المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المُخْتَاراتُ الرقراقَةُ مِنْ وَصيِّةِ ابنِ قُدَامة ت 620 هـ -رحمهُ اللهُ -



أهــل الحـديث
09-05-2012, 08:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




المُخْتَاراتُ الرقراقَةُ مِنْ وَصيِّةِ ابنِ قُدَامة .
بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله مُحمّدٍ ( صلّى الله عليهِ وآلهِ وصبحهِ وسلّم ) وبعدُ :
أيُّها الأخوّة :
قد يعرفُ الإنسانُ صدقَ الذي أمَامَهُ بأمَاراتٍ وعَلاماتٍ ، وقَد يخطئُ أحيانًا ويصيبُ تارةً أخرى ، أمّا النّاظر إلى وصيةِ الإنسان عند موته فلا يجدُ بدًّا من أن يصدّقَ قَائلها أو كَاتبَها وإن لم يراه ؛ لأنّ الإنسانَ عندَ آخر لحظةٍ قَبْل أن يُفارقَ حياته يمرُّ عليه شَريطُ ذكرياتِهِ ، وَمَا قَدّم فيها وهو مُرْتَقِبٌ لِيجدَ نَتيجةَ ما قدّم ، - هذا كلامُنا عن إنسان عادي – فكيفَ إذا كَانت الوصيّةُ من عَالمٍ قدَّم حياته للعلمِ وأهلِهِ – طاعةً لله وعبادةً نحسبه ولا نزّكيه – هو من مفاخر المذهبِ الحنبليِّ ودررِهِ .
يا طالبَ العلمِ :
خسارة وأي خسارةٍ إن لم يكن عملُنا خالصًا لله ، فقد استعرتُ كتابًا من أحد المساجد وهو وصية العالم الحنبلي ابن قدامة ، ولمّا كنتُ أقرأُ في وصيّة ابنِ قُدَامة انتقلَ الذهنُ إلى صاحبِها ، ويكأنّني أراهُ يَخطّ حروفَها على طاولتِهِ أو على الأرضِ وهو يبكي أو تحشرج نفسه أو تكاد ، فاعلم – رحمك الله – أنّ الدنيا فانيةٌ زائلةٌ مَاضيةٌ ، زائلٌ من فيها إلا ذكر الله وما والاه .
وفي صحيح البخاري – رحمه الله - (( عن أبي هريرة : عن النّبيِّ صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ صحبهِ وسَلّم قال : أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَهُ الشَّاعِرُ أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلُ )) ، وكم تطيبُ نفسي هذه الأيّام أن تقرأ في كتبِ القدماءِ ، فإنّ فيها لذةً كبيرةً .
أيّها الأعضاءُ الأعزّاءُ أعضاء ملتقى أهل الحديث الذي هو من الأعضاء :
أنتقلُ معكم إلى الكتاب المختار لاستخراجِ ما فيه مِن كَلامٍ رقراقٍ ، وقبل الغوص في أحشائِه ، يضعُ الكاتب نقطةً لطالما انتبه إليها وهي : قد تجدُ كتابًا عدد صفحاته الكثير ولا تكادُ تستفيدُ منه إلا القليل والعكس صحيح ، فإنَّ وصيّةَ ابن قدامة هذه لا تكادُ تتجاوزُ صفحاتُها 25 ورقة وهي من القِطعِ الصّغيرِ أي في 10 صفحاتٍ منَ القِطعِ الكبيرِ ولكن فيها من الفوائِدِ الشيء الكثير الكثير ، وهي بالفعل نصائح يرقّ القلبُ لمّا يَقرأها بعينِ قلبِهِ .
والكتاب منشور عن دار التقوى ، بتحقيق د.حمد بن عبد الرحمن الجنيدل . بدون تاريخ الطبعة ورقهما .
وقد وردَ ذكرُ هذه الوصيّةِ هنا :
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=825563

**************
يقولُ ابن قدامة ت 620هـ – رحمه اللهُ –
ص 17 :
( فقد سَألني بعضُ إخواني الصّالحينَ أن أكتبَ له وصيّةً فامتنعْتُ من ذلكَ لعلمي أنّه غيرُ مستوصٍ في نَفسي ، ثمّ بدا لي أن أجيبَهُ إلى مسألتهِ رجاءَ ثوابِ قضاءِ حاجةِ الأخِ المسلمِ ودعائهِ لي وأن يجرّ إليّ أجرًا إذا عمل بوصيتي )
ص 17 :
( اعلم رحمكَ اللهُ أنّ هذه الدّنيا مزرعةُ الآخرةِ ، ومتجرُ أرباحها )
ص 19 :
( قال إبراهيمُ التيميّ : مثّلتُ نفسي في الجنّةِ آكلُ من ثمارِها وأعانقُ أبكارَها وأتنعّمُ بِنعيمِها فقلتُ : أيُّ شيءٍ تتمنينَ ؟ فقالت أردُّ إلى الدّنيا فأزدادُ من العملِ الذي نِلتُ به هذا ، ثمّ مثَّلْتُ نَفْسي في النَّارِ أحْرقُ بِجَحيمِها وأَجْرعُ من حَمِيمِها ، وأطْعمُ من زقُّومِها ، فقلتُ : أيّ شيءٍ تتمنينَ ؟ فقالت : أردُّ إلى الدّنيا فاعملَ عملًا أتخلّصُ به من هذا ، فقلتُ لنفسي : فأنتِ في الأمنية فاعملي . )
ص 19 :
( واعلم رحمك الله أنّ أهل القبور أمنية أحدهم أن يُسبّحَ تسبيحةً تزيد في حسناتِهِ أو يقدر على توبةٍ من بعض سيّئاتهِ )

ذكر ابن قدامة أن رجلًا ركع ركعتين إلى جانبِ قبرٍ ثمّ اتّكأ فأغفى فرأى صاحب القبرِ في المنام ، ولولا خشيةُ طول الكلام وسآمة الأحباب لنقلتها كلها – فهو كَلامٌ جميلٌ ونفيسٌ – .

على لسان صاحب القبر (( لو ضاع منكَ دينارٌ لساءكَ فكيفَ تُفرّطُ في ساعات أوقاتكَ وكيفَ لا تحزنُ على عُمُركَ الذاهب بغير عوض . ))
ص 26 :
( وقد لا يحصل للمرائي ما قصده بالكليّة فقد روينا أن رجلًا كان يُرائي بعمله فإذا مرّ بالنّاس قالوا هذا مرائي ، فقال يومًا في نفسه والله ما حصلتُ على شيءٍ ولو جعلتُ عملي لله ، فما زادَ على أن قلَبَ نيّتهُ فكانَ إذا مرَّ بهم قالوا : هذا رجلٌ صالحٌ ، ومن ذلك العُجب فقد روي أنَّهُ لا يجاوز عمله رأسه . )

يتبع ....