المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تراجم مجموعة من الرواة 6 ( اللهم اشف الشيخ الحويني )



أهــل الحـديث
22-05-2012, 08:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
فهذه تراجم لمجموعة من الرواة عسى الله أن ينفعني وإياكم بها.


وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي الشيخ أبا إسحاق الحويني الذي اتقرب إلى الله بحبه فهو من جعلني أحب علم الحديث منذ أن شاهدت برنامجه الرائع فضفضة على قناة الناس ثم زهر الفردوس وحرس الحدود ومدرسة الحياة.
أذهب الباس رب الناس واشف عبدك حجازي أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقما
اللهم عوضه عن ساقه التي بُترت بالسكن في الفردوس





أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق الدقاق *

قال أبو إسحاق الصيرفيني في "المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور" : { أبو علي الدقاق الشهيد : الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم بن أحمد أبو علي الدقاق الأستاذ الشهيد ، سمع من أبي علي الشبوي بمرو ومن أبي الهيثم الكشميهني ، سمع منه زين الإسلام ، وسمع من أبي عمرو بن حمدان بنيسابور. }
قال ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" : { ومنهم أبو علي الدقاق النيسابوري شيخ أبي القاسم القشيري رحمه الله : كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي من نيسابور قال : الحسن بن علي بن محمد بن اسحق بن عبد الرحيم بن أحمد أبو علي الدقاق لسان وقته وإمام عصره نيسابوري الأصل تعلم العربية وحصل علم الأصول وخرج إلى مرو وتفقه بها ودرس على الخضري وأعاد على الشيخ أبي بكر القفال المرزوي في درس الخضري وبرع فيه ولما استمع ما كان يحتاج إليه من العلوم أخذ في العمل وسلك طريق التصوف وصحب الأستاذ أبا القسم النصر أباذي وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وأربعماية.
أخبرنا الشيخ أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور قال : أنا والدي الأستاذ أبو القاسم رحمه الله قال : كنت في ابتداء وصلتي بالأستاذ أبي علي عقد لي المجلس في مسجد المطرز فاستأذنته وقتا للخروج إلى نسا فأذن لي فكنت أمشي معه يوما في طريق مجلسه فخطر ببالي ليته ينوب عني في مجالس أيام غيبتيفالتفت إلي وقال أنوب عنك أيام غيبتك في عقد المجلس فمشيت قليلا فخطر ببالي إنه عليل يشق عليه أن ينوب عني في الأسبوع يومين فليته يقتصر على يوم واحد في الأسبوع فالتفت إلي وقال إن لم يمكني في الأسبوع يومين أنوب في الأسبوع مرة واحدة فمشيت قليلا فخطر ببالي شيء ثالث فالتفت إلي وصرح بالأخبار عنه على القطع قال وكان الأستاذ أبو علي رحمه الله لا يستند إلى شيء وكان يوما في مجمع فأردت أن أضع وسادة خلف ظهره لأني رأيته غير مستند فتنحى عن الوسادة قليلا فتوهمت إنه توقى الوسادة لأنه لم يكن عليه خرقة أو سجادة فقال لا أريد الاستناد فتأملت بعد حاله فكان لا يستند إلى شيء (1). }
__________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري * يقترب حديثه من الحسن وذكر السمعاني أنه لم يكن له أصول وكانوا يقرأون عليه من نسخ غيره.
وهذه الحكاية عجيبة لأنه لا يمكن لإنسان أن يطلع على ما يخطر ببال إنسان آخر إلا بوحي من عند الله أو بوحي من الشيطان ، لذا فإن ثبتت هذه الحكاية فالغالب أن الذي أخبر أبا علي الدقاق بما خطر في بال عبد الكريم القشيري هو قرينه من الجن ، فقرين عبد الكريم علم ما خطر ببال عبد الكريم فقام بإخبار قرين أبي علي الدقاق والذي قام بدوره بإلقاء هذا في بال أبي علي وهذا بالطبع بأمر من قائدهما إبليس الذي يقوم بالتلبيس على الصوفية كي يزين لهم مذهبهم المليء بالخرافات والخزعبلات والتي تصل بهم أحيانا إلى الكفر. وقد يقول قائل : لعل هذا من كرامات أبي علي الدقاق ، فأقول : قد ذكر عبد الكريم القشيري أن أبا علي الدقاق أنكر على أبي عبد الرحمن السلمي حركته في السماع وقال لعبد الكريم : امض إلى أبي عبد الرحمن السلمي فستجده قاعداً في بيت كُتبه ، وعلى وجه الكتب مجلدة حمراء مربعة صغيرة فيها أشعار الحلاج ومضى عبد الكريم وتعجب لأنه وجد السلمي قاعدا في بيت كتبه ووجد المجلدة كما أخبره أبو علي الدقاق وتعجب أيضا لأن السلمي علم السبب الذي أتى من أجله ، وهذا إما بتواطؤ بين السلمي والدقاق للتلبيس على عبد الكريم القشيري أو قرين هذا أخبر قرين هذا للتلبيس على الناس ، فكيف يعقل أن يكون للسلمي كرامات وهو ينقل من أشعار الحلاج الزنديق كما أن السلمي اتهم بأنه يضع للصوفية الاحاديث وفي تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة ، وفي "حقائق تفسيره" أشياء لا تسوغ أصلا ، عدها بعض الائمة من زندقة الباطنية ، فكيف يكون لمثل هذا كرامات.
وقد أرسل أحد الأشخاص السؤال التالي إلى موقع الإسلام سؤال وجواب الذي يشرف عليه الشيخ محمد بن صالح المنجد : هل الشيطان يعلم خواطر الإنسان ونواياه؟
فأجاب الشيخ المنجد قائلا : الحمد لله ، دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان ، بل يجري منه مجرى الدم ، فيوسوس له في حال غفلته ، ويخنس في حال ذكره ، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له ، ويوسوس له بخصوصها .
روى البخاري (3281) ومسلم (2175) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة [أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة] ، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك ، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه ، بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ، بل الشيطان يلتقم قلبه ؛ فإذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها (إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم) .
وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار ، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/508) .
فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه ، ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله - ضمن سؤال طويل - : وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟
فأجاب : " كل إنسان معه شيطان ومعه ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة . قالوا : وأنت يا رسول الله؟ قال : وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه ، وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده العبد وينويه من أعمال الخير والشر , والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه الخير ويدعوه إلى الخير ، فهذه أشياء مكنهم الله منها : أي مكن القرينين ، القرين من الجن والقرين من الملائكة , وحتى النبي صلى الله عليه وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...
والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين , فالمؤمن يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه , ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله , والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل , وتشجيعه على الباطل , وعلى تثبيطه عن الخير . فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان , وعلى أن يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله والقيام بأوامر الله سبحانه وتعالى " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (9/369).
والله أعلم.

قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { وفيات سنة ست وأربعون : الحسن بن علي بن محمد. الأستاذ أبو علي الدقاق الزاهد النيسابوري. شيخالصوفية ، وشيخ أبي القاسم القشيري. توفي في ذي الحجة. سمع : أبا عمرو بن حمدان ، وأبا الهيثم محمد بن مكي الكشميهني ، وأبا علي محمد بن عمر الشبوي.
ذكره عبد الغافر مختصراً فقال : لسان وقته وإمام عصره تعلم العربية ، وحصل علم الأصول ، وخرج إلى مرو ، فتفقه بها على الخضري. وأعاد على أبي بكر القفال المروزي، وبرع. ثم أخذ في العمل وسلك طريق التصوف ، وصحب أبا القاسم النصراباذي. حكى عنه أبو القاسم القشيري أحوالاً وكرامات. توفي في ذي الحجة سنة خمسٍ. }
قال تاج الدين السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" : { الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم بن أحمد الأستاذ أبو علي الدقاق ، شيخ الأستاذ أبي القاسم القشيري ، تفقه على الخضري والقفال ، وصحب في التصوف أبا القاسم النصراباذي ، وسمع الحديث من أبي عمرو بن حمدان وأبي الهيثم محمد بن مكي الكشميهني وأبي علي محمد بن عمر الشبويى وغيرهم ، روى عنه القشيري وغيره.
قال عبد الغافر : هو لسان وقته وإمام عصره نيسابوري الأصل تعلم العربية وحصل علم الأصول وخرج إلى مرو وتفقه بها على الخضري وبرع في الفقه وأعاد على الشيخ أبي بكر القفال المروزي في درس الخضري ، ولما استمع ما يحتاج إليه من العلوم أخذ في العمل وسلك طريق التصوف وصحب الأستاذ أبا القاسم النصراباذي
وكان الأستاذ أبو علي لا يستند إلى شيء كأنه يعود نفسه ترك الرفاهية.
قال الأستاذ أبو القاسم القشيري : كنت في ابتداء وصلتي بالأستاذ أبي علي عقد لي المجلس في مسجد المطرز فاستأذنته وقت الخروج إلى نسا فأذن لي فكنت أمشي معه يوما في طريق مجلسه فخطر ببالي ليته ينوب عني في الأسبوع يومين بل ليته يقتصر على يوم واحد في الأسبوع ، فالتفت إلي وقال : إن لم يمكني في الأسبوع يومين أنوب مرة واحدة ، فمشيت قليلا فخطر لي شيء ثالث فالتفت إلي وصرح بالإخبار عنه على القطع.
توفي في ذي الحجة سنة خمس وأربعمائة ووهم من قال : سنة ست.
ومن كلامه :
أنبأنا الحافظ أبو العباس بن المظفر بقراءتي عليه أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر بقراءتي عليه أخبرنا الإمام شهاب الدين أبو بكر القاسم بن الإمام أبي سعد عبد الله بن عمر بن الصفار إجازة أخبرنا جدي عصام الدين أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور بن الصفار سماعا عليه قال سمعت جدي ابن الفارسي يقول : سمعت أبا القاسم القشيري يقول : سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول : من استهان بأدب من آداب الإسلام عوقب بحرمان السنة ومن ترك سنة عوقب بحرمان الفريضة ومن استهان بالفرائض قيض الله له مبتدعا يذكر عنده باطلا فيوقع في قلبه شبهة.
قال أبو علي فيما روي من قوله : ( من أكرم غنيا لغناه ذهب ثلثا دينه ) إنما ذلك لأن المرأ بقلبه ولسانه ونفسه فإذا تواضع لغني بلسانه ونفسه ذهب ثلثا دينه فإن اعتقد فضله بقلبه كما تواضع له بلسانه ونفسه ذهب دينه كله.
وقال : تكلم الناس في الفقر والغنى أيهما أفضل وعندي الأفضل أن يعطى الرجل كفايته ثم يصان فيه. }
قال ابن قاضي شهبة في "طبقات الشافعية" : { الحسن بن علي بن محمد الأستاذ أبو الدقاق النيسابوري الزاهد العارف شيخ الصوفية تفقه بمرو عند الخصري وأعاد عند القفال وبرع في الفقه ثم سلك طريق الصوفية وصحب الأستاذ أبا القاسم النصراباذي وأخذ الطريقة عنه وزاد عليه حالاً ومقالاً واشتهر ذكره في الآفاق وانتفع به الخلق ومنهم أبو القاسم القشيري صاحب الرسالة وحكى عنه أحوالا وكرامات مات في ذي الحجة سنة ست وأربعمائة وقيل : سنة خمس. }
قال ابن العماد في "الشذرات" : { سنة ست وأربعمائة : وفيها أبو علي الدقاق الحسن بن علي النيسابوري الزاهدالعارف شيخ الصوفية توفي في ذي الحجة وقد روى عن ابن حمدان وغيره.
قال الشيخ عبد الرؤف المناوي في كتابه "الكواكب الدرية في تراجم الصوفية" : ما ملخصه الحسن بن علي الأستاذ أبو علي الدقاق النيسابوري الشافعي لسان وقته وإمام عصره كان فارها في العلم متوسطا في الحلم محمود السيرة مجهود السريرة جنيدي الطريقة سري الحقيقة أخذ مذهب الشافعي عن القفال والحصري وغيرهما وبرع في الأصول وفي الفقه وفي العربية حتى شدت إليه الرحال في ذلك ثم أخذ في العمل وسلك طريق التصوف وأخذ عن النصراباذي قال ابن شهبة : وزاد عليه حالا ومقالا وعنه القشيري صاحب الرسالة وله كرامات ظاهرة ومكاشفات باهرة قيل له : لم زهدت في الدنيا ؟ قال : لما زهد في أكثرها أنفت عن الرغبة في أقلها قال الغزالي : وكان زاهد زمانه وعالم أوانه وأتاه بعض أكابر الأمراء فقعد على ركبتيه بين يديه وقال : عظني فقال : أسألك عن مسألة وأريد الجواب بغير نفاق فقال : نعم فقال : أيما أحب إليك المال أو العدو ؟ قال : المال قال : كيف تترك ما تحبه بعدك وتستصحب العدو الذي لا تحبه معك فبكى وقال : نعم الموعظة هذه ، ومن كلامه : من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس وقال : من علامة الشوق تمني الموت على بساط العوافي كيوسف لما ألقي في الجب ولما أدخل السجن لم يقل توفني ولما تم له الملك والنعمة قال توفني
وكان كثيرا ما ينشد :
( أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ** ولم تخف شر ما يأتي به القدر )
( وسالمتك الليالي فاغتررت بها ** وعند صفو الليالي يحدث الكدر )
وقال : صاحب الحزن يقطع من الطريق في شهر ما لا يقطعه غيره في عام وقال : السماع حرام على العوام لبقاء نفوسهم مباح للزهاد لحصول مجاهداتهم مستحب لأصحابنا لحياة قلوبهم وقال : لو أن وليا لله مر ببلدة للحق أهلها بركة مروره حتى يغفر لجاهلهم وقال : قال رجل لسهل أريد أن أصحبك قال : إذا مات أحدنا فمن يصحب الباقي قال : الله قال : فاصحبه الآن. انتهى ما أورده المناوي }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق الدقاق * النيسابوري كان صوفيا زاهدا فقيها شافعيا حكى عنه أبو القاسم القشيري أحوالاً وكرامات عجيبة والتي هي في الغالب من تلبيس إبليس على الصوفية. ومن ثم لا يحتج به منفردا ويصلح حديثه في المتابعات والشواهد. والله تعالى أعلى وأعلم.






أبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب * الصفار *

الصفار : بفتح الصاد وتشديد الفاء ، وفي آخرها الراء ، هذه اللفظة تقال لمن يبيع الاواني الصفرية ( أي النحاسية ).
قال أبو إسحاق الصيرفيني في "المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور" : { أبو سعيد الخشاب : محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب الصفار أبو سعيد المعروف بالخشاب ، ابن أخت أبي سهل الخشاب اللحياني ، شيخ مشهور بالحديث من خواص خدم الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان صاحب كتب ، أوصى له الشيخ بعد وفاته ، وصار بعده بندار كتب الحديث بنيسابور ، وأكثر أقرانه سماعا وأصولا ، وقد رزق الأسناد العالي ، وكتبه الأصول ، وجمع الأبواب ، وإفادة الصبيان ، والرواية إلى آخر عمره وبيته بيت الصلاح والحديث.
ولد سنة احدى وثمانين وثلاثمائة ، وتوفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربع مائة.
ولم يتفق لي السماع منه ولا الإجازة مع الامكان لغيبة الوالد في آخر عمره. وقد أخبرني بالحديث عنه جماعه منهم والدي وأبو صالح المؤذن وأبو سعد بن رامش وغيرهم ، وأكثر ما سمع منه تصانيف السلمى وأحاديث المخلدي ، وسمعت بعض من أثق به أنه أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصابوني ، وما أظهره في أيام حياته ، فتكلم أصحاب الحديث فيه وما رضوا ذلك منه ، والله أعلم بحاله ، وأما سماعه من المخلدي والخفاف والطبقة وصاحبه أبي عبد الرحمن فصحيح لا شك فيه ، ثم ظفرت بالاجازة الصحيحة عنه في نسخه بخط خالي أبي سعيد القشيري فتبجحت به وشكرت الله عليه. }
قال السمعاني في "الأنساب" : { الخشاب : بفتح الخاء والشين المعجمة وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة ، هذا اسم لمن يبيع الخشب ، والمشهور بهذه النسبة جماعة ، منهم ........ وأبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب ، من أهل نيسابور ، صاحب أبي عبد الرحمن السلمي وخادمه كتب الكثير من كتبه ، وروى عن أبي طاهر بن خزيمة والمخلدي والخفاف وأبي نعيم الازهري وغيرهم ، روى لنا عنه محمد بن الفضل الفراوي وهبة الله بن سهل السيدي وأبو المظفر بن القشيري بنيسابور ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي بمرو ، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد البيهقي بخسروجرد ، وكان فيه لين ، وتوفي سنة نيف وخمسين وأربعمائة. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { الصفار الخشاب الامام المحدث ، المفيد ، الثقة ، أبو سعيد ، محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب النيسابوري ، الخشاب ، الصفار. ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
وسمع من : أبي محمد المخلدي ، وأبي الحسين الخفاف ، والحاكم ، وأبي عبد الرحمن (1) ، وابن محمش (2) ، وخلق سواهم. وعني بهذا الشأن.
قال عبد الغافر في "سياق نيسابور" : كان محدثا مفيدا ، من خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان صاحب كتب ، صار بندار (3) كتب الحديث بنيسابور ، وأكثر أقرانه سماعا وأصولا ، رزقه الله الاسناد العالي ، وجمع الابواب ، وأسمع الصبيان ، وهو من بيت حديث وصلاح. حدثني ثقة أن أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصابوني ، فتكلم أصحاب الحديث فيه ، وما رضوا ذلك منه - والله أعلم بحاله - وأما سماعه من غيره ، فصحيح ، وقد أجاز لي مروياته ، وأخبرنا عنه جماعة منهم الوالد ، وأبو صالح المؤذن ، وأبو سعد بن رامش.
قلت : آخر من حدث عنه زاهر الشحامي. توفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربع مئة. }
_______________
(1) هو الامام أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ، المتوفى سنة 412 هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (152).
(2) هو العلامة أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، المتوفى سنة 414 هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (169).
(3) أي : الجامع لكتب الحديث بنيسابور.

قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { سنة ست وخمسين وأربعمائة : محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب. أبو سعيد الخشّاب النيسابوري الصفّار. توفي في ذي القعدة.
قال عبد الغافر الفارسي: وكان محدثاً مفيداً، من خواص خدّم أبي عبد الرحمن السلمي، وكان صاحب كتب. صار بُندار كتب الحديث بنيسابور، وأكثر أقرانه سماعاً وأصولاً. قد رزقه الله الإسناد العالي، وجمع الأبواب. وأسمع الصبيان. وهو من بيت حديث وصلاح.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وسمع من : أبي محمد المَخْلدي ، وأبي الحسين الخفّاف ، والسلمي.
وحدثني من أثق به أن أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خُزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصابوني. فتكلم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه. والله أعلم بحاله.
وأما سماعه من غيره فصحيح. وقد أجاز لي مَرويّاته. وأنا عن جماعة منهم: الوالد، وأبو صالح المؤذّن، وأبو سعد بن رامش، وغيرهم.
قلت: وآخر من روى عنه : زاهر الشحّامي. توفي في ذي القعدة. }
قال الذهبي في "التذكرة" في ترجمة ابن حزم : { وقال غيره : مات ليومين بقيا من شعبان سنة ست وخمسين وأربع مائة. ارخه في سنة ست غير واحد.
وفيها مات .......... ومحدث نيسابور المفيد أبو سعيد محمد بن على بن محمد النيسابوري الخشاب في عشر الثمانين. }
قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { سنة ست وخمسين وأربعمئة : وأبو سعيد الخشاب ، محمد بن علي بن محمد النَّيسابوري المحدّث ، خادم أبي عبد الرحمن السلمي ، روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف وطائفة. }
قال الصفدي في "الوافي بالوفيات" : { محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب ، أبو سعيد الخشاب النيسابوري الصفار. كان محدثاً مفيداً توفي سنة ست وخمسين وأربع مائة. }
قال زين الدين العراقي في "ذيل الميزان" (654) : { محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب الصفار أبو سعيد المعروف بالخشاب ، ابن أخت الشيخ أبي سهل الخشاب.
قال عبد الغافر في "السياق" : شيخ مشهور بالحديث من خواص خدم الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي. ثم قال : وسمعتُ بعض من أثق به أنه أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني ، وما أظهره في أيام حياته ، فتكلم أصحاب الحديث فيه وما رضوا ذلك منه ، والله أعلم بحاله. قال : وأما سماعه من المخلدي والخفاف والطبقة وصاحبه الشيخ أبي عبد الرحمن فصحيح لا شك فيه. توفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربعمائة ، وكان مولده سنة احدى وثمانين وثلثمائة. }
قال ابن حجر في "لسان الميزان" : { ز- محمد بن علي بن أحمد بن حبيب ، أبو سعيد الخشاب النيسابوري الصفار. قال عبد الغافر في "السياق" : كان محدثا مفيدا ، من خواص خُدَّام أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان صاحب كتبٍ ، صار بُنْدَارَ كُتُبِ الحديث بنيسابور ، وأكثرَ أقرانِهِ سماعا وأصولا ، قد رزقه الله الإسناد العالي ، وجمع الأبواب ، وأسمع الصبيان ، وهو من بيت حديث وصلاح. سمع من أبي محمد المَخْلَدي ، وأبي الحسين الخفاف ، والسُّلمي.
قال : وحدثني من أثق به ، أن أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصابوني ، فتكلَّم أصحاب الحديث فيه ، وما رَضُوا ذلك منه ، والله أعلم بحاله. وأما سماعُه من غيره فصحيح (1). }
_______________
(1) قال عبد الفتاح أبو غدَّة في تحقيقه لـ "لسان الميزان" : تتمة كلام عبد الغافر - كما في "منتخب السياق" - : "ثم ظفرت بالإجازة الصحيحة عنه - أي عن أبي طاهر بن خزيمة - في نسخه بخط خالي أبي سعيد القشيري فتبجَّحت به وشكرتُ الله عليه".
قلت ( أبو غدة ) : يؤخذ من هذا أن الصفار كان يدلس فيقول : "سمعت" فيما هو إجازة ، ولا يبيِّن ، وهذا تدليس غير مقبول لدى المحدثين ، فقد تكلموا فيمن يصنع مثل هذا ، انظر ترجمة عمر بن الحسن بن الأُشناني [5596].

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو سعيد محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب الصفار * الخشاب * وثقه الذهبي ، وقال السمعاني : "فيه لين" ، وقال عبد الغافر : "كان من خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان بندار كتب الحديث بنيسابور ، وأكثر أقرانه سماعا وأصولا ، وقد رزق الأسناد العالي ، وسماعه من السلمي والمخلدي والخفاف والطبقة صحيح لا شك فيه ، لكنه أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة فتكلَّم أصحاب الحديث فيه ، وما رَضُوا ذلك منه"
قلت ( أبو شاكر السلفي ) : قال الشيخ أبو غدة أن سبب كلامهم في سماعه من أبي طاهر بن خزيمة أنه كان يدلس فيقول : "سمعت" فيما هو إجازة ، وعلى كل حال أيا كان السبب فلا يحتج به منفردا عن أبي طاهر بن خزيمة.
والخلاصة : أنه صدوق حسن الحديث ، إلا في روايته عن أبي طاهر بن خزيمة فلا يحتج به منفردا عنه ، وحديثه عن أبي عبد الرحمن السلمي أعلى من الحسن لملازمته إياه فقد كان من خواص خدم السلمي. والله تعالى أعلى وأعلم.





أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى * بن الجراح *
عيسى بن الوزير *

قال أبو الفرج النديم في "الفهرست" (142-143) : { على بن عيسى بن داود بن الجراح. وكان بمنزلة من الرياسة يجل وصفها، ومن الصناعة والعفة بما هو اشهر واظهر ووزر للمقتدر ثلاث دفعات. (نسبه أبي الحسن ... ) وتوفى في اليوم الذى عبر فيه معز الدولة وهو يوم المعمعه انتصال الليل من شهر ذي حجة سنة اربع وثلاثين وثلثمائة ودفن في داره. وله من الكتب ، كتاب جامع الدعاء.
كتاب معاني القرآن وتفسيره. واعانه عليه أبو الحسين الخراز وابو بكر بن مجاهد.
(كتاب الكتاب و سياسة المملكة وسيرة الخلفاء).
ابنه أبو القاسم عيسى بن على. أوحد زمانه في علم المنطق والعلوم القديمة.
ومولده ... وله من الكتب ، كتاب في اللغة الفارسية. }
قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { عيسى ابن الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجَرَّاح ، أبو القاسم.
سمع أبا القاسم عبد الله بن محمد البغوي وأبا بكر بن أبي داود السجستاني ويحيى بن محمد بن صاعد وبدر بن الهيثم القاضي ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي وأبا بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري وأبا عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي وأبا بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقرئ وإسماعيل بن العباس الوراق وأبا بكر محمد بن الحسن بن دُريد النحوي وأباه أبا الحسن علي بن عيسى الوزير.
حدثنا عنه الأزهري والحسن بن محمد الخلال والقاضيان أبو عبد الله الصيمري وأبو القاسم التنوخي وأبو الفتح بن شيطا المقرئ وأبو محمد الجَوْهري وأحمد بن محمد بن النقور وأبو جعفر بن المُسلمة ، في آخرين.
وكان ثَبْتَ السماعِ ، صحيحَ الكتاب.
قال لي التنوخي : مولدُ عيسى بن علي الوزير في شهر رمضان من سنة اثنتين وثلاث مئة.
أنشدني أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن الفَرَّاء ، قال : أنشدنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير لنفسه [ من الخفيف ] :
ربَّ ميتٍ قد صار بالعلم حَيَّا ... ومُبَقَّي قد حازَ جهلاً وغيَّا
فاقتنوا العلم كي تنالوا خلوداً ... لا تَعُدُّوا الحياةَ في الجهلِ شيَّا
أنشدنا التنوخي ، قال : أنشدنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير لنفسه [ من السريع ] :
قد فات ما ألقاه تحديدي ... وجلَّ عن وصفي وتعديدي
وقلتُ للأيام هُزْءاً بها ... بحق مَن أغراكِ بي زيدي
زاد غير التنوخي :
لا تبخلي بالشر مهما استوى ... فالبخل أمرٌ غيرُ محمودِ
وجانبي الخير فتحقيقه ... أعوزُ مطلوبٍ وموجود
واستنقذي نفسي بإتلافها ... فالجُود بالموت من الجُود
لا عاش من أفْضَى إلى عيشةٍ ... الموتُ فيها شرُّ مفقود
البيتان الأولان حَسبُ ، ذكر لنا التنوخي أنه سَمِعَهما من عيسى ، وبقية القطعة ذكرها أبو خازم محمد بن الحسين بن الفراء عنه.
قال لي أحمد بن علي بن التوزي : توفي عيسى بن علي بن عيسى يوم الجُمُعة لليلة خلت من المحرم سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
وحدثني الأزهري والخلال ؛ قالا : مات عيسى بن علي الوزير يوم الجمعة ، وقال الأزهري : مات في ليلة الجمعة ، ودفن في يوم الجمعة مستَهَل شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة. قال الأزهري : ودُفِنَ في داره.
حدثني هلال بن المُحَسِّن ، قال (1) : توفي عيسى بن علي بن عيسى سَحَر يوم الجمعة لليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
ذكر لي محمد بن أبي الفوارس : أن وفاتَهُ كانت يوم الجمعة مستهل شهر ربيع الأول ، قال : وكان يرمي بشيءٍ من مَذهَبِ الفلاسفة. }
________________
(1) تاريخ هلال بن المحسن 8/65.

قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { سمعت بعض شيوخنا وأظنه هبة الله بن الحسن الطبري (1) يحكى عن عيسى بن علي بن عيسى الوزير أنه كان يشير إلى مواضع في داره يقول : حدثنا أبو القاسم البغوي في ذلك الموضعوحدثنا يحيى بن صاعد في ذلك الموضع وحدثنا أبو بكر بن مجاهد في ذلك الموضع وذكر غير هؤلاء أيضاً فيقال له : لا نراك تذكر أبا بكر بن أبي داود فيقول : ليته إذا مضينا إلى داره كان يأذن لنا في الدخول إليه والقراءة عليه. }
__________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي * الطبري * الأصل الرازي ثم البغدادي صاحب كتاب صاحب كتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" وغيره من المصنفات : أثنى عليه الخطيب البغدادي فقال : "كتبنا عنه وكان يفهم ويحفظ" ، وذكر البرقاني عنه حكاية تفيد أنه كان متيقظا فهما ، وقال السمعاني : "كان أحد الحفاظ المتقنين المكثرين من الحديث ، سمع وصنف " ، ووثقه شجاع الذهلي فقال : "كان ثقة فهما حافظا" ، وقال فيه الذهبي : "الامام الحافظ المجود الفقيه مفيد بغداد في وقته". ومن ثم فهو حافظ متقن فقيه لا ينزل حديثه عن الحسن.
وكلام اللالكائي يدل على قوة صلة عيسى بالبغوي وابن صاعد وابن مجاهد وغيرهم ، حيث كانوا يحدثونه في داره وكان عيسى يحفظ المواضع التي كانوا يجلسون فيها وهذا يشير إلى قوة رواية عيسى عنهم. والله تعالى أعلى وأعلم.

قال ابن الجوزي في "المنتظم" : { سنة إحدى وتسعين وثلثمائة : عيسى بن الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجراح، أبو القاسم ولد في رمضان سنة اثنتين وثلثمائة، وزر أبوه المعلوم فضله، ونظر هو للطائع وكتب له، وروى عن البغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد، وابن دريد وغيرهم. وروى عنه الأزهري، والخلال، والصيمري، وغيرهم. وكان ثبت السماع صحيح الكتاب ، وأملى الحديث ، وكان عارفاً بالمنطق فرموه بشيء من مذهب الفلاسفة.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن ثابت، قال: أنشدني أبو يعلى ابن الفراء، قال: أنشدنا عيسى بن الوزير علي بن عيسى لنفسه:
رب ميت قد صار بالعلم حيا ... ومبقى قد حاز جهلاً وغيا
فاقتنوا العلم كي تنالوا خلوداً ... لا تعدوا الحياة في الجهل شيا
أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، عن أبي محمد الجوهري ، قال : انقطعت عن زيارة أبي القاسم عيسى بن علي ، ثم قصدته ، فلما نظر إلي قال :
رأيت جفاء الدهر لي فجفوتني ... كأنك غضبان علي مع الدهر
قال : وخرج إلينا يوماً ، فقال : الله بيننا وبين علي بن الجهم ، فقلت : من هو علي بن الجهم ؟ قال الشاعر : قلت ورآه سيدنا ؟ قال : لا ولكن له بيت أذانا به ، وأنشدنا هذا :
ولا عار إن زالت عن الحر نعمة ... ولكن عاراً أن يزول التجمل
توفي عيسى في هذه السنة ، ودفن في داره. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { ابن الجراح الشيخ الجليل العالم المسند ، أبو القاسم ، عيسى بن علي بن عيسى ابن داود بن الجراح البغدادي. والد الوزير العادل أبي الحسن. ولد سنة اثنتين وثلاث مئة.
وسمع البغوي ، وابن أبي داود ، وابن صاعد ، وأبا حامد الحضرمي ، وبدر بن الهيثم ، وأبا بكر بن دريد ، ومحمد بن نوح الجنديسابوري ، وأبا بكر بن زياد ، وأبا جعفر بن البهلول ، وأبا عمر محمد بن يوسف القاضي ، وأبا بكر بن مجاهد ، وعدة.
وأملى عدة مجالس.
حدث عنه : أبو القاسم الازهري ، وأبو محمد الخلال ، وعلي بن المحسن التنوخي ، وعبد الواحد بن شيطا ، وأبو جعفر بن المسلمة ، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن النقو ر، وآخرون.
قال الخطيب : كان ثبت السماع ، صحيح الكتاب.
وقال أبو الفتح ابن أبي الفوارس : كان يرمى بشيء من مذهب الفلاسفة ، توفي في يوم الجمعة أول ربيع الاول سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
وقال غيره : مات في ربيع الآخر. وقيل: مات في المحرم. وله نظم حسن.
قال الخطيب : أنشدني أبو يعلي بن الفراء ، أنشدنا عيسى بن علي لنفسه :
رب ميت قد صار بالعلم حيا * ومبقي قد حاز جهلا وغيا
فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودا * لا تعدو الحياة في الجهل شيا
وقال محمد بن إسحاق النديم : كان عيسى أوحد زمانه في علم المنطق والعلوم القديمة ، له مؤلف في اللغة الفارسية (1).
قلت : لقد شانته هذه العلوم وما زانته ، ولعله رحم بالحديث إن شاء الله. }
____________________
(1) " الفهرست " ص: 186.

قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { وفيات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة : عيسى بن داود بن الجراح ، أبو القاسم بن الوزير أبي الحسن البغدادي.
سمع : أبا القاسم البغوي ، وأبا بكر بن أبي داود ، وابن صاعد ، وبدر بن الهيثم ، وأبا بكر بن دريد ، ومحمد بن نوح ، وأبا بكر بن مجاهد ، وأباه أبا الحسن ، وجماعة.
روى عنه : أبو القاسم الأزهري ، وأبو محمد الخلال ، وأبو القاسم التنوخي ، وعبد الواحد بن شطا ، وأبو جعفر بن المسلمة ، وأبو الحسين بن النقور ، وآخرون.
قال الخطيب : كان ثبت السماع ، صحيح الكتاب. ولد سنة اثنتين وثلاثمائة ، وأنشدني أبو يعلى بن الفراء ، أنشدنا عيسى الوزير لنفسه :
رب ميت قد صار بالعلم حياً ... ومبقى قد حاز جهلاً وعيا.
فاقتنوا العلم كي تنالوا خلوداً ... لا تعدوا الحياة في الجهل شيا.
وقال : أنشده التنوخي : أنشدنا عيسى لنفسه :
قد فات ما القاه تحديدي ... وجل عن وصفي وتعديدي.
وقلت للأيام هزأً بها ... بحق من أغراك بي زيدي.
وقال : ذكر لي محمد بن أبي الفوارس أن وفاة عيسى بن الوزير كانت يوم الجمعة ، مستهل ربيع الأول سنة إحدى وسبعين. قال : وكان يرمى بشيء من مذهب الفلاسفة.
وقال غيره : توفي في ربيع الآخر. وقيل : في المحرم.
وقع لنا جزء من عواليه عن الأبرقوهي. }
قال الذهبي في "المغني في الضعفاء" (4817) : { عيسى بن علي بن الوزير الجراح ، قال ابن أبي الفوارس : يرمى بشيء من مذهب الفلاسفة. }
قال الذهبي في "الميزان" : { عيسى بن على بن الجراح الوزير ، أبو القاسم. أملى مجالس عن البغوي وطبقته ، ووقع من عواليه ، وسماعاته صحيحة. وقال ابن أبي الفوارس : كان يرمى بشيء من رأى الفلاسفة.
قلت : لم يصح ذا عنه. }
قال ابن حجر في "لسان الميزان" : { عيسى بن علي بن الجَرَّاح الوزير ، أبو القاسم ، أملى مجالسَ عن البغوي وطبقته ، ووقع لنا من عواليه ، وسماعاتُه صحيحة.
وقال ابن أبي الفوارس : كان يُرمَى بشيء من رأى الفلاسفة.
قلت : لم يصحَّ ذا عنه (1). }
_________________
(1) قال عبد الفتاح أبو غدَّة في تحقيقه لـ "لسان الميزان" : لكن نقل الذهبي في "السير" (16/550) : قول محمد بن إسحاق النديم : "كان عيسى أوحد زمانه في علم المنطق والعلوم القديمة ، له مؤلف في اللغة الفارسية".
قال الذهبي : لقد شانته هذه العلوم وما زانته ، ولعله رُحِم بالحديث إن شاء الله. انتهى. فهذا فيه إثبات لما نفاه الذهبي هنا من اشتغاله بالفلسفة ونحوها ، فتأمل !
قلت ( أبو شاكر السلفي ) : والذهبي ألف "السير" بعد "الميزان" والغالب أنه اطلع على كلام محمد بن إسحاق النديم بعد تأليفه للميزان لذا أورد كلامه في "السير" والعجيب أن الحافظ ابن حجر لم يعقب على كلام الذهبي.

قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة : وأبو القاسم عيسى بن الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجرّاح البغدادي ، الكاتب المنشئ ، ولد سنة اثنتين وثلاثمئة ، ومات في أول ربيع الأول.
قال ابن أبي الفوارس : كان يرمي بشيء من مذهب الفلاسفة.
قلت: روى عن البغوي وطبقته ، وله أمالٍ سمعت منها. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى * بن الجراح * يقال له عيسى بن الوزير * وقد كان عارفاً بالمنطق فرموه بشيء من مذهب الفلاسفة ، قال الخطيب : "كان ثَبْتَ السماعِ ، صحيحَ الكتاب" ونقل الخطيب عن اللالكائي أن البغوي وابن صاعد وابن مجاهد وغيرهم كانوا يحدثون عيسى في داره وكان عيسى يحفظ المواضع التي كانوا يجلسون فيها وهذا يدل على قوة الصلة بينهم وبين عيسى مما يعني قوة روايته عنهم. ومن ثم فهو صدوق حسن الحديث. والله تعالى أعلى وأعلم.

للمزيد من ترجمته :
الامتاع والمؤانسة: 1 / 36، البداية والنهاية: 11 / 330.





أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري * اللالكائي *
صاحب كتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"
( من شيوخ الخطيب البغدادي )

قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { هبة الله بن الحسن بن منصور ، أبو القاسم الرازي ، طَبَريُّ الأصل ، ويُعرَفُ باللالكائي.
قدمَ بغداد فاستوطَنَها ، ودَرَس فقه الشافعي على أبي حامد الإسفراييني ، وسمعَ عيسى بن علي بن عيسى الوزير ، وأبا طاهر المُخَلِّص وأبا الحسن بن الجُندي ، وطَبَقتهم ومَن بَعدهم. وكان قد سمعَ بالرَّي من جعفر بن عبد الله الفنَّاكي ، وعلى بن محمد بن عمر القَصَّار ، والعلاء بن محمد الرُّوياني وغيرَهم.
كتبنا عنه وكان يَفْهم ويَحْفظ وصَنَّف كتاباً في "السنن" وكتاباً في "معرفة أسماء مَن في الصحيحين" وكتاباً في "شرح السُّنة" ، وغير ذلك ، وعاجَلَته المَنِيَّة فلم يُنشَر عنه كثيرُ شيءٍ من الحديث.
حدثني البرقاني ، قال : جاءني هِبةُ الله الطبري يوماً نصف النهار ، فقال لي : ذَكَر أبو مسعود الدمشقي (1) في تعليقه أنَّ مسلماً أخرجَ في "الصحيح" حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " آيةُ المنافقِ ثلاثٌ " من طريق إسماعيل بن جعفر ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فأريد أن تُخرجه لي من كتابك. قال البرقاني : فنَظَرتُ في صحيحي فرأيتُ مكان الحديث مُبَيضاً ، فقلت له : ليس الحديث عندي. فقال هبة الله : قد غَلِط أبو مسعود في ترجمته ، وإنما هذا الحديث عن إسماعيل بن جعفر ، عن أبي سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، وأبو سهيل هو نافع بن مالك. قال البرقاني : فنَظَرتُ فإذا الأمرُ على ما قال (2). قال البرقاني : وقد غَلِطَ خَلَف الواسطي أيضاً في تعليقه ، ذكرَ حديثاً آخر بهذا الإسناد وجَعَله في ترجمة إسماعيل بن جعفر عن سُهَيل ، وإنما هو عن أبي سُهَيل.
مات هبة الله الطَّبَري بالدِّينَوَر ، وكان خَرَج إليها لحاجةٍ له فتوفي يوم الثلاثاء لستٍّ خَلَون من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مئة.
حدثني على بن الحسين بن جَدَّا العُكْبَري ، قال : رأيتُ أبا القاسم هبة الله بن الحسن الطَّبَري في المنام ، فقلت : ما فعلَ الله بك ؟ قال : غَفَر لي. قلت : بماذا ؟ فكأني به قال كلمة خفيَّة ، يقول : بالسُّنَّة. }
________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو مسعود * إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي * هو مصنف كتاب "أطراف الصحيحين" وهو حافظ ، متقن ، ناقد ، دَيِّن ، لا ينزل حديثه عن الحسن ، وكتابه المذكور به بعض الأخطاء والأوهام. والله تعالى أعلى وأعلم.
(2) قال الدكتور بشار عواد : هذا صحيح ، وذكر المزي مثله في تحفة الأشراف 9/154 حديث (12586)

قال السمعاني في "الأنساب" : { اللالكائي : بفتح اللام ألف واللام والكاف بعدها الالف وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى بيع اللوالك ، وهي التي تلبس في الارجل.
واشتهر بهذه النسبة : .................... وأبو محمد هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي ، من أهل بغداد ، كان أحد الحفاظ المتقنين المكثرين من الحديث. سمع وصنف.
وابنه أبو بكر محمد بن هبة الله اللالكائي ، كان شيخا مأمونا ، ثقة ، صدوقا ، سمع أبا الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ، وأبا الحسين محمد بن الحسين القطان ،
وأبا الحسين علي بن محمد بن بشران السكري ، والحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم المخزومي وغيرهم.
روى لي عنه أبو القاسم بن السمرقندي ، وعبد الوهاب بن المبارك الانماطي وأبو الحسن بن عبد السلام الكاتب ، وأبو منصور بن زريق ، وعبد الخالق بن البدن ، وأبو الفائز بن البزوري ، وأبو محمد عبد الله بن علي المقرئ وغيرهم وكانت ولادته سنة تسع وأربعمئة في ذي الحجة ببغداد ، ومات في جمادى الاولى سنة اثنتين وسبعين وأربعمئة ، ودفن بمقبرة الشونيزي. }
قال ابن نقطة في "التقييد" ترجمة رقم 640 : { هبة الله بن الحسن بن منصور الرازي الحافظ أبو القاسم الطبري اللالكائي ، سمع بالري من جعفر بن عبد الله بن فناكي وعلي بن منصور الصفار وببغداد من عيسى بن علي الوزير وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الجندي وأبي طاهر المخلص في آخرين.
حدث عنه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في مصنفاته وقال : كتبنا عنه وكان يحفظ ويفهم وصنف كتابا في السنن وكتابا في معرفة أسماء من في الصحيحين وكتابا في شرح السنة وغير ذلك وعاجلته المنية فلم ينشر عنه كثير من الحديث.
قرأت على جعفر بن أبي الحسن الهمذاني (1) بثغر الإسكندرية قلت له : أخبركم أبو طاهر السلفي فأقر به قال : وسألته يعني شجاع بن فارس الذهلي عن اللالكائي ، فقال : هو أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري وكان ثقة فهما حافظا صنف كتبا في معرفة أسماء من في الصحيحين وكتابا في السنن وغير ذلك عاجلته المنية ولم يخرج عنه شئ من الحديث إلا السنة ومات بدينور سنة ثمان عشرة وأربعمائة. }
________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمذاني الإسكندراني المقرئ وثقه تلميذه ابن نقطة فقال "سمعت منه ، وكان ثقة صالحا من أهل القرآن". والله تعالى أعلى وأعلم.

قال الذهبي في "السير" : { اللالكائي الامام الحافظ المجود ، المفتي أبو القاسم ، هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي ، الشافعي اللالكائي ، مفيد بغداد في وقته.
سمع عيسى بن علي الوزير ، وأبا طاهر المخلص، وجعفر بن فناكي الرازي ، وأبا الحسن بن الجندي ، وعلي بن محمد القصار ، والعلاء بن محمد ، وأبا أحمد الفرضي ، وعدة. وتفقه بالشيخ أبي حامد ، وبرع في المذهب. روى عنه : أبو بكر الخطيب ، وابنه محمد بن هبة الله ، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي ، ومكي الكرجي السلار ، وعدة.
قال الخطيب : كان يفهم ويحفظ ، وصنف كتابا في السنة (1) ، وعاجلته المنية ، خرج إلى الدينور ، فأدركه أجله بها في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مئة (2).
ثم قال : حدثني علي بن الحسين بن جداء العكبري قال : رأيت هبة الله الطبري في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي. قلت : بماذا ؟ فقال كلمة خفية : بالسنة.
وقال شجاع الذهلي : لم يخرج عنه شئ من الحديث إلا اليسير.
قلت : قد روى عنه أبو بكر الطريثيثي كتابه في " شرح السنة ". }
_______________
(1) النص في " تاريخ بغداد " 14 / 70: وصنف كتابا في السنن ، وكتابا في معرفة أسماء من في الصحيحين ، وكتابا في شرح السنة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 70، 71، وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 194.

قال الذهبي في "التذكرة" : { اللالكائي الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه الشافعي محدث بغداد : سمع جعفر بن عبد الله بن فناكي وأبا القاسم عيسى بن علي الوزير وأبا طاهر المخلص وأبا الحسن بن الجندي وعلي بن محمد القصار والعلاء بن محمد وطبقتهم، وتفقه بأبي حامد الأسفراييني.
قال الخطيب : كان يفهم ويحفظ ، وصنف كتابًا في السنة ، وكتابًا في رجال الصحيحين ، وكتابًا في السنن , وعاجلته المنية ، خرج إلى الدينور فأدركه أجله بها في رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة.
قلت: حدث عنه أبو بكر الخطيب وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي وغير واحد.
قال الخطيب : حدثني علي بن الحسين بن جد العكبري قال : رأيت هبة الله الطبري في المنام فقلت : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي , قلت : بماذا ؟ قال كلمة خفية: بالسنة. }
قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { سنة ثماني عشرة وأربعمئة : وأبو القاسم اللالكائي ، هبة الله بن الحسن الطبري الحافظ ، الفقيه الشافعي. تفقّه على الشيخ أبي حامد ، وسمع من المخلص وطبقته ، وأكثر من جعفر بن فنَّاكي.
قال الخطيب : كان يحفظ ويفهم ، صنّف كتاباً في السنة ، وكتاب رجال الصحيحين ، وكتاباً في السُّنن. ثم خرج في آخر أيامه إلى الدِّينور ، فمات بها في رمضان كهلاً ، رحمه الله. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي * الطبري * الأصل الرازي ثم البغدادي صاحب كتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" وغيره من المصنفات : أثنى عليه الخطيب البغدادي فقال : "كتبنا عنه وكان يفهم ويحفظ" ، وذكر البرقاني عنه حكاية تفيد أنه كان متيقظا فهما ، وقال السمعاني : "كان أحد الحفاظ المتقنين المكثرين من الحديث ، سمع وصنف " ، ووثقه شجاع الذهلي فقال : "كان ثقة فهما حافظا" ، وقال فيه الذهبي : "الامام الحافظ المجود الفقيه مفيد بغداد في وقته". ومن ثم فهو حافظ متقن فقيه لا ينزل حديثه عن الحسن. والله تعالى أعلى وأعلم.

للمزيد من ترجمته :
المنتظم 8 / 34، الكامل في التاريخ 9 / 364، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات الحفاظ 420، كشف الظنون 835 و 1040، هدية العارفين 2 / 504، الرسالة المستطرفة 37.





أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي *
أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين المحتسب *

أحيانا يدلسه الخطيب فيقول ( حدثنا أحمد بن علي بن الحسين المحتسب ) أو ( حدثنا أحمد بن علي المحتسب )
قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { أحمد بن علي بن الحسين بن محمد بن موسى ، أبو الحسين المحتسب المعروف بابن التَّوَّزي. سمع أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق ومحمد بن المظفر وأبا بكر بن شاذان وأبا الفضل الزهري وموسى بن جعفر بن عرفة وأبا حفص بن شاهين ويوسف بن عمر القواس والمعافَى بن زكريا ، وسواهم خلقاً كثيراً.
كتبت عنه ، وكان صدوقاً ، كثير الكتاب ، مُدِيماً لحضور المجالس والسماع معنا ، ومسكنه في درب سَلِيم بالجانب الشرقي ، وسمعته يقول : ولدتُ في يوم الجُمُعة التاسع عشر من المحرم سنة أربع وستين وثلاث مئة.
ومات في ليلة الأربعاء ، ودُفن صبيحة يوم الأربعاء السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة ، وكان دفنه في مقبرة الخَيْزران. }
قال الأمير ابن ماكولا في "الإكمال" : { وأما التوزي أوله تاء مفتوحة معجمة باثنتين من فوقها وبعد الواو زاي فهو .................. وأبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين بن التوزي، سمع أبا الحسين بن المظفر وخلقاُ كثيراً بعده ، وكان مكثراً ثقة. }
قال السمعاني في "الأنساب" : { التَّوّزي : بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو وفي آخرها الزاي ، هذه النسبة إلى بعض بلاد " فارس " وقد خففها الناس ويقولون : الثياب التوزية ، وهو مشدد ، وهو توج ، والمشهور بهذه النسبة جماعة كثيرة.
وأبو الحسين أحمد بن علي بن الحسن بن التوزي القاضي ، سمع أبا الحسين بن المظفر الحافظ وخلقا كثيرا بعده ، وكان مكثرا ثقة. }
قال السمعاني في "الأنساب" : { المُحْتَسب : بضم الميم ، وسكون الحاء ، وفتح الباء المنقوطة باثنتين من فوقها ، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة ، هذه النسبة إلى عمل الاحتساب ، هو أن يأمر الناس بالمعروف وينهي عن المنكر ، والمشهور بهذه النسبة ........................ وأبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى المحتسب المعروف بابن التوزي ، وقد ذكرناه في التاء وهو من أهل بغداد ، ثقة صدوق ، كثير الكتابة قديم حضور مجالس الحديث والسماع.
سمع أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق ومحمد بن المظفر وأبا بكر بن شاذان وأبا الفضل الزهري وموسى بن جعفر بن عرفة وأبا حفص بن شاهين ويوسف بن عمر القواس والمعافى بن زكريا الجريري وغيرهم. روى عنه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب. وكانت ولادته في المحرم سنة أربع وستين وثلاث مئة. ومات في ظهر ربيع الاول سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة. }
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة : أحمد بن علي بن الحسين. أبو الحسين التوزي المحتسب البغدادي. سمع : علي بن لؤلؤ الوراق ، ومحمد بن المظفر الحافظ ، ويوسف القواس. قال الخطيب : كان صدوقاً مديماً للسماع معنا. كتبت عنه. ومات في ربيع الأول وله سبع وسبعون سنة. قلت : روي عنه : جعفر السراج. }
قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { سنة اثنتين وأربعين وأربعمئة : وفيها توفي أبو الحسين التوَّزي ، أحمد بن علي البغدادي المُحْتَسِب. روى عن علي بن لؤلؤ وطبقته ، وكان ثقة صاحب حديث. }

قال الخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل" : { ومن الأحاديث الباطلة المرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم التي دونت عن وراتها ووقفنا على عللها :
حديث أخبرناه أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسين التوزي من أصل كتابه قال : نا أبو الحسين محمد ابن المظفر الحافظ ، نا أبو الحسن محمد بن أحمد بن صالح ، نا عبيد الله بن محمد بن سليمان الأزدي ، نا حبيب بن إبراهيم ، نا شبل بن عباد المكي عن عبد الله بن ذكوان ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما عزّت النية في الحديث إلا لشرفه.
وهذا الكلام لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه ، وإنما هو قول يزيد بن هارون ، وقد وهم شيخنا ابن التوزي فيه ، وذلك أنه دخل له الإسناد الذي سقناه في كلام يزيد وسقط عليه ما بينهما ، وهو متن الحديث وما بعده من الإسناد إلى كلام يزيد بن هارون ، وحصل عنده الحديث على ما أخبرنا به ، وقد سمعناه من غيره عن ابن المظفر على الصواب.
أخبرنا علي بن محمد بن الحسين السمسار ، أنا محمد بن المظفر الحافظ ، نا أبو الحسن محمد بن أحمد ابن الهيثم بن صالح ، نا عبيد الله بن محمد بن سليمان الأزدي ، نا حبيب بن إبراهيم ، نا شبل بن عباد المكي ، عن عبد الله بن ذكوان عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قطع الذين سرقوا لقاحه وسمل أعينهم بالنار عاتبه الله في ذلك، فأنزل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}1 إلى آخر الآيات"2.
وأخبرنا علي بن محمد بن الحسن ، أنا محمد بن المظفر ، أنا محمد بن أحمد بن الهيثم ، نا عبيد الله بن محمد ابن سليمان ، نا حبيب بن إبراهيم ، نا مالك بن أنس ونافع بن أبي نعيم، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وأخبرنا علي ، أنا محمد ، نا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الحجاج ، نا جعفر بن نوح ، نا محمد بن عيسى قال : سمعت يزيد ـ هو ابن هارون ـ يقول : ما عزت النية في الحديث إلا لشرفه.
كان الحديثان الأولان والحكاية في كتاب شيخنا أبي الحسن السمسار متوالية كما سقناه ، فكتب شيخنا ابن التوزي إسناد الحديث الأول وخرج منه إلى كلام يزيد ابن هارون ، وترك ما بينهما. }

قال الذهبي في "المغني في الضعفاء" : { أحمد بن علي التوَّزي شيخ الخطيب ، ليس بقوي ، أخطأ ورفع حديثا من قول يزيد بن هارون. }
قال الذهبي في "الميزان" : { أحمد بن علي التَّوّزِي ، شيخ الخطيب. محدِّثٌ ليس بقوي ، رفع حديثا من قول يزيد بن هارون فوَهمَ. }
قال ابن حجر في "لسان الميزان" : { أحمد بن علي التَّوَّزي ، شيخُ الخطيب ، محدِّث ليس بقوي ، رَفَع حديثا من قول يزيد بن هارون فوَهِم ، انتهى. والحديث المذكور ذكره الخطيب في كتاب "الُمدْرَج". }
قال ابن ناصر الدين الدمشقي في "توضيح المشتبه" : { و التوزي إلى توز مدينة قلت هي بفتح المثناة فوق والواو المشددة بعدها زاي وهي بقرب كازرون من بلاد فارس عن بحر الهند ويقال لها توج بجيم قال وأبو الحسين أحمد بن علي التوزي روى عنه جعفر السراج وآخرون. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي * المحتسب * صدقه الخطيب فقال : "كتبت عنه وكان صدوقاً كثير الكتاب مُدِيماً لحضور المجالس والسماع معنا" ، ووثقه ابن ماكولا فقال : "كان مكثراً ثقة" ، وأورده السمعاني مرتين في "الأنساب" فقال في الأولى "كان مكثراً ثقة " تبعا لقول ابن ماكولا وقال في الثانية "ثقة صدوق كثير الكتابة قديم حضور مجالس الحديث والسماع" تبعا للخطيب
وقد ذكر الخطيب أنه حدث بحديث باطل لأنه وهم في نقل هذا الحديث حيث نقل إسنادا آخر ونقل بعده متن الحديث ولعل هذا ما جعل الخطيب ينزله إلى مرتبة الصدوق ، أما الإمام الذهبي فوضعه في "الضعفاء" و "الميزان" وقال : "ليس بقوي" من أجل الحديث الذي وهم فيه ، لكن في "تاريخ الإسلام" لم يضعفه الذهبي بل نقل تصديق الخطيب له ، ثم وثقه الذهبي في "العبر" وهو اختصار "تاريخ الإسلام" الذي ألفه بعد "تاريخ الإسلام" بسنة والميزان ألفه الذهبي بعد "التاريخ" فربما اطلع الذهبي على كتاب "الفصل للوصل المدرج في النقل" بعد أن فرغ من التاريخ لذا تغير رأي الذهبي فيه وأورده في الضعفاء والميزان. والذي يظهر لي مما سبق أن أحمد بن علي بن الحسين التوزي المحتسب * صدوق حسن الحديث مكثر. والله تعالى أعلى وأعلم.





أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي الآبنوسي *

قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { محمد بن أحمد بن محمد بن علي ، أبو الحسين بن الآبنوسي. سمع أبا الحسن الدارقطني ، وأبا حفص بن شاهين ، وأبا القاسم بن حبابة ، وأبا حفص الكَتَّاني ، وأبا طاهر المُخَلِّص ، وأبا الحسن بن النجار الكوفي ، وأحمد بن عبيد الواسطي.
كتبتُ عنه وكان سماعه صحيحاً ، وكان يسكن محلة التَّوثة. وسألته عن مولده ، فقال : في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة. ومات في ليلة الاثنين ودفن يوم الاثنين التاسع والعشرين من شوال سنة سبع وخمسين وأربع مئة في مقبرة باب حرب. }
قال السمعاني في "الأنساب" : { الآبَنُوسي : بمد الالف وفتح الباء أو سكونها وضم النون وفي آخرها السين المهملة بعد الواو ، هذه النسبة إلى آبنوس وهو نوع من الخشب البحري يعمل منه أشياء ، وانتسبت جماعة إلى تجارتها ونجارتها ، منهم أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي ابن الآبنوسي الصيرفي من أهل بغداد ، سمع أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني وأبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين وأبا القاسم عبيدالله بن محمد بن حامد المتولي وأبا حفص عمر بن إبراهيم بن كثير الكتاني وأبا طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص وأبا بكر أحمد بن عبيد بن بيري الواسطي وأبا الحسن محمد بن جعفر بن النجار الكوفي ، سمع منه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ وذكره في التاريخ فقال : كتبت عنه وكان سماعه صحيحا ، وكانت ولادته في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، ومات في شوال سنة سبع وخمسين وأربعمائة ودفن في مقبرة باب حرب.
وأخوه أبو الحسن علي بن أحمد بن الآبنوسي ، سمع أبا عبد الله بن العسكري وأبا حفص بن الزيات والحسين بن أحمد بن فهد الموصلي وأبا بكر بن شاذان ، سمع منه أبو بكر الخطيب الحافظ وذكره في التاريخ وقال : كتبت عنه أحاديث عن الدارقطني خاصة وكان يتمنع من التحديث ويأباه فألححت عليه حتى حدثني ولا أحسب سمع منه غيري ، وكانت ولادته في جمادى الآخرة سنة تسع وستين وثلاثمائة وأول سماعه في سنة أربع وسبعين ، ومات في شهر ربيع الاول سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. }
قال ابن الجوزي في "المنتظم" : { سنة إحدى وثمانين وأربعمائة : محمد بن أحمد بن محمد بن علي ، أبو الحسين ابن الآبنوسي ولد في سنة إحدى وثمانين وثلثمائة ، وسمع من الدارقطني ، وابن شاهين ، وابن حبابة ، والكتاني ، والمخلص، وغيرهم ، وكان سماعه صحيحاً ، حدثنا عنه أشياخنا ، وتوفي ليلة الاثنين تاسع عشرين شوال هذه السنة ، ودفن في مقبرة باب حرب. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { ابن الآبنوسي الشيخ الثقة ، أبو الحسين ، محمد بن أحمد بن محمد بن علي ، ابن الآبنوسي البغدادي.
سمع أبا القاسم بن حبابة ، والدارقطني ، وابن شاهين ، وابن أخي ميمي ، وعبد الله بن محمد بن محارب الاصطخري ، وأبا حفص الكتاني.
قال الخطيب : كتبت عنه ، وكان سماعه صحيحا ، مات في سنة سبع وخمسين وأربع مئة.
قلت : وله "مشيخة" في جزئين ، رواها عنه أبو غالب أحمد بن البناء.
ومات فيها أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني، وسعيد بن أبي سعيد العيار، والموحد بن علي بن البري الدمشقي. }
قال ابن الجزري في "طبقات القراء" : { محمد بن أحمد بن محمد بن علي أبو الحسين بن الأبنوسي، روى القراءة عن أحمد بن عبد الله السوسنجردي سماعاً سنة تسعين وثلثمائة ، روى القراءة عنه الأخوان أحمد ويحيى ابنا الحسن بن أحمد بن عبد الله شيخا الحافظ أبي العلاء. }
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { سنة سبع وخمسين وأربعمائة : محمد بن أحمد بن محمد بن علي. أبو الحسين بن الأبنوسي البغدادي. سمع : أبا القاسم بن حبابة ، وأبا حفص عمر بن إبراهيم الكتاني. قال الخطيب : كتبت عنه ، وكان سماعه صحيحا. }
قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي الآبنوسي * وثقه الذهبي وقال الخطيب : "كتبت عنه وكان سماعه صحيحا" ومن ثم فهو صدوق حسن الحديث. والله تعالى أعلى وأعلم.





أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي *

الفراوي : بضم الفاء كما في الاصل ، والانساب ، واللباب ، ولب اللباب ، ووفيات الاعيان ، وضبطها ياقوت بالفتح ، وكذا الذهبي في "المشتبه" : 500 ، قال ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه": 2 / 193: جزم بالضم ابن السمعاني وغيره ، وبالفتح آخرون ، وهو الاكثر فيما ذكره الصدر الحسن بن محمد البكري ، وفي "تبصير المنتبه" : 3 / 1100 : اختلف في ضم الفاء وفتحها ، قال ابن نقطة : الفتح أكثر وأشهر.
وهذه النسبة إلى فراوة : بلدة في طرف خراسان مما يلي خوارزم بناها عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون ، وهو يومئذ أمير خراسان.
قال ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" : { ومنهم شيخنا الإمام أبو عبد الله الفراوي النيسابوري رحمه الله
حدثني الشيخ أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد بن أبي نصر الطبسي بنيسابور قال وجدت بخط الإمام أبي مسعود الفضل بن أحمد الصاعدي قال : حكى لي الأمير أبو الحسن علي بن الحسن السيمجوري القايني رحمه الله يوم السبت سلخ رجب عظم الله بركته سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة القصيدة المنظومة في الاعتقاد التي مفتتحها ... بحمد الله أفتتح المقالا ... وقد جلت أياديه تعالى ...
من إنشاد الأستاذ الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ثم إنه جرى على لسان ولدك محمد في أثناء إنشاده بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه القصيدة شيء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت كالمستدرك عليه فرجع إلى أبيات قبلها فأنشدها بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن فرغ من إنشاد تمام القصيدة ثم قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم جعلتك نائبي في عقد المجلس ثم في الحال جاءت فاطمة عليها السلام وجلست بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين عائشة فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم يغرمها يعني على ما فاتها بعد قيامها من جنبه حال إنشاد هذا الصبي ورأيت على ولدك في تلك الحالة ثيابا بيضا ثم ذكر الأمير أبو الحسن السيمجوري هذه الرؤيا بين يدي جماعة المتصوفة بنيسابور في خانقاه الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي فكلهم أعجبوا بهذه البشارة توفي الأمير أبو الحسن رحمه الله في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة
وكتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال ذكر لي الإمام محمد إنه لما فرغ من زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم حين كان بالمدينة وأراد أن يخرج من المسجد تذكر هذه الرؤيا فوقف وأستأذن من الروضة في عقد المجلس كما أشار إليه في الرؤيا فوجد شبه تعريف إنه أذن له فيه والله أعلم قال عبد الغافر وهذا وأمثاله مما يشاهد من احواله وسيرته عيانا لا يحتاج إلى الإستضاءة فيه بنقل رؤيا أو حكاية
وقال عبد الغافر أيضا : محمد بن الفضل بن أحمد أبو عبد الله الصاعدي الفراوي الإمام فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد ، نشأ بين الصوفيه في حجورهم ووصل إليه بركات أنفاسهم ، سمع التصانيف والأصول من الإمام زين الإسلام ودرس عليه الأصول والتفسير ثم اختلف إلى مجلس إمام الحرمين ولازم درسه ما عاش وتفقه عليه وعلق عنه الأصول وصار من جملة المذكورين من أصحابه وخرج حاجا إلى مكة وعقد المجلس ببغداد وسائر البلاد وأظهر العلم بالحرمين وكان منه بهما أثر وذكر ونشر العلم وعاد إلى نيسابور وما تعدى قط حد العلماء ولا سيرة الصالحين من التواضع والتبذل في الملابس والمعايش وتستر بكتبة الشروط لاتصاله بالزمرة الشحامية مصاهرة ليصون بها عرضه وعلمه عن توقع الارفاق ويتبلغ بما يكتسبه منها في أسباب المعيشة من فنون الأرزاق وقعد للتدريس في المدرسة الناصحية برأس سكة عمار وأفاده الطلبة فيها وقام بإمامة مسجد أبي بكر المطرز وقد سمع المسانيد والصحاح وأكثر عن مشايخ عصره مثل أبي الحسين عبد الغافر وأبي سعد الجنزروذي وأبي سعيد الخشاب الصوفي وطبقتهم وله مجالس الوعظ والتذكير المشحونة بالفوائد والمبالغة في النصح وحكايات المشايخ وذكر أحوالهم.
وإلى الإمام محمد الفاروي كانت رحلتي الثانية لأنه كان المقصود بالرحلة في تلك الناحية لما اجتمع فيه من علو الإسناد ووفور العلم وصحة الاعتقاد وحسن الخلق ولين الجانب والأقبال بكليته على الطالب فأقمت في صحبته سنة كاملة وغنمت من مسموعاته فوائد حسنه طائلة وكان مكرما لموردي عليه عارفا بحق قصدي إليهومرض مرضة في مدة مقامي عنده نهاه الطبيب عن التمكين من القراءة عليه فيها وعرفه أن ذلك ربما كان سببا لزيادة تألمه فقال لا أستجيز أن أمنعهم من القراءة وربما أكون قد حبست في الدنيا لأجلهم فكنت أقرأ عليه في حالة مرضه وهو ملقى على فراشه ثم عوفي من تلك المرضة وفارقته متوجها إلى هراة فقال لي حين ودعته بعد أن أظهر الجزع لفراقي : ربما لا تلقاني بعد هذا فكان كما قال فجاءنا نعيه إلى هراة وكان موته في العشر من شوال سنة ثلاثين وخمسماية ودفن في تربة أبي بكر ابن خزيمة. }
قال ابن الجوزي في "المنتظم" : { سنة ثلاثين وخمسمائة : محمد بن الفضل ، أبو عبد اللّه الصاعدي الفراوي محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس ، أبو عبد اللّه الصاعدي الفراوي : من أهل نيسابور ، وأبوه من أهل ثغر فراوة ، سكن نيسابور فولد محمد بها على سبيل التقدير في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ، سمع صحيح البخاري من أبي عثمان سعيد بن أبي سعيد العيار ، وسمع صحيح مسلم من أبي الحسين عبد الغافر الفارسي ، وسمع بنيسابور من أبي عثمان الصابوني ، وأبي بكر البيهقي، وأبي القاسم القسيري، وأبي المعالي الجويني وغيرهم ، وورد بغداد حاجاً فسمعِ بها من أبي نصر الزينبي وعاصم ، وسمع بالمدينة وغيرها من البلدان ، وكان فقيهاَ مفتياً مناظراً محدثاً واعظاً ظريفاً حسن المعاشرة طلق الوجه كثير التبسم جواداً ، يخدم الغرباء بنفسه مع كبر السن وأملى أكثر من ألف مجلس وما ترك الإملاء إلى حين وفاته.
وقال عبد الرشيد بن علي الطبري : الفراوي ألف راوي.
وحدثني أبو محمد ابن الشاطر التاجر : أن ذلك كان مكتوباً على خاتمه الفراوي ألف راوي ، وحمل في رمضان هذه السنة إلى قبر مسلم بن الحجاج بنصر أباذ فتمم عليه قراءة الصحيح عند قبر المصنف ، فلما فرغ من القراءة بكى وأبكى الحاضرين ، وقال : لعل هذا الكتاب لا يقرأ علي بعد هذا. فتوفي في شوال هذه السنة، وما قرىء عليه الكتاب بعد ذلك ، وكان قد قرأ عليه الكتاب صاحبه عبد الرزاق بن أبي نصر الطبسي سبع عشرة مرة ودفن عند قبر محمد بن اسحاق ابن خزيمة. }
قال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" : { أبو عبد الله الفراوي : أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي العباس ، الصاعدي الفراوي النيسابوري الملقب كمال الدين الفقيه المحدث ؛ كان يختلف إلى مجلس إمام الحرمين أبي المعالي الجويني الفقيه الشافعي صاحب نهاية المطلب وعلق عنه الأصول ، ونشأ بين الصوفية ، وكان فقيها محدثا مفننا مناظرا واعظاً ، وكان يحمل الطعام إلى المسافرين الواردين عليه ويخدمهم بنفسه مع كبر سنه ، وخرج حاجا إلى مكة ، وعقد له مجلس الوعظ ببغداد وسائر البلاد التي توجه إليها ، وأظهر العلم بالحرمين ، وعاد إلى نيسابور وقعد للتدريس بالمدرسة الناصحية ، وقام بإمامة مسجد المطرز.
وسمع صحيح مسلم من عبد الغافر الفارسي - المقدم ذكره - وصحيح البخاري من سعيد بن أبي سعيد ، وسمع من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي والحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي وأبي القاسم عبد الكريم بن هوازان القشيري وإمام الحرمين ، وتفرد برواية عدة كتب للحافظ البيهقي مثل دلائل النبوة والأسماء والصفات والبعث والنشور والدعوات الكبيرة والصغيرة ، وكان يقال في حقه : الفراوي ، ألف راوي.
وكانت ولادته سنة إحدى ، وقيل اثنتين ، وأربعين واربعمائة بنيسابور ، وسمع الحديث سنة سبع وأربعين. وتوفي ضحوة يوم الخميس الحادي ، وقيل الثاني ، والعشرين من شوال سنة ثلاثين وخمسمائة ، رحمه الله تعالى.
والفراوي : بضم الفاء وفتح الراء وبعدها ألف ثم واو ، هذه النسبة إلى فراوة ، وهي بليدة مما يلي خوارزم يقال لها رباط فراوة ، بناها عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون ، وهو يومئذ أمير خراسان - وقد تقدم ذكره. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { الفراوي الشيخ الامام ، الفقيه المفتي ، مسند خراسان ، فقيه الحرم ، أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس الصاعدي الفراوي ، النيسابوري الشافعي.
ولد في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة تقديرا ، لان شيخ الاسلام أبا عثمان الصابوني أجاز له فيها.
وسمع "صحيح مسلم" من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ، وسمع جزء ابن نجيد من عمر بن مسرور الزاهد ، وسمع من أبي عثمان الصابوني أيضا ، ومن أبي سعد الكنجروذي ، والحافظ أبي بكر البيهقي ، ومحمد بن علي الخبازي ، وأبي يعلى إسحاق الصابوني ، وأحمد بن منصور المغربي ، وعبد الله بن محمد الطوسي ، وأحمد بن الحسن الازهري ، وأبي القاسم القشيري ، وأبي سعيد محمد بن علي الخشاب ، ومحمد بن عبد الله بن عمر العدوي الهروي ، وعبد الرحمن ابن علي التاجر ، ونصر بن علي الطوسي الحاكم ، وعلي بن يوسف الجويني ، وإسماعيل بن مسعدة بن الاسماعيلي ، وإسماعيل بن زاهر ، وأبي عامر محمود بن القاسم الازدي ، وإمام الحرمين أبي المعالي ، وأبي الوليد الحسن بن محمد البلخي ، والقاضي محمد بن عبدالرحمن النسوي ، والامير مظفر بن محمد الميكالي ، وعلي بن محمد بن جعفر اللحساني.
وسمع " صحيح البخاري " من سعيد بن أبي سعيد العيار ، وأبي سهل الحفصي.
وسمع أيضا من أبي عثمان البحيري ، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وطائفة ، وببغداد من أبي نصر الزينبي ، وتفرد بصحيح مسلم ، وبالأسماء والصفات ، ودلائل النبوة ، والدعوات الكبير ، وبالبعث للبيهقي. قاله السمعاني ، وقال : هو إمام مفت ، مناظر واعظ ، حسن الاخلاق والمعاشرة ، ومكرم للغرباء ، ما رأيت في شيوخي مثله ، وكان جوادا كثير التبسم.
قلت : روى عنه أبو سعد السمعاني ، ويوسف بن آدم ، وأبو العلاء العطار ، وأبو القاسم بن عساكر ، وأبو الحسن المرادي ، وابن ياسر الجياني ، وأبو الخير القزويني ، وابن صدقة الحراني ، وأبو سعد بن الصفار ، وعبد السلام بن عبد الرحمن الاكاف ، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري ، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي ، وأبو الفتوح محمد ابن المطهر الفاطمي ، وأبو المفاخر سعيد بن المأموني ، والمؤيد بن محمد الطوسي ، وعدة.
وبالاجازة القاضي أبو القاسم بن الحرستاني ، وغيره.
ذكره عبد الغافر في "سياقه" ، فقال : فقيه الحرم ، البارع في الفقه والاصول ، الحافظ للقواعد ، نشأ بين الصوفية ، ووصل إليه بركة أنفاسهم ، درس الاصول والتفسير على زين الاسلام القشيري ، ثم اختلف إلى مجلس أبي المعالي ، ولازم درسه ما عاش ، وتفقه ، وعلق عنه الاصول ، وصار من جملة المذكورين من أصحابه ، وحج ، وعقد المجلس ببغداد وسائر البلاد ، وأظهر العلم بالحرمين ، وكان منه بهما أثر وذكر ، وما تعدى حد العلماء وسيرة الصالحين من التواضع والتبذل في الملبس والعيش ، وتستر بكتابة الشروط لاتصاله بالزمرة الشحامية مصاهرة ، ودرس بالمدرسة الناصحية ، وأم بمسجد المطرز ، وعقد به مجلس الاملاء في الاسبوع يوم الاحد ، وله مجالس الوعظ المشحونة بالفوائد والمبالغة في النصح ، حدث ب "الصحيحين" و "غريب الحديث" للخطابي ، والله يزيد في مدته ويفسح في مهلته ، إمتاعا للمسلمين بفائدته.
قال السمعاني : سمعت عبد الرشيد بن علي الطبري بمرو يقول : الفراوي ألف راوي.
وحكى والده الفضل بن أحمد بن الامير أبي الحسن السمحوري أنه رأى في سنة ثلاث وخمسين النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لابني محمد : قد جعلتك نائبي في عقد المجلس.
قال ابن عساكر : إلى الفراوي كانت رحلتي الثانية ، وكان يقصد من النواحي لما اجتمع فيه من علو الاسناد ، ووفور العلم ، وصحة الاعتقاد ، وحسن الخلق ، والاقبال بكليته على الطالب (1).
قال السمعاني : وسمعت الفراوي يقول : كنا نسمع مسند أبي عوانة على القشيري ، وكان يحضر رئيس يجلس بجنب الشيخ ، فغاب يوما ، وكان الشيخ يجلس وعليه قميص أسود خشن ، وعمامة صغيرة ، وكنت أظن أن السماع على ذلك المحتشم ، فشرع أبي في القراءة ، فقلت : على من تقرأ والشيخ ما حضر ؟ فقال : وكأنك تظن أن شيخك ذلك الشخص ؟ قلت : نعم ، فضاق صدره واسترجع ، وقال : يا بني شيخك هذا القاعد ، ثم أعاد لي من أول الكتاب.
ثم قال السمعاني : سمعت عبد الرزاق بن أبي نصر الطبسي يقول : قرأت صحيح مسلم على الفراوي سبع عشرة نوبة ، وقال : أوصيك أن تحضر غسلي ، وأن تصلي علي في الدار ، وأن تدخل لسانك في في ، فإنك قرأت به كثيرا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
قال السمعاني : فصلي عليه بكرة ، وما وصلوا به إلى المقبرة إلى بعد الظهر من الزحام ، وأذكر أنا كنا في رمضان سنة ثلاثين وخمس مئة ، فحملنا محفته على رقابنا إلى قبر مسلم لاتمام الصحيح ، فلما فرغ القارئ من الكتاب ، بكى الشيخ ، ودعا وأبكى الحاضرين ، وقال : لعل هذا الكتاب لا يقرأ علي بعد هذا ، فتوفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شوال ، ودفن عند إمام الائمة ابن خزيمة.
قال: وقد أملى أكثر من ألف مجلس.
قلت : وخرجوا له أحاديث سداسية سمعناها ، ومئة حديث عوالي عند أصحاب ابن عبد الدائم ، وله أربعون المساواة وغير ذلك. }
________________
(1) " تبيين كذب المفتري ": ص: 324 - 325، وتمام كلامه : فأقمت في صحبته سنة كاملة ، وغنمت من مسموعاته فوائد حسنة طائلة ، وكان مكرما لموردي عليه ، عرافا بحق قصدي إليه.
(2) طبقات السبكي: 6 / 169، وعلق على الخبر بقوله : أملى الفراوي أكثر من ألف مجلس ، وانفرد بعلو الاسناد مع البصر بالعلم والديانة المتينة.

قال ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" : { عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري ........ وكان حسن الاصغاء الى من يقرأ عليه الحديث ، وكان رفيقنا أبو القاسم الدمشقي يفضله على الامام محمد بن الفضل الفراوي في هذا المعنى. }
قال الذهبي في "العبر" : { سنة ثلاثين وخمس مئة : وأبو عبد الله الفراوي ، محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي النيسابوري فقيه الحرم. راوي "صحيح مسلم" عن الفارسي. روى عن الكبار ولقي ببغداد أبا نصر الزّينبي ، وتفرّد بكتبٍ كبار ، وصار مسند خراسان. وكان شافعيّاً مفتياً مناظراً. صحب إمام الحرمين مدة ، وعاش تسعين سنة. توفي في شوال. }
قال ابن العماد في "الشذرات" : { سنة ثلاثين وخمسمائة : وفيها أبو عبد الله الفراوي بضم الفاء نسبة إلى فراوة بلد قرب خوارزم محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي النيسابوري راوي صحيح مسلم عن الفارسي ومسند خراسان وفقيه الحرم كان شافعيا مفتيا مناظرا صحب إمام الحرمين مدة وعاش تسعين سنة.
قال ابن شهبة : يعرف بفقيه الحرم لأنه أقام بالحرمين مدة طويلة ينشر العلم ويسمع الحديث ويعظ الناس ويذكرهم ، أخذ الأصول والتفسير عن أبي القاسم القشيري ، وتفقه بإمام الحرمين ، وسمع من خلق كثير ، وتفرد بصحيح مسلم.
وقال ابن السمعاني : هو إمام مفت مناظر واعظ حسن الأخلاق والمعاشرة جواد مكرم للغرباء ما رأيت في شيوخنا مثله ثم حكى عن بعضهم أنه قال : الفراوي ألف راوي.
قال الذهبي : وقد أملى أكثر من ألف مجلس توفي في شوال ودفن إلى جانب ابن خزيمة. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي * مسند خراسان وفقيه الحرم ، كان مفتيا مناظرا محدثا واعظا وافر العلم صحيح الاعتقاد حسن الأخلاق والمعاشرة جوادا مكرما للغرباء يخدمهم بنفسه مع كبر السن ، تفرد برواية صحيح مسلم عن عبد الغافر الفارسي ، وبرواية عدة كتب للبيهقي مثل "دلائل النبوة" و "الأسماء والصفات" و "البعث والنشور" و "الدعوات الكبير" و "الصغير" ، وأملى أكثر من ألف مجلس وما ترك الإملاء إلى حين وفاته ، قال السمعاني : "ما رأيت في شيوخنا مثله ثم حكى عن بعضهم أنه قال : الفراوي ألف راوي". والله تعالى أعلى وأعلم.
قال عبد الرحمن الفقيه ( أحد أعضاء منتدى ملتقى أهل الحديث ) : { ورواية صحيح مسلم تنحصر بالإسناد المتصل منذ القرن السابع الهجري في روايتين :
الأولى : رواية المشارقة :
وهي رواية ابن سفيان ، سميت بذلك ؛ لأن رواتها مشرقيون ، وهذه شجرة إسنادها كما جاءت عند النووي الذي ترجم لكل رواتها :
مسلم بن الحجاج النيسابوري
إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري
محمد بن عيسى الجلودي النيسابوري
عبد الغافر الفارسي النيسابوري
محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري
منصور بن عبد المنعم الفراوي النيسابوري
إبراهيم بن أبي حفص الواسطي (سكن نيسابور مدة طويلة)
الإمام النووي
الثانية : رواية المغاربة :
وهي رواية القلانسي ، سميت بذلك ؛ لأنها وقعت لأهل المغرب ، ولا رواية له عند غيرهم ، دخلت روايته إليه من جهة أبي عبد الله محمد بن يحيى بن الحذاء القرطبي ، وغيره ، سمعوها بمصر من أبي العلاء بن ماهان ، عن أبي بكر أحمد بن يحيى الأشقر ، عن القلانسي ، وهذه شجرة إسناد إحدى طرقها التي رواها القاضي عياض شارح صحيح مسلم :
مسلم بن الحجاج النيسابوري
أحمد بن علي القلانسي
أحمد بن محمد الأشقر
عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان
محمد بن يحيى بن الحذاء القرطبي
ابنه: أحمد بن محمد القرطبي
الحسين بن محمد الجياني (صاحب تقييد المهمل وتمييز المشكل)
القاضي عياض بن موسى اليحصبي (صاحب إكمال المعلم)
وقد بخلت كتب التراجم بترجمة وافية للقلانسي، فلم أقف على من ترجم له سوى ابن الصلاح في كتابه صيانة صحيح مسلم ، الذي بين نسبه وأنه : أبو محمد أحمد بن علي بن الحسن بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي ، وأشار إلى روايته للصحيح كما تقدم في كلام النووي الذي اعتمد كلامه.
وهناك أمر آخر يفهم من كلامي ابن الصلاح والنووي المتقدمين ، وهو أن الرواية المعتمدة لصحيح مسلم هي رواية المشارقة ؛ ولذلك شاعت وانتشرت بين أهل العلم ، وغالب من يروي حديثا لمسلم في صحيحه ، إنما يدخل من طريق الجلودي ، عن ابن سفيان راوي هذه الرواية ، حتى علماء المغرب أنفسهم ، كالقاضي عياض ، وابن بشكوال ، وابن رشيد ، وغيرهم.
وإنما كان الاعتماد على هذه الرواية ؛ لأنها أكمل الروايتين ، فرواية القلانسي (المغاربة) ناقصة من آخر الكتاب ، وقدر العلماء هذا النقص بثلاثة أجزاء ، تبدأ من حديث الإفك الطويل ، ورقمه : (2770) الذي أخرجه مسلم في كتاب التوبة ، باب في حديث الإفك، وقبول توبة القاذف، أي بمقدار ثلاثة وستين ومائتي حديث على اعتبار عدد أحاديث صحيح مسلم بدون المتابعات (3033) حديث حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، فإن أبا العلاء ابن ماهان ـ أحد رواة رواية المغاربة ـ يروي هذه الأحاديث عن أبي أحمد الجلودي، عن ابن سفيان، عن مسلم، أي أنه يعود إلى رواية المشارقة.
لكن لا يعني هذا طرح هذه الرواية وعدم الاعتداد بها ؛ إذ لا تخلو من فائدة ، وسنحتاج إليها في الدفاع عن صحيح مسلم ، والرد على ما انتقدت به رواية ابن سفيان (المشارقة) ،
للمزيد حول موضوع روايات صحيح مسلم انظر كتاب إبراهيم بن محمد بن سفيان روايته، وزياداته، وتعليقاته على صحيح مسلم تأليف د/ عبد الله بن محمد حسن دمفو.

للمزيد من ترجمة الفراوي :
معجم البلدان: 4 / 245، الكامل في التاريخ: 11 / 46، طبقات ابن الصلاح: 20 / 1، تاريخ الاسلام: 4: 289 / 1 - 290 / 1، دول الاسلام: 2 / 52، الوافي بالوفيات: 4 / 423، مرآة الزمان: 8 / 97 - 98، طبقات السبكي: 6 / 166 - 170، طبقات الاسنوي: 2 / 276، البداية والنهاية: 12 / 211، وفيات ابن قنفذ: 276، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 1 / 352، إيضاح المكنون: 2 / 429، هدية العارفين: 2 / 87، مجمع الآداب: 4 / 3 / 484 - 485.





أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان * الشيرازي *
( من شيوخ البيهقي )

قال حمزة بن يوسف السهمى في "تاريخ جرجان" : { أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان الحافظ قدم جرجان روى عن الطبراني ومحمد بن عبيد والجعابي. }
قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { علي بن أحمد بن عَبْدان بن محمد بن الفرج بن سعيد ، أبو الحسن الأهوازي ، وأصله شيرازي.
سمع محمد بن أحمد بن محمويه العسكري ، وأحمد بن عبيد الصفار البصري ، وأبا القاسم الطبراني ، وإسماعيل بن نُجيد النيسابوري ، وأبا بكر بن الجِعابي ، وأباه أحمد بن عبدان الشيرازي. وانتقل إلى نَيْسابور فسكَنَها.
وقدمَ بغداد حاجاً في سنة ست وتسعين وثلاث مئة ، وحدَّث بها ، وانتقى عليه محمد بن أبي الفوارس. حدثنا عنه الأزهري ، والأزَجي ، والحسن بن غالب المُقرىء ، ومحمد بن محمد بن علي الشُّرُوطي. وكان ثقة.
وقدمتُ نيسابور في السنة التي مات فيها فحدثني محمد بن يحيى بن إبراهيم المُزَكِّي أنه ماتَ في صفر أو شهر ربيع الأول من سنة خمس عشرة وأربع مئة ، الشك منه.
قلت : وقدمتُ أنا نيسابور في شهر رمضان. }
قال أبو إسحاق الصيرفيني في "المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور" : { أبو الحسن الأهوازي : علي بن أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج الأهوازي الجليل أبو الحسن الحافظ المحدث ابن المحدث ، سمعه أبوه الكثير ، وحدث سنين بالجبال وخراسان ونيسابور وسجستان وغيرها من البلدان ، وهو راوية مسند أحمد بن عبيد الصفار الذي سمعت منه كل الأئمة والصدور والكبار ممن دب ودرج.
حدث عن والده أبي بكر أحمد بن عبدان الحافظ الشيرازي وعن أبي الحسن ابن أحمد بن عبيد بن إسماعيل الصفار وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري وأبي القاسم الطبراني وأبي بكر ابن الحساني وأبي يحيى ابن مخلد الشيرازي وابن نجيد وأبي عبد الله الشعار وطبقتهم عن مشايخ شيراز وأصبهان وخراسان.
خرج له أبو الفتح ابن أبي الفوارس وغيره الفوائد ، وهو على الجملة من كبار المحدثين المكثرين سماعا ورواية. توفي بنيسابور سنة خمس عشرة وأربعمائة. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { ابن عبدان الشيخ المحدث الصدوق ، أبو الحسن ، علي بن الحافظ أحمد بن عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان ، الشيرازي ثم الاهوازي. ثقة مشهور ، عالي الاسناد. سمع : أباه ، وأحمد بن عبيد الصفار ، ومحمد بن أحمد بن محمويه الازدي ، وأبا بكر محمد بن عمر الجعابي ، وأبا القاسم الطبراني ، وعدة.
حدث عنه : أبو بكر البيهقي في تصانيفه ، وأبو القاسم القشيري ، والقاسم بن الفضل الثقفي ، وآخرون. توفي بخراسان في سنة خمس عشرة وأربع مئة. وقد مر أبوه (1) في زمن ابن المقرئ (2). }
_________________
(1) وهو الحافظ أحمد بن عبدان ، المتوفى سنة 388 هـ ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) ابن المقرئ هو الامام الحافظ أبو بكر بن إبراهيم بن علي الاصبهاني، المتوفى سنة 381 هـ.
مرت ترجمته أيضا في الجزء السادس عشر.

قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { وفيات سنة خمس عشرة وأربعمائة : علي بن أحمد بن عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان. أبو الحسن الشيرازي النيسابوري. سمع : أحمد عبيد الصفار، ومحمد بن أحمد بن محمويه الأزدي، وأبا القاسم الطبراني، وأبا بكر محمد بن عمر الجِعابي، وأباه، وجماعة. روى عنه : أبو بكر البيهقي، وأبو عبد الله الثقفي، وأبو القاسم القشيري، وأبو سهل عبد الملك بن عبد الله الدشتي، وآخرون. وحدث بنواحي خراسان. وتوفي في ربيع الأول. وكان ثقة ، وأبوه حافظ عصره. }
قال الشيخ حامد بن أحمد آل بكر في كتابه "تراجم شيوخ البيهقي" : { علي بن أحمد بن عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان أبو الحسن الشيرازي الاهوازي.
سمع : أباه وأحمد بن عبيد الصفار ومحمد بن أحمد بن محمويه الأزدي وأبا بكر محمد بن عمر الجعابي وأبا القاسم الطبراني وعدة.
حدث عنه : أبو بكر البيهقي في تصانيفه وأبو القاسم القشيري والقاسم بن الفضل الثقفي وآخرون.
قال عبد الغافر : الجليل المحدِّث بن المحدِّث .. وهو على الجملة من كبار المحدِّثين المكثرين سماعاً ورواية.
قال الذهبي : الشيخ المحدث الصدوق ثقة مشهور عالي الإسنادتوفي بخراسان في سنة خمس عشرة وأربع مئة.
قال مقيده - عفا الله عنه - :
قد صحح له البيهقي - رحمه الله تعالى - إسنادَ حديثٍ رواه من طريقه فقال (6/69):
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا مسدد أنبأ عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس للجار أن يمنع جاره أن يضع أعواده في حائطه. هذا إسناد صحيح. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان * الشيرازي الأصل الأهوازي ثم النيسابوري : صحح له البيهقي إسنادَ حديثٍ رواه من طريقه ، ووثقه الخطيب ، وقال عبد الغافر الفارسي : "الجليل الحافظ المحدث ابن المحدث وهو على الجملة من كبار المحدثين المكثرين سماعا ورواية" ، ووثقه الذهبي فقال: "الشيخ المحدث الصدوق ، ثقة مشهور عالي الاسناد". ومن ثم فهو ثقة مشهور. والله تعالى أعلى وأعلم.





أبو بكر أحمد بن عبدان * الشيرازي
( من شيوخ حمزة السهمي )

كثيرا ما يقول حمزة بن يوسف السهمى في "تاريخ جرجان" : { أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان الحافظ }
قال أبو إسحاق الصيرفيني في "المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور" في ترجمة ابنه : { حدث عن والده أبي بكر أحمد بن عبدان الحافظ الشيرازي. }
قال ابن نقطة في "التقييد" ترجمة رقم 132 : { أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج أبو بكر الحافظ الشيرازي ، ذكره القصار في طبقات أهل شيراز.
أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن علي بن خليفة الحربي قال أنبأ محمد بن ناصر إجازة قال أنبأنا عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده قال : أنبأ أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز القصار قال : أحمد بن عبدان بن محمد أبو بكر الحافظ الشيرازي ، ويقال له باز الأبيض ، عنده الوتار والسوقي والأرزكاني ، رحل إلى العراق وكتب عن البغوي والباغندي وغيرهما ، خرج من شيراز في سنة نيف وخمسين بالأهواز وتوفي بها في شهر ربيع الأول من سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ، وقال القصار : سمعت أبا جعفر عمر بن الحسن يقول : كان أحمد بن عبدان جاري في السوق ، وإلى جنبنا فقيه ، فكلما أورد مسألة كان أحمد يذكر كذا وكذا حديثا بذلك المسألة حتى قهره.
قلت : وقد حكى عنه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في سؤالاته. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { ابن عبدان الامام الحافظ ، المعمر الثقة ، أبو بكر ، أحمد بن عبدان بن محمد ابن الفرج الشيرازي ، شيخ الاهواز ، ومسند الوقت.
حدث عن : محمد بن محمد الباغندي ، وأبي القاسم البغوي ، وابن صاعد ، وابن أبي داود ، وبكر بن أحمد الزهري ، وأحمد بن محمد السكن ، وعدة.
وعنه : حمزة السهمي ، وإسماعيل بن محمد الجيرفتي ، والقاضي علي بن عبيدالله الكسائي ، وأبو الحسن بن صخر ، وعبد الوهاب الغندجاني ، أخذ عنه " تاريخ البخاري الكبير ". وكان يلقب بالباز الابيض ، سأله حمزة بن يوسف عن الجرح والتعديل والعلل.مولده في سنة ثلاث وتسعين ومئتين. وتوفي في صفر سنة ثمان وثلاث مئة عن خمس وتسعين سنة. سكن شيراز مدة ، ثم الاهواز ثلاثين عاما. وكان موصوفا بالحفظ ، ضيع نفسه بإقامته في جبل الاهواز. }
قال الذهبي في "التذكرة" : { أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج الحافظ الثقة المعمر أبو بكر الشيرازي محدث الأهواز : حدث عن محمد بن محمد الباغندي وأبي القاسم البغوي وأحمد بن محمد بن السكن البغدادي وبكر بن أحمد الزهري وهذه الطبقة العالية ، وأول سماعه في سنة أربع وثلاثمائة ، وكان مولده في سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، وكان من كبار الأئمة ، سأله حمزة السهمي عن أحوال الرجال ، روى عنه حمزة بن يوسف المذكور وأبو الحسن بن صخر الأزدي والقاضي علي بن عبيد الله الكسائي الهمذاني نزيل مصر وعبد الوهاب الغندجاني أخذ عنه تاريخ البخاري ، وكان يقال له : الباز الأبيض. توفي في شهر صفر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة , وله خمس وتسعون سنة. }
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { وفيات سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. أحمد بن عبدان بن محمد بن فرج ، أبو بكر الشيرازي الحافظ نزيل الأهواز. كان من كبار أئمة الحديث. سأله حمزة السهمي عن الرجال والجرح والتعديل. روى عن محمد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البغوي ، وجماعة. ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، وسمع سنة أربع وثلاثمائة من أحمد بن محمد بن السكن البغدادي بشيراز ، وسمع من بكر بن أحمد الزهري بكازرون ، وتوفي في شهر صفر. روى عنه : أبو الحسن محمد بن علي بن صخر ، وحمزة السهمي ، وأبو ذر الهروي ، وقاضي الأهواز عبد الواحد بن منصور بن المشتري ، والقاضي علي بن عبيد الله الحسكاني من مشيخة الرازي ، وعبد الوهاب الغندجاني وآخرون. وكان يقال له الباز الأبيض ، وروى تاريخ البخاري. }

قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" في ترجمة ابنه : { وأبوه حافظ عصره. }
قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { وفيها توفي أبو بكر أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج الشيرازي الحافظ ، كان من كبار المحدثين ، سأله حمزة السهمي عن الجرح والتعديل ، وعَمّر دهرا. روى عن الباغندي ، والكبار ، وأول سماعه سنة أربع وثلثمائة ، توفي في صفر بالأهواز ، وكان يقال له : الباز الأبيض. }
زاد ابن العماد في "الشذرات" : { قال ابن ناصر الدين : كان واحد الثقات الحفاظ. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو بكر أحمد بن عبدان * الشيرازي ثم الأهوازي إمام حافظ ثقة معمر ، سأله حمزة السهمي عن الجرح والتعديل والعلل. والله تعالى أعلى وأعلم.

للمزيد من ترجمته :
الوافي بالوفيات: 7 / 166، طبقات الحفاظ: 392، الرسالة المستطرفة: 30.





أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي *
صاحب كتاب "تاريخ جرجان" أو "معرفة علماء أهل جرجان"

قال حمزة بن يوسف السهمى في "تاريخ جرجان" : { أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل بن حفص الماليني الهروي قدم جرجان دفعات وكان أول دخوله جرجان في سنة أربع وستين وثلاثمائة. سمع من ........... وآخر دخوله جرجان راجعا من خراسان سألته أن يقيم بجرجان فأبى ، وحمل جميع كتبه التي كانت عندي وديعة من سماعاته بجرجان ، ورأى كتابي هذا فاستحسنه وسألني أن أكتب اسمه في هذا الكتاب فأثبت اسمه فيه لما كان بيني وبينه من الصداقة والصحبة القديمة بجرجان ونيسابور والعراق ومصر ....... }
قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" : { حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله ابن هشام بن العاص بن وائل أبو القاسم السهمي الجرجاني الحافظ.
سمع بدمشق عبد الوهاب بن الحسن الكلابي وميمون بن حمزة بمصر وأبا أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم القشيراني وأبا بكر بن جابر بتنيس وأبا بكر بن المقرئ بأصبهان ويوسف بن أحمد بن محمد التمار بالرقة وبجرجان أبا بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي وأبا الحسين أحمد بن يحيى البكرباذي وأباه يوسف بن إبراهيم وببغداد أبا بكر بن شاذان وأبا حفص بن الزيات وأبا محمد بن ماسي وأبا الحسن الدارقطني وأبا بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم الصفار وأبا حكيم محمد بن إبراهيم بن السري والقاسم بن الحسن بالكوفة وأحمد بن الحسين بن عبد العزيز بعكبرا وأبا بكر محمد بن أحمد بن يوسف الجندري بعسقلان.
روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو القاسم القشيري وإسماعيل بن مسعدة وإبراهيم بن عثمان الخلالي الجرجانيان وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وأبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن عبد الصمد المؤذن وأبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب وأبو الحسن علي بن أبي بكر الحافظ وعلي بن محمد بن نصر اللبان الدينوري وابن أخيه أبو محمد عبد الله بن ثابت بن يوسف السهمي وأبو الحسن علي بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن هرمز الحافظ.
أنبأنا أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البأار الأصبهاني أنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الحاكم بهراة ، قال : سنة سبع وعشرين وأربعمائة ورد الخبر بوفاة الثعلبي صاحب التفسير وحمزة السهمي بنيسابور.
قرأت بخط أبي الفضل بن خيرون ، وممن ذكر أنه مات سنة ثمان وعشرين : أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي الجرجاني. }
قال السمعاني في "الأنساب" : { السهمي : بفتح السين المهملة ، وسكون الهاء ، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى سهم ، وهو سهمان ، سهم جمح ، وهما أخوان ابنا عمرو بن هصيص بن كعب لؤي ، منهم : عمرو بن العاص بن وائل بن سهم ، وولده ومواليه ، والثاني سهم باهلة ، منهم : الحارث بن عمرو السهمي ، له صحبة.
وعبد الله بن بكر بن حبيب السهمي أبو وهب.
وأبو أمامة الصدي بن عجلان السهمي الباهلي من الصحابة.
وأما سهم قريش ، فمنهم : أبو إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي القرشي.
وأبو القاسم حمزة بن يوسف بن ثابت السهمي القرشي من أهل جرجان أحد الحفاظ المكثرين ، رحل إلى العراق وكور الاهواز ، وأصبهان ، والشام ، وديار مصر ، وأدرك الشيوخ ، وتتلمذ ببلده لابي بكر الاسماعيلي وأبي أحمد بن عدي الحافظ ، وصنف التصانيف ، وله أقرباء ينسبون إلى بني سهم أيضا ذكرهم في "تاريخ جرجان": وتوفي ...
وأبوه أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام بن العاص بن وائل بن سهم السهمي القزاز من أهل جرجان ، كان ثقة فاضلا.
سمع أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الاستراباذي، وعبد الله بن محمد بن مسلم الاسفراييني، ومعبد بن علي بن جمعة الروياني ، وعلي بن إسحاق الموصلي ، وغيرهم.
روى عنه القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، وعبد الله بن علي بن بشران ، ذكر ابنه حمزة بن يوسف السهمي ، قال : والدي : حدث بمكة وبغداد والكوفة والري وهمذان وجرجان ، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وثلاثمائة وكنت غائبا ، ودخلت جرجان بعد وفاته باثني عشر يوما.
ووالده أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هشام بن العاص السهمي الجرجاني ، كان قد كتب الكثير من الاخبار ، وتفقه للشافعي على
إبراهيم بن هانئ. روى عنه أبي زرعة ومحمد بن عبد الوهاب الانصاري ، وعمران بن موسى السختياني ، والحسن بن سفيان وغيرهم ، حدث عنه ابناه : أسهم ويوسف ، ومات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
وابنه أبو نصر بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله السهمي القرشي ، كان من صباه إلى وقت وفاته مشتغلا بالعلم والزهد والعبادة وكتب الحديث. روى عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي ، وموسى بن العباس. قال حمزة بن يوسف السهمي : كان أبو الحسن الدارقطني يقول : لا أعرف من اسمه أسهم في جميع المحدثين إلا عمك ، وقد أثبت اسمه في كتابه الذي سماه "المؤتلف والمختلف".
روى عنه أبو بكر محمد بن يوسف القاضي ، وحدث عنه حمزة السهمي بالوجادة ، ومات في سنة ستين وثلاثمائة.
وأبو الفضل ثابت بن يوسف بن إبراهيم السهمي أخو حمزة السابق ذكره. يروي عن أبيه أبي يعقوب ، وأبي بكر أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي ، وأبي العباس بن حمزة الهاشمي ،
وأبي الحسن علي بن عبد الرحمن البكائي ، وأبي زيد عامر ، وأبي علي بن بن المغيرة وغيرهم.
وأبو غانم محمد بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم الصائغ عم ثابت السابق ذكره.
يروي عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الاستراباذي. روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد الماليني ، وعبد الرحمن السجزي ، وأبو أحمد الباخرزي ، وغيرهم ، وتوفي سنة خمس وستين وثلاثمائة. }
قال ابن الجوزي في "المنتظم" : { سنة ست وعشرين وأربعمائة : حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم أبو القاسم الجرجاني روى الحديث الكثير توفي في هذه السنة. }
قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" : { جُرجان : بالضم وآخره نون .......
وجرجان ، مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان فبعض يعدها من هذه وبعض يعدها من هذه وقيل: إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وقد خرج منها خلق من الأدباءِ والعلماء والفقهاء والمحدثين ولها تاريخ ألفه حمزة بن يزيد السهمي. قال الإصطخري: أما جرجان فإنها أكبر مدينة بنواحيها وهي أقل ندىً ومطراً من طبرستان وأهلها أحسن وقاراً وأكثر مروءة ويساراً من كبرائهم وهي قطعتان إحداهما المدينة والآخرى بكراباذ وبينهما نهر كبير يجري يحتمل أن تجري فيه السفُنُ ويرتفع منها من الابريسم وثياب الابريسم ما يحمل إلى جميع الآفاق. قال: وابريسم جرجان بزردودة و يحمل إلى طبرستان ولا يرتفع من طبرستان بزر ابريسم ولجرجان مياه كثيرة وضياع عريضة وليس بالمشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسناَ من جرجان على مقدارها وذلك أن بها الثلج والنخل وبها فواكه الصرود والجروم وأهلها يأخذون أنفسهم بالتأني والأخلاق المحمودة. قال: وقد خرج منها رجال كثيرون موصوفون بالسِترِ والسخاء، منهم البرمكي صاحب المأمون ونقودهم نقود طبرستان الدنانير والدراهم وأوزانهم المن ستمائة درهم وكذلك الري وطبرستان. وقال: مِسعَرُ بن مهلهل سرت من دامغان متياسراً إلى جرجان في صعود وهبوط وأودية هائلة وجبال عالية، وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم في ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر بها الزيتون والنخل والجوز والرمان وقصبُ السكر والأترج وبها ابريسم جيد لا يستحيل صَبغه وبها أحجار كبيرة ولها خواص عجيبة وبها ثعابينُ تهول الناظر لكن لا ضررَ لها، ولأبي الغمر في وصف جرجان.
هي جنةُ الدُنيا .................
ومنها حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن احمد بن عبد الله بن هشام بن العباس بن وائل أبو القاسم السهمي الجرجاني الواعظ الحافظ رحل في طلب الحديث فسمع بدمشق عبد الوهاب الكلابي وبمصر ميمون بن حمزة وأبا أحمد محمد بن عبد الرحيم القيسراني وبتنيس أبا بكر بن جابر وبأصبهان أبا بكر المقري وبالرقة يوسف بن أحمد بن محمد وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي وببغداد أبا بكر بن شاذان وأبا الحسن الدارقطني وبالكوفة الحسن بن القاسم وبعكبرا أحمد بن الحسن بن عبد العزيز وبعسقلان أبا بكر محمدبن أحمد بن يوسف الخدري روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤدب وأبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب وغير هؤلاء سمعها ورووا ، قال أبو عبد اللّه الحسين بن محمد الكتبي الهَرَوي الحاكم سنة 427 ورد الخبر بوفاة الثعلبي صاحب التفسير وحمزة بن يوسف السهمي بنيسابور. }
قال ابن نقطة في "التقييد" ترجمة رقم 313 : { حمزة بن يوسف بن إبراهيم أبو القاسم السهمي الجرجاني ، طاف البلاد وسمع بها وصنف تاريخ جرجان ولقي الحفاظ في عصره ، سمع بجرجان من الحافظ أبي زرعة محمد بن يوسف الكشي الجرجاني وأبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سهل الجرجاني وغيرهم وببغداد من أبي الحسن الدارقطني وأبي الحسين محمد بن المظفر الحافظين وغيرهما وبالكوفة من أبي الحسن محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان الحافظ وبمصر من أبي حفص عمر بن محمد بن عراك الزاهد وأبي القاسم عبيد الله بن محمد بن خلف البزاز المصري وبأصبهان من أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ وأبي عبد الله عبيد الله بن أحمد بن الفضل بن شهريار وبالبصرة من أبي محمد عبد الله بن محمد بن بكر بن داسة ومحمد بن عدي المنقري وبالأهواز من أبي بكر أحمد بن عبدان الحافظ وأبي الحسن محمد بن أحمد بن إسحاق العدل الأهوازيين وبنيسابور من عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي وبدمشق من عبد الوهاب بن الحسن الكلابي. وسأل أبا الحسن الدارقطني وغيره من الحفاظ عن أحوال الشيوخ وكتب جوابهم في جزء له ، وله كلام حسن في الجرح والتعديل ومعرفة المتون والأسانيد.
حدث عنه أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري وأبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي والحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وغيرهم.
نقلت من خط أبي عبد الله الحميدي الحافظ رحمه الله فيمن توفي سنة ثمان وعشرينوأربعمائة أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي الجرجاني بالري ولم يذكر الشهر وقال ابن الأخوة عبد الرحيم انه نقل من خط أبي محمد السهمي أنه توفي حمزة بن يوسف سنة سبع وعشرين. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { السهمي الامام الحافظ ، المحدث المتقن ، المصنف ، أبو القاسم ، حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد ، القرشي السهمي ، من ذرية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هشام بن العاص بن وائل السهمي ، محدث جرجان.ولد سنة نيف (1) وأربعين وثلاثين مئة.
وأول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين ، سمع من أبيه المحدث أبي يعقوب ، وأبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام ، وأبي أحمد بن عدي ، وأبي بكر الاسماعيلي ، وخلق. وارتحل في سنة ثمان وستين إلى أصبهان والري وبغداد والبصرة والشام ومصر والحرمين وواسط والاهواز والكوفة.
وروى عن : أبي محمد بن ماسي ، وأبي حفص الزيات ، وأبي محمد بن غلام الزهري ، وأبي بكر الوراق ، وعبد الوهاب الكلابي ، وأبي بكر بن عبدان الشيرازي ، وأبي الحسن الدارقطني ، وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي ، وجعفر بن حنزابة الوزير ، وميمون بن حمزة العلوي ، وطبقتهم.
حدث عنه : أبو بكر البيهقي ، وأبو القاسم القشيري ، وأبو صالح المؤذن ، وعلي بن محمد الزبحي ، وإسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي ، وإبراهيم بن عثمان الجرجاني ، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي ، وآخرون.
وصنف التصانيف (2) ، وتكلم في العلل والرجال.
مات سنة ثمان وعشرين وأربع مئة ، وقيل: سنة سبع وعشرين.
حدث الخطيب عن رجل عنه. }
________________
(1) نيف * ، بضع * :
قال الرافعي في "المصباح المنير" : { ( ن و ف ) : النَّيِّفُ الزِّيَادَةُ وَالتَّثْقِيلُ أَفْصَحُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ وَتَخْفِيفُ النَّيِّفِ عِنْدَ الْفُصَحَاءِ لَحْنٌ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الَّذِي حَصَّلْنَاهُ مِنْ أَقَاوِيلِ حُذَّاقِ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ النَّيِّفَ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثٍ وَالْبِضْعَ مِنْ أَرْبَعٍ إلَى تِسْعٍ وَلَا يُقَالُ نَيِّفٌ إلَّا بَعْدَ عَقْدٍ نَحْوُ عَشَرَةٍ وَنَيِّفٍ وَمِائَةٍ وَنَيِّفٍ وَأَلْفٍ وَنَيِّفٍ. }
قال أبو هلال العسكري في "الفروق اللغوية" : { الفرق بين النيف والبضع : النيف : من واحد إلى ثلاثة. والبضع : من أربعة إلى تسعة. ولا يقال (نيف) إلا بعد عقد ، نحو عشرة ونيف ، ومائة ونيف ، بخلاف البضع فإنه يستعمل مستقلا. ومنه قوله تعالى: " فلبث في السجن بضع سنين ". }
(2) وقد طبع من تصانيفه: " تاريخ جرجان " و " سؤالات في الجرح " كلاهما بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد في الهند سنة 1950،.
وذكر حاجي خليفة من تصانيفه كتاب " تاريخ إستراباذ " وكتاب " الاربعين في فضائل العباس " انظر " كشف الظنون " 1 / 55، 57، 281.

قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" باختصار بسيط : { حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن ابراهيم بن محمد بن أحمد الحافظ الامام الثبت أبو القاسم القرشى السهمى الجرجاني من ذرية هشام بن العاص رضى الله عنه ، اول سماعه بجرجان كان في سنة اربع وخمسين وثلاث مائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام ، وأول رحلته كان في سنة ثمان وستين ، دخل أصبهان والري وبغداد والبصرة والكوفة وواسط والاهواز والشام ومصر والحجاز وغير ذلك. حدث عن ابن عدي والصرام والاسماعيلي وأبي بكر ابن المقرئ وابن ماسي وأبي حفص الزيات والدارقطني وأحمد بن عبدان وأبي محمد ابن غلام الزهري وأبي الفضل بن حنزابة الوزير وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي وأبي زرعة الاستراباذي وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وخلائق ، وصنف التصانيف ، وجرح وعدل وصحح وعلل. روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤذن وأبو القاسم القشيري وأبو القاسم اسماعيل بن مسعدة وأبو بكر بن خلف الشيرازي وابراهيم بن عثمان الجرجاني والمفيد علي بن محمد الزبحي وروى الخطيب عن رجل عنه. توفى سنة سبع وعشرين وأربع مائة ، وبعضهم ارخه سنة ثمان. ومات في سنة سبع العلامة أبو اسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي المفسر في المحرم ، والمحدث أبو عبد الله محمد بن ابى اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكى بنيسابور سمع حامد الرفاء ورحل ، والحافظ أبو الفضل على بن الحسين الفلكي، وأخرته إلى الطبقة الآتية. }
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { وفيات سنة سبع وعشرين وأربعمائة : حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عبد الله. القرشي السهمي، من ولد هشام بن العاص. أبو القاسم بن أبي يعقوب الجرجاني الحافظ ، المحدث ابن المحدَّث. أول سماعه بجرجان في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام ، وأول رحلته سنة ثمانٍ وستين. رحل إلى إصبهان، والري، وهمدان، وبغداد، والبصرة، ومصر، والشام، والحجا.، والكوفة، وواسط، والأهواز
روى عن : عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي حفص الزيات، وأبي بكر بن المقريء، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي بكر أحمد الشيرازي، و أبي محمد بن غلام الزهري، والوزير أبي الفضل جعفر بن حنزابة، وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي، وأبي بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وأبي زرعة أحمد بن الحسين الحافظ، وعب الوهاب الكلابي الدمشقي، وميمون بن حمزة المصري، وآخرين.
روى عنه : أبو بكر البيهقي، وأحمد بن عبد الملك المؤذن، وأبو القاسم القشيري، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وإبراهيم بن عثمان الجرجاني، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن خلف الشيرازي، وعلي بن محمد الزبحي، وغيرهم. وصنف التصانيف ، وتكلم في الجرح والتعديل. وقيل توفي سنة ثمان. }
قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { سنة سبع وعشرين وأربعمئة : وأبو القاسم حمزة بن يوسف السَّهمي الجرجاني الحافظ ، من ذرّية هشام ابن العاص ، سمع سنة أربع وخمسين ، من محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرَّام صاحب محمد بن الضريس ، ورحل إلى العراق سنة ثمان وستين ، فأدرك ابن ماسي ، وهو مكثر عن ابن عدي والإسماعيلي ، وكان من أئمة الحديث ، حفظاً ومعرفة وإتقاناً. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي * الجرجاني حافظ مكثر متقن رحال مصنف ، تتلمذ ببلده لأبي بكر الاسماعيلي وأبي أحمد بن عدي ، وسأل أبا الحسن الدارقطني وغيره من الحفاظ عن أحوال الشيوخ ، وله كلام حسن في العلل والرجال. والله تعالى أعلى وأعلم.

للمزيد من ترجمته :
الكامل 9 / 445 (وفيات سنة 426)، اللباب 2 / 158، 159، الوافي خ 11 / 143، النجوم الزاهرة 4 / 283، طبقات الحفاظ 422، هدية العارفين 1 / 336.





أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري *
( من شيوخ أبي عبد الله الحاكم )

قال السمعاني في "الأنساب" : { البغياني : بفتح الباء الموحدة وسكون الغين المعجمة والياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفي آخرها النون ، هذه النسبة إلى بغيان وهو إسم لمولى أبي خرقا السلمي ، وأبو زكريا العنبري من أولاده وسأذكره في العين لانه اشتهر بذلك ، وهو أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء بن صالح بن محمد بن عبد الله بن محمد بن بغيان العنبري البغياني مولى أبي خرقاء السلمي من أهل نيسابور ، وكان أديبا فاضلا عارفا بالتفسير واللغة ، وكان أبو علي الحافظ (1) يقول : الناس يتعجبون من حفظنا لهذه الاسانيد وأبو زكريا العنبري يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شئ منها لعجزنا عنه ، وما أعلم أني رأيت مثله.
وكان القاضي عبد الحميد بن عبد الرحمن يقول : ذهبت الفوائد من مجالسنا بعلة أبي زكريا العنبري وذلك أن أبا زكريا اعتزل الناس وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة. سمع أبا علي محمد بن عمرو الحرشي والحسين بن محمد بن زياد القباني وأحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب وأكثر عنهما، روى عنه أبو بكر بن عيوس المفسر وأبو علي الحسين بن علي الحافظ وأبو الحسين محمد بن محمد الحجاجي والمشايخ ، وحكي عن أبي زكريا أنه قال : دخلت مع والدي على أبي عبد الله البوشنجي فقال لابي : يا أبا عبد الله بلغني أن ابنك هذا قد تأدب ، قال : نعم ، قال : إيش علمته من الكتب ؟ قال : قد قرأ جملة من الكتب ، فالتفت إلي فقال : يا بني ما العقرب ؟ قلت : عقرب الميزان ، قال : ما العقرب ؟ قلت : دابة تلدغ ، قال : ما العقرب ؟ قلت : عقرب الصدغين ، فقال : أحسنت. توفي أبو زكريا في شوال سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وهو ابن ست وسبعين سنة. }
__________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو علي * الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري الحافظ ، كثيرا ما يذكروا اسمه مختصرا فيقولوا ( أبو علي النيسابوري * ) أو ( أبو علي الحافظ * ) وهو الإمام الحافظ الكبير العلامة الثبت الناقد المصنف. والله تعالى أعلى وأعلم.

قال السمعاني في "الأنساب" : { وثم من ينسب إلى جده الاعلى وليس من بلعنبر هو : أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله بن عنبر بن صالح بن محمد بن عبد الله بن بغيان (1) العنبري السلمي مولى (أبي) حزقاء السلمي، من أهل نيسابور ، وكان من المشاهير
من علماء المحدثين ، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ.
وابنه أبو العباس محمد بن يحيى العنبري، كان من الادباء حسن الشعر ، سمع أبا نعيم الجرجاني ، وأبا عمرو الحيري.
روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وقال : صحبنا إلى بغداد سنة خمس وأربعين ، ولم يحج تلك السنة ومات في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
وابنه الآخر أبو محمد عبد الله بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر العنبري، كان من الصلحاء ، سمعه أبوه عن أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبي العباس محمد بن إسحاق الثقفي ، روى عنه الحافظ أبو عبد الله أيضا وقال : توفي في شهر رمضان سنة ثمان وستين وثلاثمائة ، وهو ابن ثمان وسبعين سنة. }
______________
(1) تحرف في الاصلين إلى: " ثعبان " وما أثبته هو الصواب. انظر ما تقدم ص 437، ويصحح ما جاء في طبعة " طبقات الشافعية " للسبكي 3: 485، و " طبقات المفسرين " 2: 375.

قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" : { يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري ابن عطاء بن صالح بن محمد بن عبد الله بن شعيان أبو زكريا العنبري ، مولى بني حرب السلمي من أهل نيسابور، كان عالما بالتفسير لغوياً أديباً فاضلاً ، قال القاضي عبد الحميد ابن عبد الرحمن النيسابوري : ذهبت الفوائد من مجلسنا بعد أبي زكريا ، وذلك أن أبا زكريا اعتزل الناس وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة ، سمع أبا الحسن الحرسي وأحمد بن سلمة وغيرهما ، وروى عنه أبو بكر بن عبدوس المفسر ، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ والمشايخ من طبقته. مات في شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة عن ست وسبعين سنة. }
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" : { وفيات سنة أربع وأربعين وثلاثمائة : يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء السلمي : مولاهم أبو بكر زكريا العنبري النيسابوري العدل ، المفسر الأديب الأوحد.
سمع : إبراهيم بن أبي طالب ، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي ، والحسين بن محمد القباني ، ومحمد بن عمرو الحرشي ، وطائفة. روى عنه : أبو بكر بن عبدش ، وأبو علي الحافظ وهما من أقرانه ؛ وأبو الحسين الحجاجي ، والحاكم أبو عبد الله فمن بعدهم.
وتوفي في شوال عن ستٍّ وسبعين سنة ، ولم يرحل.
قال أبو علي الحافظ : أبو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شيءٍ منها لعجزنا عنه. وما أعلم أني رأيت مثله.
وقال الحاكم : اعتزل أبو زكريا الناس ، وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة. سمعته يقول : للعالم المختار أن يرجع إلى حسن حال ، فيأكل الطيب والحلال ، ولا يكسب بعلمه المال ، ويكون علمه له جمال ، وماله من الله المتعال من عليه وإفضال. }
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { العنبري الامام الثقة المفسر المحدث الاديب العلامة ، أبو زكريا ، يحيى بن محمد بن عبد الله بن عنبر بن عطاء السلمي مولاهم ، العنبري النيسابوري المعدل. سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي ، ومحمد بن عمرو قشمرد ، والحسين بن محمد القباني ، وإبراهيم بن أبي طالب ، وابن خزيمة ، وخلقا كثيرا. روى عنه : أبو بكر بن عبدش (1) ، وأبو علي الحافظ - وهما من أقرانه - وأبو الحسين الحجاجي ، والحاكم ، وابن مندة ، وآخرون.
قال الحاكم : قال أبو علي الحافظ : أبو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شئ منها لعجزنا عنه. وما أعلم أني رأيت مثله (2).
ثم قال الحاكم : اعتزل أبو زكريا الناس، وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة (3).
سمعته يقول : العالم المختار أن يرجع إلى حسن حال ، فيأكل الطيب والحلال ، ولا يكسب بعلمه المال ، ويكون علمه له جمال ، وماله من الله من عليه وإفضال.
قلت : توفي في شوال سنة أربع وأربعين وثلاث مئة. وله ست وسبعون سنة. }
____________________
(1) في " معجم الادباء " عبدوس.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 486.
(3) " معجم الادباء ": 2 / 34.

قال الذهبي في "العبر" واقتبسه ابن العماد في "الشذرات" : { سنة أربع وأربعين وثلاثمئة : وفيها أبو زكريا العنبري يحيى بن محمد النَّيسابوري العدل ، الحافظ الأديب المفسّر. روى عن محمد بن إبراهيم البوشنجي وطبقته ، ولم يرحل ، وعاش ستاً وسبعين سنة.
قال الحافظ أبو علي النيسابوري : أبو زكريا يحفظ ما يعجز عنه ، وما أعلم أني رأيت مثله. }
قال الذهبي في "التذكرة" في نهاية ترجمة ابن الاخرم : { توفى ابن الاخرم الحافظ في جمادى الآخرة سنة اربع وأربعين وثلاث مائة. وفيها مات ........ والمفسر المحدث العلامة أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري. }
قال تاج الدين عبد الوهاب السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" : { يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء بن صالح بن محمد ابن عبد الله بن سفيان السلمى مولى بنى حرب أبو زكريا العنبرى السلمى. أحد الأئمة. سمع أبا عبد الله البوشنجى وإبراهيم بن أبى طالب والحسين بن محمد القبانى وطائفة. روى عنه أبو على النيسابورى الحافظ وأبو بكر بن عبدش وهما من أقرانه وأبو الحسن الحجاجى والحاكم أبو عبد الله وغيرهم.
قال الحاكم فيه : العدل الأديب المفسر الأوحد بين أقرانه ، قال : وسمعت أبا على الحافظ غير مرة يقول : الناس يتعجبون من حفظنا لهذه الأسانيد وأبو زكرياء العنبرى يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شئ منها لعجزنا عنه وما أعلم أنى رأيت مثله. قال الحاكم : اعتزل أبو زكريا الناس وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة. وأطال الحاكم فى ترجمة العنبرى وذكر أنه توفى فى الثانى والعشرين من شوال سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وهو ابن ست وسبعين سنة ثم إنه سمعه يقول الشفق الحمرة لأن اشتقاقه من الخجل والخوف قال الله تعالى ( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ) أى خائفون }
قال السيوطي في "طبقات الحفاظ" : { يحيي بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء السلمي مولاهم أبو زكريا العَنْبَرِي النَّيْسَابُوريّ. المفسر الأديب الأوحد. }

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العنبرى المعدل ، قال الحاكم : "العدل الأديب المفسر الأوحد بين أقرانه ، سمعت أبا على الحافظ غير مرة يقول : الناس يتعجبون من حفظنا لهذه الأسانيد وأبو زكريا العنبرى يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شئ منها لعجزنا عنه وما أعلم أنى رأيت مثله" ، وقال السمعاني : "كان من المشاهير من علماء المحدثين وكان أديبا فاضلا عارفا بالتفسير واللغة" ، ووثقه الذهبي في "السير" فقال : "الامام الثقة المفسر المحدث الأديب العلامة".
والكلام السابق للحافظ الكبير جدا أبي علي النيسابوري في العنبري يعني أنه حافظ كبير عالي القدر ، ومن ثم فهو أديب مفسر ثقة وحافظ كبير. والله تعالى أعلى وأعلم.

للمزيد من ترجمته :
مرآة الجنان: 2 / 337، النجوم الزاهرة: 3 / 314.





أبو علي الحافظ *
أبو علي * الحسين بن علي الحافظ
أبو علي النيسابوري *
(من شيوخ أبي عبد الله الحاكم )

قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { أبو علي النيسابوري الحافظ الامام العلامة الثبت ، أبو علي ، الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري. أحد النقاد.
ولد في سنة سبع وسبعين ومئتين. وأول شئ سمعه في سنة أربع وتسعين.
روى عن : إبراهيم بن أبي طالب ، وعلي بن الحسين ، وعبد الله ابن شيرويه ، وجعفر بن أحمد الحافظ ، وابن خزيمة ، وأحمد بن محمد الماسرجسي ، وطبقتهم بنيسابور ، وعن الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبدالرحمن السامي بهراة ، وأبي خليفة الجمحي ، وزكريا الساجي بالبصرة ، ومحمد بن نصير ، وطبقته بأصبهان ، ومحمد بن جعفر القتات ، وعدة بالكوفة ، وعبدان الجواليقي بالاهواز ، والحسن ابن سفيان ، بنسا ، والحسن بن الفرج الغزي بغزة ، وعمران بن موسى ابن مجاشع بجرجان ، وأبي عبد الرحمن النسائي ، وأبي يعقوب المنجنيقي بمصر ، وأبي يعلى بن المثنى بالموصل ، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد ، وهو أقدم شيخ له ، وأحمد بن يحيى الحلواني بحلوان ، وعبد الله بن ناجية ، ومحمد بن حبان ببغداد ، وخلق كثير بمدائن خراسان ، وبالحرمين ومصر والشام والعراق والجزيرة والجبال.
وكان في أيام الحداثة يتعلم في الصاغة ، فنصحه بعض العلماء لما شاهد فرط ذكائه ، وأشار عليه بطلب العلم ، فهش لذلك ، وأقبل على الطلب.
حدث عنه : ابن مندة ، والحاكم ، وأبو طاهر بن محمش ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وعدة. وقد حدث عنه الامامان أبو بكر الصبغي ، وأبو الوليد حسان بن محمد ، وهما أكبر منه. وتلمذ له الحاكم ، وتخرج به ، وقال : هو واحد عصره في الحفظ ، والاتقان ، والورع ، والمذاكرة ، والتصنيف. سمع إبراهيم ابن أبي طالب ، ثم سرد شيوخه.
وعن أبي علي الحافظ ، قال : رحلت إلى هراة في سنة خمس وتسعين ، وحضرت أبا خليفة الجمحي وهو يهدد وكيلا ، ويقول : تعود يا لكع ؟ فقال : لا أصلحك الله ، فقال: بل أنت لا أصلحك الله. قم عني.
قال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى الموصلي وبإتقانه.
وقال : كان لا يخفى عليه شئ من حديثه إلا اليسير ، ولولا اشتغاله بسماع كتب القاضي أبي يوسف من بشر بن الوليد الكندي لادرك بالبصرة أبا الوليد الطيالسي ، وسليمان بن حرب.
قال الحاكم : كان أبو علي باقعة (1) في الحفظ ، لا تطاق مذاكرته ، ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا ، وقد خرج إلى بغداد ثاني مرة في سنة عشر وثلاث مئة ، وقد صنف وجمع ، فأقام ببغداد وما بها أحد أحفظ منه إلا أن يكون الجعابي ، فإني سمعت أبا علي يقول : ما رأيت ببغداد أحفظ من الجعابي.
وسمعت أبا علي يقول : كتب عني أبو محمد بن صاعد غير حديث في المذاكرة ، وكتب عني ابن جوصا بدمشق جملة.
قال الحافظ أبو بكر بن أبي دارم : ما رأيت ابن عقدة يتواضع لاحد من الحفاظ كما يتواضع لابي علي النيسابوري.
قال الحاكم : وسمعت أبا علي يقول : اجتمعت ببغداد مع أبي أحمد العسال ، وأبي إسحاق بن حمزة ، وأبي طالب بن نصر ، وأبي بكر الجعابي [ وأبي أحمد الزيدي ] فقالوا لي : أمل من حديث نيسابور مجلسا ، فامتنعت ، فما زالوا بي حتى أمليت عليهم ثلاثين حديثا ، فما أجاب واحد منهم في حديث منها سوى ابن حمزة في حديث واحد (2).
قال أبو عبد الرحمن السلمي : سألت الدارقطني عن أبي علي النيسابوري ، فقال : إمام مهذب.
قال الخليلي : سمعت الحاكم يقول : لست اقول تعصبا ، لانه أستاذي - يعني أبا علي - ولكن لم أر مثله قط. وقال الخليلي : قال ابن المقرئ الاصبهاني : إني لادعو له في أدبار الصلوات ، كنت أتبعه في شيوخ مصر والشام.
ثم قال الخليلي: سمعت من يحكي عن أبي علي قال : دققت على ابن عقدة بابه ، فقال : من ؟، قلت : أبو علي النيسابوري الحافظ ، قال : فلما ذاكرني قال : أنت الحافظ ؟ قلت : نعم. قال : لعلك تحفظ ثيابك ، فلما رجعت من الشام لقيته ، فذاكرته ، فقال : أنت والله اليوم الحافظ ، قد غلبتني.
قال الحاكم : سمعته يقول : كنت أختلف إلى الصاغة ، وفي جوارنا فقيه كرامي (3)، يعرف بالولي ، أخذت عنه مسائل ، فقال لي أبو الحسن الشافعي : لا تضيع أيامك ، فقلت : إلى من أختلف ؟ قال : إلى إبراهيم بن أبي طالب ، فأتيته سنة أربع وتسعين.
فلما رأيت شمائله ، وسمته ، وحسن مذاكرته للحديث ، حلا في قلبي فحدث يوما عن محمد بن يحيى ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، فقال لي رجل : اخرج إلى هراة فإن بها من يحدث عن إسماعيل ، فوقع في قلبي ، فخرجت إلى هراة سنة 95 (4).
قلت : رحل أيضا ثانيا إلى العراق وحج مرتين.
أنبأني مسلم بن محمد، عن القاسم بن علي أخبرنا أبي، أخبرنا أخي أبو الحسين، سمعت أبا طاهر السلمي، سمعت غانم بن أحمد، سمعت أحمد بن الفضل الباطرقاني، سمعت أبا عبدالله بن مندة، سمعت أبا علي النيسابوري، وما رأيت أحفظ منه يقول: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم (5).
قال عبدالرحمن بن مندة : سمعت أبي يقول : ما رأيت في اختلاف الحديث والاتقان أحفظ من أبي علي النيسابوري.
وقال القاضي أبو بكر الابهري : سمعت أبا بكر بن أبي داود ، يقول لابي علي النيسابوري : من إبراهيم ، عن إبراهيم ، عن إبراهيم ؟ فقال : إبراهيم بن طهمان ، عن إبراهيم بن عامر البجلي ، عن إبراهيم النخعي ، فقال : أحسنت يا أبا علي.
قال الحاكم : كان أبو علي يقول : ما رأيت في أصحابنا مثل أبي بكر الجعابي ، حيرني حفظه ، فحكيت هذا للجعابي ، فقال : يقول أبو علي هذا وهو أستاذي على الحقيقة ؟ ! قال أبو علي : قدمت بغداد ، فدخلت على الفريابي ، وقد قطع الرواية ، فبكيت بين يديه ، فما حدثني ، ورأيته حسرة.
قال الحاكم : مات أبو علي في جمادى الاولى سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
قلت : عاش ثنتين وسبعين سنة. ولم يخلف بخراسان مثله.
قال أبو علي : استأذنت ابن خزيمة في الخروج إلى العراق سنة ثلاث وثلاث مئة ، فقال : توحشنا مفارقتك يا أبا علي ، فقد رحلت وأدرك العوالي ، وتقدمت في الحفظ ، ولنا فيك فائدة. فما زلت به حتى أذن لي.
وقال أبو علي : قال لي أبن خزيمة : لقد أصبت في خروجك ، فإن الزيادة على حفظك ظاهرة ، ثم إن أبا علي صنف وجمع.
قال الحاكم : سألت أبا علي عن الحسن بن الفرج الغزي ، فقال : ما كان إلا صدوقا ، قلت: إن أهل الحجاز يذكرون أنه سمع بعض " الموطأ " فحدث بالكل ، فقال : ما رأينا إلا الخير. قرأ علينا " الموطأ " من أصل كتابه.
قال الحاكم : سمعت أبا عمرو الصغير يقول : نزلنا الخان بدمشق، فأتى ابن جوصا زائرا لابي علي الحافظ ، فنزل عن البغلة ، وأظهر الفرح ، وذاكر أبا علي ، وأخذ منه جمعه " كتاب عبدالله بن دينار " ثم حملنا إلى منزله ، ثم اجتمع جماعة من الرحالة ، منهم: الزبير الاسد اباذي ، ونقموا على ابن جوصا أحاديث ، فقال أبو علي : لا تفعلوا ، هذا إمام قد جاز القنطرة ، قال : فبلغ ذلك ابن جوصا ، فما بالى بهم ، بل كان يهاب أبا علي فبعث بوكيله إلى أبي علي بعشرين دينارا ، فقال : يا أبا علي ، ينبغي أن تسافر ، فإن السلطان قد طلبك فخرج ، وخرجنا معه.
قال الحاكم : سمعت أحمد بن محمد يقول : راسله ابن جوصا بأنه قد أنهي إلى السلطان أنك استصحبت غلاما حدثا ، وإن أباه قد خرج في طلبه ، يعني أبا عمرو الصغير. }
____________________
(1) الباقعة : الداهية. انظر : " اللسان " مادة " بقع ".
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 72 وما بين حاصرتين منه.
(3) بفتح أوله والراء المشددة ، هذه النسبة إلى أبي عبدالله محمد بن كرام السجستاني ، صاحب الفرقة الكرامية. انظر " اللباب ": 3 / 89، و " الملل والنحل ": 1 / 108.
(4) يعني: بعد المئتين.
(5) قال ابن الصلاح في " المقدمة " ص 26 تعليقا على قول أبي علي هذا: إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح، فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح ، فهذا لا بأس به ، وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري ، وإن كان المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا ، فهذا مردود على من يقوله.

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الخلاصة : أبو علي * الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري الحافظ ، كثيرا ما يذكروا اسمه مختصرا فيقولوا ( أبو علي النيسابوري * ) أو ( أبو علي الحافظ * ) وهو الإمام الحافظ الكبير العلامة الثبت الناقد المصنف. والله تعالى أعلى وأعلم.

للمزيد من ترجمته :
تاريخ بغداد: 8 / 71 - 72، المنتظم: 6 / 396، معجم البلدان: 5 / 332 - 333،
تذكرة الحفاظ: 3 / 902 - 905، العبر: 2 / 281 - 282، مرآة الجنان: 2 / 343، طبقات السبكي: 3 / 276 - 280، البداية والنهاية: 11 / 236، النجوم والزاهرة: 3 / 324، طبقات الحفاظ: 368 - 369، شذرات الذهب: 2 / 380، تهذيب ابن عساكر: 4 / 350 - 351.