المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لزوم المضاربة لمدة بالشرط



أهــل الحـديث
06-05-2012, 11:31 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد.

ففي بعض عقود المضاربة يلجأ الشركاء إلى اشتراط لزوم الشركة لمدة كسنة مثلا, بحيث تكون الشركة مؤقتة بهذه المدة, وفي ذات الوقت يمتنع فسخها أثنائها. وقد أجاب بعض الفضلاء بجواز ذلك, ولما رجعت لبعض المراجع وجدت هذه الأجوبة مشكلة على ما ذكره الفقهاء رحمهم الله.

فقد ذكر الباحث عبد الرحمن بن مسفوه المالكي في (الشروط الجعلية المتعلقة بأركان الشركة) وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجةالماجستير في قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء ما يلي في نتائح بحثه:

11- أن مسألة تحديدمدة تنتهي المشاركة بانتهائها، تنقسم إلى مسألتين، الأولى: أن تحدد مدة تنتهيالمشاركة بانتهائها، ولكنها غير لازمة في أثناءها، فهذه جائزة على الراجح، الثانية:أن تحدد مدة للمشاركة تلزم في أثناءها، فهذه اتفقت المذاهب الأربعة على عدم جوازها.

وقد راجعت كتب المذاهب, فخرجت بما يلي:

1- لم أتمكن من الوقوف على نص صريح للحنفية في المسألة, وإنما ذكروا جواز التأقيت بمدة بحيث تنتهي الشركة بحلول نهايتها, ولم يتعرضوا للزوم الشركة وامتناع الفسخ أثناء المدة.

2- نص المالكية على عدم الجواز. ومن نقولهم في ذلك:

جاء في شرح لمختصر للخرشي:

شرح مختصر خليل للخرشي (دار الفكر-د.ط-د.ت) ج6 ص206-207

يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا وَقَعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لأَنَّ عَقْدَهُ غَيْرُ لازِمٍ وَهُوَ رُخْصَةٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ فَإِذَا وَقَعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَرْكِهِ

3- نص الشافعية أيا على عدم الجواز. ومن نقولهم في ذلك:

البيان (دار المنهاج-الطبعة الأولى-1421 هـ- 2000 م) ج7 ص197

أن يقول: قارضتك سنة على أني لا أمنعك فيها من البيع والشراء .. بطل القراض؛ لأن عقد القراض عقد جائر ، فلا يجوز أن يشترط لزومه على رب المال.

ومنها:

الحاوي الكبير (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-د.ط-1424 هـ- 2003 م) ج9 ص109


مَسْأَلَةٌ : قَالَ الْمُزَنِيُّ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " وَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَهُ إِلَى مُدَّةٍ مِنَ الْمُدَدِ " .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْقِرَاضَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ دُونَ اللازِمَةِ ، وَلِذَلِكَ صَحَّ عَقْدُهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ مُدَّةٍ يَلْزَمُ فِيهَا ، فَلَوْ شَرَطَا مُدَّةً يَكُونُ الْقِرَاضُ فِيهَا لازِمًا بَطَلَ .
وَقَالَ أبو حنيفة : يَصِحُّ . وَهَذَا فَاسِدٌ ؛ لأَنَّ مَا كَانَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ يَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ الْمُدَّةِ كَالشَّرِكَةِ وَلأَنَّهُ عَقْدٌ يَصِحُّ مُطْلَقًا فَبَطَلَ مُؤَجَّلا كَالْبَيْعِ ، وَالنِّكَاحِ .

تعليق: استشكلت نسبة القول لأبي حنيفة مع عدم وجوده في كثير من المظان التي رجعت لها, والذي يبدو من مراجعة كتب الحنفية أن المقصود هنا الكلام في صحة العقد من حيث الحكم الوضعي, ولا يلزم من ذلك إجازته من حيث الحكم التكليفي, أي الكلام في صحة العقد ولا يلزم منه جواز الشرط.

وأيضا أشكل علي ما جاء في المنتقى:

المنتقى (دار الكتاب الإسلامي-القاهرة-الطبعة الثانية-د.ت) ج5 ص162-163

لا يَجُوزُ أَنْ يُوَقِّتَ الْقِرَاضَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لا يَجُوزُ فَسْخُهُ قَبْلَهَا ، وَإِنْ عَادَ الْمَالُ عَيْنًا ، وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَقَدْ كَمُلَ الْقِرَاضُ فَلا يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَلا عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ ، وَلا يَعْمَلُ بِهِ إذَا كَانَ عَرْضًا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ذَلِكَ جَائِزٌ

4- نص الحنابلة على عدم الجواز. من نقولهم:


الإنصاف (دار إحياء التراث العربي-الطبعة الثانية-د.ت) ج5 ص423-424

قَوْلُهُ ( وَالشُّرُوطُ فِي الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ : صَحِيحٌ ، وَفَاسِدٌ . فَالْفَاسِدُ : مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ ، أَوْ ضَمَانِ الْمَالِ ، أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ ، أَوْ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا يَخْتَارُ مِنْ السِّلَعِ ، أَوْ يَرْتَفِقَ بِهَا ، أَوْ لا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بِعَيْنِهَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ) .. قَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَإِنْ شَرَطَ تَوْقِيتَهَا ، أَوْ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ : فَسَدَ الْعَقْدُ . وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ . وَيَخْرُجُ فِي سَائِرِهَا رِوَايَتَانِ . وَشَمِلَ قِسْمَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ ، نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِطَ لُزُومَ الْمُضَارَبَةِ ، أَوْ لا يَعْزِلُهُ مُدَّةً بِعَيْنِهَا .. آلخ

تنبيه: وجدت بعض المعاصرين نسب إجازة التوقيت مع لزوم العقد أثناء المدة - وهي مسألتنا - إلى الحنفية والحنابلة, وهذا غير دقيق, لا سيما أن الحنابلة صرحوا بعدم جوازه, وإن أجازوا التوقيت بمعنى انتهاء الشركة بنهاية المدة مع عدم لزومها أثناء المدة.

هذا ما تيسر على عجل, وأتمنى ممن لديه مزيد فائدة أن يتحفنا, لا سيما أن من المعاصرين يفتي في ذلك بناء على الأصل في المعاملات والشروط, وهذا مشكل إذا لم يكن له سلف قال بمثل قوله, ولهذا تحتاج المسألة لتحرير, لا سيما وبعض الناس يقول بأن الحاجة تدعوا إلى هذا الاشتراط, لكون العامل يريد أن يضمن استمرار الشركة لفترة معقولة يظهر فيها ربح يمكنه اقتسامه مع صاحب المال. وإذا ثبت الاتفاق لم يكن لهذا التعليل مجال. والله أعلم.