المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حياة العقل السليم في الجسم السقيم ..



خالد عبيد زيدان
09-06-2005, 11:12 AM
هناك مثل دائما ما يصيبني بالغثاء .. وهو العقل السليم في الجسم السليم ..
هذا المثل يجب ان ننبذه من كتاباتنا ..فهو إجحاف بحق المبدعين من اخواننا أصحاب الإحتياجات الخاصة..

دعونا نقراء القصه ..


ما أجملها ..
"إلى أولئك الذين برّح بهم التوق إلى العدالة. . .
" إلى أولئك الذين نغّص حياتهم الخوف من الظلم. . .
" إلى أولئك الذين يملكون ما لا ينفقون. . .
"إلى أولئك الذين لا يملكون شيئا لينفقوه . . .
" إليهم كلهم أهدي هذا الكتاب.. .

كتب عن نفسه ..عشت سنوات طفولتى فى بيوت قريتنا، اجمع صورا حانية لبيوت الناس ودور مساكنهم، دورنا حجرات ضيقة من طوب اللبن، دارنا من طين ندهنها بالطين والجير، نسرجها بمصابيح الكيروسين، نفتح أبوابها على وسط الدار ونصلها بزرائب حيوانات ودواجن، نملأ أسطح دورنا بأكوام من قش وحطب وجلة، وسط الدار صالة تفتح بابها على الشارع، فيها نأكل ونشرب ونجلس وننام ويشاكس أطفالنا الدواجن ونستقبل الأقارب، أمام دورنا مصاطب طينية، فى النهار يجلس عليها رجالنا مع الضيوف، وفى المساء يتكور حولها أطفالنا فى حجر الأمهات والجدات يرضعون حكايات السندباد والشاطر حسن، وعلى حواف المصاطب تتناثر حكمة القرية فى مجالس الحل والعقد والزواج والطلاق، وتلتصق فى العقول أساطير التحدى. . .


وهذا .. مثال وشاهد تاريخي على ان سلامة العقل لا ترتبط بعضو معين .. ولكنها ترتبط بشخص معين .. وسليمي العقل ليسو بالضرورة هم الأصحاء ..دعونا نُبحر في سيرة هذا الأديب أكثر وأكثر ..

ولد في 14/11/1889 بقرية صغيرة ..تتبع لمركز مغاغة بمحافظة المنيا في صعيد مصر لوالد يعمل في شركة السكر ..وهو صبي صغير بمرد في عينية.. وبسبب إهمال عائلته لعلاجه فقد بصرة تماما وهو في السادسة من عمرة .. اتم حفظ القران وهو في التاسعة من عمرة..منذ صغره أرسله والده إلى الكتّاب حيث تعلم قراءة وكتابة القرآن الكريم. وعندما "ختمه"، أرسل إلى جامعة الأزهر حيث تعلم الدين الإسلامي والأدب العربي. ولكنه شعر بأن أساتذته محافظون وضيقو الأفق بخلاف ما يفترض بالأساتذة الجامعيين ان يكونوا..
عرف وهو في القاهرة طريقة الي الكتابة بالصحف وبدء بالنقد اللاذع الساخط علي علماء الأزهر.. مما جعلهم يثيروا علية ويقفوا لة بالمرصاد في اجتياز امتحان شهادة العالمية ا..لذي رسب فيه بسببهم . التحق بعد ذلك بالجامعة المصرية عند إنشائها سنة 1908 ثم سافر بعد ذلك الي باريس في نوفمبر 1914 و اقبل علي الدراسة بجد و شغف ..
سمع بإنشاء جامعة غير دينية، بغية تطوير التعليم الوطني في مصر الواقعة تحت الانتداب البريطاني. وقد رغب في الانتساب إلى تلك الجامعة، رغم كونه فقيرا وضريرا. وبالفعل فقد تم قبوله في تلك الجامعة، متخطيا الكثير من الموانع. وقال في مقال نشره في "الأيام" في ما بعد، ان يوم دخوله تلك الجامعة كان اليوم الذي انفتحت فيه أمامه أبواب المعرفة الواسعة. وكان الطالب الأول الذي تخرج من تلك الجامعة حائزا على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي على أطروحته عن "أبي العلاء المعري"، الشاعر والفيلسوف العربي (غير المتدين، حتى لا نقول الملحد) والذي كان هو الآخر ضريرا..
لم يكتف بما ناله من تحصيل علمي، ورغب بالمزيد. وقد استطاع ان يتخطى صعوبات جمة مرة أخري، فقبل كواحد من أفراد بعثة جامعية أرسلت إلى فرنسا في مهمة تربوية. وهناك عانى الكثير من عماه، بسبب لا مبالاة أخيه الذي أرسل معه للعناية به، والذي جرفه تيار الحياة الغربية.
ثم تزوج المساعدة التابعة لة الانسة سوزان بعد ان حصل علي اذن خاص بالزواج من إدارة الجامعة بشكل استثنائي ..بسبب حالة فقدان بصرة وايضا بسبب جدة وكفاءتة في الدراسة . في عام 1918 قدم رسالتة بالفرنسية عن ابن خالدون ثم حصل علي الدكتوراة في يناير العام الذي يلية عام 1919 حصل علي دبلوم في الدراسات العاليا.. ثم عاد الي مصر وعين استاذ تاريخ يوناني بجامعة القاهرة في نفس العام ..عندما ضمت الجامعة المصرية القديمة الي مؤسسات الدولة و اصبحت حكومية في عام 1925 عين استاذ لتاريخ الادب .. ثم عميد للكلية . في عام 50 اختارة مصطفي النحاس باشا في وزارة المعارف بعد ان قبل شروطة بان يكون التعليم مجاني لكل الشعب علي السواء .. واستمر في الوزارة حتي عام 1952 ، و بعد ذلك تفرغ للانتاج الادبي في عام 1958 كرمتة الدولة بمنحة جائزة الدولة التقديرية في الادب ثم نال قلادة النيل من الدرجة الاولي في عيد العلم عام 1965 ثم توفي في 28/10/1973 بعد حياة حافلة بالخصب الفكري و الادبي و المواقف الشخصية الوطنية المتميزة حيث بلغ عدد مؤلفاتة حوالي 60كتاب في العديد من مجالات العلم ..
قبل ظهوره كانت اللغة العربية مجمدة داخل قوالب، صعبة التطوير، وبعيدة عن إدراك عامة الناس. ولكن كتاباته كانت سهلة، واضحة ومفهومة، مع الحفاظ على قواعد اللغة، واستخدام وسائل التعبير والمفردات بأقصى طاقاتها. . .




لقد عرفنا ان الإعاقات بأنواعها ليست عائق للفكر .. نعم من الخطاء ان نقول ان العقل السليم في الجسم السليم.. بل ان العقل السقيم قد يكون في الجسم السليم ..

أحبتي هل عرفنا منهو هذا الاديب العربي .

عبدالرحمن الجبابرة
10-06-2005, 02:34 AM
مرحبا بك أخي خالد عبيد

وشكرا لك على ما توجهت اليه حيال أحبتنا ( شموع الأمل ) فهم بحق شموع تضىء دروب الحياة فمنهم نتعلم الصبر والتغلب على تلك المصاعب التي تعترض حياة الانسان .. نعم يا صديقي يجدر بنا أن نفخر بهم وبإبداعهم



صاحبنا هنا هو عميد الأدب العربي ( طه حسين ) الحاصل على كثير من الجوائز العالمية ومنها جائزة حقوق الإنسان له الكثير من المؤلفات التي اثرت المكتبة العربية


شكرا لك أخي خالد عبيد على هذا الموضوع المميز

خالد عبيد زيدان
10-06-2005, 03:04 AM
أستاذي ابو غانم ..
أنها الحياة الحافلة بالطموح .. والاعاقة الحقيقية هي بلإستسلام للحياة..!!
للملتقى يا سيد النقاء .

أمل عبدالعزيز
17-06-2005, 08:26 AM
,
,
,
فكر راقي ياخالد

وقلب وفي وصادق

وتفكير انساني وروح شفافة

فتلك الفئة من بني البشر لديها قدرات عظيمة وأخصها العقل....

تحياتي لك وقصة رائعة...

عايد مجلد العلي
10-07-2005, 01:36 AM
فكر راقي اخوي

تسلم اناملك

بانتظار الجديد

ThAmErOnA
11-07-2005, 02:48 PM
ذَهَبتَ ولم تترك لنا سوى الذكريات ..

تحيتي ياصاح ..

عبدالعزيز آل ثاني
10-08-2005, 08:47 AM
قصة جميــلة جداً ياخــالد ,, شكــراً لك على هذه اللفتــة الجميــــلة وفي إنتظــار الجــديد





عبــــدالعــــزيز