المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خاطرة في قوله تعالى: قالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا



أهــل الحـديث
04-03-2012, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


خاطرة في قوله تعالى: قالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا
حين رأى موسى، عليه السلام، المرأتين مع غنمهما لايستطيعان الوصول إلى الماء مع شدة الحر بسبب غلبة الرعاء وازدحامهم على الماء واستئثارهم، سارع إلى مزاحمة الرعاء وسقى للمرأتين. ولم يمتنع مع جلالة قدره وعلو منصبة وصعوبة ظروفه التي كان يمر بها من الوقوف مع الضعفاء ضد الرعاء المستأثرون. ومن ذلك نفهم أن مزاحمة الذين يستأثرون بالحق المشاع مشروعة، وأن من يفعل ذلك فله أسوة بموسى عليه السلام. وكثيرا ما نرى التزاحم بين الناس على المنافع، ويكون أكثر الناس منفعة من يقوى على المغالبة ويحرم من يضعف عن ذلك كالفقراء والضعفاء وأشباههم. ونرى هذا التزاحم في الشوارع والمحلات والمستشفيات والدوائر الحكومية وغيرها. ونراه حين يتم توزيع الإعانات والصدقات، بل نرى هذه المغالبة كل يوم عند أطهر البقاع وأعظمها حرمة أعني الحجر الأسود، فترى الأقوياء يتزاحمون والضعفاء وذوي الهيئة يتباعدون.
ولذلك فإنه يحسن بمن كان على رأس عمل ما يشترك الناس في منافعه أن ينظم العمل بطريقة تمكن الناس من الوصول إلى حقوقهم دون مغالبة، وإن كانوا ضعافا. بل عليه أن يقدم الضعفاء على غيرهم. وللأسف فإننا نرى الغرب قد سبقنا إلى العناية بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة فتراهم يقدمونهم في منافع الطرق ووسائل النقل والأسواق والدوائر والشركات وغيرها. ولعل ذلك يؤيده عمل موسى، عليه السلام، لأنه زاحم الرعاء وقد يكون فيهم من له حق ولكنه قدم حق المستضعفين.
وبناء على ذلك فإن من وجد قوما يستأثرون دون الناس بالمنافع المشتركة ويحرمون منها غيرهم من الضعفاء فإن من واجبه أن يعين الضعفاء على الحصول على حقوقهم بأي طريقة كانت، وإن كانت مزاحمة الرعاء. ولو ترك الأكابر مزاحمة الأصاغر زهدا أو عفة أو ترفعا فإن الخطر سيدلهم وينتشر الفساد وتضيع حقوق الناس. ولأجل ذلك فإن من دخل في حكومة أو برلمان أو مؤسسة أوجمعية بنية إيصال الحقوق إلى الفقراء فإن عمله مشروع. بل إن من أوصل لهم حقوقهم بأي طريقة كانت وإن لم يرض عنها المستأثرون فإنه عمله صحيح أيضا، إن شاء الله.
والله أعلم