المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نماذج إنسانية يشير إليها القرآن الكريم



النجم الساهر
18-02-2012, 01:20 AM
نماذج إنسانية يشير إليها القرآن الكريم


أكثر الآيات التي وردت فيها ذكر الإنسان كان نزولها بسبب خاص ، وفي شخص معين وهذا الشخص هو في الحقيقة نموذج إنساني ، تتكرر سماته التي ذكرتها الآية في كثير من الناس فمثلاً ذكر المفسرين أن قوله تعالى : (( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى )) نزلت في ابي جهل فهذا الطاغية بسبب الغنى ليس أبي جهل وحده ، ولكن أمثاله كثيرون في كل زمان ومكان وغيرذلك من الآيات ، وسنتناول نموذجاً واحداً نجعله مثلاً لما يمكن أن تصوربه النماذج القرآنية وأن توضح بكل معالمها وسماتها :-
يا ويح ثعلبة :
كان قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يراحه ويغاديه ويحضر معه الصلوات ويستمع إلى قوله الكريم وفي نفسه حاجة ملحة يريد أن ينالها بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم قال يوماً للرسول عليه الصلاة والسلام : يارسول الله أدعُ الله أن يرزقني مالاً ، فقال عليه الصلاة والسلام ( ويحك ياثعلبة قليل تؤدي شكره خيرُُ من كثير لا تطيقه ) ولكن الحاجة تلح على ثعلبة والرغبة في المال تملأ جوانحه وتقلق باله فيسأل الرسول الكريم مرة أخرى أن يدعو الله له ليرزقه مالاً فيكبح الرسول من جماحه ويرده إلى موضع الأسوة والقدوة في ذاته صلى الله عليه وسلم ويقول له : (( أما ترضى أن تكون مثل نبي الله فوالذي نفسي بيده لو شئتُ أن تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت ) ) غير أن الرجل شديد الحرص على أن يصل إلى هدفه ويحقق أمنيته ، فيعاود الرسول بالسؤال والإلحاح فيه ، ويقول والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالاً لأعطينّ كل ذي حق حقه فيستجيب له الرسول ويدعو له بما أراد ] اللهم أرزق ثعلبة مالاً[ فأستجاب الله سبحانه دعوة رسوله ورزق الرجل مالاً فأتخذ غنماً فنمت نمواً عظيماً حتى ضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ، ونزل وادياً من أوديتها وجعل يصلي الظهر مع العصر في جماعة ، ويترك ماسواهما ثم نمت غنمه وكثرت فترك الصلاة إلا الجمعة وما زالت تنمو وتكثر حتى ترك صلاة الجمعة أيضاً , وقد أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبره ، وانتهى إليه ما صارت إليه حاله فقال : "" ياويح ثعلبة ، ياويح ثعلبة , ياويح ثعلبة "" ثلاث مرات ولما نزلت آية الزكاة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين وكتب لهما كتاباً يبين فيه كيف يأخذان الزكاة فخرجا حتى أتيا ثعلبة ، فسألاه زكاة ماله وأقرآه كتاب رسول الله فقال : ماهذه إلا جزية ماهذه إلا أخت جزية ما أدري ماهذا ؟ وطلب منهما العودة إليه عندما يفرغان من أخذ زكاة بعض المسلمين ، فلما رجعا إليه قال : أروني كتابكما فقرأه فقال : ماهي إلا جزية أنطلقا حتى أرى رأي فلما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يكلمهما ، ( ياويح ثعلبة )فأخبراه بالذي كان من ثعلبة فأنزل الله عز وجل (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقنّ ، ولنكونن من الصالحين * فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون *فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون * ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب )) التوبة .
من أواخر سورة التوبة التي نزلت على رسول الله وتسمى ( براءة( لأن الله سبحانه وتعالى بدأها ببراءته وببراءة رسوله من المشركين ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يسميها ( الفاضحة ) لأنها فضحت المنافقين وأظهرت ما كنوا يخفون في أنفسهم من ألوان النفاق ، وقد وصفت الإيات الكريمة التي نزلت في شأن ( ثعلبة ابن حاطب ) بجملة من أسوأ الصفات وأشدها شناعة وأقبحها مظهراً أو مخبراً وآلمها عاقبة ، فهو قد عاهد الله تعالى وتقدست أسماؤه وأقسم على هذا العهد أن يـتـصدق وأن يكون من الصالحين لو أتاه الله من فضله ، ثم خاس بهذا العهد وأخلف الله ما وعده وهو قد تولى وأعرض عن تكاليف الشرع وأوامره ، ولم يجتنب نواهيه ، كذب وبخل وأبى أن يؤدي حقوق الله وحقوق عباده وليس في صفات المنافقين أسوأ من هذه الصفات ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (( ثلاث من كن فيه فهو منافق إذا حدّث كذب ، وإذا أُوتمن خان ، وإذا وعــد أخلف )) وقد وفد ثعلبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما علم بنزول الآيات يقدم صدته فأخبره الرسول عليه الصلاة والسلام بأن الله منعه من قبولها ، وكذلك رفض أبو بكر الصديق ، وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ، أن يقبلوا صدقةً لم يقبلها رسول الله فنال ثعلبة من الغم وضيق الصدر والذل والندم ما كان جديراً به وقد عللت الأيات هذه العقوبة ( فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم ((فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) )) التوبة

فكم من ثعلبة في زماننا هذا


تقبلوا فائق تحياتي ،،،


منقول للفائدة