المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمل خطبة جمعة مشكولة بعنوان : الوُضُوءُ فَضْلُهُ وَصِفَتُهُ وَالْمَوَاضِعُ التِي يُشْرَعُ فِيهَا لشيخنا / محمد بن مبارك الشرافي - حفظه الله -



أهــل الحـديث
03-05-2012, 09:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الوُضُوءُ فَضْلُهُ وَصِفَتُهُ وَالْمَوَاضِعُ التِي يُشْرَعُ فِيهَا 13/6/1433هـ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيه , الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لَنَا مَا نُطَهِّرُ بِهِ بَوَاطِنَنَا وَظَوَاهِرَنَا , وَخَصَّنَا مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيل , وأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ , ورسُولُهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ , وسلَّمَ تَسْلِيمَاً كثَيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَتَعَلَّمُوا مِنَ الْعِلْمِ مَا تُطِيعُونَ بِهِ رَبَّكُمْ وَتُقِيمُونَ بِهِ عِبَادَاتِكُمْ , فَإِنَّهُ مِنَ الْعِلْمِ الوَاجِبِ الذِي لا عُذْرَ لأَحَدٍ بِتَرْكِهِ , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِم) رواه ابن ماجه وصححه الألباني
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ خُطْبَتَنَا الْيَوْمَ عَنْ عِبَادَةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ , وَفَرِيضَةٍ مِنَ الْفَرَائِضِ , إِنَّهَا عِبَادَةٌ فَصَّلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ , وَتَوَّلَى سُبْحَانَهُ بَيَانَ صِفَتِهَا , إِنَّهَا عِبَادَةٌ جَعَلَهَا اللهُ سَبَبَاً لِتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ , إِنَّهَا عِبَادَةٌ لا تَصِحُّ الصَّلاةُ إِلا بِهَا , إِنَّهَا عِبَادَةُ الوُضُوء !
الوُضُوءُ فَضِائِلُهُ كَثِيرَةٌ جِدَّاً وَمَزَايَاهُ عَدِيدَةٌ حَقَّا , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه , وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ ) , وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَو المُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ ، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنَ الذُّنُوبِ) رَوَاهُ مُسْلِم .
هَذَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ شَيْءٌ مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ الْكَثِيرَةِ التِي جَاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ , وَلِذَا فَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ بِالْعِنَايَةِ بِالْوُضُوءِ , فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ الْوُضُوءَ عَمَلِيَّاً فَكَانَ يَتَوَضَّأُ أَمَامَهُمُ , فَيَدْعُو بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ وَيَقُومُ بِالْوُضُوءِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ؛ لِيُوضِّحَ لَهُمْ بِالتَّطْبِيقِ الْعِمَلِيِّ كَيْفَيَّةَ الْوُضُوءِ لِيَكُونَ أَرْسَخَ فِي قُلُوبِهِمْ , وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلآبَاءِ فِي الْبُيُوتِ , وَالْمُعَلِّمِينَ فِي الْمَدَارِسِ , وَالدُّعَاةِ إِلَى اللهِ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ , أَنْ يُعَلِّمُوا النَّاسَ هَذِهِ الْعِبَادَةَ الْفَاضِلَةَ , فَعَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ , فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ , فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ , ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثًا , ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ , ثُمَّ غَسَلَ كِلْتَا رِجْلَيْهِ ثَلاثًا , ثُمَّ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا وَقَالَ ( مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا , ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَوَضَّأَ فَإِنَّكَ تَنْوِي أَوَّلاً - وَالنِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَالتَّلَفُّظُ بِهَا بِدْعَةٌ - ثُمَّ تَقُولُ : بِسْمِ اللهِ , وَالتَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا , فَإِنْ نَسِيتَ التَّسْمِيَةَ وَلَمْ تَذْكُرْهَا إِلا بَعْدَ انْتِهَاءِ الوُضُوءِ فَلا شَيْءَ عَلَيْكَ , وَوُضُوءُكَ صَحِيحٌ , لأَنَّهَا سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا , وَإِنْ ذَكَرْتَهَا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّكَ تَقُولُهَا وَتَسْتَمِرُّ فِي وُضُوئِكَ , كَمَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهَا إِلا بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ فَإِنَّكَ تَقُولُ : بِسْمِ اللهِ , وَتُوَاصِلُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ .
وَبَعْدَ التَّسْمِيَةِ تَغْسِلُ كَفَّيْكَ , وَغَسْلُ الْكَفَّيْنِ سُنَّةٌ إِلا إِذَا كُنْتَ مُسْتَيْقِظَاً مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ قَبْلَ أَنْ تَغْمِسَ يَدَكَ فِي إِنَاءِ الْوُضُوءِ , فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَتَوَضَّأُ مِنَ الصُّنْبُورِ فَالأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ كَفَّيْهِ ثَلاثَاً أَيْضَا لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا اِسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي اَلإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثًا فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
ثُمَّ تَتَمَضْمَضُ وَتَسْتَنْشِقُ , وَالسُّنَّةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَكُونَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ , بِمَعْنَى : أَنْ تَأْخُذَ غَرْفَةً وَاحِدَةً وَتَجْعَلَ بَعْضَهَا لِفَمِكَ تَتَمَضْمَضُ بِهِ , وَبَعْضَهَا لأَنْفِكَ فَتَسْتَنْشِقُ , هَكَذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ غَرْفَةً لِلْفَمِ وَغَرْفَةً أُخْرَى لِلأَنْفِ لَكَانَ وُضُوؤُكَ صَحِيحَاً , لَكِنَّهُ خَلافُ الأَفْضَلِ وَالأَكْمَلِ . ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ أَنْ تُدْخِلَ الْمَاءَ دَاخِلَ الْفَمِ وَدَاخِلَ الأَنْفِ خَلافَاً لِبَعْضِ النَّاسِ حَيْثُ يَغْسِلُونَ ظَوَاهِرَ أَفْوَاهِهِمْ وَظَوَاهِرَ أُنُوفِهِمْ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ أَتَوْا بِالْوَاجِبِ , وَهَذَا خَطَأٌ مُبْطِلٌ لِلْوُضُوءِ , فَلابُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمَاءِ لِلْفَمِ وَالأَنْفِ , بِلْ إِنَّ السُّنَّةَ الْمُبَالَغَةُ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا إِذَا كُنْتَ صَائِمَاً , فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , وَخَلِّلْ بَيْنَ اَلأَصَابِعِ , وَبَالِغْ فِي اَلاسْتِنْشَاقِ , إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) أَخْرَجَهُ اَلأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة .
ثُمَّ تَغْسِلُ جَمِيعَ وَجْهِكَ , وَحُدُودُ الْوَجْهِ : مِنْ مُنْحَنَى الْجَبْهَةِ إِلَى الذَّقْنِ طُولاً , وَمِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ عَرْضَاً , وَتَحْرِصُ عَلَى تَعْمِيمِهِ كُلِّهِ , ثُمَّ تَغْسِلُ يَدَكَ الْيُمْنَى , وَحُدُودُهَا مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ الْكَفِّ إِلَى الْمِرْفَقِ , وَاجْعَلْ كَفَّكَ الأَيْسَرَ تَدُورُ كَالْمَرْوَحَةِ عَلَى يَدِكَ الْيُمْنَى مِنْ أَجْلِ أَنْ تَتَأَكَّدَ مِنْ تَعْمِيمِهَا بِالْمَاءِ , ثُمَّ تَغْسِلُ الْيَدَ الْيُسْرَى كَذَلِكَ , ثُمَّ احْذَرْ مِنْ خَطَأٍ يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ حَيْثُ يَبْدَؤُونَ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ مِنْ أَوِّلِ الذِّرَاعِ وَيَتْرُكُونَ الْكَفَّ وَالأَصَابِعَ بِحُجَّةِ أَنَّهُم غَسَلُوهَا فِي بِدَايَةِ الوُضُوءِ , وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ !
ثُمَّ امْسَحْ جَمِيعَ شَعْرِكَ وَلا تَقْتَصِرْ عَلَى بَعْضِهِ , وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ : أَنْ تَبُلَّ كَفَّيْكَ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَضَعَهُمَا مَعَاً عَلَى مُقَدِّمَةِ رَأْسِكَ وَتُمِرُّهُمَا عَلَى شَعْرِكَ ذَاهِبَاً إِلَى قَفَاكَ , ثُمَّ تَرُدُّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الذِي بَدَأَتَ مِنْهُ , ثُمَّ بِنَفْسِ الْبَلَلِ تَمْسَحُ أُذُنَيْكَ , فَتَدْخُلُ إَصْبَعَيْكَ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي صِمَاخِ الأُذُنَيْنِ وَتَمْسَحُ بِالإبْهَامِ مَا خَلْفَ الأُذُنَيْنِ , مَرَّةً وَاحِدَةً , وَلَيْسَ مِنَ الْمَشْرُوعِ مَسْحُ غَضَارِيفِ الأُذُنَيْنِ كَمَّا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ , ثُمَّ اغْسِلْ قَدَمَيْكَ بَادِئَاً بِالْيُمْنَى ثُمَّ الْيُسْرَى , وَاحْرِصْ جِدَّاً عَلَى تَعْمِيمِهِمَا بِالْغَسْلِ وَلا تَتَهَاوَنْ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ حَيْثُ يُدِيرُهُمَا تَحْتَ الصُّنْبُورِ وَلا يَدْرِى هَلْ عَمَّهُمَا الْمَاءُ أَمْ لا , وَاحْرِصْ هُنَا عَلَى تَخْلِيلِ أَصَابِعِ قَدَمَيْكَ لأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا مُتَلاصِقَة , ثُمَّ هِيَ عُرْضَةٌ لِلأَوْسَاخِ لِكَوْنِ الْقَدَمِ قَرِيبَةً مِنَ الأَرْضِ فَتَتَعَرَّضُ لِلأَتْرِبَةِ .
وَبِهَذَا تَكُونُ قَدْ أَتْمَمْتَ وُضُوءَكَ , فَقُلْ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ , وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ .
فَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ , فَيُسْبِغُ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ
وَزَادَ اَلتِّرْمِذِيُّ (اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ)
وَهَذَا فَضْلٌ عَظِيمٌ لِهَذَا الْوُضُوءِ , فَبَعْدَ أَنْ طَهَّرْتَ ظَاهِرَكَ بِالْمَاءِ تَقُولُ هَذَا الدُّعَاءَ لِتُطَهِّرَ بِاطِنَكَ بِالتَّوْحِيدِ !
اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنَا مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ , الْحَلِيمِ الْعَظِيم , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ الْكَرِيم , وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ جَاءَتْ الأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنَّ الوُضُوءَ يُشْرَعُ فِي مَوَاضِعَ , فَمِنْهَا : الصَّلاةُ , فَلا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أَحَدِنا إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ , فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ نَاسِيَاً أَوْ جَاهِلاً فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الصَّلاةَ وَلَوْ ذَكَرَهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ , فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدَاً فَلا شَكَّ فِي بُطْلانِ صَلاتِهِ وَلا شَكَّ فِي إِثمِه , بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ بِأَنَّهُ يَكْفُرُ بِاللهِ لأَنَّهُ كَالْمُسْتَهِزِئِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ أَدَّى الْعِبَادَةَ عَلَى غَيْرِ مَا أَمَرَ اللهُ ! فَلْيَحْذَرْ أُولَئِكَ الشَّبَابُ الذِينَ يَتَهَاوَنُونَ بِالوُضُوءِ لِلصَّلاةِ فَإِنَّهُمْ عَلَى خَطَرٍ عَظِيم !
وَمِنَ الْمَوَاضِعِ التِي يُشْرَعُ لَهَا الْوُضُوءُ : الطَّوَافُ بِالْكَعْبَةِ , فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الطَّهَارَةُ عَلَى رَأْيِ أَكَثَرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ , بَلْ هُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ , وَسَوَاءٌ أَكَانَ الطَّوَافُ لِلْعُمْرَةِ أَوْ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْوَدَاعِ أَوْ حَتَّى طَوَافُ نَافِلَةٍ , بِعَكْسِ السَّعْيِ فَإِنَّهُ لا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ , لَكِنَّ السَعْيَ عَلَى طَهَارَةٍ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ الْمَواضِعِ التِي يَجِبُ لَهَا الْوُضُوءُ : مَسُّ الْمُصْحَفِ سَوَاءٌ أَكَانَ يُرِيدُ الْقِرَاءَةَ أَمْ مُجَرَّدَ مَسٍّ , كَمَا لَوْ كَانَ يُنَاوِلُهُ لِغَيْرِهِ , فَلا يَجُوزُ أَنْ يَمَسَّهُ إِلا عَلَى طَهَارَةٍ , فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ فِي الْكِتَابِ الذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ( أَنْ لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ ) رَوَاهُ مَالِكٌ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ
وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌ سَوَاءٌ أَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ كَامِلاً أَوْ حَتَّى بَعْضَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ آيَةٌ فِي كِتَابٍ أَوْ مَجَلَّةٍ أَوْ جَرِيدَةٍ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى الآيَةِ إِلا إِذَا كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ , تَعْظِيمَاً لِكَلامِ اللهِ القْرَآن .
وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ لا يَنَامَ الْمُسْلِمُ إِلا وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الاسْتِحْبَابِ وَلَيْسَ وَاجِبَاً , وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ فِي فَضْلِ مَنْ نَامَ عَلَى وُضُوءٍ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى أَنْ يَكُونَ دِائِمَاً عَلَى وُضُوءٍ , فَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يُحَافِظُ عَلَى الطَّهُورِ إِلا مُؤْمِنٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً وَرِزْقَاً حَلالاَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ , اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا , وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ , اللَّهُمَّ كُنْ لإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي الشَّامِ , اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ تُغْنِيهِمْ بِهَا عَمَّنْ سِوَاكَ , اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ آذَاهُمْ وَعَذَّبَهُمْ , اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ , اللَّهُمَّ أَشْغِلْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاجْعَلْ بَأَسَهَمْ بَيْنَهُمْ , اللَّهُمَّ أَهْلِكِ الظَّالِمِينَ بِالظَّالِمِينَ وَأَخْرَجِ الْمُسْلِمِيَن مِنْ بَيْنِهِمْ سَالِمِينَ ! اللَّهُمَّ أَنْقِذْ إِخْوَانَنَا فِي مِصْرَ مِمَّنْ يُرِيدُ بِهِمْ سُوءاً , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَهُمْ , وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرِارَهُمْ يَا قَدِيرُ يَا حَكِيمُ !
اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا أَنْزَلْتَ مِنَ الْغَيْثِ وَاجْعَلْهُ مُبَارَكَاً نَافِعَاً , وَاكْشِفْ بِهِ الشِّدَّةَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: الوُضُوءُ فَضْلُهُ وَصِفَتُهُ وَالْمَوَاضِعُ التِي يُشْرَعُ فِيهَا.pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=93326&d=1336064565)
: 251.1 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf