المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرجئة ومرتكب الكبيرة أدلتهم والرد عليها



أهــل الحـديث
12-05-2012, 11:31 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
يقول عثمان بن الصادق بن أحمد أبو محمد الصادق التغزوتي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين يا رب
هذا بحث قدمته في مقياس العقيدة في الجامعة للسنة الأولى آداب وعلوم إسلامية فأردت إفادة إخواني به والإستفادة منهم لعلي أكمله وأخرجه في حلة تقر عيني وعين إخواني بها
وها أنا أقدمه على فصول ومطالب لتسهل قراءته على من أراد ذلك والله ولي التوفيق
المبحث الثالث: نظرة المرجئة لمرتكب الكبيرة، أدلّتهم والرد عليها

خالفت المرجئة أهل السنة في كثير من مسائل الإيمان هذا بناءا على أصل مذهبهم فيه، حيث أنهم يقولون الإيمان هو المعرفة أو التصديق أو اعتقاد القلب وقول اللسان أو هو قول اللسان فقط أو هو اعتقاد وقول وعمل لكنهم يقولون بشطرية لا شرطية العمل في مسمى الإيمان، هذه تعريفاتهم اختلفت باختلاف فرقهم، وسنحاول في هذا المبحث بعض أقوالهم وأدلّتها وردُّ أهلِ العلم عليها-بإذن الله تعالى- والله ولي التوفيق .

هناك قصّة تستحق الإيراد ذكرها الطبري في تهذيب الآثار وعبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني في كتابه السنة 1/382 الطبعة الأولى ، 1406 دار ابن القيم – الدمام تحقيق : د. محمد سعيد سالم القحطاني عن معقل بن عبيد الله العبسي-رحمه الله- في مقولاتهم والرد عليها

حدثني أبي نا خالد بن حيان أبو يزيد الرقي نا معقل بن عبيد الله العبسي قال قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1) فعرضه قال فنفر منه أصحابنا نفارا شديدا وكان أشدهم ميمون بن مهران وعبد الكريم بن مالك فأما عبد الكريم فإنه عاهد الله عز و جل ألّا يأويه وإياه سقف بيت إلا المسجد قال معقل: فحججت، فدخلت على عطاء بن أبى رباح في نفر من أصحابي ، قال : فإذا هو يقرأ سورة يوسف،


قال : فسمعته قرأ هذا الحرف { حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كذبوا } مخففة .
قال : قلت : إن لنا إليك حاجة فاخل لنا، ففعل، فأخبرته أن قوما قبلنا قد أحدثوا وتكلموا،


* وقالوا : إن الصلاة والزكاة ليستا من الدين قال : فقال : أو ليس يقول الله : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة } . فالصلاة و الزكاة من الدين .
* قال : فقلت له : إنهم يقولون : ليس في الإيمان زيادة .


قال : أو ليس قد قال الله فيما أنزله : { فزادهم إيمانا } ، فما هذا الإيمان الذي زادهم ؟!


قال : قلت : فإنهم قد انتحلوك ، و أبلغني أن ذرا دخل عليك و أصحابه ، فعرضوا عليك قولهم فقبلته و قلت هذا الأمر ، فقال : لا والله الذي لا إله إلا هو ما كان هذا - مرتين أو ثلاثة .
قال : ثم قدمت المدينة ، فجلست إلى نافع ، فقلت له : يا أبا عبد الله ، إن لي إليك حاجة ، قال سر أم علانية ؟ فقلت : لا ، بل سر ، قال : رب سر لا خير فيه !
فقلت له : ليس من ذلك ، فلما صلينا العصر قام و أخذ بيدي ، و خرج من الخوخة و لم ينتظر القاص ، فقال ما حاجتك ؟ قال : قلت : أخلني من هذا ، قال : تنح يا عمرو ، قال : فذكرت له بدو قولهم ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أضربهم بالسيف حتى يقولوا : لا إله إلا الله , فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا منى دماءهم و أموالهم إلا بحقه ، و حسابهم على الله ".


*قال : قلتُ : إنهم يقولون : نحن نقر بأن الصلاة فريضة ولا نصلى ، و أن الخمر حرام ونشربها ، و أن نكاح الأمهات حرام و نحن نفعل ، قال : فنتر يده من يدي و قال : من فعل هذا فهو كافر .
* قال معقل : ثم لقيت الزهري ، فأخبرته بقولهم ، فقال سبحان الله !! أو قد أخذ الناس في هذه الخصومات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن ، و لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن ، و لا يشرب الشارب الخمر حين يشربها و هو مؤمن " .
قال : ثم لقيت الحكم بن عتيبة ، قال : فقلت : إن ميمونا و عبد الكريم بلغهما أنه دخل عليك ناس من المرجئة ، فعرضوا عليك قولهم ، فقبلت قوله .
قال : فقيل ذلك على ميمون و عبد الكريم ؟ قلتُ : لا .

قال : دخل علي منهم اثني عشر رجلا، و أنا مريض،

* فقالوا : يا أبا محمد ، بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل بأمة سوداء أو حبشية ، فقال : يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة ، أفترى هذه مؤمنة ؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتشهدين أن لا إله إلا الله " قالت : نعم ، قال : " وتشهدين أني رسول الله " قالت: نعم، قال: " وتشهدين أن الجنة حق وأن النار حق " قالت : نعم ، قال : " أتشهدين أن الله يبعثك من بعد الموت " قالت: نعم، قال: "فأعتقها فإنها مؤمنة"[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2) قال : فخرجوا و هم ينتحلوني .
قال : ثم جلست إلى ميمون بن مهران ، فقيل له : يا أبا أيوب : لو قرأت لنا سورة نفسرها ، قال : فقرأ أو قرأت : { إذا الشمس كورت } ، حتى إذا بلغ : { مطاع ثم أمين } ، قال : ذاك جبريل و الخيبة لمن يقول إيمانه كإيمان جبريل " .
ويروي ابن بطة بسنده عن المبارك ابن حسان قصة أخرى ، " قال:


* قلت لسالم الأفطس: رجل أطاع الله فلم يعصه ، ورجل عصى الله فلم يطعه ، فصار المطيع إلى الله فأدخله الجنة ، وصار العاصي إلى الله فأدخله النار , هل يتفاضلان في الإيمان ؟
قال : لا


* قال : فذكرت ذلك لعطاء ، فقال : سلهم الإيمان طيب أم خبيث ؟ فإن الله تعالى قال : { ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون }[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3).
* فقال النحات[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4) : إنما الإيمان منطق وليس معه عمل ! ، فذكرت ذلك لعطاء ، فقال : سبحان الله ! أما تقرؤون الآية التي في سورة البقرة : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب و لكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة و الكتاب و النبيين } .
* قال : ثم وصف الله هذا الإثم فألزمه العمل ، فقال :
{ وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة } ..إلى قوله : { صدقوا وأولئك هم المتقون }.
قال : سلهم هل دخل هذا العمل في هذا الاسم ؟
* و قال : { و من أراد الآخرة و سعى لها سعيها وهو مؤمن } .
فألزم الاسم العمل وألزم العمل الاسم " .[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)


وفي هذا المقام كذلك يجدر بقاصر مثلي أن يورد كلام الشيخ الدكتور سفر الحوالي -حفظه الله- ليكون عضدي وزنادي في هذا المبحث من كتابه ظاهرة الإرجاء:


وهذه أمثلة من النصوص أو الاستنباطات ، التي استدل بها المرجئة على أن ترك العمل مطلقا لا ينافى الإيمان ، وجواب أهل السنة والجماعة عنها :
1-حديث جارية معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه ، الذي فيه :
"كانت لي جارية ترعى غنما قبل أحد والجوانية ، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ، وأنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسفون ، لكني صككتها صكة[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6).
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك عليَّ .
قلت : يا رسول الله ، أفلا أعتقها ؟
قال : ائتني بها ، فأتيته بها ، فقال لها : أين الله ؟
قالت : في السماء .
قال : من أنا ؟
قالت : أنت رسول الله .
قال : أعتقها فإنها مؤمنة؟[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7) .
ووجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لها بالإيمان دون أن يشترط العمل، فالإيمان يثبت بمجرد الإقرار ، فهو قول فقط وليس قولا وعملا".
والجواب عن ذلك :


أن مورد الحديث وموضعه ، هو بيان الحكم الدنيوي المترتب على الإيمان وليس بيان حقيقة الإيمان الشرعية ، المبينة في نحو قول الله تعالى :
(إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)[8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8) (الحجرات : 15) .
وفرق كبير بين أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن أحد إنه مؤمن ، بمعنى أنه داخل في أحكام المؤمنين الظاهرة ، من المناكحة ، والتوارث وحل الذبيحة ، والصلاة على الجنازة ، والإجزاء في العتق ، ونحو ذلك وبين أن يقول عن أحد إنه مؤمن ، في موضع الشهادة له بتحقيق الإيمان ، واستكمال صفات المؤمنين ، ولهذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبى وقاص حين قال له : "يا رسول الله ، مالك عن فلان ؟[9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9) فوالله إني لأراه مؤمنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أو مسلما" ، ثلاث مرات"[10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10).
ومن المعلوم أن هذه الجارية ليست معدودة في السابقين ولا من أفاضل الصحابة المشهود لهم بالإيمان ، بل غاية ما دل عليه الحديث أنها مسلمة لا أكثر وهو الحكم الظاهر الذي يستحقه كل من أظهر الإيمان .


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وهذا لا حجة فيه ، لأن الإيمان الظاهر الذي تجرى عليه الأحكام في الدنيا ، لا يستلزم الإيمان في الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة ، فإن المنافقين الذين قالوا : آمنا بالله وباليوم الآخر ، وما هم بمؤمنين ، هم في الظاهر مؤمنون ، يصلون مع الناس ويصومون ويحجون ويغزون ، والمسلمون يناكحونهم ويوارثونهم ، كما كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "[11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11) .


إنه إن كان في الحديث شبهة للمرجئة الفقهاء ، فلا شبهة قط للمرجئة الغلاة من الجهمية والأشعرية والماتريدية ، الذين يقولون : إن الإيمان هو مجرد تصديق القلب ، وإن المصدق بقلبه ناج عند الله !!
بل هو حجة عليهم ، فإن مجرد ذلك لا يترتب عليه أي حكم من أحكام الإيمان ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولو أن الكرامية استدلت به على مذهبها في أن الإيمان هو النطق ، لكان أقرب منهم ، فكيف ونحن متفقون على بطلان مذهب الكرامية فظهر أن مذهبهم أشد بطلانا منه ، (لا سيما وأن التصديق في لغة العرب ، إنما يطلق على من قال بلسانه : صدقت ، أما مجرد انعقاد القلب على صحة أمر ما دون إظهار ذلك باللسان ، فلا يسمى في لغة العرب تصديقا" .





[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) هذا ما في السنة واللفظ كله لها ، وفى التهذيب : ( أول من قدم علينا بالإرجاء سالم الأفطس ) .ولعله يقصد أول من قدم به الجزيرة - التي هي موطن معقل وميمون بن مهران - جلبه من الكوفة .


[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2) سوف يأتي الرد على هذه الشبهة –إن شاء الله-


[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3) وجه الاستدلال: إنه إذا كان الإيمان واحدا لا يتفاضل فيلزم أنه خبيث لدخوله النار والنار لا يدخلها طيب وإنما يدخلها الخبيث وإن قال : إنه حين دخولها ليس معه الإيمان فقد كفره ، لأن الإيمان عنده شئ4 واحد فزواله يكون بالكلية، وهذا عكس مذهبه .


[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref4) قال عنه الشيخ سفر الحوالي –حفظه الله- في كتابه ظاهرة الإرجاء (لم أجد له ترجمه إلا أن يكون وصفا وليس علما)


[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref5) قال الشيخ في نفس المصدر : هذا الجدل المبكر ( زمن التابعين ) في موضوع العمل يعطينا فكرة واضحة عن مذهب المرجئة الفقهاء فيه ، و حقيقة الخلاف بينهم و بين أهل السنة والجماعة منذ نشأتهم ، كما بين لنا منهج السلف العلمي في مجادلتهم ، و هو أن أهم جانب في القضية شغل أذهان السلف هو موضوع عمل الجوارح ؛ أي أداء الفرائض واجتناب المحرمات ، و أن حقيقة الإيمان لا تكون إلا به مع عمل القلب ، فإذا انتفى أحدهما انتفى الإيمان .



[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref6) أي لطمها على وجهها .


[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref7) (3) صحيح مسلم رقم (537) ، والمسند (5/447) ، والنسائي (2/14) ، وأبو داود رقم (930) ، طبعة الدعاس .


[8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref8) وقد جاءت الآية تكملة لإنكار الله تعالى على الأعراب في دعوى أنهم مؤمنون وقوله (لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) لأنهم أرادوا حقيقة الإيمان فنفاها الله عنهم ، وأثبت لهم الإسلام الذي يعنى مطلق الإيمان ، لا الإيمان المطلق الحقيقي ، والذي تترتب عليه الأحكام الظاهرة ، وهو الوجه الصحيح في الآية .


[9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref9) أي لماذا لم تعطه كما أعطيت غيره ؟


[10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref10) البخاري كتاب الإيمان (1/79) .


[11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref11) "الإيمان" ص197 – 198 .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين