المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آهٍ يَا حَسرَاتي.. ويَا ذَا المُنتخب أُريد جُنيهَاتِي ..!



االزعيم الهلالي
03-03-2012, 06:40 PM
أحمد عبد الرحمن العرفج
السبت 03/03/2012
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/arfj_5.jpg (http://vb.alhilal.com/files/arfj_5.jpg)
في مَقهى لَندني صَاخب، وعَلى مَقربة مِن نَادي «تشلسي» العَريق، وفي مَكانٍ يَعجُّ بالوجُوه، دَعوتُ بَعض أصدقَائي مِن جمهور هَذا النَّادي العَريق؛ لمُشَاهدة مُنتخب بلَادي وهو يُلاعب أستراليا، وتَكفّلتُ لَهم بدَفع الفَواتير، وهي بالمُناسبة بالعُملة الصَّعبة..!
فَعلتُ كُلّ ذَلك طَمعاً في رَسم صُورة مُشرقة عَن «علوِّ كَعب الكُرَة السّعوديّة» -كَما هَو تَعبير الأمير «فيصل بن فهد»، رَحمه الله،- وتَأكيداً للمَكَانة التي يَحتلّها مُنتخبنا الوَطني في قَارة آسيا..!
كَانت كُلّ المُؤشّرات تُعضِّد فِكرة أنَّ مُنتخبنا «سيَلتهم» الفَريق الأسترَالي، فالاستعدَاد الجيّد يُبشِّر بذَلك، فَضلاً عَن التَّصريحات النَّارية التي ظَلَّت تُطمئننا طوال شَهر كَامل حَول «جَاهزيّة المُنتخب للتّمثيل المُشرِّف»..!
قَبل المُبارَاة أخذتُ أُداعِب الزُّملاء حَول «التَّوقُّعات».. يَا للأحلام، كُلّها كَانت تَصبُّ في صَالح مُنتخب بِلادي..!
دوت صَافرة الحَكَم، وهَا نَحنُ في البدَاية وهَدف سعُودي جَعل مُعدَّل التّفاؤل يَرتفع قَليلاً في عرُوق الأمَل، بَل يُنعش جمهور «الصّقور الخُضْر»..!
ومَا هي إلَّا دَقائق ويَخيب الأمَل، حيثُ الهَدَف الأوّل لمُنتخب أسترَاليا.. وبَعدها جَاء الهَدف الثّاني لمُنتخبنَا الأخضَر، فانتَابَتني مَشَاعر التَّفاؤل مَرَّة أُخرى، ثُمَّ وَلج مَرمانا الهَدَف الثَّاني لأسترَاليا؛ شَعرتُ بَعدها بأنَّ مُعدَّل الأمَل تَناقص إلى حَدٍّ مُحرج، فحَاولتُ أن أُشغل أصدقَائي عَن الحَديث في مجريات المُباراة، عَارضاً عَليهم شَيئاً مِن وَاجب الضّيافة؛ مِثل شَاي أو قَهوة، لَكنهم ردُّوا بالشُّكر، لأنَّهم وَقتها كَانوا مَشغولين بنَكهة المُباراة»..!
الوَقت يَمضي والثَّالث يَزور مَرمانا، فأصَابَتني الحَسرة والغصة الأليمَة، وزَادَت مَشاعِر الحَسرة والألَم بَعد أن زَارنا الهَدف الرَّابع.. حِينها لَم أطق صَبراً، فانتَفض لسَاني قَائلاً: «إنَّ لاعبي مُنتخبنا لَم يَتعوّدوا اللعب في الأجوَاء المَاطِرة، ويَبدو أنَّ هَذا هو السَّبب ورَاء هَذا المُستَوى»..!
هَذه العبَارة الخَجولة لَم تَزد عَلى أن انعَكسَت في وجُوه أصدقَائي ابتسَامة عَزاء، نصبوها لِي برِفق وعَطف أخوي، كَي أسنِد عَليها خَيبتي وحُزني الغَائرين، وإن لَم تخفِ في طيّاتها ضحكَات لَاذعة وسُخرية دَافئة، قَرأتُها في تَفاصيل الوجُوه ومسرح النَّظرات، وعَمَّق كُلّ هَذا البُؤس المَقيت ارتفَاع الضَّجيج في المقهَى عَلى إثر الهَدف الرَّابع.. ليسدل السّتار عَلى مَسرحيّة كُرويّة كَان بَطلها المُنتخب الأسترَالي، وضحيّتها مُنتخبنا الوَطني و»جُنيهَاتي»..!
بَعد كُلّ هَذا، ألا يَحقُّ للقَلَم أن يَصرخ ألماً وحُزناً مِن هَذا الإحبَاط، الذي ألمَّ بنَا بَعد هَزيمة أستراليا المَريرة..؟!
إنَّ عنوَان هَذا المَقال هو أحد مَظاهر هَذا الحُزن، فالمَعروف عِند النَّحويين أنَّ (يَاء) النّداء لا تَدخل عَلى الاسم المُعرَّف بـ(ال)، إلَّا في ندَاء لَفظ الجَلالة «الله»، ولا يَصح ذَلك في غَيرها لُغوياً إلَّا إذَا كَان المُنادِي (بكسر الدّال) مَجروحاً حَزيناً ومَكلوماً، فإنَّه لا يُراعي اللغة ولا العَقل ولا الذَّكاء، ألم يَقُل المُتنبِّي:
يُقْضَى عَلَى المَرْءِ في أيَّامِ مِحْنَتِهِ
حتّى يَرَى حَسناً مَا ليْسَ بالحَسَنِ
للمُنتخب خيبة سِيرة طَويلة يَجب علاجهَا، بدءًا مِن الإدَارة، وإذَا كَان مُعتلًّا يَحتاج العلَاج، فلابد أن تَكون أساليب الإدَارة الجَديدة مُختلفة عَن الأساليب الحَالية، ألَم يَقُل أنشتاين: «لا نَستطيع حَل المُشكلة بنَفس الأدوَات التي تَسبَّبت في وجُود هذه المُشكلة»..!
ويَا للحَسرة، فقد سَألني أحد الأصدقَاء بسخرية قَائلاً: هَل سَبَق أن شَاركتم في كَأس العَالَم قَبل هَذه المَرّة..؟!
أمّا الصّديق الآخر فأرَاد مُواسَاتي وتَعزيتي بذهَاب جُنيهَاتي مَع الرِّيْح فقَال: أُصدقُك القَول يا «أحمد»، إنّ مُستواكم الآن أفضَل!! فقُلتُ مُستفسراً: كَيف؟ فقَال: لأنَّكم في السَّابق هُزمتم بالثّمانية، وفي هَذه بنصفها، وهَذا مُؤشِّر عَلى «التَّقدُّم»..!
حَسنا.. يَا أيّتها القَارئات والقُرَّاء الكِرَام، هَل تُصدّقون أنَّ فِكرة هَذا المَقال تَناولتُها عَام 2006؛ بَعد هَزيمتنا مِن المُنتخب الأُوكرَاني في ألمَانيا وبنَفس النَّتيجة.. وهَا أنَا أُعيد نَشر نَفس الفِكرة –تَقريباً- مَع تَغيير أسمَاء المُنتخبين ومَكان اللعب..!
عَلى مَاذا يَدل هَذا..؟!
الجَواب لَديكم.. فأنتُم أعلَم منِّي...!!!

صحيـفة المديـنة .!