لاحق مهما قلت حروفه وقصرت مدته طالما أنك تعترف بأنه كلامك ونطق به لسانك .

ثم إن السويدان حاول الاعتذار لنفسه وبيان مراده وذكر السابق من كلامه لفهم المراد منه قال :
أني كنت أتكلم عن الدولة المسلمة التي أتمنّى أن تقوم، وعن شكلها وضوابطها ورؤيتها وطريقة قيامها وحكمها، وكانت حرية التعبير جزءا من هذه الرؤية "

وأقول : ما علاقة كلامك عن الدولة الإسلامية التي تتمنى قيامها ، وأنت من أكبر الدعاة لنظام الديمقراطية وإعطاء الحرية
الكاملة للناس من غير الفساد الأخلاقي ما ما علاقة قيام الدولة الإسلامية بتجويزك الاعتراض على الله ورسوله ودينه

هل من أراد قيام الدولة الإسلامية وحكم الله يجيز الحرية الكاملة حتى الاعتراض على الله ورسوله ودينه ويدع إلى الديمقراطية

ماذا لو أن الشعب اعترض على الله ولم يرد حكمه في صناديق الاقتراع أو في التصويت الكفري على حكم الله
فأين ذهبت امنياتك تلك ، ألا تكون بذلك قد جسدت حقيقة الاعتراض على الله ورسوله ودينه .

ثم إن السويدان أظهر علمه وعدم جهله بحكم المعترض على الله والإسلام والرسول فقال :
الاعتراض على الله أو على رسوله فيما أوحى له به كفر صريح وردة لاتقبل النقاشوهذه أمور ثابتة معلومة من الدين بالضرورة .
ومع هذا فإنه يصر على عدم تراجعه ويقرر جواز ذلك لكنه يحاول البيان بكلام لا يخدم حقيقة تراجعه ولا ندمه على ما قال في حق الله
ولم يظهر في شيء مما قال توبته إلى الله ومن ثم في كلام جديد يقرر حرية الاعتراض كما سأبين إن شاء الله في نهاية المقال
تعريفه للحرية وحقيقة ومعنى الاعتراض الذي يتكلم عليه

ثم قال السويدان : ولا شكّ أن حرية التعبير ومعها حرية الاعتقاد والدين مكفولة بنص القرآن
و الأحاديث الشريفة وبواقع السيرة النبوية المطهرة .

وأقول : مازلت على ضلالك فالحرية التي كفلها الإسلام حرية مقيدة ومنوطة بشرع الله وليس حرية كاملة من غير الفساد الأخلاقي
يقولون ما يشاؤون حتى الاعتراض على الله كما زعمت .

ثم قال مبينا معنى الاعتراض على الله ومراده من ذلك : وكذلك حينما قلت إنّه يجوز الاعتراض على الله عز و جل
وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم , أي إنّنا في دولة الإسلام لا نتعرض لمن يعترض على الله عز وجل
وعلى نبيّه صلى الله عليه وسلم بل ندعوه ونناقشه ونقيم الحجة عليه والا كيف سنهديه الى الاسلام .

أقول : اسمع يا سويدان والله لن ينفعك الاعتذار إلى البشر وأصلح ما بينك وبين الله فلا يضيرك بعدها
إن فسد أو خرب ما بينك وبين البشر . ونحن بحمد الله نفهم اللغة العربية جيدا وإن كان لسانك قد انحرف بياس ونو وووكيه
حتى طمس على قلبك فلم تعد تعرف ما تقول ولا تفهم ما يخرج من قولك فألسنتنا لم تعوج بحمد الله وإنا لنسمع الكلمة الغير العربية
من ابناء جلدتنا في بلادنا من غير حاجة لهم في ذلك فنوهمهم عدم فهمها ونحن أفهم منهم بها أحيانا صونا للسان العربي وحفاظا على لغتنا العربية

وأنت بكلامك هذا تقرر شيئين اثنين أولا أنك أجزت الاعتراض على الله وهذا كلامك شاهد عليك قلت فيه :
من حق الناس أن تقول ما تشاء ...حتى الاعتراض على الله ؟؟!!! وعلى رسول الله ؟؟!!! " .

وقولك حق لهم أن ذلك جائز لهم ولا يجوز منازعتهم في ذلك ولا محاسبتهم أو منعهم

ثم أكدت هذا بردك هذا فقلت :

" أي إنّنا في دولة الإسلام لا نتعرض لمن يعترض على الله عز وجل و على نبيّه صلى الله عليه وسلم
بل ندعوه ونناقشه ونقيم الحجة عليه والا كيف سنهديه الى الاسلام "

فأنت هنا تقرر أمرا آخرا وهو أنك لا تتعرض على من اعترض على الله ورسوله
وإن لم تجز له ذلك وإنما مجرد دعوتهم وبيان شبهتهم وما أشكل عليهم ،

وهذا يعني أنك إن رأيت الزندقة والكفر في الفضائيات وصفحات الجرائد والمجلات وشبكات التواصل الاجتماعي
وفي المحافل والتجمعات والندوات والمجالس والأفراح والأتراح بالاعتراض على الله والإسلام والرسول لن تعترض
عليهم وستتركهم يمارسون هوايتهم بالاعتراض على الله والرسول وتكتفي بمناقشتهم وإقامة الحجة عليهم
لأن حريتهم هذه حق مطلوب قد كفله الإسلام لهم .

فهل هذه الدولة الإسلامية التي تريد يا سويدان وتتمنى قيامها
في ظل الاعتراض على الله ورسوله والإسلام ؟؟!!!

ومن ثمّ من قال لك أنه من حق أحد الاعتراض على الإسلام وأحكامه ورسوله من الكفار
لو اعترضوا على شرب الخمر مثلا وأبوا إلا شربه وبيعه لوجب محاربتهم ومن شربه منهم من غير معارضة لحكم الإسلام
أقيم عليهم الحد وكذلك في الزنا والربا وكل أحكام الإسلام ليس لهم أن يعترضوا على شيء من ذلك
عندما وضع اليهود ايدهم على آية الرجم في التوراة وأظهر الله كذبهم أقيم عليهم الحد ولو اعترضوا على هذا الحد لقوتلوا

والسؤال هنا الذي يفرض نفسه بقوة على السويدان

ماذا لو أنهم لم يستجيبوا لك ولم تقدر أن تقيم الحجة عليهم واستمروا على ضلالهم واعتراضهم
على الله ودينه ورسوله هل سيبقى هذا حق لهم في ذلك

خاتمة :
هذا بعض ما قاله في رده وباقي مقاله لا يستحق الرد عليه أو الالتفات إليه
فهو يحاول في كل كلمة أن يثبت نظريته في مفهوم الحريةحتى أكد عليها مرة أخرى قائلا : " تعريفي للحرية
الذي أكرره دوما قول وفعل ماتشاء بأدب وبلاضرر "

وهنا معناه أنك إذا أردت أن تعترض على الله اعترض لكن بأدب ولا ضرر
وإن أردت أن تعترض على الرسول اعترض بأدب ولا ضرر وإن أردت أن تعترض على الإسلام فاعترض بأدب ولا ضرر .

ونحن نقول لك بأنك لم تتأدب مع الله ولا رسوله ولا دين الإسلام يا سويدان
وأنت تؤكد في كل مرة جواز الاعتراض على الله وعلى الإسلام وعلى رسول الله
بشرط الأدب وعدم حصول الضرر .

فاعلم أن مجرد الاعتراض على أي من ذلك ممنوع في الشرع وتجويزه كفر ورده حتى لو كان بأدب وبلا ضرر .

أما قاصمة الظهر يا سويدان : أن تعرف أنه لا أحد من السلف أو الخلف استعمل لفظ الاعتراض على الله ودينه ورسوله
بمعنى اثارة الشبهات من الكفار وأن هذا الاعتراض بهذا اللفظ أو حتى المعنى جائز لهم وأن هذا حق مكفول لهم بالإسلام

وهذا وقد كنت قد ذكرت في رسالة لي بعض الشيء عن دعاة التغريب هؤلاء
في رسالتي :



رسالة : ” الفرقان ، ضد أعوان الصلبان ، لصد حملات الإرجاء ، ودعاة التغريب ، والإغراء “


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين