المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغش في البيع ولمن يعتبره شطارة



تاجر مواشي
08-03-2012, 05:20 PM
اغنام - ابل - دواجن - طيور

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر على صبرة من طعام، فأدخله يده فيها، فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني رواه مسلم .


--------------------------------------------------------------------------------


أبو هريرة -رضي الله عنه- صحابي مشهور، واختلف في اسمه كثيرا والمشهور أنه عبد الرحمن بن صخر، أو المشهور فيه قولان: عبد الرحمن بن صخر وعبد الله بن عمرو، وروى أحاديث كثيرة -رضي الله عنه-، وهو من علماء الصحابة ومن فقهائهم، وله فتاوى كثيرة -رضي الله عنه-.

هذا الخبر ذكره المصنف -رحمه الله- في باب البيوع من جهة أن الغش في المبيعات في الأصل أنه لا يجوز، لكن من وقع منه غش في المبيع فإن المغشوش يكون بالخيار، وفيه أنه مر على صبرة من طعام، الصبرة هي الكومة أو الطعام المجتمع المكوم صب بعضه على بعض، فأدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده في الطعام فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام: قال: أصابته السماء. يعني المطر، فأنكر عليه -عليه الصلاة والسلام- من جهة أنه لا يرى، وأمر بإبرازه وإظهاره حتى يعلمه الناس، قال: من غش فليس مني وفي اللفظ الآخر: من غشنا فليس منا ومن كان عنده شيء من الطعام فالواجب عليه أراد أن يبيع شيئا مكوما أو مجموعا فالواجب أن يكون واضحا ظاهرا، وإذا كان فيه فساد فالواجب أن يظهره، وأن يجعله فوق الطعام كما أمر -عليه الصلاة والسلام- أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس.

وهذا يشمل كل ما يكون مستورا سواء كان من طعام أو يكون مثلا يعني سواء كان مصبورا أو يكون مثلا يباع في كراتين أو في أخشاب مثل ما تباع من أنواع الخضار والفواكه، وكذلك أنواع الثياب إذا باعها مجموعة، وكذلك إذا باع السيارة، أو باع جهازا من الأجهزة وكان فيه عيب، فالواجب بيانه لا ++ حديث عقبة: لا يحل لمسلم أن يبيع بيعا وفيه عيب إلا بينه له يجب عليه أن يبين هذا العيب وأن يذكره؛ لأن من لم يبين العيب فقد غش، ولأن العيب ينقص السلعة؛ فلهذا وجب عليه أن يبين إما بيانا منصوصا أو بيانا يعني بيانا إما أن يكون البيان مخصوصا منصوصا؛ أو أن يكون بيانا عاما مثل أن يقول، وهذا مما اختلف فيه هل يجب التنصيص على العيب؟ وهل تجزئ البراءة من العيب؟، اختلف العلماء في هذا إذا كان الشيء المبيع فيه عيب .

والأظهر أن يقال إن كان العيب معلوما للبائع كونه يعلم أن فيه عيبا، في سيارة فيها عطل في داخلها أو خراب في داخلها، أو هذا الجهاز المبيع فيه خراب فإن كان البائع يعلمه فالواجب أن يبينه، وإن كان لا يعلمه وسأله البائع عن عيوبها، فلا يلزمه مثلا أن يعني لا يلزمه ذلك من جهة عدم العلم وأن يتفحصها تماما، المقصود أنه إن كان يجهل فلا بأس في ذلك، ويجوز على هذا أن يبيعها بالبراءة من العيب، وهذه مما اختلف العلماء فيه في جواز البيع بالبراءة من العيب يقول: أبيعك هذه السيارة وأنا بريء من كل عيب تماما، ولا يلحقني شيء ولو وجد عيب بعد ذلك، فهل يلحقه؟ نقول: البراءة من العيب إن كان يعلم فالصحيح أنه لا يجوز؛ لأنه إذا كان يعلم فالواجب عليه البيان؛ لأنه ثبت في الأخبار أنه -عليه الصلاة والسلام- حديث عقبة وغيره قال: إلا بينه له وفي حديث أبي هريرة: من غش فليس مني .

وهذا يكون مع العلم بالعيب، وإن كان لا يعلم بالعيب وباعه بالبراءة منه مع عدم العلم فلا بأس بذلك، وإذا وجد عيبا بعد ذلك فلا رجوع له ولا خيار؛ لأنهما يستويان في العلم، فإذا استويا في العلم فلا عتب على البائع، وعلى هذا يعلم أنه يجب على من يبيع في الأطعمة ويعلم عيبا في هذا الطعام أن يبينه، ويعلم أيضا أن العيب قد يكون عيب النوع لا عيب ولا أن يكون العيب خرابا، يعني لا يشترط أن يكون العيب فسادا أو خرابا، بل يكون العيب عيب نوع ـ مثل أن يكون مثلا معتاد أن يباع هذا النوع من الخضار على صفة معينة؛ في لونه أو في طعمه أو في حجمه إذا كان صغيرا فهو عيب من جهة النوع، فيكتم هذا العيب فيجعله داخل أسفل الكرتون مثلا فيختبيء هذا نوع من الغش.

وبعض الناس حينما يبيع هذه الأشياء يقول: إنه اشتراها هكذا، نقول: وإن كنت اشتريته هكذا لا يحل لك أن تبيعها هكذا إلا إذا كنت لا تعلم بها وبعتها على ذلك فلا بأس، أما أن تكون اشتريت مثلا هذه الأنواع من الأطعمة وقد علمت أنه قد غشك، فلا يجوز لك ذلك؛ لأنه في الحقيقة هو غش بتدليس من جهة أنه هو لا يشتري لنفسه، فيتحمل هذا الغش لأنه سوف ونوى أن يجريه على غيره يتحمله من هذه الجهة، وإلا لو أنه اشتراه لنفسه أو اشتراه لضيفه أو لبيته فإنه لا يرضى بذلك، ويدقق مع البائع، أما إذا اشتراه لدكانه ولبيعه ولشرائه يقول: أنا اشتريته هكذا؛ ولهذا لا يجوز لك أن تبخس في مثل هذا، وتحتج لنفسك إذا اشتريت لنفسك، ولا تحتج إذا اشتريت لأجل أن تتاجر وأن تبيع، بل عليك أن لا تشتري إلا شيئا يكون نظيفا وغير معيب.

ثم هذا في الحقيقة فيه بركة في البيع، وفيه صدق في المبيع، ومن صدق وبين بورك له؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: صدقا وبينا بورك لهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما كما في حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-، لكن الشيطان يسول ويعجل، الإنسان لحرصه ولهلعه لاستعجال في مثل هذا، ويقول مثلا أنه إذا دقق في مثل هذا واحتاط أنه تفوت عليه السلع وتفوت عليه الأرباح، وهذا من تهويل الشيطان وتسويله، وإلا مشاهد وظاهر أن من يحتاط لغيره ممن يبيع ويشتري، ويشتري الشراء الحسن الطيب فإنه يبارك له في شراءه ويبارك له في بيعه، والبركة البركة في المال، وإذا حلت البركة في البيع والشراء نمى وزاد وإن كان قليلا؛ فلهذا وجب عليه أن يبين مثل هذا، ولو أنه تبين بعد ذلك أنه قد وقع على الغش، فهو في هذه الحالة إن كان لم يعلم له أن يرجع؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: من غش فليس مني وهذه العبارة على ظاهرها، من غش فليس منه -عليه الصلاة والسلام- وفي اللفظ الآخر: من غشنا فليس منا (( لقد تعرضت للغش مرتان احبتي ولاكن سأتجه لخالق السموات والاراضين في الثلث الاخير من الليل والدعاء على من غشني وكلن سيلقى الله بما عمل: يوم ينظر المرء ماقدمت يداه, صدق الله العظيم