المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خاطرة عابرة...



أهــل الحـديث
17-02-2012, 02:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الذوات مفردة، وخلق العقول للحكم عليها، فكانت مداركها محصورة بين تصور الذوات والحكم عليها. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ما دام التصور والتصديق في الأذهان لازما غير منفك عنها.
وبعد..
فإن التركيبة الآدمية، جعلت غالب أحكام بني البشر، ناتجة من النظر إلى المحكوم عليه وحامله، وهذا النظر الموصوف بمتعلقه، يؤدي إلى فهم المحمول بما أُلفي عليه الحامل، ومن تم يكون الحكم على المحمول حكما عليه وعلى حامله من غير أن يدري صاحب الحكم المقرر. وهذا الخطأ في تقرير الأحكام جرى على الكثير من الناس، ونتائجه أخطر مما قد يظنه أهل الظنون، وإليه أنبه في هذه الحروف اليسيرة، لعل العباد المخلصين يتنبهون إليه. ومن صدق نفسه فُتحت له صنوف الخير، ومن حجب عقله بحجاب الكبر فليس يكون إلا بهيمة ترعى مع الأنعام.
هذا الذي قررته أضع له مثالا يجليه للناظر، ويقربه إلى فهمه، فإنه دقيق محتاج إلى ذلك.
أنت تعلم من غير شك أن صورة المرء الخلقية تأثر في عرضه لأفكاره ومبادئه، فلو أن رجلا ذميم الخلقة جاء يعرض فكره على الناس، فغالبهم يحكم عليه قبل شروعه في عرضه، مقرا في قرارة نفسه أنه لن يقول شيئا ذا بال. فانظر رحمني الله وإياك إلى حكم الناظرين على المحمول قد صار حكما على الحامل وهم لا يدرون ذلك، وسبب ذلك راجع إلى تركيبة البشر كما نبهت عليه في أول هذه الأسطر، وهو في النساء أغلب. ولنحاول تفكيك هذه التركيبة من جهة بحثنا، باستقراء الأسباب والله الموفق.
خلق الله الإنسان وفطره على حب الجميل من الصور، وهذه الصبغة التي خلق عليها الإنسان نعمة لمن أحسن ضبطها بالضوابط التي وضعها الخالق سبحانه. وابتلاء لمن أساء استعمالها، فإنك تجد المرأة تحب صورة الرجل الحسن, ولا تتمالك نفسها بالنظر إليه متسترة إن كانت ذات حياء، بل قد يصل بها حب هذه الصورة إلى أن تفعل بعض الأفعال كالتعريض بل والتعرض. وحب المرأة لصورة الرجل في الأصل نعمة، إن هي قصرتها على زوجها، وتصير بلاء إن أطلقتها وعممتها على سائر الرجال كما هو حالنا اليوم والعياذ بالله إلا من سلم، وقليل ما هم.
وحب الجميل له حِكم لعلنا نستقرئها في وقت آخر بإذن الله تعالى.
وكما فطر الإنسان على حب الجميل، فطر على النفور من الذميم، فإن الذي يصادف بصره امرأة ذميمة الخلقة يصرفه حتى وإن كان في حال من الشرود والسهو لما تقرر من فطرته.
إذا كان ذلك كذلك، فالتساءل عن علاقته بالحكم على الأشياء. وجوابه أن حامل الشئ، سواء كان اعتقادا أو ذاتا أو فكرا، يكون قبول الناس لما يحمله مقرونا بحاله، ومقاله، فإن كان حسن اللسان، حسن الصورة، فقبول الناس له يكون مضمونا. وإن كان غير ذلك كان ما تعلم.
وهذه القاعدة لها استثناءات ولا ندعي اطرادها.
وبعد هذا العرض وإن كان على عجل، أخبرك بسببه، وغرضي منه، فأقول: اعلم رحمك الله أن ربنا سبحانه ابتلانا بقبول الحق بصرف النظر عن قائله. وهذا بخلاف ما نراه اليوم من تأثر الناس بكل من حسنت صورته وإن انعدم علمه، فافهم المقصود فقد قرب من التصريح.
وهي خاطرة عابرة قد تصح وقد تخطئ، والله أعلم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.