المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اختلاط سفيان بن عيينة



أهــل الحـديث
13-05-2012, 09:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
فهذا بحث بسيط عن مسألة اختلاط سفيان بن عيينة عسى الله أن ينفعني وإياكم به.




اختلاط سفيان بن عيينة *

قال الخطيب في "تاريخ بغداد" : { أخبرنا البرقاني ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن خَمِيرويه الهَرَوي ، قال : أخبرنا الحسين بن إدريس ، قال : سمعتُ ابن عمار ، قال : سمعتُ يحيى بن سعيد يقول : اشهدوا أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمعَ منه في هذه السنة وبعدَ هذا فسماعُهُ لا شيء (1). }
________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو بكر البرقاني * هو الامام العلامة الحافظ الثبت شيخ الفقهاء والمحدثين ــ أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن خميرويه * الهروي المعروف بـ السياري * وثقه أبو سعد السمعاني فقال "كان ثقة فاضلا عالما" وقال الذهبي : "الشيخ الامام المحدث العدل مسند هراة" ومن ثم فهو صدوق حسن الحديث ــ الحسين بن إدريس الأنصاري الهروي المعروف بـ ابن خرم * ثقة حافظ صنف تاريخاً كبيراً وروى عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي "تاريخه" وعن عثمان بن أبي شيبة تاريخه ــ ومن ثم فسند هذا الأثر حسن. والله تعالى أعلى وأعلم.

قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : { فأما ما بلغنا عن يحيى بن سعيد القطان ، أنه قال : اشهدوا أن ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومئة ، فهذا منكر من القول ، ولا يصح ، ولا هو بمستقيم ، فإن يحيى القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين مع قدوم الوفد من الحج ، فمن الذي أخبره باختلاط سفيان ، ومتى لحق أن يقول هذا القول وقد بلغت التراقي ؟ وسفيان حجة مطلقا، وحديثه في جميع دواوين الاسلام. }
قال الذهبي في "الميزان" : { وروى محمد بن عبدالله بن عمار الموصلي ، عن يحيى بن سعيد القطان ، قال : أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة ، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء.
قلت : سمع منه فيها محمد بن عاصم (1) صاحب ذاك الجزء العالي (2) ، ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الائمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع.
فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه أحد فيها ، لأنه توفى قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر. وأنا أستبعد هذا الكلام من القطان ، وأعده غلطا من ابن عمار ، فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز ، فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ، ثم يشهد عليه بذلك ، والموت قد نزل به ، فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع ، مع أن يحيى متعنت جدا في الرجال وسفيان فثقة مطلقا. والله أعلم. }
________________
(1) هو محمد بن عاصم بن عبد الله الثقفي أبو جعفر الأصبهاني العابد صاحب الجزء العالي ، قال أبو نعيم : وكان من العباد والأفاضل ، روى عن عبده بن سليمان وحسين الجعفي ، وسمع من سفيان بن عيينة بعدما تغير ، ذكره صاحب التهذيب للتمييز. توفي سنة 262.
ترجمته في تاريخ أصبهان ، التهذيب ، التقريب.
(2) قال أبو نعيم الأصبهاني في "الحلية" (7/308) : { حدثنا عبدالله بن جعفر ثنا محمد بن عاصم قال : سمعت سفيان بن عيينة سنة سبع وتسعين يقول : عاصم عن زر قال أتيت صفوان بن عسال فقال لي : ما جاء بك فقلت : جئت ابتغاء العلم .....الخ
قال عبد القيوم عبد رب النبي محقق كتاب "الكواكب النيرات" : لعل تلك الرواية من الجزء العالي المذكور

قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" : {قلت : قرأت بخط الذهبي : أنا استبعد هذا القول وأجده غلطا من ابن عمار فإن القطان مات أول سنة 98 عند رجوع الحجاج وتحدثهم بأخبار الحجاز فمتى يمكن من سماع هذا حتى يتهيأ له أن يشهد به. ثم قال : فلعله بلغه ذلك في وسط السنة انتهى.
وهذا الذي لا يتجه غيره لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين. وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة واعتمد قولهم ، وكانوا كثيرا ، فشهد على استفاضتهم.
وقد وجدت عن يحيى بن سعيد شيئا يصلح أن يكون سببا لما نقله عنه ابن عمار في حق ابن عيينة وذلك ما أورده أبو سعد بن السمعاني في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن (1) من "ذيل تاريخ بغداد" بسند له قوي إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : قلت لابن عيينة : كنت تكتب الحديث ، وتحدث اليوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه ، فقال : عليك بالسماع الأول فإني قد سمنت.
وقد ذكر أبو معين الرازي في زيادة كتاب "الإيمان" لأحمد أن هارون بن معروف قال له : إن ابن عيينة تغير أمره بآخره ، وأن سليمان بن حرب قال له : إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب وكذا ذكر ( بياض بالأصل ) (2) ، ثم قال الذهبي : سمع من ابن عيينة في سنة سبع محمد بن عاصم الأصبهاني صاحب الجزء العالي. }
________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن * النيسابوري نزيل كرمان كان إماما في الأصول والفقه ، حسن النظر ، فاضلا كريما ، مقدما في الوعظ والتذكير ، ذا رأي وعقل وتدبير وفضل وافر وعلم غزير ، سمع المسانيد والكتب الطوال وسمع الحديث الكثير بإفادة والده أبي صالح الحافظ المعروف بالمؤذن ، وخرج له والده الفوائد ، وسكن كرمان إلى أن مات بها وكان وجيها عند سلطانها معظما في أهلها محترما بين العلماء في سائر البلاد. وتقوية الحافظ ابن حجر للإسناد الذي أورده السمعاني في "ذيل تاريخ بغداد" في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن تعني أنه على الأقل حسن الحديث عند الحافظ ابن حجر. لكننا لا نستطيع الجزم بصحة الأثر الذي أورده السمعاني لأن الحافظ ابن حجر لم يذكر الإسناد كاملا كي نتأكد من صحته وأيضا لأن الحافظ ابن حجر أحيانا يقوي إسناد ما ويكون هذا الإسناد ضعيفا لكن على كل حال لو افترضنا أن الإسناد ضعيف فهو شاهد لا بأس به على تغير حفظ سفيان في آخر عمره لكنه ليس فيه انه اختلط لأن الاختلاط غير التغير. والله تعالى أعلى وأعلم.
(2) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الحسين بن الحسن أبو معين * الرازي * قال ابن أبي حاتم "كتبنا عنه وما رأيت منه إلا خيرا" ، وقال أبو عبد الله الحاكم : "هو من كبار حفاظ الحديث" ، وقال الذهبي "الحافظ المجود طوّف الشام ومصر والعراق وبرع في الحديث وفنونه" ، وأورده الذهبي فيمن يعتمد قوله في الجرح والتعديل ــ أبو علي هارون بن معروف * المروزي الخزاز الضرير ثقة ــ أبو أيوب سليمان بن حرب * الواشحي البصري إمام ثقة حافظ ، قال أبو حاتم الرازي : إمام من الأئمة كان لا يدلس ويتكلم في الرجال وفي الفقه ، ما رأيت في يده كتاباً قط ، وهو أحب إلي من أبي سلمة التبوذكي في حماد بن سلمة وفي كل شيء ، وكان سليمان قل من يرضى من المشايخ فإذا رأيته قد روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة. وقال يعقوب الفسوي : سمعت سليمان بن حرب يقول : جالست حماد بن زيد ولزمته حتى مات جالسته 19 سنة. وروى الآجري عن أبي داود : كان سليمان بن حرب يحدث بحديث ثم يحدث به كأنه ليس ذاك. فرد الخطيب معقبا : كان سليمان يروى الحديث على المعنى فتتغير ألفاظه في روايته. والله تعالى أعلى وأعلم.

قال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في "ذم الكلام وأهله" (5/144) : { أخبرنا عبيد الله بن عبد الصمد حدثنا حاتم بن محمد حدثنا هارون بن أحمد حدثنا أحمد بن زيد بن هارون (1) حدثنا إبراهيم بن المنذر قال سمعت ابن عيينة يقول : ( أنا أحق بالبكاء من الحطيئه هو يبكي على الشعر وأنا أبكي على الحديث ) أراه قال هذا حين حصر في البيت عن الحديث لأنه اختلط قبل موته بسنة رحمه الله }
______________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : أبو جعفر أحمد بن زيد بن هارون بن سعيد القزاز المكي صاحب إبراهيم بن المنذر الحزامي حديثه يقترب من الحسن ويكون حسنا إن شاء الله إن كان عن إبراهيم بن المنذر الحزامي لمصاحبته إياه. أما من تحت أحمد بن زيد فأنا لا أعرفهم. والله تعالى أعلى وأعلم.

قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/469) : { وروى أحمد بن زيد بن هارون حدثنا ابراهيم بن المنذر سمعت ابن عيينة يقول : أنا أحق بالبكاء من الحُطَيئة هو يبكي على الشعر ، وأنا أبكي على الحديث.
قال شيخ الإسلام عقيب هذا : أراه قال هذا حين حُصِرَ في البيت عن الحديث ، لأنه اختلط قبل موته بسنة.
قلت : هذا لا نسلمه ، فأين إسنادك به ؟ }
قال يحيى العدل ( أحد أعضاء منتدى ملتقى أهل الحديث ) : { الذي أراه أن كلام شيخ الإسلام وجيه جدًا لأن الشواهد تدل عليه.
فالحطيئة أخذ عليه عمر العهد وأوعده ألا يعود لهجاء أحدٍ أبدًا وذلك بسبب استعداء الزبرقان عمر عليه عندما هجاه.
وقصته هذه مشهورة عند أهل الأخبار ورواة الأشعار.
فابن عيينة هنا يتأسف على الحديث كأسف الحطيئة عندما منع عن الهجاء وهو مادة شعرة حتى أنه يعد من أهجى الشعراء ، فقد هجى كبار القوم وصغارهم ، فلم يسلم منه أحد حتى نفسه.
وهنا أحد احتمالين :
الأول : أن يكون القول قول شيخ الإسلام بمعنى أن ابن عيينة حبس عن الحديث عندما تغير من بعض قرابته ذوي المعرفة (كعادة المحدثين)
الثاني : أن يكون هو الذي امتنع عن التحديث لما علم أن حفظه تغير وأنه ربما خلط (وهذا يعد في حسناته).
فلا وجه هنا لمطالبته بإسناد قصة وحدث هو معلوم ومشهور عند الذهبي فكيف بغيره. }
قال العلامة المعلمي في كتابه "التنكيل" والذي قام على طبعه وتحقيقه والتعليق عليه العلامة الألباني :{ أقول : كان ابن عيينة بمكة والقطان بالبصرة ولم يحج القطان سنة سبع فلعله حج سنة ست ، فرأى ابن عيينة قد ضعف حفظه قليلا فربما أخطأ في بعض مظان الخطأ من الأسانيد وحينئذ سأله فأجابه كما أخبر بذلك عبد الرحمن بن بشر ، ثم كأنه بلغ القطان في أثناء سنة سبع أو أوائل سنة ثمان أن ابن عيينة اخطأ في حديثين فعد ذلك تغيرا ، وأطلق كلمة ( اختلط ) على عادته في التشديد.
وقد كان ابن عيينة أشهر من نار على علم ، فلو اختلط الاختلاط الاصطلاحي لسارت بذلك الركبان وتناقله كثير من أهل العلم وشاع وذاع ، وهذا "جزء محمد بن عاصم" سمعه من ابن عيينة في سنة سبع ، ولا نعلمهم انتقدوا منه حرفا واحدا ، فالحق أن ابن عيينة لم يختلط ، ولكن كبر سنه فلم يبق حفظه على ما كان عليه فصار ربما يخطئ في الأسانيد التي لم يكن قد بالغ في إتقانها كحديثه عن أيوب ، والذي يظهر أن ذلك خطأ هين ، ولهذا لم يعبا به أكثر الأئمة ووثقوا ابن عيينة مطلقا.
ومع هذا فالحكاية التي تكلم فيها الأستاذ هي واقعة جرت لابن عيينة أخبر بها وليس ذلك من مظان الغلط ، وراويها عنه إبراهيم بن بشار الرمادي من قدماء أصحابه قال أبو عوانه في "صحيحة" (ج1 ص365) : (( كان ثقة من كبار أصحاب سفيان وممن سمع قديما منه )) .
ومناقب ابن عيينة في الكتب المشار إليها في ترجمة الثوري وغيرها ومن ذلك قال ابن وهب صاحب الإمام مالك : (( ما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله من ابن عيينة )) ، وقال الشافعي : (( ما رأيت أحدا من الناس فيه من آلة العلم ما في ابن عيينة ، وما رأيت أحدا أكف عن الفتيا منه )) ، وقال أحمد : (( ما رأيت أحدا أعلم بالقرآن والسنن منه )) . }

قال عبد القيوم عبد رب النبي محقق كتاب "الكواكب النيرات" : { اقتصر المؤلف رحمه الله تعالى على محمد بن عاصم صاحب الجزء العالي ممن سمع بعد اختلاط سفيان بن عيينة ويستفاد من كلام صاحب العقد الثمين أن اليسع بن سهل الزيني سمع منه بعد محمد بن عاصم لأنه آخر من حدث عنه ، وبهذا نعلم أنه كذلك سمع منه بعد اختلاطه. والله أعلم.
يقول الفاسي بعد أن سرد بعض من روى عنه : آخرهم اليسع بن سهل الزيني المتوفى سنة نيف وثمانين ومائتين على ما زعم. كما في العقد الثمين (4/591)
ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى ولا من سبقه من سمع منه قبل الاختلاط إلا ما نقل عن الذهبي قوله "ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الائمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع"
مع أننا نجزم أن إبراهيم بن بشار الرمادي سمع منه قبل الاختلاط ، قال الزيلعي : قال الحاكم : لا أعلم أحدا ساق هذا المتن بهذه الزيادة عن سفيان بن عيينة غير إبراهيم بن بشار الرمادي ، وهو ثقة من الطبقة الأولى من أصحاب ابن عيينة جالس ابن عيينة نيفا وأربعين سنة. ( نصب الراية 1/403 )
وقال أبو عوانة : إبراهيم بن بشار الرمادي كان ثقة من كبار أصحاب سفيان وممن سمع منه قديما. انظر صحيح أبي عوانة (1/365)
وكذلك علي بن المديني (1) ، نقل المزي عن علي بن المديني قوله : كتبت عنه سنة اثنتين وأربعين قبل موت الأعمش بخمس سنين. ( تهذيب الكمال 3/ ل 258 - ب )
وكذلك نجزم في حق خمسة عشر آخرين ممن رووا عنه أنهم سمعوا منه قبل الاختلاط لأن هؤلاء سمعوا منه وماتوا قبله ، وفيهم بعضهم من شيوخه.
وهم :
1ـ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري المتوفى سنة (185)
2ـ الحسن بن صالح الهمداني المتوفى (169)
3ـ حماد بن زيد المتوفى (179)
4ـ سفيان الثوري المتوفى (161)
5ـ الأعمش المتوفى (147)
6ـ أبو الأحوص سلام بن سليم المتوفى (179)
7ـ شعبة بن الحجاج المتوفى (160)
8ـ عبد الله بن المبارك المتوفى (181)
9ـ عبد الملك بن جريج المتوفى (150أو بعدها)
10ـ قيس بن الربيع المتوفى (بضع وستين ومائة)
11ـ محمد بن خازم أبو معاوية الضرير المتوفى (195)
12ـ مسعر بن كدام المتوفى (153 أو 155)
13ـ معتمر بن سليمان المتوفى (187)
14ـ وكيع بن الجراح المتوفى (أول سنة 197 أو آخر سنة 196)
15ـ يحيى بن زكريا بن أبي زائدة المتوفى (183 أو 184) }
____________________
(1) قلت ( أبو شاكر السلفي ) : يبدو أن الأمر التبس على المحقق لأن المذكور في "تهذيب الكمال" أن علي بن المديني قال ( كُتِبَ عن ابن عيينة ) وليس ( كتبتُ عن ابن عيينة ) وقد نقل المزي الأثر من "تاريخ بغداد" للخطيب الذي قال : ( أخبرنا أبو الفتح منصور بن ربيعة الزهري الخطيب بالدينور أخبرنا علي بن أحمد بن علي بن راشد أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجارود قال : قال علي بن المديني : ولد سفيان بن عيينة سنة سبع ومائة وكُتبَ عنه الحديث سنة ثنتين وأربعين وهو ابن خمس وثلاثين سنة. قال علي : كُتِبَ عن ابن عيينة قبل موت الأعمش بخمس سنين ).
ورواية منصور بن ربيعة عن علي بن راشد عن ابن الجارود عن ابن المديني تُقبل مالم يأت نقل آخر يخالفها ، وقد وجدت أن ابن الجوزي قال في "المنتظم" في ترجمة ابن عيينة : ( قال أبو أحمد محمد بن أحمد النيسابوري الحافظ : وكتب عن سفيان بن عيينة وهو ابن خمسة وثلاثين سنة قبل موت الأعمش بخمس سنين ، وحدث في مجلس الأعمش ).
وهذا يشهد للأثر الذي رواه الخطيب ، لذا فالصحيح أن علي بن المديني قال : ( كُتِبَ عن ابن عيينة )

قلت ( أبو شاكر السلفي ) : الأثر الذي أورده السمعاني في "ذيل تاريخ بغداد" في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن عن يحيى القطان أن ابن عيينة كان يزيد أو ينقص في إسناد أحاديث حدث بها فهذا يفيد تغير سفيان ، هذا إن صح الأثر لأننا لا نستطيع الجزم بصحته ، حتى وإن كان الحافظ ابن حجر قوى إسناده لأن ابن حجر لم يذكر الإسناد كاملا ولأن الحافظ ابن حجر أحيانا يقوي إسناد ما ويكون هذا الإسناد ضعيفا ، وعلى كل حال لو افترضنا أن الإسناد ضعيف فهو شاهد لا بأس به على تغير حفظ سفيان في آخر عمره وليس اختلاطه لأن الاختلاط غير التغير.
أما ما ذكره أبو معين الرازي من أن هارون بن معروف قال له : إن ابن عيينة تغير أمره بآخره فهو أيضا يفيد التغير وليس الاختلاط.
وما ذكره أبو معين الرازي من أن سليمان بن حرب قال له : إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب ، فهو لا يفيد الاختلاط لكن يفيد التغير ، مع الأخذ في الاعتبار أن سليمان بن حرب كان قل من يرضى من المشايخ مما يعني أنه متشدد في الرجال ، لذا فقوله إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب لا نستطيع التسليم به لاسيما وأن سفيان كان يرى الرواية بالمعني فيغير في الألفاظ.
ويبقى ما نقله الخطيب عن يحيى القطان بإسناد حسن أنه قال : اشهدوا أن سفيان بن عيينة اختلط سنة 197 ، فمن سمعَ منه في هذه السنة وبعدَ هذا فسماعُهُ لا شيء
فنقول إن يحيى القطان من المتعنتين في الرجال فما ذكر أنه اختلاط قد يكون تغيرا فقط أو اختلاطا غير فاحش.
أما ما نقله أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في "ذم الكلام وأهله" أن ابن عيينة قال : ( أنا أحق بالبكاء من الحطيئه هو يبكي على الشعر وأنا أبكي على الحديث )
فلا نستطيع الجزم بصحة نسبته لابن عيينة لأن في السند مجاهيل ولو افترضنا صحته فأنا لا أتفق مع الهروي في تأويله بأن ابن عيينة قال هذا حين حصر في البيت عن الحديث بسبب اختلاطه قبل موته بسنة ، لأن الهروي لم يذكر دليله على هذا الكلام ولأن سماع محمد بن عاصم من ابن عيينة كان سنة 197 وهي السنة التي تغير فيها وهذا يعني أن ابن عيينة حدث في فترة تغيره ولم يحصر في البيت كما قال الهروي
وقد ذكر الشيخ أبو إسحاق الحويني في حلقات الشرح النفيس لعلوم الحديث أن ابن عيينة كان يرى الرواية بالمعنى وسئم التحديث في آخر حياته ، فربما اطلع الشيخ الحويني على أثر السمعاني في "ذيل تاريخ بغداد" ووجد أن كلمة (سمنت) هي (سئمت) أو أنه أطلع على كلام المعلمي في "التنكيل" والذي فيه ( سئمت ) ، لكني وجدت الأخ يحيى العدل نقل قول الحافظ ابن حجر وفيه كلمة (سننت) وأنا أميل إلى أن اللفظ الصحيح هو (سننت) لأنها أوضح في المعنى ، كما أن كلمة (سئمت) أيضا لا معنى لها لأنه ليس من المعقول أن يسئم إمام كبير كابن عيينة من التحديث لا سيما وهذا يخالف ما نقله الهروي من أن ابن عيينة كان يبكي على الحديث وأيضا لو كان سئم التحديث فما الذي يجبره عليه وليس من المعقول في عالم كبير ورع مثله أن يزيد في الاسناد أو ينقص بسبب السآمة.
والخلاصة : أبو محمد سفيان بن عيينة * الهلالي الكوفي ثم المكي إمام ثقة حجة حافظ فقيه ، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار ، وكان يدلس لكن لا يدلس إلا عن ثقة ، رأى آدم بن علي لكنه لم يسمع منه ، ولم يسمع من بهز بن حكيم ، وكان يرى الرواية بالمعنى ، وقد تغير حفظه في آخر حياته بسبب كبر السن ، ونقل الخطيب بإسناد حسن عن يحيى القطان أن ابن عيينة اختلط سنة 197 وأن من سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعُهُ لا شيء ، لكن القطان من المتعنتين في الرجال فما ذكر أنه اختلاط قد يكون تغيرا فقط أو اختلاطا غير فاحش ، وقال سليمان بن حرب إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب ، وسليمان بن حرب متشدد في الرجال ، لذا فقوله لا نستطيع التسليم به ، لكن للاحتياط إذا وجدنا حديثا يرويه ابن عيينة عن أيوب فينبغي التروي قبل الحكم عليه بالصحة لا سيما إذا كان الراوي عن ابن عيينة من الذين سمعوا منه بعد التغير.
ومن الذين سمعوا من ابن عيينة بعد التغير: محمد بن عاصم الأصبهاني صاحب الجزء العالي ، واليسع بن سهل الزيني.
ومن الذين سمعوا من ابن عيينة قبل التغير:
1ـ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري المتوفى سنة (185)
2ـ الحسن بن صالح الهمداني المتوفى (169)
3ـ حماد بن زيد المتوفى (179)
4ـ سفيان الثوري المتوفى (161)
5ـ الأعمش المتوفى (147)
6ـ أبو الأحوص سلام بن سليم المتوفى (179)
7ـ شعبة بن الحجاج المتوفى (160)
8ـ عبد الله بن المبارك المتوفى (181)
9ـ عبد الملك بن جريج المتوفى (150أو بعدها)
10ـ قيس بن الربيع المتوفى (بضع وستين ومائة)
11ـ محمد بن خازم أبو معاوية الضرير المتوفى (195)
12ـ مسعر بن كدام المتوفى (153 أو 155)
13ـ معتمر بن سليمان المتوفى (187)
14ـ وكيع بن الجراح المتوفى (أول سنة 197 أو آخر سنة 196)
15ـ يحيى بن زكريا بن أبي زائدة المتوفى (183 أو 184) }
16ـ إبراهيم بن بشار الرمادي ( وهو من كبار أصحاب ابن عيينة وممن سمع منه قديما وجالس ابن عيينة نيفا وأربعين سنة )
17ـ قال الذهبي : ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الائمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع.

ومن الأحاديث التي قابلتني والتي رواها ابن عيينة بمتون مختلفة حديث ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته )
والصحيح أن متن هذا الذكر هو ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ )