المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [العلامة العثيمين]: استعمال الشدة واللين كلٌّ في موضعه هو مقتضى الحكمة



أهــل الحـديث
26-02-2012, 08:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




استعمال الشدة واللين كلٌّ في موضعه هو مقتضى الحكمة
بسم الله الرحمن الرحيم


قال العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله تعالى):
[التواضع للخلق: (لين الجانب وعدم العنف)، ولكن لين الجانب وعدم العنف إذا اقتضت الحكمة ذلك، فإن العنف -أحياناً- والشدة والغلظة تقتضيهما الحكمة، وانظر إلى قول الله تعالى في وصف الصحابة: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾، بل قال الله تعالى للنبي -عليه الصلاة والسلام-: ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾، بل دون ذلك قال في الزاني والزانية: ﴿ لاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾.
فالأحوال ثلاث:
- ما تقتضي الحال فيه اللين، فهذا يكون استعمال اللين فيه هو الحكمة.
- وما تقتضي فيه الشدة، فهنا نأخذ بالحكمة ونستعمل الشدة.
- وما لا تقتضي الحال فيه هذا ولا هذا، فما هو الأحسن: الشدة؛ ليكون الإنسان مُهاب الجانب؟ أو اللين؛ ليكون محبوباً مألوفاً؟
اللين هو الأحسن، ولهذا يُذكر أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال لأبي بكر: "أنت كإبراهيم"، وقال -أظنه- لعمر: "أنت كنوح"، نوح قال: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ﴾، وإبراهيم قال: ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، فالحاصل أن هذه الأحوال الثلاث، ما اقتضت الحال فيه اللين فلا شك أن اللين هو الخير، وهو الموافق للحكمة، وما اقتضت فيه الشدة فاللين غير مناسب، استعمل الشدة، وما لا تقتضي الحكمة هذا ولا هذا فلا شك أن اللين أولى، اللين أولى وأطيب حتى إنه أطيب لقلب اللين، حتى الإنسان إذا لان يجد من نفسه انشراحاً، وإذا غلُظ ربما يندم؛ يقول: (كيف فعلت كذا؟ ليتني ما فعلت)، لكن إذا استعمل اللين ما يندم في الغالب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر بأن الله يعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف؛ ولذلك متى تعارض عندك الأمران فَمِلْ إلى اللين]. اهـ


(صحيح البخاري - شرح كتاب الرقاق - الشريط 6 ب).