المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : { قصَّة قصيرة } المعرض المُرعب - بقلمي -



االزعيم الهلالي
18-02-2012, 01:00 PM
كانَ الوضعُ خطيراً .. خطيراً جداً ..
كانَ لا بُدَّ لهُ من أنْ يخرج من هذا الجحيم ..
و لهذا راح يُصارع الموت و الرُّعب و المرض ..
هُنا فقط ظهرَ ذاك الرجل أسفل الدرج متدثِّراً بالظلام ..
قال للرجل و هوَ يلهث و يشير إلى الأعلى :
- بـ .. بـ .. بيتكَ ملئٌ بالأشبااااااااااااااح !
قالها فزِعاً و هو يصرخ ..
قال الرجل بلهجةٍ مخيفة :
- منِ الذي سمح لك بالدخول إلى منزلي ؟!
و راح يردِّد : منِ الذي سمحَ لكَ بالدخولِ إلى منزلي ؟!
منِ الذي سمحَ لكَ بالدخولِ إلى منزلي ؟!

ثمَّ أختفى !


* * *


البداية :


وليد هوَ مراهق .. بكلِّ ما تعنيهِ هذهِ الكلمة من رُعب و فزع ..
لهذا كان الوالدينِ يهتمُّون بهِ كثيراً ..
و يحاولون بشتَّى الطُرق إجلاسهُ في المنزل و منع خروجهُ ..
كانا يعلمانِ أنَّهُ مُراهق .. و أنَّ المُراهق سُرعان ما سيقع في براثنِ الإدمان ..
يشعرُ بالصداع ثمَّ يعطيهِ صديقهُ بعض الحبوب زاعماً بأنَّها ستشفيهِ ممَّا هو فيه .. و يكتشف بعدَ فواتِ الأوان أنَّهُ لا يستطيع الإستغناء عنها .. و أنَّها مُخدِّرة ..
الأب نفسهُ كان يعتبر نفسهُ من الملائكة بسبب أنَّه تجاوز فترة المُراهقة بدونِ أن يبتلع هذهِ الحبَّة الضَّارة ..
نعم هوَ يعلم سوء هذا العقاب على ابنه ..
و لكنَّهُ مُضطر و خائف .. و هذا الحل يريحهُ و يشعرهُ بالإطمئنان ..
قال ناصر - و هذا اسم الأب - لزوجتهِ و هو ينادي :
- مها .. يا مها ..
- إنِّي قادمة ..
و عندما وصلت إلى الصالة الواسعة قال زوجها :
- انظري .. إنَّ وليد هوَ ابننا الوحيد .. أنتِ تعلمين أنَّ لديهِ رحلةٌ غداً مع مُدرِّسيه في المدرسة و زملاءه .. و ينبغي لنا أنْ نجدَ حلَّاً لمنع ذهابه ..
قالت الزوجة و قدْ راعها الموقف :
- هاه ! .. ابني الوحيد وليد يذهب مع زملاءهِ بدوننا ! .. لا لنْ أسمحَ لهُ أبداً ..
نظرَ لها ناصر و هوَ حانق .. لقد طلبَ منها إيجاد حل و ليسَ إظهار الغضب و همَّ أنْ يقولَ شيئاً لولا أنْ قاطعة حديثهما صوتُ خطواتٍ يستحيلُ أنْ تكونَ لغير وليد ..
هنا قال الوالد لإبنهِ :
- وليد .. إلى أينَ ستذهبونَ غداً ؟!
نظرَ لهُ وليد نظرةً كارهة , و قال و هو يتنهَّد :
- إلى الحديقة ..
حديقة ! لمْ يعتد الوالد أنْ تكون الرحلات المدرسيَّة إلى الحديقة .. قالَ لإبنهِ :
- و ماذا ستفعلون هناك ؟!
- " نغيِّر جو " هكذا قالَ لطفي ..
و لطفي هذا هو استاذهم بالطبع .. على اعتبار أنَّ المراهقين لا يقولون أستاذ أو معلِّم أبداً ..
هنا صعدَ وليد إلى غرفتهِ غاضباً ..
هوَ يعلم أنْ والديهِ يخافاني عليهِ و هذهِ إهانة .. هوَ ليسَ صغيراً .. و كُلِّ زملاءهِ و أصدقاءهِ يخرجون بدون مراقبة في أيِّ وقت ..
ثمَّ إنَّهُ رجل و ليسَ فتاة ..
إنَّ العناية الزائدة بالتُحف الأثريَّة قد يُهشِّمها .. و هو يعلم هذا ..
لذلك توقَّع ما سيحدث في اليومِ التالي ..


* * *


صحى وليد على صوتِ المنبِّه في الرَّابعة صباحاً .. قبل موعد استيقاظِ والديه ..
دخل ليستحمَّ و يختار الزي الذي سيرتديه بعدها ..
بعدَ أن أختارَ ملابسهُ و أستعدَّ برشِّ العطر على ملابسه ..
ذهب إلى غرفة نومِ والديهِ و حوَّل وقت المنبِّه إلى السَّاعة التاسعة ..
إنَّ والديهِ لنْ يرحمانهِ على هذا الأمر .. و هو يعلم ..
و لكنَّ بعد الرجوع من الرحلة و الإستمتاع بها ..
لنْ يضيرهُ توبيخ والديهِ ابداً ..
بعدً أن صلَّى الفجر في المسجد ذهبَ إلى المدرسة دون الرجوع إلى المنزل ..
إنَّنا الآن في وقتِ شتاء و الفجرُ قصير ..
عندما وصلَ إليها وجدَ الباب مفتوح .. حمدَ الله ..
إذن الأستاذ لطفي لم يبالغ عندما قال سأصلِّي الفجر هنا في إنتظاركم ..
و بالفعل وجدَ الأستاذ لطفي مع خمسة من أصدقاءهِ ..
لم يبقً إلا واحد ..
سلَّم عليهم و دخل ..
في إنتظار صالح .. نظرَ إلى ساعتهِ .. السادسة و النصف الآن ..
قال للأستاذ :
- لما لا نذهب و نترك صـ ..
قاطعهُ صالح و هوَ يدخل عبر الباب ..
- لقد حضرت .. آسف على التأخير ..

دعا الأستاذ لطفي الجميع إلى ركوب السيَّارة الكبيرة ..
ثمَّ عندما ركبَ الجميع و همُّوا بالإنطلاق صاحَ رجلٌ بصوتٍ عاليٍ منادياً :
- يا لطفي .. يا لطفي ..
خرجَ أستاذ لطفي من السيَّارة ليشاهد الأب ناصر ..
هنا قال ناصر :
- هل وليد معكم ؟!
- نعم .. إنَّه موجودٌ في الدَّاخل ..
- أريدُ أنْ يخرجَ منها و يأتي معي ..
- لا بأس .. سأُناديه .
دخل لطفي السيَّارة و قال لوليد ..
والدك في الخارج و يريدك ..
بدت نظرة رعب في عينيْ وليد .. و أطرق رأسهُ و خرج ..
إنَّه يخجل دوماً من هذهِ العناية الكبيرة من والديهِ أمام زملاءهِ ..
هو مثلما قلنا سابقاً رجلٌ و ليسَ فتاة ..
قال ناصر لوليد :
- هيَّا معي إلى المنزل ..
لو كانَ النَّاس يموتونَ بالنظرات لمزَّقت مخالب نظارات وليد والدهُ ألفينَ قطعة ..
قال لهُ في إصرار :
- أريد أن أذهب مع زملائي ..
- بإمكاننا الذهاب معاً اليوم إلى أيِّ مكان ..
هُنا فقط نزلت دمعةٌ ساخنة من عينيْ وليد .. إنَّ والديهِ يحرمانهِ منْ جميعِ المُتع ..
بدعوى الحُب ! تباً لهذا الأمر ..
تدخَّل الأستاذ لطفي بعدَ أنْ رأى الوضع بدأ يسوء :
- بإمكاني الإعتناء بهِ يا ناصر .. لا تخشى عليه ..
- و لكـ ..
- ساعتين فقط و نرجع ..
- و لكـ ..
- لا داعي للقلق ..
- و لكـ ..
أمسك لطفي يدي وليد و أدخلهُ السيَّارة وسط نظارات والدهِ المُحتجَّه ..
و كرو كرو فررررررررروم !
طبعاً هذا صوتُ تشغيل السيَّارة كما تعلمون ..

و ...



* * *



وصل الجميع إلى الحديقة ..
حديقة غريبة بعض الشيء ..
واسعة جداً .. تتوسطَّها نافورة من تلكَ التي دائماً ما تكون في الحدائق ..
و موجود في طرفها منزل كبير تحيطهُ الأعشاب و الأحجار بشكل غريب و بشع ..
و أهم ما يميِّز الحديقة هي كثرة الأشجار و تنوُّع أشكالها ..
قال أشرف صديق وليد لأصحابهِ :
- هل ترونَ هذا المنزل ؟ إنَّهُ مخيف حقيقة ..
صاحَ مؤيَّد و هو يتصنَّع الإرعاب :
- أظنُّ إنَّهُ المنزل الذي تكثرُ فيهِ الأشباح ..
- لا تكذب يا مؤيَّد أنتَ لم تأتي هُنا من قَبل ..
قالها أشرف لمؤيَّد ..
هُنا صاح وليد في مرح :
- ها ها ها .. أشباح مَنْ يُبالي بهذا السُخف ؟!
- ما رأيكم أن ندخل إليهِ أو إلى حديقتهِ فقط .. الفضول يقتلني ..
صاح رمزي في رُعب بعد إقتراح أشرف :
- هل جننت .. كيف ندخل منزل ليسَ منزلنا ؟!
قال أشرف :
- أنا جُننت و أنتَ جَبِنت .. أعتقد إنَّها صفة حسنة لك !
ثمَّ قال أشرف بصوتٍ جهوري لكنَّهُ أقل من أن يسمعهُ الأستاذ لطفي الذي راح يدور في الحديقة :
- مَن يريد دخول المنزل معي فليتبعني ..
و ذهب !
تردَّد وليد .. و عندما رأى الجميع جالس .. قام و ذهب ..
يريد أنْ يُري أصدقاءهُ أنَّهُ ليسَ ذاك القط الذي يربِّيانهِ أهله في المنزل ..
و أنَّهُ ليسَ جباناً .. هذهِ الأمور يفهمها كُل من عاشً في سنِّ المراهقة ..

أجتازَ أشرف و وليد المدخل ..
و لحسنِ الحظ وجدوا الباب مفتوحاً .. ممَّا رجَّح لديهم أنَّ المنزل لا يسكنهُ أحد ..
نظرَ أشرف نظرةً ذات معنى لوليد .. فبادلهُ وليد نفس النظرة ثمَّ دخلوا ..
نظرَ أشرف إلى المنزل ..
إنَّ كُل النوافذ لا تُدخل الضوء و المنزل من الداخل شديد الإظلام إلا من ضوء الباب المفتوح ..
قالَ لوليد بصوتٍ هامس :
- أنا أكتشف الدور السُفلي و أنتَ العلوي ..
قال وليد :
- هيَّا ..
الحق إنَّ أشرف شعرَ بالخوف و الرُّعب و لهذا أختار الدور السُفلي ..
بينما وليد لا يستطيع أنْ يرفض شيء , و لنْ يعلمَ في هذا الأمر إلا من مرَّ بسنِّ المراهقة ..
صعدَ وليد الدرجات الخشبيَّة التي تصدر صوت مخيف ..
قالَ في نفسهِ إنَّهُ سينظر نظرةً سريعة و ينزل ..
لكنَّهُ ما إن صعدَ الدرج حتَّى لمحَ ضوء بسيط من داخل الغرفة ..
توقَّع أنْ تكون هناك نافذة تُدخل الضوء ..
و لهذا أقترب .. و أقترب ..
ثمَّ نظرَ حولهُ و تلفّت و عندما لم يجد أحداً ..
فتح باب الغرفة الموارب ..
و نظر ..
الحق إن المشهد قدْ جمَّد الدَّم في عروقهِ ..
كانت الغرفة مظلمة تماماً بإيتثناء شمعة مُضاءة في طرف الغرفة ..
و بجانب الشمعة .. رأس !
نعم رأس !
رأس صديقهِ أشرف .. عليهِ نظرة خاويه مرعبة ..
تحدِّق في لا شيء .. و فم مفتوح مليئ بالدم ..
صرخ بأعلى صوتهِ .. و هرب ..
و هُنا نصل إلى ما بدأنا بهِ من مقدِّمة ..
نزل مع الدرج و هوَ يصارع كُل المرض .. و الموت .. و الرعب ..
ليجد في أسفل الدرج ذاك الرجل .. ذو الشعرِ الطويل و القامة الطويلة ..
قال لهُ وليد : إنَّ منزلك .. ك .. ك يعجُّ بالأشبااااااح !
صاحَ الرجلُ فيهِ بلهجة مخيفة : مَنِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ..
منِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟!
منِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟!

ثمَّ أختفى !

صرخ وليد صرخة عالية .. لا أستبعد أنَّ الإيطاليين سمعوها ..
و أتجه نحو الباب الموارب ..
ليتفاجئ بإغلاقه !
صرخَ مرَّةً أخرى صرخة سمعها الروسُ بلا شك .. و بدأَ يصيح و يضرب الباب محاولاً فتحهُ أو كسرهُ ..
لا يهم ماذا حصلَ لزميلهِ أشرف المهم أنْ يخرجَ هو ..
و بدأ يسمع ذات القول يتكرَّر في أُذنيه ..
منِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟! .. مَنِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟!
هوَ مُوشك على الإغماء ..
إنَّ ما يحصل أكثر ممَّا يتحمَّلهُ ..
اتجه إلى الباب من جديد و ضربهُ ضرباتٍ بيديهِ لعلَّ هُناك من يسمع ..
و لا أحد !
صرخَ بأعلى صوتهِ : استاااااااااااااااااااذ لطفي ي ي ي ي ي !
استاذ لطفي ي ي ي ي ي ي !
و سمعَ صوت خطوات تنزل من الدرج ..
أجفل .. و أنتصبَ شعرهُ النامي ..
طق .. طق .. طق
طق .. طق .. طق
تكوَّمَ في ركنِ المكان و ظلَّ دموعهُ تنهمر و قلبهِ يرتجف هلعاً بسبب هذا الصوت من الدرج ..
ازدادَ تكوَّماً بعدَ أن لاحظَ زوال هذا الصوت ..
ليبدأ الجحيم الفعلي ..
كانَت أُذنيهِ لا تكفُّ عند ترديد قولَ الرجل :
- مَنِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟! .. مَنِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟!
أرتَّجت الأرض من تحتهِ .. هزَّة بسيطة كانت كفيلة بأن تُبعدهُ عن مكانهِ ..
ليجري .. و يرتطم بنفسِ الرجل الذي بقيَ ثابتاً ..
و ازداد منظرهُ رعباً ..
- مَنِ الذي سمحَ لكَ بدخولِ منزلي ؟!
قامَ وليد من فورهِ و هرب .. و دخلَ إحدى الغرف المتناثرة في الدور الاوَّل ..
ليجد شيطاناً صغيراً يجثم على صدرِ أُنثى !
صرخ .. هوَ قدْ رأى مثلَ هذهِ المنظر من قبل ..
و لكن أين ! .. لا يعلم ..
خرجَ من باب الغرفة جريَّاً و اتجه إلى غرفة أخرى ..
ليَرى منظراً لن ينساهُ ما عاش ..
كانَ هُناكَ غول عملاق أنتهى يشرع في إلتهامَ صديقهِ أشرف بلقمةٍ واحدة !
نعم لقمةٍ واحدة ..
صرخ و هرب ..
و دخلَ إلى إحدى الغرف ..
ليجد امرأة متوجِّهه إليه و تأمرهُ بالصمت ..
هلعَ من منظرها .. و هرب صارخاً ..
و خافَ من دخولِ الغرفة الأخيرة ..
و تردَّد .. لكنَّهُ سمع من خلفهِ صوتُ جهنَّم ..
لا ادري كيفَ يبدو الصوت و لكنَّهُ مُرعب .. مرعب جداً !
و عندَ طرف الغرفة ..
سمعَ صوت قادم منها :
- ادخل أيُّها الغريب .. أدخل أيُّها الغريب ..
لمْ يكن لهُ الخيار هذهِ المرَّة .. إذ أهتزَّت الأرض مرَّة أُخرى رافضةً لوقوف وليد عليها ..
و دخل ..
نظرَ إلى الغرفة و لكنَّهُ وجدها خالية ..
لكنَّهُ يسمع صوتاً هنا ..
صوت رجل يغنِّي ..
- مَنِ الذي سمحَ لكَ بالدخول إلى منزلي ؟!
تفاجأ بالصوت و ألتفت ليرى في ركنِ الغرفة المظلم ..
عجوزاً يعزف و ينظر إليهِ بنظرةٍ مُرعبة ..
و همَّ بالهرب و لكنَّهُ وجدَ ذات الرجل الغامض واقفاً على العتبة و يردِّد مع العجوز :
- مَنِ الذي سمحَ لكَ بالخول إلى منزلي ؟! .. منِ الذي سمحَ لكَ بالدخول إلى منزلي ؟!
و أقتربا منه ..
صرخ وليد صرخة عالية ثمَّ .. فقدَ الوعي !


* * *


انتهت .. :smilie47:
</B></I>