المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أربع عِبرَ.. من : مذكرات أحد رموز جماعة "الإخوان المسلمين" سليمان بن صالح الخراشي



النصرالعالمي
11-05-2012, 06:40 PM
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/27.htm

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
يعد الدكتور "توفيق الشاوي" واحدًا من الرعيل الأول لجماعة "الإخوان المسلمين" ممن صحبوا الشيخ حسن البنا –رحمه الله- وأنصتوا لدعوته وآمنوا بها، فبذل جهودًا كبيرة لنشرها في العالم الإسلامي (طوال خمسين عامًا) لاسيما في بلاد المغرب العربي؛ التي اختص بها، وتعرف على همومها وطبيعتها.
كتب الشاوي مذكراته بعد هذا العمر المديد تحت عنوان "مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي"، وصدرت في قريب من 600 صفحة عن دار الشروق بمصر عام 1419هـ، تحدث فيها عن تجربته في العمل الإسلامي وما واجهه من تحديات وعقبات، وانطباعاته من شخصيات وجمعيات وحكومات.
وأثناء قراءتي لهذه المذكرات كانت تعرض لي فيها صفحات وخلاصات وعبارات مهمة قيدها صاحبها من واقع تجربة وتمرس، يحسن بكل عامل للإسلام في هذا الزمان أن يتأملها ويتدبرها ويأخذ العبرة منها ليستفيد اللاحق من السابق.
فأحببت لأجل هذا أن أنتقي هذه المواضع المهمة وأضعها بين يدي إخواني من طلبة العلم ودعاة الإسلام، مكتفياً بعنونتها والتعليق اليسير عليها؛ لعلهم يجدون فيها ما يغنيهم عن الجهود الضائعة، ويصرفهم إلى الجهود النافعة التي تسارع بالأمة إلى تحقيق آمالها.
ويحسن قبل هذا: التعريف الموجز بالدكتور الشاوي وبمؤلفاته كما جاءت في خاتمة مذكراته (ص 568-572):

تعريف بالدكتور توفيق الشاوي:
- ولد في مدينة المنصورة، وحفظ القرآن الكريم مبكراً.
- تخرج في كلية الحقوق.
- انضم إلى جماعة "الإخوان المسلمين" خلال دراسته الجامعية.
- تعين مدرسًا مساعدًا في كلية الحقوق.
- سافر إلى فرنسا لدراسة الدكتوراه، وحصل عليها عام 1949م.
- بعد عودته تعين مدرسًا بالكلية المذكورة.
- كلفته جماعة الإخوان بالاتصال بزعماء الحركات الوطنية في بلاد المغرب العربي "الجزائر، المغرب، تونس"فانصبت اهتماماته على قضاياهم.
- سجن مع من سجن من جماعة الإخوان في عهد عبد الناصر.
- بعد خروجه من السجن تعين قاضياً بالمحكمة العليا بالرباط عام 1959م وأستاذًا بجامعة محمد الخامس.
- انتقل إلى السعودية عام 1965م حينما تعاقدت معه وزارة البترول مستشارًا قانونياً لإدارة الثروة المعدنية في جدة.
- عينه الملك فيصل عضوًا بالمجلس الأعلى لجامعة الرياض عام 1965م ثم منحه الجنسية السعودية عام 1966م.
- تعين أستاذًا للقانون والفقه المقارن بكلية الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 1968م.
- تعاون مع الأمير محمد الفيصل في إنشاء مدارس "المنارات"
- شارك في تأسيس البنك الإسلامي للتنمية، وبنك فيصل الإسلامي بالخرطوم والقاهرة.

أهم مؤلفاته :
1- فقه الحكومة الإسلامية بين السنة والشيعة، 1995م.
2- موسوعة عصرية للفقه الجنائي الإسلامي.
3- عبد الرزاق السنهوري من خلال أوراقه الشخصية، 1988م.
4- كتب عديدة في القانون الوضعي !
تنبيه :
يستغرب المسلم من انكباب الدكتور على التأليف في القانون الوضعي، بل تدريسه!، إضافة إلى تمجيده لمن أقاموا صروحه في بلاد المسلمين؛ كالسنهوري (1) (http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/27.htm#[1]#[1]). متغافلاً عن خطورة هذا الأمر على دينه حيث فيه الرضا بالحكم بالطاغوت وإقراره في بلاد الإسلام، والله يقول (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، ويقول في المنافقين (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وبما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيدًا).
ومما يزيد العجب والحيرة أن يصدر هذا من رجل ينتسب إلى جماعة إسلامية قامت –كما يقول أصحابها- لتعيد الحكم بالإسلام إلى ديار المسلمين! فتأمل هذا التناقض.
ويحسن هنا أن أذكر فتوى سماحة الشيخ ابن باز –رحمه الله- فيمن يقوم بدراسة القوانين الوضعية أو تدريسها لعلها تكون مبصرة لمن يتهاون في هذا الأمر الخطير.
فتوى الشيخ ابن باز فيمن يدرس القوانين الوضعية :
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ أحمد بن ناصر بن غنيم زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركا أينما كان آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد : فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 3 / 5 / 1397 هـ وصلكم الله بهداه ولم يقدر الله اطلاعي عليه إلا منذ خمسة أيام أو ستة ، وقد فهمت ما تضمنه من السؤال عن حكم من درس القوانين الوضعية أو تولى تدريسها هل يكفر بذلك أو يفسق؟ وهل تصح الصلاة خلفه؟
والجواب : لا ريب أن الله سبحانه أوجب على عباده الحكم بشريعته والتحاكم إليها ، وحذر من التحاكم إلى غيرها ، وأخبر أنه من صفة المنافقين ، كما أخبر أن كل حكم سوى حكمه سبحانه فهو من حكم الجاهلية ، وبين عز وجل أنه لا أحسن من حكمه ، وأقسم عز وجل أن العباد لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا من حكمه بل يسلموا له تسليما ، كما أخبر سبحانه في سورة المائدة أن الحكم بغير ما أنزل كفر وظلم وفسق ، كل هذه الأمور التي ذكرنا قد أوضح الله أدلتها في كتابه الكريم ، أما الدارسون للقوانين والقائمون بتدريسها فهم أقسام :
( القسم الأول ) من درسها أو تولى تدريسها ليعرف حقيقتها أو ليعرف فضل أحكام الشريعة عليها أو ليستفيد منها فيما لا يخالف الشرع المطهر أو ليفيد غيره في ذلك فهذا لا حرج عليه فيما يظهر لي من الشرع ، بل قد يكون مأجورا ومشكورا إذا أراد بيان عيوبها وإظهار فضل أحكام الشريعة عليها ، والصلاة خلف هذا القسم لا شك في صحتها ، وأصحاب هذا القسم حكمهم حكم من درس أحكام الربا وأنواع الخمر وأنواع القمار ونحوها كالعقائد الفاسدة ، أو تولى تدريسها ليعرفها ويعرف حكم الله فيها ويفيد غيره ، مع إيمانه بتحريمها كإيمان القسم السابق بتحريم الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشرع الله عز وجل وليس حكمه حكم من تعلم السحر أو علمه غيره .
لأن السحر محرم لذاته لما فيه من الشرك وعبادة الجن من دون الله فالذي يتعلمه أو يعلمه غيره لا يتوصل إليه إلا بذلك أي بالشرك بخلاف من يتعلم القوانين ويعلمها غيره لا للحكم بها ولا باعتقاد حلها ولكن لغرض مباح أو شرعي كما تقدم .


( القسم الثاني ) من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها ليحكم بها أو ليعين غيره على ذلك مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله ، ولكن حمله الهوى أو حب المال على ذلك فأصحاب هذا القسم لا شك فساق وفيهم كفر وظلم وفسق لكنه كفر أصغر وظلم أصغر وفسق أصغر لا يخرجون به من دائرة الإسلام ، وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم وهو قول ابن عباس وطاووس وعطاء ومجاهد وجمع من السلف والخلف كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي والقرطبي وغيرهم ، وذكر معناه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب ( الصلاة ) وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله رسالة جيدة في هذه المسألة مطبوعة في المجلد الثالث من مجموعة ( الرسائل الأولى ) ،
ولا شك أن أصحاب هذا القسم على خطر عظيم ويخشى عليهم من الوقوع في الردة ، أما صحة الصلاة خلفهم وأمثالهم من الفساق ففيها خلاف مشهور ، والأظهر من الأدلة الشرعية صحتها خلف جميع الفساق الذين لم يصل فسقهم إلى حد الكفر الأكبر ، وهو قول جم غفير من أهل العلم واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
والمعلمون للنظم الوضعية والمتعلمون لها يشبهون من يتعلمون أنواع الربا وأنواع الخمر والقمار أو يعلمونها غيرهم لشهوة في أنفسهم أو لطمع في المال مع أنهم لا يستحلون ذلك ، بل يعلمون أن المعاملات الربوية كلها حرام ، كما يعلمون أن شرب المسكر حرام والمقامرة حرام ، ولكن لضعف إيمانهم وغلبة الهوى أو الطمع في المال لم يمنعهم اعتقادهم التحريم من مباشرة هذه المنكرات وهم عند أهل السنة . لا يكفرون بتعاطيهم ما ذكر ما داموا لا يستحلون ذلك كما سبق بيان ذلك .


( القسم الثالث ) من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها مستحلا للحكم بها سواء اعتقد أن الشريعة أفضل أم لم يعتقد ذلك فهذا القسم كافر بإجماع المسلمين كفرا أكبر . لأنه باستحلاله الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله يكون مستحلا لما علم من الدين بل لضرورة أنه محرم فيكون في حكم من استحل الزنا والخمر ونحوهما ، ولأنه بهذا الاستحلال يكون قد كذب الله ورسوله وعاند الكتاب والسنة ، وقد أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب حكم المرتد اتضح له ما ذكرنا .
ولا شك أن الطلبة الذين يدرسون بعض القوانين الوضعية أو المدخل إليها في معهد القضاء أو في معهد الإدارة لا يقصدون بذلك أن يحكموا بما خالف شرع الله منها ، وإنما أرادوا أو أريد منهم أن يعرفوها ويقارنوا بينها وبين أحكام الشريعة الإسلامية ليعرفوا بذلك فضل أحكام الشريعة على أحكام القوانين الوضعية ، وقد يستفيدون من هذه الدراسة فوائد أخرى تعينهم على المزيد من التفقه في الشريعة والاطمئنان إلى عدالتها ،
ولو فرضنا أنه قد يوجد من بينهم من يقصد بتعلمها الحكم بها بدلا من الشريعة الإسلامية ويستبيح ذلك لم يجز أن يحكم على الباقين بحكمه؟ لأن الله سبحانه يقول : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ) أُخْرَى ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يجني جان إلا على نفسه".
وبما ذكرنا يتضح لفضيلتكم أن القدح في إمامة الطلبة المذكورين والحكم بعدم صحة الصلاة خلفهم أمر لا تقره الشريعة ، ولا يقره أهل العلم ، وليس له أصل يرجع إليه ، وأرجو أن يكون ما ذكرته مزيلا لما وقع في نفس فضيلتكم من الشك في أمر الطلبة المذكورين في القسم الأول ، أو تفسيقهم أو تكفيرهم ، أما القسم الثاني فإنه لا شك في فسقهم ، وأما القسم الثالث فإنه لا شك في كفر أهله وعدم صحة الصلاة خلفهم .
وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنحني وإياكم وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، ومن مضلات الفتن إنه سميع قريب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) . انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ( 2 / 325 – 331 ) باختصار .
يتبع