تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقدٌ لكتاب " السُّبُل المرضية " تأليف الشيخ أبي فهر



أهــل الحـديث
13-05-2012, 03:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
كنتُ قدْ أثنيتُ على كتاب أخينا الشيخ أبي فهر أحمد بن سالم المِصري الموسوم بـ " السُّبُل المرضية لطلب العلوم الشرعية " ، ولم أكنْ قد أتممتُ قراءتَه بعدُ ، وقد أخذتُ على نفسي عهدًا بعد ذلك ألا أثني على كتابٍ حتى أقرأه كلَّه ... ، اللهمَّ إلا أن أذكر أن فلانًا العالمَ أشادَ به ... ، أو أنْ يشتهر فضلُه .
الحاصلُ أنَّ كتاب أخينا ، فيه ما هو حقيقٌ بالمدح ، وفيه ما يحتاجُ إلى التقويم والنقد .
ولعلَّ أخانا الشيخَ أبا فهر ومحبيه أن يحتملوا منِّي ذلك ، وما الدافعُ له غير النُّصح .
أولاً _ لا يخفى على الأستاذ المؤلِّف وغيرِه من طلبة العلم أهميَّة ضبطِ الكلام والنُّقول - سيما النصوص والأدلة - ، وقدْ ضرب علماؤنا أروعَ الأمثلة في ذلك ، ولعلِّي أكتفي بضرب الأمثلة بأعلامنا المعاصرين : كـ عبد السلام هارون ، ومحمود بن محمد شاكر [ والمؤلِّف - حفظه الله -ممن تأثَّر به في حياته العلمية ، حتى تكنى بكنيته ؛ فليتَه تأثر بشدّة العناية والضبط فيما يكتب ، والجِدَّة فيما يطرح .. ] ، وعبد الفتاح أبو غدة - رحم الله الجميع - [ والأخير طرازٌ فريد في هذا الميدان ، تراه يتنوَّق في تحقيقه وتأليفه أيّما تنوُّق ! انظر مقدمة ابنه سلمان في كتاب " صفحات من صبر العلماء " أو مقدمته لـ " لسان الميزان " في عنايته بالكتاب ] .
وقد ضربتُ المثال لما رأيت من كثرة كاثرة في كتابه من ( التطبيعات = الأخطاء المطبعية ) ، ومَنْ اعتقد أنها لا تغضُّ من قيمة الكتب فهو مخطئ خطأً فاحشًا ، وقد أشرت في الورقة الأولى ( من نسختي ) إلى الصفحات التي وقعتْ فيها هذه التطبيعات ، فوجدتُها نافتْ على السبعين ! وهي متفاوتةٌ في وضوحها وخفائها .. ( انظر ص : 102-103 ما وقع من حذفٍ في الحديث ، ص : 73 ، 77 ، أورد حديث " إنما مثل صاحب القرآن ، كمثل صاحب الإبل [ المعلَّقة ] " ولا يخفى أنها " المعقَّلة " ، ص : 104 ، نقل كلامًا طويلاً عن الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - ، ثم أعاد النقل ذاتَه في الصفحة التي تليها : 105-106 ، ص : 121 ، ترجم لأحد المباحث بقوله : ( ضعْ خطأ تحت الأفكار المهمة ) وهو يعني : خطًا ، [ مع اعتقادي أن الأولى أنْ يقال : فوق الفكرة .. ] ، ص :170 ، نقل عن كتاب " قيمة الزمن عند العلماء " في ترجمة الإمام أبي الوفاء ابن عقيل - رحمه الله - : ( ولما توفي هذا الإمام ، لم يخلِّف من الدنيا كتبه وثياب بدنه ، وكانت يمقدار كفنه وأداء دينه ) . والسقط ظاهر ! صوابه : ( ... لم يخلِّف من الدنيا [ سوى ] كتبه وثياب بدنه ) )
هذه إلماحةٌ يسيرة عجلى عما يتضمنه الكتاب من أخطاء ( تطبيعات ) ، وسهوٍ .
ثانيًا _ بُنية الكتاب على النقول والحشد الغير منظَّم ، مثل نقله أربعَ محاضرات مفرَّغة ، كما هي ! مع إهمال تام لتصحيحها لغويًا ، أو تلخيص أفكارها وإخراجها بأسلوب محرَّر [ وأنا أعرف المؤلِّف من خلال جلوسي معه - يسيرًا - ، ومن خلال متابعتي له = قديرٌ على هذا ] = فلماذا هذا الإخراج الفطير ؟!
ومجيءُ المؤلِّف بفصولٍ قليلة الجدوى ، أو لا محلَّ لها بالنسبة لموضوع الكتاب ، كتفصيله في أجهزة الجسم : كالجهاز الحركي ، والعصبي ، والدوران ، والتنفسي ، والبولي .. وفيها تفاصيل قد تكون مهمه ، لكن ليس هذا الكتاب محلُّها ... ، كان يكفي إلى الإحالة إلى ما كتب فيها .
ثالثًا _ المؤلِّف ذريعُ المشي في وصفه الكتب ، يُلمح عن بعضها ، ويُهمل الآخر ... ومن تصدَّى للأشادة بالكتب والنُّصح ، فلا يسلم من مبالغة أونقصٍ تصور ، فقد ذكر مئات الكتب ، بعضها تقع بعشرات الأجزاء .. فلو أحال إلى دراسات المتخصصين فقط = لكان أولى به ، ونحن نعلم أنه قد يمكث المرء السنوات يُعدُّ دراسةً عن كتاب واحد ، ولا يأخذ القارئ الفكرة جيّدًا إلا بعد لأي ولأواء ! فكيف هذه الأحكام المأخوذة بالذَّرع !
أذكر مثالاً يسيرًا لتلك الأحكام المستعجلة ( ص : 360 ، ذكر في كتاب الاعتقاد كتاب " شرح السنة " للإمام الحسين بن مسعود البغوي .. ) ومعلوم ما في اختصار هذا الكتاب بعلم الاعتقاد من مجازفة !
رابعًا _ ذكر كتبًا فيه من الزندقة والإلحاد ، وسمَّى بعضها " عيون الأدب العالمي " .. وهي من الغثاء والسخف السَّاخف بمكان ..! ( الآلهة عطشى لأناتول فرانس ، ص : 504) ! ( قصر الشوق ، والسكرية ) كلاهما في الأدب الجنسي .. وكتب كثيرة فيه من السقوط الخلقي ما الله به عليم ! وكتب فيه من ضياع المنهج العلمي والتشويه الشيء الكثير ، وقراءة الكتب العربية في فنونها شتى أولى بالنصح ، والمؤلِّف نادى ببلوغ الغاية العظمى : الهدي الأول واللسان الأول ، هكذا نظريًا ، ثم خالفَه بهذه التوجيهات ..
خامسًا _ ص : 513 ( مصنفون ومحققون أوصي بقراء جميع أعمالهم ) ، و ص : 516 ( قائمة ببعض كتاب المنتديات الذين ينتفع بكتابتهم [ وقد ذكر المؤلف نفسَه بينهم ] ) ، ص : 518 ذكر قنواة فضائية ( كأنه صفحات دعاية ) - مع الاحترام البالغ - هذه فوضى في النصيحة ، لا ينصح العالِم بهذه الطريقة الكمية ، التي يكال فيها كيلاً ! ويذرع فيها ذرعًا !
الخلاصة : أنَّ الكتاب بصورته هذه لا يستحق النشر ، بل هو بحاجة إلى إعادة النظر ، والتهذيب ، والجِدَّة في الطرح .
هذا ما بدا لي من قراءةٍ فاحصةٍ للكتاب ، وقد أغفلت كثيرًا من الملاحظات ؛ دفعًا للسآمة والملل . وهذا حكمي لديكم ، إن كان فيه جورٌ فاطرحوه ، وإن كان فيه حقٌ فهو ما أبتغيه . وليتسّع صدر الكاتب وغيره لي ، ولنْ يعدَم في كلامي ما يُفيد .
كتب/ شيحان الشمري
https://twitter.com/?lang=en&logged_out=1 (https://twitter.com/?lang=en&logged_out=1)
21/6/1433