المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتنة الإنشاد الإسلامي



أهــل الحـديث
25-02-2012, 02:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده و آله وصحبه أجمعين وبعد :

فتنة أصابت الشباب المستقيم ، و ظهرت آثارها على محياهم من بعد قلوبهم ، و الله وحده يعلم ما في القلوب .

يقول ربنا تبارك وتعالى : ( يعلم خائنة الأعين و ما تخفي القلوب )

إنها فتنة الإنشاد الإسلامي . . .

بعد أن كان الإنشاد يتصدر فيه قامات لها وزنها في الساحة الإسلامية ، و تنشد القصائد الحماسية و الهادفة ، والتي من شأنها أن تكون بديلاً مناسباً للضد من أغانٍ هابطة و كلمات بذيئة
و لم يكن الإنشاد في زمن مضى مجالاً للتنازع و الشقاق بين أهل التدين ، بل إن من أهل الفضل من كان يستمع للمنشدين بلا نكير ، حيث أنه كان على النهج الأول ، نقي من المؤثرات
و العبارات التي لا تتناسب و قيمة المتلقي ، متبعين بذلك أسلافنا في أنشادهم ، فقد كان حسان بن ثابت وعامر بن الأكوع وأنجشة رضي الله عنهم ينشدون بأصوات فردية ندية ، وكان
البعض الآخر من الصحابة ينشدون بأصوات جماعية كما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه في صحيح الإمام البخاري في قصة حفر الخندق ، قال : فلما رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال :
" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة * فاغفر للأنصار والمهاجرة "
فقالوا مجيبين :
نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا
فهذا إنشاد بشعر عفيف ، ألهب الحماسة و أنسى المشاق في سبيل حفر الخندق ، ويكفي المتلقي أن يفهم من كلماته هذا الأمر .
و أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي عبدالرحمن السلمي قوله : لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين ، كانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم ،
وينكرون أمر جاهليتهم ، فإذا أريد أحدهم عن شيء من دينه دارت حماليق عينه . ا . هـ
وليس ببعيد عنا أجوبة العلماء في هذا الشأن ، فأذكر هنا إجابة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في أسئلة الجامع الكبير (90/أ) :
الأناشيد الإسلامية مثل الأشعار؛
إن كانت سليمة فهي سليمة ، و إن كانت فيها منكر فهي منكر ... و الحاصل أن البَتَّ فيها مطلقاً ليس بسديد ، بل يُنظر فيها ؛ فالأناشيد
السليمة لا بأس بها ، والأناشيد التي فيها منكر أو دعوة إلى منكرٍ منكرةٌ
كما جلّى لنا الأمر العلامة الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى في كُتيب الصحوة الإسلامية بقوله :
الأناشيد الإسلامية كثُرَ الكلام حولها، و أنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلةٍ ، و هي أول ماظهرت كانت لا بأس بها ، ليس فيها دفوف ، و تُؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنة ، و ليست على نغمات الأغاني المحرمة ، لكن تطورت و صارَ يُسمع منها قرع يُمكن أن يكون دُفاً ، و يمكن أن يكون غيرَ دُفٍّ. كما تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة ، ثم تطورت أيضاً حتى أصبحت تؤدى على صفة الأغاني المحرمة ، لذلك: أصبح في النفس منها شيء و قلق ، و ل ايمكن للإنسان أن يفتي بإنها جائزة على كل حال و لا بإنها ممنوعة على كل حال ، لكن إن خلت من الأمور التي أشرت إليها فهي جائزة ، أما إذا كانت مصحوبة بدُفٍ ، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تَفتِن ، أو أُدِّيَت على نغمات الأغاني الهابطة ، فإنّه لايجوز الاستماع إليها

وها نحن اليوم نشتكي من هذا التطور - الذي أصبح جلّه إن لم يكن كله شراً - فأصبح الإنشاد الإسلامي غاية ، يطرق في سبيلها تعلم المقامات و الموسيقى و السلم الموسيقي السقيم ، في سبيل منع ( النشاز ) في الإنشاد .
ليس هذا فحسب ، بل إن كثيراً من أهل الخير و الاستقامة زلت بهم القدم فانساقوا خلف هذه الآلات و أدخلوا ( كمحسنات ) في ألبوماتهم (الإنشادية ) ، وتغيرت نبراتهم ( الرجولية ) حتى أصبح ( الغنج و النعومة ) شعاراً لهم ، و لا أذكر هذا من باب الشماتة عياذاً بالله ، إلا أننا افتقدنا قمماً تحسب لصالح الصحوة الإسلامية.

وحتى اليوم لم نسلم من هذه الفتنة . . .
فبعد أن سعدنا كما سعد كل من فيه بذرة خير بالقناة المحافظة ( بداية ) ، و العاملين عليها ، و زيارة أهل العلم و الخير و الدعوة إليها و تقديم الخير من خلالها ، حتى دخل عليها ( البعض ) ممن ركب هذه الموجه ( الإنشاد الإسلامي ) ، فرأينا من خلال هذه الشاشة الألحان و المقامات و الرقص و التصفيق ، فأين الإنشاد الإسلامي من حالهم هذا ؟؟؟
وقد كنت في زيارة لأحد التسجيلات الاسلامية في طريق سفري قبل يومين ، و إذ بي أسمع أغنية بلا موسيقى ، وهذه موجة أخرى في سبيل ( الإنشاد الإسلامي ) وعندما تسأل من قام عليها ، يقول لك : أفتاني أهل العلم بذلك !!
أين تقييد العلماء بأن لا تُشابه ألحان أهل الفسق ؟
أين تقييد العلماء في كونها لا تحمل الكلمات الهابطة ؟
وأين هؤلاء المنشدين الذين جعلوا من الإنشاد همهم و نسوا به كتاب الله ؟
وقد جاء في فتوى للجنة الدائمة للإفتاء في كتاب (فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء) ، جمع وترتيب محمد بن عبدالعزيز المسند ، ما يلي :
يجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية ، فيها من الحِكَم و المواعظ و العِبَر ما يثير الحماس و الغيرة على الدين ، و يهُزُّ العواطف الإسلامية ، و ينفر من الشر و دواعيه ، لتَبعَثَ نفسَ من يُنشِدُها ومن يسمعُها إلى طاعة الله ، و تُنَفِّر من معصيته تعالى ، و تَعَدِّي حدوده ، إلى الاحتماءِ بحِمَى شَرعِهِ ، و الجهادِ في سبيله .
لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمُه ، و عادةً يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة ، عند و جود مناسباتٍ و دواعيَ تدعو إليه ، كالأعراس و الأسفار للجهاد و نحوه ، و عند فتور الهمم ، لإثارة النفس و النهوض بها إلى فعل الخير ، و عند نزوع النفس إلى الشر و جموحها ، لردعها عنه وتـنفيرها منه .
و خيرٌ من ذلك أن يتخذ لنفسه حزباً من القرآن يتلوه ، و وِرداً من الأذكار النبوية الثابتة ، فإن ذلك أزكَى للنفس ، و أطهر ، و أقوى في شرح الصدر، و طُمأنينة القلب .
قال تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) [ الزمر : 23 ] ، و قال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) [ الرعد : 28 ، 29 ] .
و قد كان دَيدَن الصحابة و شأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب و السنة حفظاً و دِراسةً و عملاً ، و مع ذلك كانت لهم أناشيد و حداء يترنمون به في مثل حفرِ الخندق ، و بناء المساجد ، و في سيرهم إلى الجهاد ، و نحو ذلك من المناسبات ، دون أن يجعلوه شعارهم ، و يعيروه جلّ همهم و عنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ، و يهيجون به مشاعرهم

ويذكر البعض - إلاّ أنني أحسن الظن بالمنشدين - أن بعض المنشدين يتسترون بالإنشاد خلف حبهم للغناء و الألحان كما جاء في تقرير في مجلة ( نون) ، وفي هذه المقالة القصيرة لا نعمم أن الإنشاد الإسلامي أصبح هابطاً عياذاً بالله ، و لكنه استهدف و أصبح الدخلاء أكثر من النبلاء .

نسأل الله أن يصلح قلوبنا وقلوبهم و أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، إنه خير مسئول .

والحمد لله أولا و آخرا و صلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً