خالد عبيد زيدان
19-06-2005, 05:03 PM
http://www.islamtoday.net/manahej/image/fic01.jpg
في عام 2001 احتفي الفولكلوريون في الجزيرة بعبد الكريم الجهيمان وعد في الرياض شخصية العام وكتب عنه الدارسون والنقاد في السعودية الكثير من الدراسات تكريماً لجهوده خلال سنوات طويلة في القص الشعبي.
إن هذه المقالة تحاول أن تظهر أبرز خصائص عبد الكريم الجهيمان الريادية في القص الشعبي وقد اقتطع من عمره المديد اكثر من خمسين عاماً وهو يدرس ويتفحص ويجمع ويؤلف في حقل معرفي طالما قوبل العمل فيه بالاستهانة من قبل المثقفين قبل سواهم وعدت نتاجاته مجرد اضاعة وقت فيما لا طائل فيه.
http://www.6aar.com/img/oldman2.jpg
وتمضي السنوات وعبد الكريم الجهيمان وغيره من رواد البحث في الحكاية الشعبية العربية يبحثون ويحققون ويرحلون من مكان إلي اخر للتثبت من مقولة او حكاية او مثل حتي استوي جهده مجلدات تداخل فيها ادب الفصيح القصصي بالقص الشعبي. ولد الجهيمان في اقليم الوشم عام 1333 هـ وتعلم القراءة والكتابة في قريته (غسلة) ثم انتقل للدرس والتحصيل والعمل في الرياض ومكة والظهران وسواها منصرفاً مقتبل شبابه للتعليم والدرس الشخصي ثم إلي التأليف والكتابة والتحرير في عدة صحف ومجلات منها مجلة "المعرفة" وصحيفتا "اليمامة" و"القصيم" حتي اصدر صحيفة "اخبار الظهران" مفتتح عام 1373 وهو امر لم يدم طويلاً. واذا كانت للجهيمان جولة كبيرة علي اصعدة الصحافة والتعليم والادارة فان جولته الحياتية الكبري والاساسية كانت ولا تزال في صنوف الابداع الادبي والتراث الشعبي حيث اصدر ثلاثة كتب في ادب المقالة هي: "دخان ولهب" و"اين الطريق" و"اراء فرد من الشعب" وكتابين في ادب الرحلات هما: "ذكريات باريس" و"دورة مع الشمس" وعشرين قصة وحكاية للاطفال والاشبال في سلسلتين هما "مكتبة الطفل في الجزيرة العربية" و"مكتبة اشبال العرب" حيث اختصت السلسلتان بادب الطفل والفتي الحكائي مدونة ومرسومة بمستوي ثقافة واولاع المرحلتين وما يهمنا هنا عدا موسوعة الجهيمان في الامثال الشعبية التي خصص لها عشرة مجلدات موسوعته الاخري التي أصدرها تحت عنوان أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب" بخمسة مجلدات اصدر المجلد الاول منها عام 1387 والمجلد الاخير عام 1404 هـ وقد طبعت عدة طبعات. والواضح ان الجهيمان بدأ بجمع مدوناته في الحكاية الشعبية تمهيداً لاعدادها للنشر قبل ان يهتم بنشر ما جمع من امثال، وهو يعلن هذا في مقدمة الجزء الرابع من موسوعته (أساطير شعبية) اذ يقول "رأيت ان أربعة مجلدات من الاساطير كافية كل الكفاية.. لذا قررت ان اتوقف عند هذا الحد وان انصرف إلي جانب اخر من جوانب ادبنا الشعبي الا وهو الامثال الشعبية" ثم يتحدث عن أهمية الامثال الشعبية وعلاقتها بالوعي الاجتماعي وبالادب الشعبي ويعد القارئ بالعمل علي اصدار جزء خامس من "الاساطير" عند تجمع شيء من مادة لديه، وقد فعل هذا ونشر الجزء الخامس بعد صدور المجلد الاول بسبعة عشر عاماً ثم طبعت موسوعته هذه عدة طبعات بعد هذا.
http://www.imaratarriyadh.gov.sa/images/sd18.jpg
ان عملية جمع الحكاية الشعبية من مكانها ورواتها قبل نحو نصف قرن من يومنا هذا تنطوي علي جهد كبير وشيء كثير من التضحية والصبر، التضحية بالوقت والجهد في الانصراف إلي عمل غير مقبول أدبياً في ايامها في مجتمع يهوي الشعر وصنوف الاداب الاخري ويقول الجهيمان في مقدمة المجلد الاول من "اساطير من قلب جزيرة العرب": ""ان مخالفة المخالف لا تقدح في اي عمل من الاعمال فالناس قل ان يتفقوا علي امر من الامور، واذا، فمن شاء ان يقرأها فليقرأها ومن شاء ان يهجرها فليهجرها.. فانها ان كانت تستحق الحياة فسوف تبقي رغم قدح القادحين واذا كانت ليس لها مقومات الكائنات الحية فسوف تموت ولن يحييها مدح المادحين".وهو هنا يعبر عن احتدام رأي وايمان بعمل يجد من يقاومه ولكنه يؤشر في ذات المقدمة اهمية جمع هذه
(الاساطير) لانها:
1- تمكن الدارس الاجتماعي من دراسة احوال المجتمعات الماضية ومشكلاتها وسمة التفكير لدي اهلها.
2- الاسس التي تقوم عليها علاقات بعضهم ببعض، ويفترض الجهيمان هنا صدق الاحداث في العديد من النصوص.
3- ان احلام الماضي صارت حقائق هذا الزمان.
4- ان جمع الاساطير وطبعها وتوزيعها "سوف تكون له فائدة جلي لمن يريد ان يدرس احوال المجتمعات الماضية اقتصادية وسياسية واجتماعية كما ان في جمعها ضرباً من ضروب التسلية البريئة.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/foundation/b/bc/Redskyatnight.jpg
وهو بذلك يؤكد علي حقائق ساطعة تدل علي اهمية جمع الحكاية الشعبية وتدوينها وحفظها من الضياع لاغراض علمية ومعرفيه متعددة، ويثبت اسلوبه في الجمع والتدوين بأنه صانع نص الحكاية حسب ما سمعها "لم ازد فيها ولم انقص منها وقد جعلتها باسلوب عربي ليفهما (القارئ العربي في كل قطر من اقطار العروبة ما عدا بعض الاناشيد او الحكم المسجوعة فقد أبقيتها كما هي". وهي طريقة مثلي من طرق الجمع والتدوين رغم ان بعض الباحثين يميلون إلي اثبات النص بلهجته المحلية. ان النص الحكائي الشعبي نص منتج لمجتمع يستمع ويروي أيضاً والتعبير في الادب الشعبي الحكائي "يستخدم لغة تنبع من لغة الشعب فإذا استقبل الشعب هذا الادب وارتاح اليه حرص علي ترديده" كما تقول د. نبيلة ابراهيم، لكن النص الحكائي الشعبي كذلك وهو نص مروي من قبل الراوي الشعبي الذي "يمتلك خصوصية متفردة بالاداء القولي تصاحب السماع (التلقي).. والنصوص غير معدة للقراءة الصامتة بل للاداء الجهري". وبذلك فان نظرية الادب الشفهي المعتمدة من قبل جاوس- ايزر تؤكد عدم وجود هوية مستقرة للنص بكونه نصاً يروي مراراً وبطرق متعددة من طرق الاداء والمكان والجمهور مما يستدعي الحذف والاضافة حسب مقتضي الحال، وقد عالجنا موضوعة الاداء الجهري في الفصل الخاص بكتابنا "سحر الحقيقة" لكن فضيلة المدونين الكبار امثال الاخوة كرم ودون يودر ويوني لين والعرب امثال الجهيمان وكاظم سعد الدين وصفوت كمال وداود سلوم انهم جمعوا هذه الحكايات ودونوها بلغة اقرب إلي لغة الحديث والاداء معاً.
ويلاحظ قارئ هذه المجموعة الضخمة من الحكايات انها تجمع ما بين الاساطير والخرافات والحكايات الشعبية بأنواعها المتعددة مثل حكايات الامثال والالغاز والجان والحيوان والمزحة والاجتماعية وانها لا تقف عند مصطلح وتقنية الاسطورة Myths.
هيكلية موسوعة الجهيمان
تنطوي هيكلية موسوعة الجهيمان الحكائية علي كون هذه (الاساطير تنقسم إلي قسمين: "قسم بعنوان سالفة ومعناها الحادثة الماضية التي سلفت وانتهت والقسم الثاني بعنوان سبحونة، وهذا الاسم مشتق من مطلع الاسطورة ومبتداها الذي يكون غالباً يذكر الله وتمجيده وتسبيحه ومن هذا الافتتاح اشتقت التسمية". وفي هذا التقسيم الذي جاء العمل به قبل اكثر من خمسين عاماً نوع من محاولة صياغة خاصة بهذا الكاتب الفولكلوري الرائد قبل ان تتضح معالم الكثير من الدراسات الجديدة عن الحكاية الشعبية ومع فاننا نجد ان الجهيمان ذاته لم يلتزم بالصياغة التي افترضها واطلق صفات أخري علي حكايات شعبية تضمنتها موسوعته وحسب الجدول ادناه:
الجزء، سنة الصدور ،عدد المواد، سبحونة، سالفة، قصة، حكاية قصة مثل ، دون، توصيف
الاول 1387 27 6 21
الثاني 1400ط2 41 4 20 4 13
الثالث 1389 36 7 20 7 2
الرابع 1390 35 4 27 1 3
الخامس 1404 31 5 22 4
http://www.6aar.com/img/dhajeni.jpg
ومن هذا يتضح ان عدد مواد الموسوعة بلغ (170) مادة حكائية عدا القصائد والمقاطع الشعرية التي وضعها الجهيمان في نهاية بعض المواد وهي نصوص شعرية لابن لعبون وضاري الرشيد وابراهيم بن مزيد وهلة الهتيمية وشالح بن هدلان وسواهم وهي نصوص في الفخر والمديح والاغتراب والوصف اختارها الكاتب لاستكمال فراغات الطباعة واضفاء نوع من التغيير علي اللون الاساسي للموسوعة.من جهة اخري فنحن نجد ان الجهيمان خلال عمله الكبير هذا يثبت اسماء الرواة الذين رووا له عدداً من الحكايات ومناطق سكنهم احياناً، وهو امر له قيمته في عملية الجمع والتدوين ولكنه يؤكد في احيان كثيرة انه يروي الحكاية بلغة محكية فصحي لتحاشي الاغراق في العامية وحوشي الكلام كما وضع في نهاية كل جزء جدولاً تعريفياً بالكلمات الشعبية المستخدمة اثناء الحوار او الوصف.
http://www.lifeskills.ae/spaw/images/DSC06739.jpg
شملت النصوص المئة والسبعون حكايات اسطورية وحكايات جان وامثال والغاز وحكايات مرحة وغيرها من أصناف الحكاية الشعبية، والملاحظ ان نصوص السبحونات كانت حكايات جان وسعالي في الاغلب الاعم مثل "الشاة المتجنسة" و"العجوز مع الشيطان" في الجزء الثالث، و"حصان اخوي خضير" و"الامير المشرد" و"القطية" وغيرها في الجزء الاول و"الارملة والعفريت" في الجزء الخامس، وان الجهيمان يخرق القاعدة التي وضعها لنفسه في الجزء الاول من حيث التقسيم إلي "سالفة" و"سبحونه" فيضع عناوين اخري لبعض "السوالف" في الاجزاء التالية مثل جكاية مثل أو"يضعها دون توصيف لـ "سالفة" مبرزاً عنوان الحكاية وحده مثل "من ذكاء الامراء" و"والد يعلم ولده الطب" و"تفو عليك حامضة" في الجزء الثاني و"المرأة وحفظ السر" و"محسن الهزاني مع محبوبته هيا" في الجزء الخامس وذلك لتوصله وبشكل مبكر إلي ارتباط السالفة بالحكاية الشعبية التي يغني عنوانها المباشر عن التوصيف، وهو يدعو القارئ في نهاية الجزء الرابع إلي مساعدته بالملاحظات عن الاجزاء السالفة وبارسال ما لديه من مواد "أساطير.. تسلية.. عبرة" للافادة منها.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/foundation/thumb/e/e6/630px-St_Helens_from_Monitor_Ridge2.jpg
جريدة (الزمان) --- العدد 2122 --- التاريخ 28 / 5 /2005
في عام 2001 احتفي الفولكلوريون في الجزيرة بعبد الكريم الجهيمان وعد في الرياض شخصية العام وكتب عنه الدارسون والنقاد في السعودية الكثير من الدراسات تكريماً لجهوده خلال سنوات طويلة في القص الشعبي.
إن هذه المقالة تحاول أن تظهر أبرز خصائص عبد الكريم الجهيمان الريادية في القص الشعبي وقد اقتطع من عمره المديد اكثر من خمسين عاماً وهو يدرس ويتفحص ويجمع ويؤلف في حقل معرفي طالما قوبل العمل فيه بالاستهانة من قبل المثقفين قبل سواهم وعدت نتاجاته مجرد اضاعة وقت فيما لا طائل فيه.
http://www.6aar.com/img/oldman2.jpg
وتمضي السنوات وعبد الكريم الجهيمان وغيره من رواد البحث في الحكاية الشعبية العربية يبحثون ويحققون ويرحلون من مكان إلي اخر للتثبت من مقولة او حكاية او مثل حتي استوي جهده مجلدات تداخل فيها ادب الفصيح القصصي بالقص الشعبي. ولد الجهيمان في اقليم الوشم عام 1333 هـ وتعلم القراءة والكتابة في قريته (غسلة) ثم انتقل للدرس والتحصيل والعمل في الرياض ومكة والظهران وسواها منصرفاً مقتبل شبابه للتعليم والدرس الشخصي ثم إلي التأليف والكتابة والتحرير في عدة صحف ومجلات منها مجلة "المعرفة" وصحيفتا "اليمامة" و"القصيم" حتي اصدر صحيفة "اخبار الظهران" مفتتح عام 1373 وهو امر لم يدم طويلاً. واذا كانت للجهيمان جولة كبيرة علي اصعدة الصحافة والتعليم والادارة فان جولته الحياتية الكبري والاساسية كانت ولا تزال في صنوف الابداع الادبي والتراث الشعبي حيث اصدر ثلاثة كتب في ادب المقالة هي: "دخان ولهب" و"اين الطريق" و"اراء فرد من الشعب" وكتابين في ادب الرحلات هما: "ذكريات باريس" و"دورة مع الشمس" وعشرين قصة وحكاية للاطفال والاشبال في سلسلتين هما "مكتبة الطفل في الجزيرة العربية" و"مكتبة اشبال العرب" حيث اختصت السلسلتان بادب الطفل والفتي الحكائي مدونة ومرسومة بمستوي ثقافة واولاع المرحلتين وما يهمنا هنا عدا موسوعة الجهيمان في الامثال الشعبية التي خصص لها عشرة مجلدات موسوعته الاخري التي أصدرها تحت عنوان أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب" بخمسة مجلدات اصدر المجلد الاول منها عام 1387 والمجلد الاخير عام 1404 هـ وقد طبعت عدة طبعات. والواضح ان الجهيمان بدأ بجمع مدوناته في الحكاية الشعبية تمهيداً لاعدادها للنشر قبل ان يهتم بنشر ما جمع من امثال، وهو يعلن هذا في مقدمة الجزء الرابع من موسوعته (أساطير شعبية) اذ يقول "رأيت ان أربعة مجلدات من الاساطير كافية كل الكفاية.. لذا قررت ان اتوقف عند هذا الحد وان انصرف إلي جانب اخر من جوانب ادبنا الشعبي الا وهو الامثال الشعبية" ثم يتحدث عن أهمية الامثال الشعبية وعلاقتها بالوعي الاجتماعي وبالادب الشعبي ويعد القارئ بالعمل علي اصدار جزء خامس من "الاساطير" عند تجمع شيء من مادة لديه، وقد فعل هذا ونشر الجزء الخامس بعد صدور المجلد الاول بسبعة عشر عاماً ثم طبعت موسوعته هذه عدة طبعات بعد هذا.
http://www.imaratarriyadh.gov.sa/images/sd18.jpg
ان عملية جمع الحكاية الشعبية من مكانها ورواتها قبل نحو نصف قرن من يومنا هذا تنطوي علي جهد كبير وشيء كثير من التضحية والصبر، التضحية بالوقت والجهد في الانصراف إلي عمل غير مقبول أدبياً في ايامها في مجتمع يهوي الشعر وصنوف الاداب الاخري ويقول الجهيمان في مقدمة المجلد الاول من "اساطير من قلب جزيرة العرب": ""ان مخالفة المخالف لا تقدح في اي عمل من الاعمال فالناس قل ان يتفقوا علي امر من الامور، واذا، فمن شاء ان يقرأها فليقرأها ومن شاء ان يهجرها فليهجرها.. فانها ان كانت تستحق الحياة فسوف تبقي رغم قدح القادحين واذا كانت ليس لها مقومات الكائنات الحية فسوف تموت ولن يحييها مدح المادحين".وهو هنا يعبر عن احتدام رأي وايمان بعمل يجد من يقاومه ولكنه يؤشر في ذات المقدمة اهمية جمع هذه
(الاساطير) لانها:
1- تمكن الدارس الاجتماعي من دراسة احوال المجتمعات الماضية ومشكلاتها وسمة التفكير لدي اهلها.
2- الاسس التي تقوم عليها علاقات بعضهم ببعض، ويفترض الجهيمان هنا صدق الاحداث في العديد من النصوص.
3- ان احلام الماضي صارت حقائق هذا الزمان.
4- ان جمع الاساطير وطبعها وتوزيعها "سوف تكون له فائدة جلي لمن يريد ان يدرس احوال المجتمعات الماضية اقتصادية وسياسية واجتماعية كما ان في جمعها ضرباً من ضروب التسلية البريئة.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/foundation/b/bc/Redskyatnight.jpg
وهو بذلك يؤكد علي حقائق ساطعة تدل علي اهمية جمع الحكاية الشعبية وتدوينها وحفظها من الضياع لاغراض علمية ومعرفيه متعددة، ويثبت اسلوبه في الجمع والتدوين بأنه صانع نص الحكاية حسب ما سمعها "لم ازد فيها ولم انقص منها وقد جعلتها باسلوب عربي ليفهما (القارئ العربي في كل قطر من اقطار العروبة ما عدا بعض الاناشيد او الحكم المسجوعة فقد أبقيتها كما هي". وهي طريقة مثلي من طرق الجمع والتدوين رغم ان بعض الباحثين يميلون إلي اثبات النص بلهجته المحلية. ان النص الحكائي الشعبي نص منتج لمجتمع يستمع ويروي أيضاً والتعبير في الادب الشعبي الحكائي "يستخدم لغة تنبع من لغة الشعب فإذا استقبل الشعب هذا الادب وارتاح اليه حرص علي ترديده" كما تقول د. نبيلة ابراهيم، لكن النص الحكائي الشعبي كذلك وهو نص مروي من قبل الراوي الشعبي الذي "يمتلك خصوصية متفردة بالاداء القولي تصاحب السماع (التلقي).. والنصوص غير معدة للقراءة الصامتة بل للاداء الجهري". وبذلك فان نظرية الادب الشفهي المعتمدة من قبل جاوس- ايزر تؤكد عدم وجود هوية مستقرة للنص بكونه نصاً يروي مراراً وبطرق متعددة من طرق الاداء والمكان والجمهور مما يستدعي الحذف والاضافة حسب مقتضي الحال، وقد عالجنا موضوعة الاداء الجهري في الفصل الخاص بكتابنا "سحر الحقيقة" لكن فضيلة المدونين الكبار امثال الاخوة كرم ودون يودر ويوني لين والعرب امثال الجهيمان وكاظم سعد الدين وصفوت كمال وداود سلوم انهم جمعوا هذه الحكايات ودونوها بلغة اقرب إلي لغة الحديث والاداء معاً.
ويلاحظ قارئ هذه المجموعة الضخمة من الحكايات انها تجمع ما بين الاساطير والخرافات والحكايات الشعبية بأنواعها المتعددة مثل حكايات الامثال والالغاز والجان والحيوان والمزحة والاجتماعية وانها لا تقف عند مصطلح وتقنية الاسطورة Myths.
هيكلية موسوعة الجهيمان
تنطوي هيكلية موسوعة الجهيمان الحكائية علي كون هذه (الاساطير تنقسم إلي قسمين: "قسم بعنوان سالفة ومعناها الحادثة الماضية التي سلفت وانتهت والقسم الثاني بعنوان سبحونة، وهذا الاسم مشتق من مطلع الاسطورة ومبتداها الذي يكون غالباً يذكر الله وتمجيده وتسبيحه ومن هذا الافتتاح اشتقت التسمية". وفي هذا التقسيم الذي جاء العمل به قبل اكثر من خمسين عاماً نوع من محاولة صياغة خاصة بهذا الكاتب الفولكلوري الرائد قبل ان تتضح معالم الكثير من الدراسات الجديدة عن الحكاية الشعبية ومع فاننا نجد ان الجهيمان ذاته لم يلتزم بالصياغة التي افترضها واطلق صفات أخري علي حكايات شعبية تضمنتها موسوعته وحسب الجدول ادناه:
الجزء، سنة الصدور ،عدد المواد، سبحونة، سالفة، قصة، حكاية قصة مثل ، دون، توصيف
الاول 1387 27 6 21
الثاني 1400ط2 41 4 20 4 13
الثالث 1389 36 7 20 7 2
الرابع 1390 35 4 27 1 3
الخامس 1404 31 5 22 4
http://www.6aar.com/img/dhajeni.jpg
ومن هذا يتضح ان عدد مواد الموسوعة بلغ (170) مادة حكائية عدا القصائد والمقاطع الشعرية التي وضعها الجهيمان في نهاية بعض المواد وهي نصوص شعرية لابن لعبون وضاري الرشيد وابراهيم بن مزيد وهلة الهتيمية وشالح بن هدلان وسواهم وهي نصوص في الفخر والمديح والاغتراب والوصف اختارها الكاتب لاستكمال فراغات الطباعة واضفاء نوع من التغيير علي اللون الاساسي للموسوعة.من جهة اخري فنحن نجد ان الجهيمان خلال عمله الكبير هذا يثبت اسماء الرواة الذين رووا له عدداً من الحكايات ومناطق سكنهم احياناً، وهو امر له قيمته في عملية الجمع والتدوين ولكنه يؤكد في احيان كثيرة انه يروي الحكاية بلغة محكية فصحي لتحاشي الاغراق في العامية وحوشي الكلام كما وضع في نهاية كل جزء جدولاً تعريفياً بالكلمات الشعبية المستخدمة اثناء الحوار او الوصف.
http://www.lifeskills.ae/spaw/images/DSC06739.jpg
شملت النصوص المئة والسبعون حكايات اسطورية وحكايات جان وامثال والغاز وحكايات مرحة وغيرها من أصناف الحكاية الشعبية، والملاحظ ان نصوص السبحونات كانت حكايات جان وسعالي في الاغلب الاعم مثل "الشاة المتجنسة" و"العجوز مع الشيطان" في الجزء الثالث، و"حصان اخوي خضير" و"الامير المشرد" و"القطية" وغيرها في الجزء الاول و"الارملة والعفريت" في الجزء الخامس، وان الجهيمان يخرق القاعدة التي وضعها لنفسه في الجزء الاول من حيث التقسيم إلي "سالفة" و"سبحونه" فيضع عناوين اخري لبعض "السوالف" في الاجزاء التالية مثل جكاية مثل أو"يضعها دون توصيف لـ "سالفة" مبرزاً عنوان الحكاية وحده مثل "من ذكاء الامراء" و"والد يعلم ولده الطب" و"تفو عليك حامضة" في الجزء الثاني و"المرأة وحفظ السر" و"محسن الهزاني مع محبوبته هيا" في الجزء الخامس وذلك لتوصله وبشكل مبكر إلي ارتباط السالفة بالحكاية الشعبية التي يغني عنوانها المباشر عن التوصيف، وهو يدعو القارئ في نهاية الجزء الرابع إلي مساعدته بالملاحظات عن الاجزاء السالفة وبارسال ما لديه من مواد "أساطير.. تسلية.. عبرة" للافادة منها.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/foundation/thumb/e/e6/630px-St_Helens_from_Monitor_Ridge2.jpg
جريدة (الزمان) --- العدد 2122 --- التاريخ 28 / 5 /2005