المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (مسألة) هل يصح بيع السلم قبل قبضه؟



أهــل الحـديث
19-02-2012, 06:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



· مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُور عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوز بَيْعُه قَبْل قَبْضه لَا لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّته وَلَا لِغَيْرِهِ وَحَكَى بَعْض أَصْحَابنَا ذَلِكَ إِجْمَاعًا!
· وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ فَمَذْهَب مَالِك جَوَازه وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد فِي غَيْر مَوْضِع وَجَوَّزَ أَنْ يَأْخُذ عِوَضه عَرْضًا بِقَدْرِ قِيمَة دَيْن الْمُسْلِم وَقْت الِاعْتِيَاض وَلَا يَرْبَح فِيهِ.
احْتَجَّ الْمَانِعُونَ بِوُجُوهٍ:
أَحَدهَا: الحديث. والثاني: نهي النبي عَنْ بَيْع الطَّعَام قَبْل قَبْضه.
وَالثَّالِث: نَهْيه عَنْ رِبْح مَا لَمْ يُضْمَن.
وَالرَّابِع: أَنَّ هَذَا الْمَبِيع مَضْمُون لَهُ عَلَى الْمُسْلَم إِلَيْهِ فَلَوْ جَوَّزْنَا بَيْعه صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَتَوَالَى فِي الْمَبِيع ضَمَانَانِ. الْخَامِس: أَنَّ هَذَا إِجْمَاع .
قَالَ الْمُجَوِّزُونَ الصَّوَاب جَوَاز هَذَا الْعَقْد، وَالْكَلَام مَعَكُمْ فِي مَقَامَيْنِ:
أَحَدهمَا فِي الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَازه
وَالثَّانِي فِي الْجَوَاب عَمَّا اِسْتَدْلَلْتُمْ بِهِ عَلَى الْمَنْع
فَأَمَّا الْأَوَّل فنقول قال ابن المنذر ثبت عن بن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَسْلَفْت فِي شَيْء إِلَى أَجَل فَإِنْ أَخَذْت مَا أَسْلَفْت فِيهِ وَإِلَّا فَخُذْ عِوَضًا أَنْقَص مِنْهُ وَلَا تَرْبَح مَرَّتَيْنِ رَوَاهُ شُعْبَة
فَهَذَا قَوْل صَحَابِيّ وَهُوَ حُجَّة مَا لَمْ يُخَالَف.
وَأَمَّا الْمَقَام الثَّانِي فَقَالُوا أَمَّا الْحَدِيث فَالْجَوَاب عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا: ضَعْفه كَمَا تَقَدَّمَ
والثاني: أن المراد به أن لا يَصْرِف الْمُسْلَم فِيهِ إِلَى سَلَم آخَر أَوْ يَبِيعهُ بِمُعَيَّنٍ مُؤَجَّل لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِير بَيْع دَيْن بِدَيْنٍ وَهُوَ مُنْهًى عَنْهُ، وَأَمَّا بَيْعه بِعِوَضٍ حَاضِر مِنْ غَيْر رِبْح فَلَا مَحْذُور فيه كما أذن فيه النبي في حديث بن عُمَر قال أتيت النبي فَقُلْت إِنِّي أَبِيع الْإِبِل بِالْبَقِيعِ فَأَبِيع بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذ الدَّرَاهِم وَأَبِيع بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذ الدَّنَانِير فَقَالَ لَا بَأْس أَنْ تَأْخُذهَا بِسِعْرِ يَوْمهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنكُمَا شَيْء.[رواه الخمسة، وصححه الألباني موقوفاً على ابنِ عمرَ في الإرواء (1326)]
وَمِمَّا يُوَضِّح ذَلِكَ أن ابن عَبَّاس لَا يُجَوِّز بَيْع الْمَبِيع قَبْل قَبْضه واحتج عليه بنهي النبي عَنْ بَيْع الطَّعَام قَبْل قَبْضه وَقَالَ أَحْسِب كُلّ شَيْء بِمَنْزِلَةِ الطَّعَام وَمَعَ هَذَا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ جَوَّزَ بَيْع دَيْن السَّلَم مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَرْبَح فِيهِ ، وَلَمْ يُفَرِّق بَيْن الطَّعَام وَغَيْره وَلَا بَيْن الْمَكِيل وَالْمَوْزُون وَغَيْرهمَا؛ لِأَنَّ الْبَيْع هُنَا مِنْ الْبَائِع الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّته فَهُوَ يَقْبِضهُ مِنْ نَفْسه لِنَفْسِهِ؛ بَلْ فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ هُنَا قَبْض بَلْ يَسْقُط عَنْهُ مَا فِي ذِمَّته فَتَبْرَأ ذِمَّته وَبَرَاءَة الذِّمَم مَطْلُوبَة فِي نَظَر الشَّرْع لِمَا فِي شَغْلهَا مِنْ الْمَفْسَدَة فَكَيْف يَصِحّ قِيَاس هَذَا عَلَى بَيْع شَيْء غَيْر مَقْبُوض لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَتَحَصَّل بَعْد وَلَمْ تَنْقَطِع عَلَق بَائِعه عَنْهُ.
قَالُوا وَأَمَّا اِسْتِدْلَالكُمْ بنهي النبي عَنْ رِبْح مَا لَمْ يُضْمَن= فَنَحْنُ نَقُول بِمُوجَبِهِ وَأَنَّهُ لَا يَرْبَح فِيهِ كَمَا قَالَ بن عَبَّاس خُذْ عَرْضًا بِأَنْقَص مِنْهُ وَلَا تَرْبَح مَرَّتَيْنِ، فَنَحْنُ إِنَّمَا نُجَوِّز لَهُ أَنْ يُعَاوِض عنه بسعر يومه.
وَأَمَّا قَوْلكُمْ إِنَّ هَذَا الدَّيْن مَضْمُون لَهُ فَلَوْ جَوَّزْنَا بَيْعه لَزِمَ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ فَهُوَ دَلِيل بَاطِل مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّهُ لَا تَوَالِي ضَمَانَيْنِ هُنَا أَصْلًا فَإِنَّ الدَّيْن كَانَ مَضْمُونًا لَهُ فِي ذِمَّة الْمُسْلَم إِلَيْهِ فإذا بَاعَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَصِرْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ مَقْبُوض فِي ذِمَّة الْمُسْلَم إِلَيْهِ فَمِنْ أَيّ وَجْه يَكُون مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِع بَلْ لَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ لَكَانَ مَضْمُونًا لَهُ عَلَى الْمُسْلَم إِلَيْهِ وَمَضْمُونًا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَحِينَئِذٍ فَيَتَوَالَى ضَمَانَانِ
الْجَوَاب الثَّانِي: أَنَّهُ لَا مَحْذُور فِي توالي الضمانين وليس يوصف مُسْتَلْزِم لِمَفْسَدَةٍ يَحْرُم الْعَقْد لِأَجْلِهَا وَأَيْنَ الشَّاهِد مِنْ أُصُول الشَّرْع لِتَأْثِيرِ هَذَا الْوَصْف وَأَيّ حُكْم عَلَّقَ الشَّارِع فَسَاده عَلَى تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلكُمْ إِنَّ الْمَنْع مِنْهُ إِجْمَاع: فَكَيْف يَصِحّ دَعْوَى الْإِجْمَاع مَعَ مُخَالَفَة حَبْر الْأُمَّة بن عَبَّاس وَعَالِم الْمَدِينَة مَالِك بْن أَنَس فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا نَصّ فِي التَّحْرِيم وَلَا إِجْمَاع وَلَا قِيَاس وَأَنَّ النَّصّ وَالْقِيَاس يَقْتَضِيَانِ الْإِبَاحَة كَمَا تَقَدَّمَ وَالْوَاجِب عِنْد التَّنَازُع الرَّدّ إِلَى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
· وذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى جوازِ بيعِ السلم إلى المُسلَمِ إليه فقط ، لأنه من الممكن أن يتعذر التسليم ، لأنه باع ما لم يقبضه. وهو روايةٌ عن أحمدَ اختارها ابنُ عثيمين.وهو الأقربُ.
[انظر: تهذيب السنن على هامش مختصر أبي داود5/111 (مهم) ، المغني6/415، الإنصاف5/108، اختيارات شيخ الإسلام الفقهية7/14،الاختيارات العلمية للبعلي ص/193، الشرح الممتع9/87، بحث السلم ضمن قضايا اقتصادية معاصرة1/207 لمحمد سليمان الأشقر]